الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مضطرب الإسناد، ولا يثبت"
(1)
.
و
المخاصمون في القدر نوعان:
أحدهما: مَن يبطل أمر الله ونهيه بقضائه وقدره، كالذين قالوا:{لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} [الأنعام: 148].
والثاني: مَن ينكر قضاءه وقدره السابق. والطائفتان خصماء الله.
قال عوف: "من كذَّب بالقدر فقد كذَّبَ بالإسلام، إن الله تبارك وتعالى قدَّر أقدارًا، وخلق الخلق بقدر، وقسم الآجال بقدر، وقسم الأرزاق بقدر، وقسم البلاء بقدر، وقسم العافية بقدر، وأمر ونهى
(2)
"
(3)
.
وقال الإمام أحمد: "القدرُ قدرة الله"
(4)
.
واستحسن ابن عقيل هذا الكلام جدًّا، وقال: "هذا يدل على دقة علم
(1)
بنحوه في "العلل"(2/ 71).
(2)
جملة: "وأمر ونهى" سقطت من "م"، و"بقدر" سقطت من "د"، والمثبت منهما موافق لمصادر الخبر.
(3)
لم أقف عليه من قول عوف بن أبي جميلة، ورواه الفريابي في "القدر"(295) ـ ومن طريقه الآجري في "الشريعة"(462) ـ، وابن بطة في "الإبانة الكبرى"(1676) من طرق عن عوف، عن الحسن قوله.
(4)
"مسائل أحمد برواية ابن هانئ"(1868) ـ ومن طريقه الخلال في "السنة"(904) ـ، ويروى من قول عمر في "الإبانة الكبرى"(1562)، ومن قول زيد بن أسلم عند الفريابي في "القدر"(207).
ووقعت العبارة في "د": "القدر قدرُهُ".
أحمد، وتبحره في معرفة أصول الدين"
(1)
.
وهو كما قال أبو الوفاء، فإن إنكار القدر إنكار لقدرة الربّ على خلق أعمال العباد وكتابتها وتقديرها.
وسَلَفُ القدرية كانوا ينكرون علمه بها، وهم الذين اتفق سلف الأمة على تكفيرهم، وسنذكر ذلك فيما بعد إن شاء الله.
وفي تفسير علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] قال: "الذين يقولون: إن الله على كلِّ شيء قدير"
(2)
.
وهذا من فقه ابن عباس وعلمه بالتأويل، ومعرفته بحقائق الأسماء والصفات، فإن أكثر أهل الكلام لا يوفّون هذه الجملة حقَّها، وإن كانوا يقرون بها. فمنكرو القدر، وخلق أفعال العباد لا يقرون بها على وجهها، ومنكرو أفعال الربِّ تعالى القائمة به لا يقرون بها على وجهها، بل يصرِّحون أنه لا يقدر على فعل يقوم به.
ومَن لا يقر بأن الله سبحانه كل يوم في شأن يفعل ما يشاء؛ لا يقر بأن الله على كل شيء قدير، ومَن لا يقرّ بأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلّبها كيف يشاء، وأنه سبحانه مقلب القلوب حقيقة، وأنه إن شاء أن يقيم القلب أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه= لا يقر بأن الله على كل شيء قدير.
(1)
انظر: "طريق الهجرتين"(1/ 196).
(2)
أخرجه اللالكائي في "شرح الأصول"(945)، والطبري (19/ 364) بلفظ:"الذين يعلمون".
ومن لا يقرّ بأنه استوى على عرشه بعد أن خلق السماوات والأرض، وأنه ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا يقول:"من يسألني فأعطيه، مَن يستغفرني فأغفر له"، وأنه نزل إلى الشجرة فكلم موسى كليمَه منها، وأنه ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة حين تخلو من سكانها، وأنه يجيء يوم القيامة فيفصل بين عباده، وأنه يتجلى لهم يضحك، وأنه يريهم نفسه المقدسة، وأنه يضع رجله على النار فتضيق بأهلها، وينزوي بعضها إلى بعض، إلى غير ذلك من شؤونه وأفعاله، التي مَن لم يقرَّ بها= لم يقرّ بأنه على كل شيء قدير.
فيا لها كلمة من حَبْر الأمة وترجمان القرآن رضي الله عنه.
وقد كان ابن عباس شديدًا على القدرية، وكذلك الصحابة، كما سنذكر ذلك إن شاء الله.
* * * *