الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1369 - عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عبد الْغفار بن أَحْمد الإيجي
بِكَسْر الْهمزَة ثمَّ إسكان آخر الْحُرُوف ثمَّ جِيم مَكْسُورَة
المطرزي
قَاضِي الْقُضَاة عضد الدّين الشِّيرَازِيّ
يذكر أَنه من نسل أبي بكر الصّديق رضي الله عنه
كَانَ إِمَامًا فِي المعقولات عَارِفًا بالأصلين والمعاني وَالْبَيَان والنحو مشاركا فِي الْفِقْه
لَهُ فِي علم الْكَلَام كتاب المواقف وَغَيرهَا وَفِي أصُول الْفِقْه شرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب وَفِي الْمعَانِي وَالْبَيَان الْقَوَاعِد الغياثية
وَكَانَت لَهُ سَعَادَة مفرطة وَمَال جزيل وإنعام على طلبة الْعلم وَكلمَة نَافِذَة
مولده بإيج من نواحي شيراز بعد سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة
واشتغل على الشَّيْخ زين الدّين الهنكي تلميذ القَاضِي نَاصِر الدّين الْبَيْضَاوِيّ وَغَيره
وَكَانَ أَكثر إِقَامَته أَولا بِمَدِينَة سلطانية وَولي فِي أَيَّام أبي سعيد قَضَاء الممالك
ثمَّ انْتقل بِالآخِرَة إِلَى إيخ
وَتُوفِّي مسجونا بقلعة دريميان وَهِي بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء ثمَّ آخر الْحُرُوف سَاكِنة ثمَّ مِيم مَكْسُورَة ثمَّ آخر الْحُرُوف ثمَّ ألف وَنون وإيج بلحف هَذِه القلعة
غضب عَلَيْهِ صَاحب كرمان فحبسه بهَا فاستمر مَحْبُوسًا إِلَى أَن مَاتَ سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة
رَحمَه الله تَعَالَى
مُكَاتبَة القَاضِي عضد الدّين مَعَ الشَّيْخ فَخر الدّين الجاربردي
كتب القَاضِي عضد الدّين سؤالا صورته يَا أدلاء الْهدى ومصابيح الدجا حياكم الله وبياكم وألهمنا الْحق بتحقيقه وَإِيَّاكُم هَا هُوَ من نوركم مقتبس وبضوء أنواركم للهدى ملتبس ممتحن بالقصور لَا ممتحن ذُو غرور ينشد بأنطق لِسَان وأرق جنان
(أَلا قل لساكن وَادي الحبيب
…
هَنِيئًا لكم فِي جنان الخلود)
(أفيضوا علينا من المَاء فيضا
…
فَنحْن عطاش وَأَنْتُم وُرُود)
قد استبهم قَول صَاحب الْكَشَّاف أفيضت عَلَيْهِ سِجَال الألطاف {من مثله} مُتَعَلق بِسُورَة صفة لَهَا أَي بِسُورَة كائنة من مثله وَالضَّمِير لما نزلنَا أَو لعبدنا وَيجوز أَن يتَعَلَّق بقوله (
…
فَأتوا)
وَالضَّمِير للْعَبد حَيْثُ جوز فِي الْوَجْه
الأول كَون الضَّمِير لما نزلنَا تَصْرِيحًا وحظره فِي الْوَجْه الثَّانِي تَلْوِيحًا فليت شعري مَا الْفرق بَين فَأتوا بِسُورَة كائنة من مثل مَا نزلنَا وفأتوا من مثل مَا نزلنَا بِسُورَة وَهل ثمَّ حِكْمَة خُفْيَة أَو نُكْتَة معنوية أَو هُوَ تحكم بحت بل هَذَا مستبعد من مثله فَإِن رَأَيْتُمْ كشف الرِّيبَة وإماطة الشُّبْهَة والإنعام بِالْجَوَابِ أثبتم أجزل الثَّوَاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى
فَكتب فِي الْجَواب الْعَلامَة الشَّيْخ فَخر الدّين أَحْمد الجاربردي رحمه الله تمني الشُّعُور مُتَعَلقا بالاستعلام لما وَقع بالدخيل مَعَ الْأَصِيل الأدخل فِي الاستبهام أشعر بِأَن المتمني يُحَقّق ثُبُوت شَيْء مَا مِنْهَا أَو الانتفاء رَأْسا وَلَا يستراب أَن انْتِفَاء الْفَائِدَة اللفظية والعائدة المعنوية يَجْعَل التَّخْصِيص تحكما فَإِن رفع الْإِبْهَام ينصب الْبَعْض للكثير الْبَاقِي خبر مَا وضحه بِفَتْح جُزْء الْمَعْنى فَمَا مغزى التَّخْصِيص على الْبَيَان فَاضْرب عَن الْكَشْف صفحا مجانبا الِاسْتِدْرَاك كَمَا فِي الاستكشاف وَإِن ريم مَا يَعْنِي بالتحقيق فِيهِ والأخص فِي الِاسْتِعْمَال فزيغ الداله لَا زلَّة خَبِير كعثرة عثارها للأدخل
بِمَنْزِلَة فِي أنزلنَا أَولا بِشَهَادَة الدعدعة لعثوره عَلَيْهَا فِي نزلنَا ثَانِيًا والتبيين جنس التَّعْيِين فَإِنَّهَا من بَنَات خلعت عَلَيْهِنَّ الثِّيَاب ثمَّ دفنتهن وحثوت عَلَيْهِنَّ التُّرَاب
(فبح باسم من تهوى وذرني من الكنى
…
فَلَا خير فِي اللَّذَّات من دونهَا ستر)
(إِنِّي امْرُؤ أسم القصائد للعدى
…
إِن القصائد شَرها أغفالها)
وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين صلى الله عليه وسلم على سيدنَا مُحَمَّد وَآله
كتبه الجاربردي ابْن الْحسن أَحْمد حامدا
ثمَّ كتب الْمولى الْعَلامَة عضد الدّين رحمه الله جَوَاب هَذَا الْجَواب
أعوذ بِاللَّه من الْخَطَأ والخطل وأستعفيه من العثار والزلل الْكَلَام على هَذَا الْجَواب من وُجُوه
الأول أَنه كَلَام تمجه الأسماع وتنفر عَنهُ الطباع ككلمات المبرسم غير منظوم وكهذيان المحموم لَيْسَ لَهُ مَفْهُوم كم عرض على ذِي طبع سليم وَذي ذهن مُسْتَقِيم فَلم يفهم مَعْنَاهُ وَلم يعلم مؤداه وَكفى وَكيلا بيني وَبَيْنك كل من لَهُ حَظّ من الْعَرَبيَّة وذكاء مَا مَعَ الممارسة لشطر من الْفُنُون الأدبية
الثَّانِي أَنه أجمل الِاسْتِفْهَام لشدَّة الْإِبْهَام ففسره بِمَا لَا يدل عَلَيْهِ بمطابقة وَلَا بتضمن وَلَا بِالْتِزَام وَحَاصِله أَن ثُبُوت أحد الْأَمريْنِ هَاهُنَا مُتَحَقق وَأَن التَّرَدُّد فِي التَّعْيِين فحقيق أَن يسْأَل عَنهُ بِالْهَمْزَةِ مَعَ أم دون هَل مَعَ أَو فَإِنَّهُ سُؤال عَن أصل الثُّبُوت
الثَّالِث أَنه لَا نسلم تحقق أحد الْأَمريْنِ لجَوَاز أَن لَا يكون لحكمة خُفْيَة وَلَا نُكْتَة معنوية بل لأمر بَين فِي نَفسه على السَّائِل أَو لشُبْهَة قد تَخَيَّلت للْحَاكِم وتضمحل بتأمل مَا فَلَا يكون تحكما بحتا
وَإِن سلمنَا الْحصْر فَلم لَا يجوز أَن يتجاهل السَّائِل تأدبا واعترافا بالتقصير وتجنبا للتيه والغرور
الرَّابِع أَن أَو هَذِه هِيَ الإضرابية أَفَهَذَا باعك فِي الْأَوْجه الإعرابية فَأَيْنَ أَنْت من قَوْلهم لَا تَأمر زيدا فيعصيك أَو تحسبه غلامك وَأَقل خدامك أَو لَا تَدْرِي من أمامك أبعيد مَا آذيت نَفسك لَيْلًا وَنَهَارًا فِي شعب من الْعَرَبيَّة مذ نيطت بك العمائم إِلَى أَن اشتعل الرَّأْس شيبا يخفى عَلَيْك هَذَا الْجَلِيّ الظَّاهِر الَّذِي هُوَ مسطور فِي الْجمل لعبد القاهر
الْخَامِس هَب هَذَا خطأ صَرِيحًا لَا يُمكن أَن تحمل لَهُ محملًا صَحِيحا أَلَيْسَ الْمَقْصُود هُنَا كالصبح يتبلج أَو كالنار فِي حندس الظُّلم على رَأس الْعلم تتأجج فَمَا كَانَ لَو اشتغلت بعد مَا يَعْنِيك عَن الْجَواب ويطبق مفصل الصَّوَاب عَمَّا لَا يَعْنِيك من التخطئة فِي السُّؤَال
السَّادِس قد أوجب الشَّرْع رد التَّحِيَّة وَالسَّلَام وَندب إِلَى التلطف فِي الْكَلَام فَمن زوى عَنهُ فقد اقْتَرَف الْإِثْم وأساء الْأَدَب وتجنب الْأُمَم وأشعر بِأَن لَيْسَ لَهُ من الْخلق خلاق وَلم يرْزق مُتَابعَة من بعث لتتميم مَكَارِم الْأَخْلَاق
السَّابِع أَنه أعرض صفحا عَن الْجَواب وَزعم أَنه من بَنَات خلع عَلَيْهِنَّ الثِّيَاب ثمَّ حثى عَلَيْهِنَّ التُّرَاب فَإِن كَانَ هَذَا فَلَا ريب فِي أَنَّهَا تكون ميتَة أَو بالية وَمَعَ هَذَا فمصداق كَلَامه أَن ينبش عَنْهَا أَو أَن يَأْتِي بِمِثْلِهَا فنرى مَاهِيَّة
الثَّامِن أَن السُّؤَال لم يخص بِهِ مُخَاطب دون مُخَاطب بل أورد على وَجه التَّعْمِيم والإجمال مرعيا فِيهِ طَرِيق التَّعْظِيم والإجلال موجها إِلَى من وَجه إِلَيْهِ وَيُقَال تصدق أَنْت من أدلاء الْهدى ومصابيح الدجا فَأنى رأى نَفسه أَهلا لهَذَا الْخطاب مُتَعَيّنا للجواب وهلا رده عَن نَفسه معرفَة بِقَدرِهِ وعلما بغوره ومحافظة على طوره إِلَى من هُوَ أجل مِنْهُ قدرا وأنور بَدْرًا فِي هَذِه الْبَلدة من زعماء التَّحْرِير وفحولة الْعلمَاء النحارير الَّذين لَا يفوتهُمْ سَابق وَلَا يشق غبارهم لَاحق وَإِن كَانَ لَا يرى فَوْقه أحدا
فَإِنَّهُ للعمه والعمى والحماقة الْعُظْمَى وَمَا لداء القَوْل دَوَاء وَلَيْسَ لمَرض الْجَهْل الْمركب من شِفَاء
التَّاسِع البليغ من عدت هفواته والجواد من حصرت عثراته
أما من لَا يَأْمَن مَعَ الدعدعة سوء العثار وَيحْتَاج إِلَى من يَقُود عَصَاهُ فِي ضوء النَّهَار فَإِذا سَابق الْعتْق الْجِيَاد وناضل عِنْد الرَّهْن ذَوي الْأَيْدِي الشداد فقد جعل نَفسه سخرة للساخرين وضحكة للضاحكين ودريئة للطاعنين وغرضا لسهام الراشقين
الْعَاشِر أَظُنك قد غَرَّك رَهْط قد احتفوا من حولك وألقوا السّمع إِلَى قَوْلك يصدقونك فِي كل هذر ويصوبونك فِي كل مَا تَأتي وَمَا تذر وَلم تمر بقريع الْأَبْطَال اللهاميم وَلم تدفع إِلَى مماسك يعركك عَرك الْأَدِيم فَظَنَنْت بِنَفْسِك الظنون ورسخ فِي دماغك هَذَا الْفَنّ من الْجُنُون وَلم ترزق أديبا وَلَا ناصحا لبيبا
(فَمَا كل ذِي لب بمؤتيك نصحه
…
وَلَا كل مؤت نصحه بلبيب)
فها أَنا أَقُول لَك قَول الْحق الَّذِي يَأْتِي فِي غيرَة نفس أبيَّة وَلَا يصرفني عَنهُ هوى وَلَا عصبية فاقبل النَّصِيحَة وَاتَّقِ الفضيحة وَلَا ترجع بعد هَذَا إِلَى مثل هَذَا فَإِنَّهُ عَار فِي الأعقاب ونار يَوْم الْحساب هدَانَا الله وَإِيَّاك سَبِيل الرشاد