الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ " ، " وَمَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً
"
3810 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ "، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:" لِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً ". قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُكَ تَقُولُ: " فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ "، ثُمَّ قُلْتَ الْآنَ:" فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَّقَةً "؟ فَقَالَ: " إِنَّهُ مَتَى لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً "
⦗ص: 420⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاحْتُمِلَ أَنَّ الْمَسْئُولَ عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَنْ دُونَهُ مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ.
3811 -
فَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ ". قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " مَنَ أَنْظَرَ مُعْسِرًا ، فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، قُلْتَ:" بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ "، ثُمَّ قُلْتَ:" لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً "؟ ، قَالَ: فَقَالَ: " بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ مَا لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَإِنْ أَنْظَرَهُ بَعْدَ الْحِلِّ ، فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً " فَوَقَفْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمَسْئُولَ عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ تَأَمَّلْنَا جَوَابَهُ مِنْ سَائِلِهِ عَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَا ذَلِكَ مِمَّا قَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّهُ فِي الدُّيُونِ مِنَ الْقُرُوضِ ، لَا مِمَّا
⦗ص: 421⦘
سِوَاهَا مِنْ أَثْمَانِ الْبَيَاعَاتِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الدُّيُونَ مِنْ أَثْمَانِ الْبَيَاعَاتِ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ ، وَالْقُرُوضُ إِنَّمَا هِيَ أَبْدَالٌ مِنْ أَشْيَاءَ سِوَاهَا ، لَا حَمْدَ فِيهَا لِأَهْلِهَا يُثَابُونَ عَلَيْهِ ، وَالْأَمْوَالُ مِنَ الْقُرُوضِ هِيَ أَمْوَالٌ يَتَبَرَّعُ أَهْلُهَا فِيهَا بِإِقْرَاضِهِمْ إِيَّاهَا مَنْ يُقْرِضُونَهُ إِيَّاهَا لِيَتَصَرَّفَ بِهَا فِي مَنَافِعِ نَفْسِهِ ، فَيَكُونُونَ فِي ذَلِكَ مَحْمُودِينَ ، وَعَلَيْهِ مُثَابِينَ ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الصَّبْرُ إِلَى الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ الْقَرْضُ إِلَيْهَا قَدْ لَزِمَ الْمُقْرِضَ ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، فَيَكُونُ ثَوَابُهُ فِي ذَلِكَ مَا يُثِيبُهُ اللهُ عز وجل ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ لَهُ فَأَنْظَرَ بِهِ مَنْ هُوَ لَهُ عَلَيْهِ ، كَانَ ثَوَابُهُ فِي ذَلِكَ فَوْقَ ثَوَابِهِ الْأَوَّلِ ، فَإِنْ كَانَ هَذَا هُوَ حَقِيقَةُ هَذَا الْحَدِيثِ ثَبَتَ بِهِ مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقُرُوضِ: إِنَّ الْآجَالَ يَثْبُتُ فِيهَا كَثُبُوتِهَا فِيمَا سِوَاهَا. وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ عَلَى ذَلِكَ لَا لِأَجَلٍ وَاجِبٍ عَلَى الْمُقْرِضِ ، وَلَكِنَّهُ لِأَجَلٍ قَدْ وَعَدَهُ الَّذِي أَقْرَضَهُ مَالَهُ ، وَالْوَعْدُ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ لَا يُوجِبُهُ ، فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ تُوجِبُ الْوَفَاءَ بِهِ ، وَيَحْمَدُ عَلَيْهِ مَنْ وَفَى بِهِ ، وَيَذُمُّهُ عَلَى الْخُلْفِ فِيهِ ، فَيَكُونُ الْمُقْرِضُ لِمَا لَهُ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ مُوعِدًا وَعْدًا لَهُ الثَّوَابُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ، وَالشَّرِيعَةُ تَمْنَعُهُ مِنْ خَلْفِ مَوْعِدِهِ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا انْقَضَى ذَلِكَ الْأَجَلُ ذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ الْوَعْدُ ، وَأَطْلَقَتْ لَهُ الشَّرِيعَةُ الْمُطَالَبَةَ بِدَيْنِهِ ، فَإِذَا أَنْظَرَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ هُوَ لَهُ عَلَيْهِ ، كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنْ ثَوَابِهِ عَلَيْهِ ، فِيمَا كَانَ لَهُ فِيهِ مِنَ الثَّوَابِ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ حَسَنٌ ، وَهُوَ الَّذِي يَجِيءُ عَلَى أُصُولِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِحُكْمِ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ ، وَمِمَّا سِوَاهُمَا ، مِمَّا قَصَرَ عَنْهُ عَلْمُنَا ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.