الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس
في ذكر التقدير الرابع ليلة القدر
قال الله تعالى: {حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} [الدخان: 1 - 5]، وهذه هي ليلة القدر قطعًا؛ لقوله تعالى:{أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} [القدر: 1]، ومَن زعم أنها ليلة النصف من شعبان فقد غلط.
قال سفيان: عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"ليلة القدر ليلة الحكم"
(1)
.
وقال سفيان: عن محمد بن سُوقَة، عن سعيد بن جبير:"يؤذن للحُجّاج في ليلة القدر، فيكتبون بأسمائهم وأسماء آبائهم، فلا يغادر منهم أحد، ولا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم"
(2)
.
وقال ابن علية: حدثنا ربيعة بن كلثوم قال: قال رجل للحسن ــ وأنا أسمع ــ: أرأيت ليلة القدر، في كل رمضان هي؟ قال: نعم، والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي كل رمضان، وإنها لليلة القدر، يُفْرَقُ فيها كل أمر حكيم، فيها يقضي الله كل أجل وعمل ورزق إلى مثلها
(3)
.
(1)
أخرجه عبد الرزاق في "التفسير"(3664)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(8784)، وسفيان هو الثوري.
(2)
أخرجه الطبري (24/ 544).
(3)
أخرجه الطبري (24/ 544).
وذكر يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال:"يُكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر حتى الحُجّاج، يقال: يحج فلان، ويحج فلان"
(1)
.
وذكر عنه سعيد بن جبير في هذه الآية: "إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى"
(2)
.
وقال مقاتل: "يُقَدّر الله في ليلة القدر أمر السنة في بلاده وعباده إلى السنة القابلة"
(3)
.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: "يُقَدّر أمر السنة كلها في ليلة القدر"
(4)
.
وهذا هو الصحيح: أن القدر مصدر قَدَّر الشيء يقدّره قدرًا، فهي ليلة الحكم والتقدير.
وقالت طائفة: ليلة القدر ليلة الشرف والعظمة، من قولهم: لفلان قَدْرٌ في الناس.
فإن أراد صاحب هذا القول أن لها قدرًا وشرفًا مع ما يكون فيها من
(1)
أخرجه ابن نصر في "قيام الليل-مختصره"(250)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(13/ 249) إلى ابن أبي حاتم وابن المنذر.
(2)
أخرجه الحاكم (3678)، وبنحوه الطبري (21/ 10).
(3)
بنحوه في "تفسير مقاتل"(3/ 817)، والمؤلف صادر عن "البسيط" للواحدي (24/ 190) في هذا الموضع والذي يليه.
(4)
أخرجه الطبري (21/ 8)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(3390)، وهو في "التفسير" المنسوب إلى مجاهد (597).
التقدير فقد أصاب، وإن أراد أن معنى القدر فيها هو الشرف والخطر فقط فقد غلط؛ لأن الله سبحانه أخبر أن فيها يُفْرق كل أمر حكيم، أي: يُفصل ويُبَيّن، ويُبْرم كل أمر حكيم.
* * * *