الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصير العلم والعلماء
ربما يتساءل البعض حول مصير العلم وهل نتيجة العلم ومصيره التعاسة لأهله؟
خصوصاً بعد عرض مجموعة من النماذج للعلماء الذين نالتهم أيدي الشقاء.
نلاحظ أن العلماء من سلم منهم من الفقر لم يسلم من المرض، ومن سلم منهم من الفقر والمرض لم يسلم من الهموم والمعاناة، بسبب الشعور بالذنب والتقصير وغير ذلك .... ، ولا شك أن أهل العلم تقدر جهودهم وتوقر، وربما في زمان العالم لا يؤبه لشأنه ولا يلتفت إليه، لكن هذه الجهود تقدر ويكتب لها القبول.
ولن أطيل في الشرح لأعرض الأمثلة الحية لأدلل على مثل هذه القاعدة، وأكتفي بذكر ثلاثة أمثلة فقط:
المثال الأول: الإمام البخاري الذي اتهم ظلماً وزورا بعد تأليفه كتابه (صحيح البخاري) وكلها اتهامات باطله زائفة، حتى ذكر بعض المؤرخين أنه خرج من بلده بعد جهد دام ستة عشر عاماً في تنقيح الصحيح وتأليفه، خرج من بلده محزوناً حتى سأل الله تعالى الموت. والسبب ليس النقد للكتاب بل إنه لم يسلم من الوشاية والتآليف الكاذبة
عليه، وبعد وفاة الإمام البخاري وإلى يومنا الحاضر تحتفظ الأمة للإمام البخاري بالجهد والفضل وكل ما قيل في البخاري في زمنه وبعده نتمنى أن يوجه نحو النقد العلمي وحسب.
والمثال الثاني: هالي والمذنب المشهور، وقد تم تحديد دوران المذنب الأولى في عام 1705 من قبل عالم الفلك الإنجليزي (إدموند هالي)، الذي أطلق اسمه عليه، والذي تم التأكد من نتائج أبحاثه حول المذنب بعد وفاته.
المثال الثالث: مثال في علم آخر وفي فن آخر من الفنون، وفي مجتمع مختلف تماما وهو في الرسم، والرسم علم عظيم يحمل في طياته الرسائل النبيلة بصورتها الجميلة، وقد بلغ أحد الرسامين درجةً عليَّه فيه وهو (فان كوخ) وهذا الرسام البارع الذي بلغ الغاية في الإتقان، وعاش هذا الرسام الذي كان يُعد من أشهر فناني التصوير التشكيلي عيشة تحيطه الحاجة والفاقة من كل جانب، ولكن لوحاته اليوم أغلى اللوحات في العالم، في حين كانت رسوماته تُحترم وتُقدر لكنها كانت زهيده الثمن في حياته.
وهذه الأمثلة تقرر الاحترام بعد الموت، واكتساب الشهرة بعد الوفاة، فيكون العالم حال حياته لا يؤبه له بحال، أو ربما يلتفت إليه ولكن لا يقدم له التقدير المناسب، وبعد وفاته تشتهر أعماله وترتفع درجاته.
أما رفعة العالم خلال حياته فقد تحققت لفئة من العلماء، واشتهروا وذاع صيتهم في العالم، وهذا الأمر يتعلق بالمحيط حول العالم وبظروف أخرى تختص بالإنتاج والعمل نفسه.
وما يريد الكاتب أن يقرره من خلال هذا الطرح أنه على العالم أن يقدم نتاجه العلمي، ولا يُجهد نفسه في إقناع جميع الناس بأفكاره وأعماله فإن قُدِّرت هذه الجهود حال حياته فله الخير، وإن لم تقدر جهوده فستعرف الناس يوما أن صاحب الجهد لا يُنسى خيره وفضله.
آمال وتطلعات