الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التفسير الميسر والذي ذكرته آنفا، وكفى النبي صلى الله عليه وسلم تزكية أن تطلق الحكمة على سنته الشريفة.
3-
أنه صلى الله عليه وسلم سير بي هذه الأمة على خير الأخلاق والأقوال والأفعال، بما يضمن لها طهارة القلوب والعقول، ورد في دعاء إبراهيم صلى الله عليه وسلم وَيُزَكِّيهِمْ.
الفائدة الثالثة:
وجوب امتنان هذه الأمة للخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، الذي دعا ربه واجتهد- كما رأينا- في دعائه، فكان من بركة دعائه أن بعث الله فينا وإلينا خير خلقه أجمعين صلى الله عليه وسلم.
الفائدة الرابعة:
ليس تأخير استجابة الدعاء أو عدم معاينة العبد لاستجابة الله دعائه، شاهد أو قرينة على رد دعاء المؤمن، كلا، فالله تبارك وتعالى قد استجاب دعاء الخليل كأحسن ما يكون ولم يعاين صاحب الدعاء الإجابة، ولكن تأخّر الإجابة كان لحكمة بليغة ترفع مقام الداعي الخليل فقد استجاب الله دعاءه في خاتم النبيين.
الفائدة الخامسة:
علو مكانة إبراهيم عليه السلام عند ربه، وذلك بأن وفقه لمثل هذا الدعاء وألهمه إياه وجعل هذا الدعاء مقدمة لبعثة خير الأنبياء عليه الصلاة والسلام، ثم جعله أبا أكبر للمصطفى صلى الله عليه وسلم، بل جعل كل الأنبياء من بعده من ذريته، قال تعالى: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [العنكبوت: 27]، وهذا الذي جعل العلماء يقولون: إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم هو خير الأنبياء جميعا بعد نبينا صلى الله عليه وسلم.
2- ذكره صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل:
قال تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف: 157] .
من نعم الله سبحانه وتعالى المتتالية والمتعاقبة على نبيه صلى الله عليه وسلم أن جاء ذكره بل نعته وما يؤمر به وما ينهى عنه في التوراة والإنجيل.
بعض فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى:
من دلائل رفع الله تبارك وتعالى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنّ ذكره قد ورد في
التوراة والإنجيل بأحسن الصفات وأتمها وكان ذلك بمثابة أعظم التزكية له قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، والصفات هي:
1-
صفة النبوة التي هي أعظم الصفات وأجلّها.
2-
صفة الأمية وهي ليست صفة يراد بها إثبات الذم والنقص، بل هي صفة يراد بها المدح والكمال، وموطن المدح في اللفظ، أن هذا النبي الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب كان خير معلم للبشرية، أخرج الناس من الظلمات إلى النور، ولا يشك عاقل أن الأمي لا يأتي بكتاب عظيم مثل هذا القرآن إلا إذا أوحى الله له به.
3-
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الشيخ السعدي- رحمه الله:(المعروف هو كل ما عرف حسنه وصلاحه ونفعه، والمنكر هو كل ما عرف قبحه في العقول والفطر، فيأمرهم بالصلاة والزكاة والصوم وصلة الرحم وبر الوالدين والإحسان إلى الجار والمملوك وبذل النفع لسائر الخلق والصدق والعفاف والنصيحة، وينهى عن الشرك بالله وقتل النفس بغير حق والزنا وشرب ما يسكر العقل والظلم لسائر الخلق والكذب والفجور ونحو ذلك) انتهى «1» .
وأقول: إن من أوضح دلائل نبوة أي نبي، هو حسن ما يأمر به وقبح ما ينهى عنه، وبه استدل هرقل عظيم الروم على صدق النبي صلى الله عليه وسلم.
4-
تحليله صلى الله عليه وسلم الطّيّب من كل شيء، فيدخل فيه المطاعم والمشارب واللباس والأقوال والأخلاق والأفعال، وتحريمه الخبيث من كل شيء سواء من المطاعم أو المشارب أو العلاقات السيئة والأخلاق الرذيلة والمعاملات الفاسدة التي توقع في القلوب الحسد والبغضاء.
5-
رحمته الكبيرة بأمته؛ إذ كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن ييسّر لأمته أمر الدين وألا يكلفهم ما لا يطيقون، وضرب صاحب التفسير الميسر أمثلة على ذلك فقال:«ويذهب عنهم ما كلفوه من الأمور الشاقة كقطع موضع النجاسة من الجلد والثوب وإحراق الغنائم والقصاص حتما من القاتل عمدا كان القتل أم خطأ» .
أقول أخي الكريم: سبحان من ضمن لنبينا صلى الله عليه وسلم الذكر الحسن والثناء الجميل في الكتب
(1) انظر تفسير السعدي (305) .