الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثانية:
كما أنه ليس كل من أتى بكفر فهو كافر، وليس كل من أتى بفسق فهو فاسق، وليس كل من أتى بجاهلية فهو جاهلي أو جاهل، وكذلك ليس كل من أتى ببدعة فهو مبتدع؛ لأن ثمة فرقًا عند أهل السنة والجماعة بين من وقع في البدعة، وبين من أحدث البدعة وتبناها، ودعا إليها، وهذا أمر متفق عليه، وليس ههنا محل تفصيله.
قال شيخ الإسلام:
((فالتكفير يختلف بحسب اختلاف حال الشخص، فليس كل مخطئ، ولا مبتدع، ولا جاهل، ولا ضال، يكون كافرًا، بل ولا فاسقًا، بل ولا عاصيًا)) (1).
الثالثة:
ليس كل مبتدع أو عاصٍ يُهْجَرُ
…
بل إن لذلك شروطًا قد ذكرها أهل التحقيق من قبل، من أمثال الشاطبي في ((الاعتصام))، وابن تيمية في كتبه عامة، وبخاصة الجزء الثامن والعشرون من ((مجموع الفتاوى))، وغيرها، فليراجعها من شاء.
ثم إن الأمر يتعلق بالبدعة نفسها أكثر من تَعَلُّقِهِ بصاحبها، إلا أن يكون رجلَ سوءٍ، ينام على بدعة، داعيًا لها، ويصحو على بدعة، داعيًا إليها، وإذا اتُّفق على كون الأمر بدعة، وعلى وجوب التحذير منها، فلا مُشَاحَّةَ بعد ذلك أن يختلفوا على عين صاحبها.
ومن خطوات الشيطان أن يوقع الخلاف بين أصحاب المنهج القويم بمثل
(1) الفتاوى (12/ 180).
هذا، فقد اختلف السلف في عين الحجاج، هل هو كافر أم لا؟ واختلفوا في الجهمية، هل هم كفار أم لا؟ ولم يترتب على ذلك شقاق بينهم، ولا تشاحن.
ومن كان سلفيًّا في العقيدة، فلا بد أن يكون سلفيًّا في مواقفه، وأخلاقه، وأن يكون سلفيًّا في أدب الخلاف.
سمعتُ شيخنا، وصديقنا، وحبيبنا، جميل الرحمن -طيب الله ثَرَاهُ، وجعل الجنة مأواه، وانتقم له ممن قتله وآذاه (1) - يقول في مناظرة بينه وبين سلفي في العقيدة دون غيرها:
((ليست السلفية ممدوحة في أمر، ومذمومة في آخر، بل هي ممدوحة في كل أمر)).
لذا نناشد إخواننا أن يَعُوا هذه القضية الخطيرة، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
(1) جميل الرحمن: هو عبد المنان بن حسين ((البشتوي)) أو ((البشتوني)) نسبة لشعب البشتو لُقِّبَ بجميل الرحمن على عادة العجم هناك ولد بقرية من قرى ولاية كنر بأفغانستان وكان على مذهب السلف ناصرًا للسنة قامعًا للبدعة داعيًا للتوحيد عالمًا بالتفسير من أوائل من دعا إلى الجهاد في أفغانستان بل هو ثالث ثلاثة دعوا الناس إلى الجهاد ضد الشيوعية والإلحاد وكان ذا فضل وعلم ومكانة في قومه ولقد حقق الله على يديه نصرًا عظيمًا وكان له القسط الأكبر في فتح ولاية كنر مع جماعته أهل الحديث حيث كان أميرًا لهم.
تولى إمارة كنر بعد فتحها فأقام بها شرع الله وحكم فيها بالعدل ونشر التوحيد مما أغاظ الحزبيين والمبتدعين فأقدموا على قتله قبل صلاة الجمعة في عشرين خلت من صفر لعام 1412 بينما كان يتجهز لأداء الصلاة عاملهم الله بعدله وقاتلهم يوم القيامة وقد افْتُرِيَ عليه افتراءات كثيرة حسدًا وبغضًا كما هو شأن كل داعية إلى التوحيد والسنة في كل مكان وزمان.
عليه رحمات الله المتتابعة إلى يوم القيامة ورضوان من الله ومغفرة وجنات عرضها السماوات والأرض.