المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما هي أسباب الابتداع؟ وما هو سره - صراع الفكر والاتباع

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مباحث هذا الجزء

- ‌الأصل الثالث:ديننا دين اتباع لا دين فكر وابتداع

- ‌معنى الاتباع:

- ‌أهمية الاتباع:

- ‌ثمار الاتباع:

- ‌شمولية الاتباع:

- ‌معنى الابتداع:

- ‌الابتداع الشرعي:

- ‌الترهيب من الابتداع:

- ‌خطورة الابتداع

- ‌عاقبة المبتدع:

- ‌فيم يكون الابتداع

- ‌حكم الابتداع في الآراء:

- ‌الابتداع مرض مُعْدٍ:

- ‌موقف السلف من الآراء والآرائيين

- ‌حكم الابتداع في الطرق

- ‌إما اتباع، وإما ابتداع:

- ‌خطورة الابتداع في الطرق:

- ‌موقف الصحابة والسلف من الابتداع في الطرق

- ‌ما هي أسباب الابتداع؟ وما هو سره

- ‌كيف أتجنب البدع وأكون متبعا

- ‌الأصل الأول:قوله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [

- ‌الأصل الثاني:قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي

- ‌ لفتتان مهمتان:

- ‌اللفتة الأولى:

- ‌اللفتة الثانية:

- ‌حصون النجاة من أهل البدع

- ‌ الحصن الأول:العلم النافع المأخوذ من الكتاب والسنة، وسلف هذه الأمة، فوالله ما ضَلَّ عالم مخلص أبدًا

- ‌ الحصن الثاني:الابتعاد عنهم ومفارقتهم

- ‌ الحصن الثالث:ملازمةِ أهل الكتاب والسنة أتباعِ السلف الصالح

- ‌علامات أهل البدع

- ‌العلامة الأولى:الوقيعة في أهل الأثر أتباعِ السلف

- ‌العلامة الثانية:استخفافهم ببعض الواجبات والسنن قولًا وعملًا

- ‌العلامة الثالثة:لا يَدَّعُونَ مذهب السلف، والاتباع، ولا يَدْعُونَ إليه

- ‌العلامة الرابعة:يعرفون أو يتكلمون عن (ظاهر) حال أعداء الله أكثر مما يعرفون عن دين الله، وسلف هذه الأمة

- ‌العلامة الخامسة:لا يحتجون بالأدلة، ولا يعرفونها، وإذا عرفوها أَوَّلُوهَا بأدلتهم المظنونة

- ‌العلامة السادسة:لا يرون في الجماعات القديمة والحديثة جماعة ضالة، أو مبتدعة

- ‌العلامة السابعة:يرون الكلام في الْحُكَّامِ، وبيان كيد أعداء الله لُبَّا

- ‌العلامة الثامنة:لا يجتمعون على التوحيد والمنهاج، بل يجتمعون على أجزاء من الدين .. بعضهم يجتمع على السياسة، ويتفرقون عليها

- ‌العلامة التاسعة:أثقل شيء عليهم آيات التفرق، وأغيظ شيء عليهم أحاديث الاختلاف

- ‌العلامة العاشرة:يدافعون عن الرجال والحزبيات أكثر من دفاعهم عن العقيدة والمنهاج

- ‌العلامة الحادية عشرة:يُقَلِّلُونَ من شأن العلم، ويغمزون أصحابه

- ‌من الطوائف المبتدعة المعاصرة

- ‌ الطائفة الفكرية:

- ‌ الطائفة التجديدية:

- ‌الطائفة الحزبية السياسية

- ‌ما الفرق بين المتبعين والمبتدعين

- ‌علامات أهل الاتباع

- ‌العلامة الأولى:دَنْدَنَتُهُمْ على الاتباع قولًا، والتزامه عملًا

- ‌العلامة الثانية:الاهتمام بمصادر الاتباع، ودراستها، والدعوة إليها

- ‌العلامة الثالثة:إجلال السلف قولًا وعملًا:

- ‌العلامة الرابعة:دينهم البرهان، ومذهبهم الدليل

- ‌خلاصة هذا الفصل:

- ‌مِنْ قَوَاعِدِ الْإِنْصَافِ

- ‌الأولى:

- ‌الثانية:

- ‌الثالثة:

- ‌الرابعة:

- ‌الخامسة:

- ‌السادسة:

- ‌السابعة:

الفصل: ‌ما هي أسباب الابتداع؟ وما هو سره

‌ما هي أسباب الابتداع؟ وما هو سره

؟

يكون الابتداع: بِنِيَّةِ زيادة التقرب إلى الله بالاستحسان، وتزيين الرأي، أو بتأويل وفلسفة، أو بدعوى المصلحة، أو الظروف، أو غير ذلك، مما فيه تعطيل للنصوص، وَرَدٌّ للأدلة.

ويتم هذا بغفلة عن العلم، وإعراض عن الاتباع، واتباع للأهواء ..

ويمكن أن تكون عناصرُ الابتداع ثلاثةً:

o رغبةً في زيادة التعبد، والتقرب إلى الله.

o بضاعةً مُزْجَاة في العلم:

- جهل بحقيقة الدين، وبمعنى الاتباع الذي هو أُسُّهُ وميزانه.

- غفلة عن معنى الابتداع وخطورته.

o فقدان للتأصيل في حقيقة الدليل

الأمر الذي يدفع إلى:

- عدم التفريق بين الدليل والتزيين.

- الاستحسان، والتقبيح، والهوى، والتأويل للبدعة.

- تعطيل النصوص، ورَدِّ الأدلة.

وعوامله ثلاثة:

- حُسْنُ نِيَّةٍ على غفلة.

ص: 58

- تزيين، وتمويه.

- هَوًى مُتَّبَعٌ.

وهكذا حال كل مبتدع إلا مبتدعًا أراد هدم الإسلام، وليس ههنا محل بحث هذا الصنف.

قال الشاطبي: ((إِنَّ عَامَّةَ الْمُبْتَدِعَةِ قَائِلَةٌ بِالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ، فَهُوَ عُمْدَتُهُمُ الْأُولَى، وَقَاعِدَتُهُمُ التَّيِ يَبْنُونَ عَلَيْهَا الشَّرْعَ

بِحَيْثُ لَا يَتَّهِمُونَ الْعَقْلَ، وَقَدْ يَتَّهِمُونَ الْأَدِلَّةَ إِذَا لَمْ تُوَافِقُهُمْ فِي الظَّاهِرِ، حَتَّى يَرُدُّوا كَثِيرًا مِنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ

فَأَنْتَ تَرَى أَنَّهُمْ قَدَّمُوا أَهْوَاءَهُمْ عَلَى الشَّرْعِ)).

ثم قال: ((إِنَّ كُلَّ رَاسِخٍ فِي الْعِلْمِ لَا يَبْتَدِعُ أَبَدًا، وَإِنَّمَا يَقَعُ الِابْتِدَاعُ مِمَّنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي ابْتَدَعَ فِيهِ، حَسْبَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ ..

فَإِنَّمَا يُؤْتَى النَّاسُ مِنْ قِبَلِ جُهَّالِهِمُ الَّذِينَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عُلَمَاءُ)) (1).

وقال رحمه الله:

((فَالْمُبْتَدِعُ إِنَّمَا مَحْصُولُ قَوْلِهِ بِلِسَانِ حَالِهِ أَوْ مَقَالِهِ: إِنَّ الشَّرِيعَةَ لَمْ تَتِمَّ، وَإِنَّهُ بَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ يَجِبُ أَوْ يُسْتَحَبُّ اسْتِدْرَاكُهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعْتَقِدًا كَمَالَهَا وَتَمَامَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَمْ يَبْتَدِعْ، وَلَا اسْتَدْرَكَ عَلَيْهَا، وَقَائِلُ هَذَا ضَالٌّ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ)) (2).

فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ .. من وجه العبادة

من وجه الطرق

من وجه الآراء

من وجه الأفكار

(1) الاعتصام (1/ 144 - 145).

(2)

الاعتصام (1/ 49).

ص: 59

وقال الإمام مالك رحمه الله: ((مَنِ ابْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم خَانَ الرِّسَالَةَ)) (1).

فتدبر قَوْلَهُ: ((يراها حسنة)).

وكل مبتدع يرى بدعته حسنة!

وهكذا يكون الابتداع بالاستحسان.

وإذا اجتمعت عناصر الابتداع -من جهل، وغفلة عن معنى الاتباع، وخطورة الابتداع- مع عوامله -من حسن نية، وتزيين- أصبح صاحبها في كل وادٍ يَهِيمُ .. وفي كل اتجاه يتوجه .. كُلَّمَا حَلَتْ له فِكْرَةٌ طار بها .. وكلما زُيِّنَ له رأي لَهَثَ وراءه .. دون بصيرة تُنِيرُ، ولا اتباع يضبط .. وهو يظن أنه يحسن صنعًا.

قال الشاطبي رحمه الله تعالى:

((فَصَاحِبُ الْبِدْعَةِ لَمَّا غَلَبَ عَلَيْهِ الْهَوَى مَعَ الْجَهْلِ بِطَرِيقَةِ السُّنَّةِ تَوَهَّمَ أَنَّ مَا ظَهَرَ بِعَقْلِهِ هُوَ الطَّرِيقُ الْقَوِيمُ دُونَ غَيْرِهِ .. فَهُوَ ضَالُّ مِنْ حَيْثُ ظَنَّ أَنَّهُ رَاكِبٌ لِلْجَادَّةِ)) (2).

وإذا جَهِلَ المرء دينه، وَحَسُنَتْ نِيَّتُهُ أفسد دينه ببدع العبادات .. وإذا فسد قصده حاول هدم الدين بالأفكار والآراء.

والله الهادي إلى سواء الصراط.

(1) الاعتصام (1/ 49).

(2)

الاعتصام (1/ 145).

ص: 60