الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والرابع: الإلحاح على اللَّه بتكرير ذكر ربوبيته، وهو من أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء، ومع ذلك كله قال صلى الله عليه وسلم:((فأنى يستجاب لذلك))، وهذا استفهام وقع على وجه التعجب والاستبعاد (1).
فعلى العبد المسلم التوبة إلى اللَّه تعالى من جميع المعاصي والذنوب، ويردّ المظالم إلى أهلها حتى يسلم من هذا المانع العظيم الذي يحول بينه وبين إجابة دعائه.
المانع الثاني: الاستعجال وترك الدعاء:
من الموانع التي تمنع إجابة الدعاء أن يستعجل الإنسان المسلم ويترك الدعاء؛ لتأخر الإجابة (2)، فقد جعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هذا العمل مانعاً من موانع الإجابة، حتى لا يقطع العبد رجاءه من إجابة دُعائه، ولو طالت المدة، فإنه سبحانه يحب الملحين في الدعاء (3).
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ((يُستجاب لأحدكم ما لم يعجلْ فيقول: قد دعوتُ فلم يُستجَبْ لي (((4).
وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يزالُ يستجاب للعبد ما لم يدعُ بإثم أو قطيعةِ رحمٍ ما لم يستعجل)). قيل: يا رسول اللَّه! ما
(1) جامع العلوم والحكم، 1/ 269، 275.
(2)
جامع العلوم والحكم، 2/ 403.
(3)
جامع العلوم والحكم، 2/ 403.
(4)
البخاري، برقم 6340، ومسلم، برقم 2735.
الاستعجال؟ قال: ((يقول قد دعوتُ، وقد دعوتُ، فلم أرَ يستجيبُ لي، فيستحسر (1) عند ذلك، ويدعُ الدعاءَ)) (2).
فالعبد لا يستعجل في عدم إجابة الدعاء؛ لأن اللَّه قد يؤخر الإجابة لأسباب: إما لعدم القيام بالشروط، أو الوقوع في الموانع، أو لأسباب أخرى تكون في صالح العبد وهو لا يدري، فعلى العبد إذا لم يستجب دعاؤه أن يراجع نفسه، ويتوب إلى اللَّه تعالى من جميع المعاصي، ويبشر بالخير العاجل والآجل، واللَّه تعالى يقول:{وَلَا تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} (3)، فما دام العبد يلحُّ في الدعاء، ويطمعُ في الإجابة من غير قطع، فهو قريب من الإجابة، ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له (4).
وقد تُؤخَّرُ الإجابة لمدة طويلة، كما أخّر سبحانه إجابة يعقوب في ردّ ابنه يوسف إليه، وهو نبي كريم، وكما أخّر إجابة نبيّه أيوب عليه الصلاة والسلام في كشف الضر عنه، وقد يُعطى السائل خيراً
(1) ومعنى يستحسر: أي ينقطع عن الدعاء، ومنه قوله تعالى:{لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ} أي لا ينقطعون عنها. انظر: شرح النووي، والفتح 11/ 141.
(2)
مسلم، 4/ 2096، برقم 2735.
(3)
سورة الأعراف، الآية:56.
(4)
جامع العلوم والحكم، 2/ 404.