الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حسن المعاشرة أن يأذن الرجل لامرأته إذا استأذنته للذهاب لأبويها، خاصة إذا كان ذلك في حال المرض أو لمصلحة أخرى، كما هو الحاصل في القصة التي معنه، كل كذلك استفدناه من قول عائشة رضي الله عنها:(فقلت: ائذن لي، ثم قولها فأذن لي) .
الدرس الثاني والعشرون: الصلة الوثيقة التي تكون بين الأم وابنتها
خاصة إذا كانت حديثة السن، وما يجب أن تكون عليه البنت مع أبيها، من حشمة وحياء في الكلام ولو كانت متزوجة حيث ذهبت عائشة لبيت أبويها، وحدثت أمها فقط بما يقول الناس، ولم تفاتح أباها، قالت رضي الله عنها: (فأتيت أبوي فقلت لأمي
…
) ، وفيه أيضا: أن لفظ الأبوين يطلق ويراد به الأب والأم، من باب التغليب، كما تقول العرب على الشمس والقمر: القمران، وهذا كثير في الكتاب والسنة.
الدرس الثالث والعشرون: فضيلة ما بعدها فضيلة لعائشة
رضي الله عنها وذلك في قول أم عائشة: (لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها) .
والفضيلة العظمى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من سواها من الناس، هكذا يعلم جميع الصحابة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلن ذلك عند ما يسأل عن أحب الناس فيجيب إنها عائشة، كما ورد عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السّلاسل، فأتيته.
فقلت: أيّ النّاس أحبّ إليك؟ قال: «عائشة» . فقلت: من الرّجال. فقال: «أبوها» .
قلت: ثمّ من؟ قال: «ثمّ عمر بن الخطّاب» ، فعدّ رجالا «1» .
الدرس الرابع والعشرون: السنة أن الصاحب يقف بجوار صاحبه
وقت المحن والشدائد، خاصة إذا كان صاحبه من أهل الفضل والخير، ويعلم براءته، لا أن يوغر صدره ويهيج مشاعره، وهذا ما فعلته أم عائشة رضي الله عنها فقد قالت لعائشة:(هوني على نفسك)، وبررت لها ما يقول الناس بقولها:(لقلما كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها) .
الدرس الخامس والعشرون: الضرائر جمع ضرة
، وسميت الضرة ضرة لأنها تتضرر بالغيرة والقسم لوجود زوجة غيرها، نعلم من ذلك أن الضرر اللاحق بالزوجة من وجود أخرى موجود لا محالة- إلا النذر اليسير- بدليل أن اسمها ضرّة لتضرّرها، والله قد أحل
(1) البخاري، كتاب: المناقب، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا خليلا
…
، برقم (3662) ، مسلم، كتاب: في فضائل الصحابة، باب: فضائل أبي بكر الصديق....، برقم (2384) . 1
للرجل الزواج بأربعة، وهو يعلم الضرر الواقع عليها.
وهنا بعض الأمور التى يجب ذكرها بالمناسبة وهي:
1-
أن الشريعة الإسلامية الغراء لم تبتدع تعدد الزوجات، فقد كان ذلك الأمر موجودا ومتعارفا عليه، لا أقول: قبل الإسلام ولكن كان موجودا على مدى العصور، فما فعلته الشريعة الغراء أن قيدت عدد الزوجات بأربعة فقط وأمرت بتسريح بقية النساء، وقيدت الزواج نفسه بشروط، منها العدل في القسم، والقدرة على الإنفاق، قال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ [النساء: 3]، والعدل المقصود هنا ليس هو العدل المشار إليه في قوله تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ [النساء: 129] ، فالعدل في الآية الأولى يقصد به العدل في النفقة والقسمة، وغير ذلك من الأمور التي بيد الرجل، أما العدل في الآية الثانية فالمقصود به العدل في حب القلب، وهذا غير ممكن، لأن القلب لا إرادة للإنسان فيه، وعجبت من الذين يجعلون العدلين أمرا واحدا، فيقولون: أمرنا الله بالعدل في الآية الأولى، وحكم باستحالة هذا العدل في الآية الثانية وينبني على ذلك- عندهم- عدم جواز تعدد الزوجات.
2-
ولكن إذا ثبت وجود الضرر للزوجة من التعدد، والله يعلم ذلك، فلماذا أباح الله- عز وجل التعدد؟، أقول:
3-
قبل كل شيء يجب علينا، رجالا ونساء، أن نسلّم لحكم الله- عز وجل وأن نقول كما علّمنا الله تعالى: وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:
285] ، يجب علينا الرضى والقبول، لأننا أولا وأخيرا عباد لله رضينا به ربّا، فكيف لا نرضى به إلها يحكم ويشرع، ويجب علينا أن نعلم أنه سبحانه وتعالى ما شرع التعدد إلا لحكمة بالغة أدركها من أدركها، وغفل عنها من غفل، وليس من الأدب أن نرضى بحكم الله إذا وافق مصالحنا، ونسخط ونعترض إذ لم يأت على هو انا وما نحب، كلا والله، الأمر كله لله، قال عز من قائل: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ [الأعراف: 54] ، وقد ذم الله- عز وجل من يسخط على حكمه إذا لم يجد هوى في نفسه، أو يوافق مصلحة له، ويرضى نفس الشخص، إذا كان الحكم في صالحه فقال في الحالة الأولى:
وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ [النور: 48]، وقال في الحالة الثانية: وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ [النور: 49] .
4-
أقول للزوجة: إن من حقك قبل الزواج أن تشترطي على الزوج في العقد أن لا
يتزوج بأخرى، فإن خالف وتزوج فلك أن تطلبي الطلاق بغير خلع، وللقاضي أن يحكم بذلك، وإن لم تشترطي وتزوج بأخرى، ولم يعدل فيما يكون فيه العدل فلك أن تطلبي الطلاق للضرر، ويحكم لك القاضي أيضا، أما أن المحاكم تطول إجراآتها، والزوج يتلاعب ويتجاهل ويهرب، والمحامي يزوّر ويرشي فهذا لا يلام عليه الشرع، ولا يقدح في الحكم، فالعيب فينا، لبعدنا عن الإسلام وعدم تمسكنا بتعاليمه، وحتى إذا طبقت الشريعة وجاء رجل وظلم زوجته، أنعيب على الشرع؟ بالطبع لا.
ونقول للزوجة: إن الظلم واقع في الدنيا لا محالة، وإلا لما كان للآخرة والموازين والحساب والبعث من فائدة، والزوجة التي يظلمها زوجها، وترجع باللائمة على الشرع منتقدة أحكامه، قد خسرت كل شيء، خسرت الدنيا بظلم زوجها لها، وخسرت الآخرة بعدم رضاها عن شرع الله.
ويتبين لنا من ذلك وجوب أن نرضى بحكم الله لأنه من الله، ولأنه قطعا يحقق أقصى مستوى ممكن من العدل في الدنيا، أما العدل المطلق فلا يكون إلا في الآخرة، فإياكم إياكم والاعتراض على حكم الله- عز وجل أو حتى الظن أنه غير مناسب لزمان أو مكان، فهذا خطره عظيم وشره مستطير، وأكتفي بهذا القدر رغم أن الموضوع مهم، ولكن للأسف فإن المقام لا يتسع لأكثر مما ذكرت، والرسالة واضحة والحمد لله.
5-
أما لماذا أباح الله التعدد مع أن فيه ضررا على الزوجة؟
أقول: إن الضرر الواقع عليها ضرر يمكن تحمّله، ويخف هذا الضرر كلما كان الزوج تقيّا ورعا يعظم حرمات الله، لا ينتهكها ولا يتعداها.
كما أقول للمرأة: أرأيت بعض البلاد المتقدمة- كما يزعمون- عندما حرموا على الزوج التعدد وألزموه بواحدة، ماذا فعل هذا الزوج! وما الذي آل إليه المجتمع بأكمله، أظن أن الجميع يعلم الجواب كاملا، ويكفي أن نعلم كيف انتشر الزنا والشذوذ والقتل، والأدهى والأمرّ كيف انتشر مرض فقد المناعة المكتسبة (والمسمى بالإيدر) ؟
كيف يدخل الزوج على زوجته هذا المرض المهلك، بلا ذنب ولا جريرة، بل ينتقل حسب آخر الإحصائيات إلى الأولاد، هل هذه المجتمعات هي التي نطمع ونتطلع أن نحذو حذوها ونقتفي أثرها؟!.
أقول للمرأة: أرأيت إن كنت مطلقة أو أرملة ولك أولاد قصر، ورغب عنك الشباب،