المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مرض العلماء زرت شيخاً فاضلاً من أهل اللغة والأدب متخصص في - عذابات العلم

[خلدون ربابعة]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌ما حصل قبل الكتابة

- ‌المقدمة

- ‌الأهداف العامة للكتاب

- ‌الهدف العام والرئيسي للكتاب

- ‌فئة العلماء

- ‌فئة الشباب واليافعين

- ‌فئة المربين

- ‌أهل العلم في مخيلة الناس

- ‌الأمثلة بين الواقع والتراث

- ‌اعتذار

- ‌ العذابات

- ‌مدخل للحديث عن معاناة العلماء

- ‌كلام نفيس لابن خلدون

- ‌الكفاية المالية

- ‌الصراع بين الفكر والفقر

- ‌مرض العلماء

- ‌عذابات الأهل ومعاناتهم

- ‌مرض الأهل

- ‌هدر الجهود فيما لا طائل فيه

- ‌صراع المنهج

- ‌آفة العلم

- ‌ضمور الفكر

- ‌عبودية قلم

- ‌حب الوصول والارتقاء والشهرة

- ‌الشعور بالتقصير

- ‌الخصومات والمنازعات

- ‌العلم والطائفية

- ‌مأساة التعليم

- ‌العلم والشهادات الدراسية

- ‌البحث العلمي واقع وآلام

- ‌البحث العلمي في الجامعات

- ‌هجرة العقول والكفاءات

- ‌بيع الكتب

- ‌سرقة الجهود العلمية

- ‌رهاب الإبداع

- ‌اعتذار أبي حيان عن حرقه للكتب

- ‌التذكير بالفناء

- ‌ألم الكاتب والقارئ

- ‌دواعي العلم

- ‌التعريف بما حوته الكتب

- ‌المجتمع حول العالِم

- ‌فقر وذِلَّة

- ‌التقدم في السن واليأس من الحياة

- ‌الأسوة بمن حرق كتبه

- ‌العمل الصالح والإخلاص

- ‌عودة إلى اليأس من الحياة

- ‌المرض والعلة

- ‌حالة لا تسرُّ

- ‌ختام الرسالة

- ‌وبعد إيراد رسالة أبي حيان أقول:

- ‌عذابات النشر والطباعة

- ‌نفس العالم وعزتها

- ‌مصير العلم والعلماء

- ‌آمال وتطلعات

- ‌مدخل

- ‌دعم البحث العلمي

- ‌الخطط الاستراتيجية

- ‌دراسة حالة المجتمع

- ‌حبُّ العلم

- ‌النصب التذكاري

- ‌التجربةُ العالمية

- ‌قِمَّة الهرم

- ‌تناسخ الأفكار

- ‌الترتيبات الإدارية

- ‌توبة العقل

- ‌فضاءات المعرفة

- ‌زكاة العلم

- ‌العلم وبر الوالدين

- ‌الخاتمة

- ‌مساهمات جمهور القُرَّاء

- ‌كتب أخرى للمؤلف

الفصل: ‌ ‌مرض العلماء زرت شيخاً فاضلاً من أهل اللغة والأدب متخصص في

‌مرض العلماء

زرت شيخاً فاضلاً من أهل اللغة والأدب متخصص في تدريس اللغة العربية بنحوها وصرفها وآدابها وعلومها، يُدرس الشيخ ألفية ابن مالك في النحو في بيته يحضر الطلاب إليه فيقوم بتدريسيهم بالمجَّان، كما يُدرِّس الشيخ الفاضل علوم القراءات القرآنية لطالبين أو ثلاثة.

ولما زُرت الشيخ الفاضل تفاجأت بسوء حاله وقلَّة حيلته أمام الفقر والمرض، فهو لا يكاد يَقوى على الكلام لشده السُّعال وبالكاد يتلفظ أنفاسه لشعوره بالتعب والإرهاق جرَّاء ضعفٍ في عضلة القلب، ومع هذا يُدرِّس ويُعلم ويكتب ويؤلف.

ومما زاد آلام الشيخ أن البيت الذي قام باستئجاره على الدور الرابع والشيخ إن أخطأ ونزل أو نزل لحاجة ماسَّه يحتاج وقتاً طويلاً للصعود ودخول البيت.

يضع الشيخ مدفأة بجانبه وحتى تفي المدفئة بالغرض لأنها صغيرةٌ جداً ولا تقوم بتدفئة جميع الغرفة قام الشيخ بوضع ستائر، حتى صار المحيط من حوله مترين في مترين تقريباً، وبذلك تستطيع المدفئة أن تدفئ ما بين الستائر المرقعة.

ص: 40

ثم إن الشيخ في وقت التأليف لا يستخدم المدفأة بل ينام على سريره ويخرج يده فقط من تحت الأغطية لتمسك بفأرة جهاز الحاسب، ويبدأ عمله بيد واحده هي التي تطبع، وهي التي تنسق ونضبط.

وحاصل ما تقدم أن الشيخ أنهكه المرض وفَتك به الفقر، ولكن لم ينقطع عن التدريس والتعليم ولم يهجر التأليف والكتابة؟!

كل هذه الظروف الصعبة التي تحيط بالمؤلف أو العالم لا تثنيه عن عمله الدؤوب ولا تثبطه ليجلس وحيداً دون أن يُعلم ويُربي.

التقيت بعالم جليل القدر ما ترك فناً من فنون الشرع واللغة والتاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع إلا تكلم فيه وألَّف فيه، لكنه مبتلى بالمرض الشديد، وكان كلما أحس بشدة المرض وقسوته تزداد همته ويزداد إنتاجه وتآليفه، وفي كل ذلك يقول:

"عندي رسالة أريد أن أوصلها، للناس قبل فوات الأوان"

فكان المرض دافعه الأقوى للعلم.

ص: 41

مثل هذه الأمثلة العظيمة تُعلمنا أن زمان العلم والعلماء لم ينته بعد ولم تنقض أيامه فالعلم باق وأهله باقون صامدون.

قصة أخرى في هذا الباب هي قصة صديق من أقرب الناس إلى قلبي علمت أنه عزم السفر خارج البلاد وعلمت أنه وقَّع عقدا جديدا بمرتب يفوق مرتبه فيبلده بعشرة أضعاف تقريبا، شاب يحمل شهادة الدكتوراه ينظر إلى حياة جديدة، سألته عن أخباره ومتى سيكون موعد سفره، فقال لي كلاما آلم قلبي.

طُلب من الدكتور عمل بعض الفحوصات الطبية، فكانت النتائج غير متوقعة، قالت مندوبة سفارة الدولة المستقبلة، نعتذر منك دكتور فأنت مصاب بمرض التهاب الكبد الوبائي.

والقصص في هذا الباب كثيرة انتقيت منها شيئا يسيرا، ولا يزال عندي منها الكثير.

ص: 42