الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتردد فِي فنَاء الرّوح عِنْد قيام الْقِيَامَة قَالَ وَالْأَظْهَر أَنَّهَا لَا تفنى أبدا
وَرَأى انحصار اللَّذَّات فِي الْعُلُوم والمعارف وَهُوَ رَأْي الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ قَالَ وَمَا عَداهَا دفع آلام
وَذهب إِلَى امْتنَاع الْمعاصِي صغيرها وكبيرها عمدها وسهوها على الْأَنْبِيَاء عليهم السلام قبل النُّبُوَّة وَبعدهَا كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الزمر
وَقَالَ الْبشر أفضل من الْملك وَلَكِن لَا يجب على الْمُكَلف اعْتِقَاد ذَلِك وَلَو لَقِي الله ساذجا من هَذِه الْمَسْأَلَة لم يبال
وَقَالَ إِن الرِّضَا غير الْإِرَادَة ذكره فِي التَّفْسِير فِي سُورَة الزمر وَحكى فِيهِ أقوالا أَحدهَا أَنه نَفسهَا وَالثَّانِي غَيرهَا وَهُوَ صفة فعل وَالثَّالِث غَيرهَا وَهُوَ صفة ذَات وَعزا هذَيْن الْقَوْلَيْنِ إِلَى ابْن كلاب وَلم يرجح مِنْهُمَا شَيْئا
وَمن كَلَامه فِي التصوف والمواعظ وَالْحكم
وَهَذَا بَحر وَاسع يسع مجلدات وَقد تضمن الْكثير مِنْهُ تصانيف لَهُ لطاف وَنحن نشِير إِلَى يسير مِمَّا لم يَخُصُّهُ بالتصنيف
سَمِعت الشَّيْخ الإِمَام يَقُول الصُّوفِي من لزم الصدْق مَعَ الْحق والخلق مَعَ الْخلق
نقلت من خطّ الشَّيْخ الإِمَام فَكرت وجدت منشأ الْفساد كُله من الْكبر
وَهُوَ أول الْمعاصِي لما استكبر إِبْلِيس وَذَلِكَ أَن الْقلب إِذا كبر استعلى واحتقر غَيره فيمنعه ذَلِك من قبُول الموعظة وَمن الانقياد وَإِذا صغر وحقر انْقَادَ واستسلم وانطاع لمن هُوَ أكبر مِنْهُ فيؤثر فِيهِ كَلَامه ووعظه وَيعرف بِهِ الْحق فَيحصل لَهُ كل خير
وَوجدت الصّلاح كُله فِي كَلِمَتَيْنِ من الحَدِيث النَّبَوِيّ قَوْله صلى الله عليه وسلم (وَعَلَيْك بخويصة نَفسك وليسعك بَيْتك) أما قَوْله (وَعَلَيْك بخويصة نَفسك) فَإِن فِي الِاشْتِغَال بِنَفسِهِ تهذيبها وتنقيتها من الدنس وتكسبها الصِّفَات الحميدة الَّتِي تجاور بهَا رب الْعَالمين والاشتغال بِالنَّاسِ لَا خير فِيهِ
وَأما قَوْله (وليسعك بَيْتك) فالسلامة فِي الْعُزْلَة وَمَتى خرج الْإِنْسَان من بَيته تعرض للشقاء وَانْظُر إِلَى قَوْله تَعَالَى {فَلَا يخرجنكما من الْجنَّة فتشقى} وَقد نظمت هَذَا الْمَعْنى فِي قولي
(كبر الْقلب مَانع من قبُول
…
لرشاد فَكُن صَغِيرا حَقِيرًا)
(والزم الْبَيْت لَا تُفَارِقهُ شبْرًا
…
تلق عِنْد الْخُرُوج شرا كثيرا)
انْتهى
قلت رَأَيْت بِخَط الشَّيْخ الإِمَام رضي الله عنه فِي حَائِط خلوته تجاه وَجهه مَا نَصه (كن حلْس بَيْتك)
(انصر أَخَاك)
(كل الْمُسلم على الْمُسلم حرَام)
(دع مَا يريبك)
(عَلَيْك بخويصة نَفسك ويسعك بَيْتك) انْتهى كَأَنَّهُ كتبه تذكرة لنَفسِهِ كلما أَرَادَ أَن يخرج من الْبَيْت رحمه الله مَا كَانَ أَكثر مجاهدته للنَّفس
نقلت من خطه قدس الله روحه كل عمل العَبْد الصَّالح يَنْبَغِي لَهُ أَن يخفيه عَن كل أحد حَتَّى يلاقي بِهِ الله تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة فَهُوَ أعلم بِهِ ويجازيه بِهِ وَإِذا تكلم مَعَ أحد بِقدر الضَّرُورَة فِي علم أَو نَحوه فينوي بِهِ إِمَّا إفادته أَو الاستفادة فهذان الْأَمْرَانِ يَنْبَغِي للعاقل أَن يلْزمهُمَا وَلَا يغْفل عَنْهُمَا والتجربة تفيدهما وتفيد أَن النَّاس عدم بِالْكُلِّيَّةِ لَا ينفعون شَيْئا وَإِذا تحقق العَبْد ذَلِك انْتَفَى عَنهُ الرِّيَاء وَخرج من قلبه محبته وَلزِمَ الْأَمريْنِ الْمَذْكُورين وَالله أعلم