الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللفتة الثانية:
إن كثيرًا من الشباب يُفتون أنفسهم، أو يستفتون أمثالهم من حدثاء الأسنان، وهم لا يشعرون، ويستشهدون على فتواهم بقول عالم في عين رجل، أو حادثة مفردة، فيطلقونها في عباد الله، ويعممونها على من يريدون، غافلين عن عموم الكتاب والسنة، وأن لا حُجَّةَ إلا بهما، وبما أجمع عليه أهل العلم.
ومن أمثلة ذلك:
مسألة التكفير، والتبديع، والهجر، والمواجهة، وما أحدثه بعضهم من بِدْعَةِ مَنْعِ الترحم على جميع أصحاب البدع، وغيرهم من أهل القبلة، على تنوع درجاتهم! ! مخالفين بذلك صريح الكتاب، وصحيح السنة، بجواز الترحم على كل مسلم، سواء كان مبتدعًا، أو فاسقًا، مخطئًا أو ضالًّا.
مثل قوله تعالى:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].
وقوله تعالى:
فهذا ثناء من الله لمن يترحم على جميع المؤمنين .. ولا نشك أن في المؤمنين عصاة، ومبتدعة، وغير ذلك.
ولهؤلاء يقال:
هل أولئك المبتدعة سبقونا بالإيمان، أم بالكفر؟
فإن قال: بالكفر
…
فقد كَفَّرَ
المبتدع، وهذا لا يقوله إلا مبتدع ضال
…
وإن قال: إنهم سبقونا بالإيمان .. لَزِمَهُ ما مدح الله به عباده من الاستغفار لهم.
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم:
((أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ)) (1).
وأهل البدع -عموما- من أمته صلى الله عليه وسلم، فهم مرحومون -إذن- بنص هذا الحديث، والمنقول عن السلف في الترحم عليهم أكثر.
وهب أن الأمر كما يقولون .. فهل هذه قضية يكون عليها الولاء والبراء بين المسلمين، والخصومات، والمنازعات، وضياع الأوقات؟ !
فإلى الله المشتكى من الغالين في أهل البدع، ومن الغالين عليهم.
(1) حديث صحيح، أخرجه أبو داود (4278)، والحاكم (4/ 444)، وأحمد (4/ 410)(4/ 408)، وغيرهم، من طرق، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وحسنه الحافظ، وصححه شيخنا في ((الصحيحة)) رقم (959).