الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيع الكتب
كان يقول أحد مشايخنا الكرام:
"لا يوجد أشقى ممن باع كتبه".
وقد شهدنا بعض طلاب العلم افتقر فباع كتبه فشقي بعد ذلك شقاءً ما بعده شقاء.
ومما شهدنا من مصائب العراق أن عالماً عراقياً ينادي في سوق المتنبي يدلل على كتبه لينفق على نفسه وعلى عياله يبيع وينادي عليها وهو يبكي ويقول بحرقه:
"العالم العراقي باع كل شيء
…
، ولما لم يبقَ عنده إلا الكتب
…
باعها أيضا".
بيع الكتب بسبب الفقر يورث الهم والغم والحسرة والندامة يعيش العالم عيشةً ملؤها الحسرة لأنه باع أغلى ما يملك.
وقد سجل لنا التاريخ حادثة من أجل ما يبرهن به على ما تقدم فقد قال ابن خلكان رحمه الله:
"حكى الخطيب أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي اللغوي: أن أبا الحسن علي بن أحمد بن علي بن سلك الفالي الأديب كانت له نسخة بكتاب "الجمهرة"؛ لابن دريد في غاية الجودة، فدعَتْه الحاجةُ إلى بيعها، فباعَها واشتراها
الشريفُ المرتضى أبو القاسم بستين دينارًا، وتصفَّحها، فوجد بها أبياتًا بخطِّ بائعها أبي الحسن الفالي"، وهي:
أنِسْتُ بها عِشرينَ حولاً وَبِعْتُها
…
لقد طالَ وَجْدي بعدَها وحنيني
وما كان ظَنِّي أَنَّني سأَبيعها
…
ولو خلَّدتْني في السجون ديوني
…
ولكن لضعفٍ وافتقارٍ وصِبْيَةٍ
…
صِغارٍ عليهم تَسْتَهِلُّ شُؤوني
فقلتُ ولم أَمْلِكْ سوابقَ عَبْرةٍ
…
مقالةَ مكويِّ الفؤادِ حَزِين
وقد تُخرِجُ الحاجاتُ يا أمَّ مالكٍ
…
كرائمَ من ربٍّ بهنَّ ضنين
(وفيات الأعيان)
وهذا الأمر شائع بين العلماء وهو أشد عليهم من وقع الحسام المهند، وأصعب مرارة من تجرع السم الفاتك كيف لا وكتب العلماء فيها لذاذة الحياة وسعادة العيش.
ومن المآسي والهموم المتعلقة ببيع الكتب سوء تصرف الورثة بالكتب فبعضهم يحرقها وغيرهم يبعها بسعر زهيد جداً وبعضهم يتركها في مكانٍ حتى تصاب بالتلف وغير ذلك الكثير .... مما نشاهد ونطالع أيامنا الحاضرة.