الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلم والشهادات الدراسية
دخلت مؤسسة تُعنى بالبحث والدراسة، زرت صديقا تربطني به علاقة أخويه منذ سنوات طوال، جلست مع صديقي وأثناء جلوسنا كان يتردد على مكتبه شاب يعمل في ذات المؤسسة يحضر أوراقاً ويأخذ أوراقاً أخرى، يسأل بعض الأسئلة العلمية الدقيقة التي أفهم بعضها والكثير منها مما لا أعرفه.
سألت صديقي من هذا الشاب؟
وكانت حالته رثه وأثوابه شبه بالية ....
ولا يُرى عليه كما أرى الموظفين في تلك المؤسسة فالكل يرتدي أحلى وأغلى الثياب ....
أجاب صديقي: هذا الشاب الذي ترى موظف بسيط جداً يعمل ضمن الفئة الثالثة والتي تشمل الوظائف الحرفية والمهنية والخدمات المساعدة، لكن لا تصدق إن قلت لك أن كل الدراسات والأبحاث التي تجريها المؤسسة هي نتاج هذا الشاب البسيط .... لا يحمل شهادة علميه لكنه عالم من العلماء المتميزين، لا أبالغ حين أطلق عليه هذا اللقب.
قصة أخرى يرويها لي أحد الفضلاء من الباحثين، يقول الباحث:
سألني بعض الإخوة من حملة شهادات الدكتوراه أن أكتب له بحثاً مُحكَّماً للمشاركة في مسابقة دوليه تُعنى بالقضايا السياسية والمجتمعية، فأجبته راغباً في الكتابة وأهديته هذا العمل الذي كلفني من الوقت أزيد من شهرين ولم يعرض علي أي بدل أو مقابل مع أني كنت أحب أن أسمع منه كلمة شكر أو ثناء أو أن يعرض علي مبلغاً من المال فأقول له هذا الجهد هدية للأخ الفاضل .... مع العلم أن هذا العمل يكلف مئات الدنانير عند غيري.
وبعد مدةٍ من الزمان زُرت صديقي بعد أن شارك في البحث العلمي وحقق أعلى النتائج والحمد لله، جلست عند صديقي في المكتب وهو مكتب يليق بصاحب منصب ورياسه وشهادة مثله، ودخل إليه أحد الزملاء وسأله عن البحث فهو يريد نسخه منه نظرا لقيمته العلمية، فأعطاه صديقي نسخة من البحث، ثم أخذ يمازحه صديقه ويقول من كتب لك هذا البحث؟!!
فأقسم صديقي أقساماً متتالية أنه هو من كتب البحث وأنه سهر الليالي ذوات العدد وهو يكتب ويبحث ويؤلف ويقول صديقي الباحث:
لا أملك في مثل هذه المواقف إلا جوهرتين:
جوهرةٌ سالت من عيني اليمين وجوهرة أخرى من عيني اليسرى ....
في المثالين السابقين دلالة واضحة على أن الكثير من الباحثين لا تتيسر له أمور الدراسة الجامعية لكنه باحثٌ وعالمٌ يمضي وقته بل حياته بحثاً ودراسة وعلماً ولكن عدم امتلاكه للشهادة ثبطه عن الإنتاج لنفسه فهناك فرق بين أن يقال الدكتور فلان قدم جديداً للعلم والمعرفة، وبين أن يقال فلان قدم جديداً للعلم والمعرفة.
وقد سمعت مرةً رجلاً حاز المناصب العالية يقول: أنا أريد الحصول على شهادة الدكتوراه في أي علم من العلوم، لكن أريد أن يقول الناس الدكتور فلان، وقال هذا بحضرة اثنين من أصحاب الرياسة والمناصب العلية، وكانا يحملات شهادة الدكتوراه، فقالا:
كلانا درس حتى يقال الدكتور فلان.
وهذه آفة كبيرة في المجتمع وخلل واضح فيه.