الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلامة التاسعة:
أثقل شيء عليهم آيات التفرق، وأغيظ شيء عليهم أحاديث الاختلاف
.
أي: لا يحبون سماعها، ولا يعرفون فحواها، حتى لا يلتزموا بلوازمها، ولا يقع على رءوسهم مقتضاها! !
فإذا تلوتَ عليهم قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 33].
راحوا يتأولون، وذهبوا يحرفون! !
وإذا قرأت عليهم قوله صلى الله عليه وسلم:
((
…
وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة)) (1).
نفروا نفور الـ
…
؟ !
وإذا قرأت عليهم قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا حِلْفَ في الإسلام)) (2).
تَمَعَّرَتْ وجوههم، وتحملقت أعينهم
…
ورأيتهم تدور رءوسهم كالذي يغشى عليه من الجهل! لا يعملون بمقتضاه، بل لا يعرفون معناه، بل وجدت بعض قادتهم لم يسمعوا به على الإطلاق، وهو في الصحيحين.
(1) الترمذي (2641)، عن عبد الله بن عمرو، وبنحوه أحمد (4/ 102)، وأبو داود (4596)، عن معاوية، وللحديث شواهد، وطرق، وصححه كثير من العلماء، منهم شيخ الإسلام، والعلامة المحدث شيخنا، راجع السلسلة (204).
(2)
البخاري (7/ 92)، مرسلًا، ومسلم (2530).
وقال ابن وهب: سمعتُ مالكًا يقول: ما آية في كتاب الله أشد على أهل الاختلاف، وأهل الأهواء من هذه الآية {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} .. قال مالك: فأي كلام أَبْيَنُ من هذا؟ !
وهؤلاء -وإن كانوا يَدْعُونَ إلى وحدة المسلمين- لكن دعوتهم لا تتجاوز أفواههم؛ وذلك لبقائهم على حزبياتهم التي فرقوا بها المسلمين؛ ولفقدان التأصيل في دعوتهم.
ودعوة لا تُبْنَى على أسس شرعية، وضوابطَ سلفية، دعوة لا حقيقة لها.
وإنه لمن القول بلا عمل، والدعوى بلا امتثال -التي تجلب مَقْتَ الله وغضبه- أن ندعو إلى وحدة المسلمين .. في الوقت الذي نتمسك فيه بأحزابنا ..
وإنه لمن المراوغة والمخادعة، بل إنه لمن السخرية حقًّا، أن ندعو إلى وحدة المسلمين التي بها عزهم في الوقت الذي ندعو فيه إلى جماعاتنا.
كيف يستقيمان ..
دعوة إلى حزبية، ودعوة إلى وحدة؟ ! ؟
نشعل نارًا .. ثم ندعو إلى إطفائها! ! ونقوض بنيانًا .. ثم ندعو إلى إعماره، بل إننا ندعو إلى إعماره ونحن قائمون مستمرون على هدمه! !
إن هذا والله لشيء عجاب.
ألم يَأْنِ للذين عقلوا أن يعلموا أن الحزبية تفسد الأخوة التي هي من أسس الوحدة الإسلامية كما يفسد الخلُّ العسلَ!
وإن الحزبية هي التفرق .. وإن التفرق هو الحزبية .. اسمان لمسمى واحد ..
أَمَا آنَ للصادقين أن يعلموا أن الحزبية والوحدة الإسلامية لا يجتمعان أبدًا حتى تجتمع النار والماء .. والملائكة والشياطين؟
وإن على أصحاب منهج السلف الصالح إعلامَ الدنيا بأن هذا المنهج هو المنهج الوحيد الذي به وعليه تكون وحدة المسلمين حقيقة لا خيالًا .. وواقعًا لا شعارًا .. فهو لا يدعو إلى حزبية، ولا رجال، ولا عصبية.
ولكنه يدعوهم إلى الوحدة على أسس شرعية، وثوابت صحيحة، لا على أساس تقبيل اللحى، وكُلٌّ يسكت عَمَّا يعتقده من الضلال عند الآخر.
وليعلم الجميع: أنه من غير الممكن، بل من المحال أن تجتمع هذه الأمة على غير أسس الطائفة الناجية التي وَضَّحَهَا كتاب الله تعالى، وحددها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإلا كان جهدنا ضائعًا، وكانت شعاراتنا للوحدة شعارات تجارية زائفة!