الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشيخ السعدي- رحمه الله: (قال كثير من المفسرين: إن هذا خاص بالواهبات له أن يرجي من يشاء، ويؤوي من يشاء، أي إن شاء قبل من وهبت نفسها له وإن شاء لم يقبلها)«1» .
وهذا هو وجه المسارعة في إرضائه صلى الله عليه وسلم والذي قصدته أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها. ونلحظ في حديث أم المؤمنين- رضي الله عنها بعض الأمور منها:
1-
مدى غيرة عائشة- رضي الله عنها على النبي صلى الله عليه وسلم وهي غيرة تدل على فرط حبها له صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله: (حمل عائشة على هذا التقبيح الغيرة التي طبعت عليها النساء، وإلا فقد علمت أن الله أباح لنبيه ذلك، وأن جميع النساء لو ملّكن له رقّهن لكان قليلا» «2» .
وتدبر أخي القارئ هذه الجملة الأخيرة من كلامه- رحمه الله لتعلم كيف عرف العلماء قدر النبي صلى الله عليه وسلم فبلغوا الغاية المستطاعة في إجلاله وتوقيره، ولا يوفيه قدره إلا الله سبحانه وتعالى.
2-
دلال عائشة- رضي الله عنها على النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قالت له:«ما أرى ربك إلا يسارع في هواك» . قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله: «هذا القول أبرزه الدلال والغيرة، وهو من نوع قولها في حديث الإفك: ما أحمدكما ولا أحمد إلا الله. وإلا فإضافة الهوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يحمل على ظاهره؛ لأنه لا ينطق عن الهوى ولا يقول الهوى، ولو قالت: (إلى مرضاتك) لكان أليق، ولكن الغيرة يغتفر لأجلها إطلاق مثل ذلك» «3» .
3-
في الحديث دليل على أن اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم كثيرات لما ورد في الحديث: «كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن» ، ولكن هناك خلاف بين العلماء هل تزوج النبي صلى الله عليه وسلم منهن أم لا؟
الفائدة الثانية:
لم يكن واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم شرعا ولا عقلا- قبول كل من وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الله- تبارك وتعالى أخبرنا أن قبول النبي صلى الله عليه وسلم بالزواج بالمرأة الواهبة نفسها أمر يردّ إلى مشيئته، قال تعالى: إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها [الأحزاب: 50] .
الفائدة الثالثة:
عظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم في نظر النساء وتمني الزواج منه صلى الله عليه وسلم، ولو تنازلن
(1) انظر تفسير السعدى (1/ 669) .
(2)
انظر فتح الباري (9/ 165) .
(3)
انظر فتح الباري (9/ 165) .