الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخصومات والمنازعات
ومن صور عذابات العلم صورة تكاد تقضي على صورة وهيبة العلماء في المجتمع، وهذه الصورة تتمثل في سعي العالم إبطال حجج خصمه من العلماء بصورة تسيء للعالم نفسه؛ فبعض العلماء وللأسف يخرج عن حدود اللياقة الأدبية حين يجادل أو حين يبرهن أو حيث يدلل على رأيه بالأدلة التي ربما تكون صحيحه وعلميه ودقيقه لكن الحامل لها والأسلوب الناقل لا يعبر عن أخلاق العلماء.
وهذه الآفة لم يسلم منها كبار العلماء وفضلاؤهم وفي شتى صنوف المعرفة، فالطبيب مثلا إذا ذُكر له طبيب آخر ماهر في فنِّه وعلمه شنَّع عليه وأساء له، وكذلك الفقيه والمحدث وغيرهم من العلماء.
وهذه النزاعات والصراعات في نظر المجتمع مثالب ومخازي تجلب العار لأهل العلم، فيجب توخي الحذر في الرد والتأني وعدم الاستعجال في مواجهة العلماء وآرائهم.
ومن عجيب ما قرأنا أن تكون مقدمات الكتب المحققة، والكتب المؤلفة في كثير من المجالات ساحات تدار فيها
الصراعات التي تثير الفتنة على الساحة العلمية ولم تسلم المجالات الدينية من هذه الأمور أيضا، فقام مجموعة من الكتاب بالإساءة إلى صورة الدين وسمعته من أجل الانتصار للنفس لا للحق.
وعلى كل الأحوال لم يكن هذا الخصام إلا سمعةً غير طيبة وأثر غير سليم.
والنقد العلمي الأصيل لابد منه من أجل إحقاق الحق، ولكن النقد إن كان للإساءة فيصرف تحت عناوين قانونيه مثل الشتم والذم والتحقير والقدح الغيابي والوجاهي وغيرها من الألفاظ القانونية والشرعية.
والحق الواجب اتباعه أن الكاتب مؤتمن على كتاباته، فالعالِم يخدم البشرية بعلمه ولا ينبغي اتباع الهوى في الرد على العلماء حتى لا يُساء إلى العلم من هذا الباب.
فبعض الناس من غير المختصين ربما لم يقرأ إلا هذه العبارة في الكتاب، وبعضهم لم يسمع إلا هذه المحاضرة، فلماذا ندل الناس على سقطات العلماء وهفواتهم؟
كتب أحد العلماء على صفحات بعض المنتديات الخاصة بعلوم القرآن الكريم، كلاماً علميا تفوح منه رائحة الحقد والحسد في الرد على مؤلف من أجلِّ علماء
الأمة في التفسير وعلوم القرآن، ومن أشهرهم ومن أكثر العلماء قرباً من الناس لكثرة جهده ونشاطه في التدريس والتعليم.
فتواصلت مع الناقد خفية وتحاورت معه، ولكن دون أي جدوى ودون أدنى استجابة، وأسمعني كلاما أساء وتمادى فيه كثيرا، وكم تمنيت أني لم أتدخل في هذا الموضوع، وختمت كلامي بقولي: لو كان عملك وقولك لله لم يلبس هذا الثوب.