الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
الإسكان. وهو ميل البدو الى الأرياف، وقد يعدّ غير ضروري ولكنه لازم لتقدمهم نحو الحضارة، وترفيه عيشتهم من الكسب الحلال وكد اليمين
…
وتحول دون تحقيق هذا الغرض عقبات منها ما يتعلق بنفسية البدو وذلك أن القبائل البدوية لا تنتقل بسهولة بل ترجح ان تعيش بشظف على ان تسلب حريتها، وان تحرم هوائها الطلق كأن تحدد أوضاعها في مناطق خاصة، لا تخلو من عفونة، ومنها أن يكون الفلاح تابعاً في حياته الريفية لأوامر عديدة وأعمال ميكانيكية ولا يستطيع البدوي القيام بها كالفلاح الريفي فإنها من الصعوبة بمكانة، وليس له من الصبر ما يقدر به على الدوام، وهكذا يقال عن الحياة الريفية المطردة، والنظام فالبدوي يتقلب مع الزمن، ويراقب الأوضاع بكل دقة، وقد يثيرها ويوجد حالات غير مألوفة، ومن ثم لا يتقيد بهذه القيود التي يلتزمها الفلاح، وقد بينت طريقة انتقال قبائل زوبع من البداوة إلى الريفية، وتدرجها إليها؛ فهو مثال محسوس..! ومن الضروري في مثل هذه الحالة تحديد أراضي كل قبيلة من قبائل البدو، وتعيين مواطن رعيها، وان لا تتجاوزه، ثم تتقدم رويداً رويداً لأدنى خلل يقع في أهل الريف، أو ينالوا نصيباً من المشاريع ليكونوا بألفة تامة، واتصال مع بعضهم، وعدم نفرة مما هم فيه
…
وفي مثل هذه الحالة قد يكون السابق ممن قبل الحياة الريفية كأساس لمن يحاول الدخول فيها..
ويهمنا في تقريب البدو الى الأرياف أن نخطو بأهل الأرياف إلى الحضارة، فإذا تم الكثير من هذا استفدنا من الإنتاج لتكثير النفوس في المدن
…
وكم من صعوبة هناك، والباعث الأصلي الطبيعي فيه الظروف والأوضاع الخاصة، وتقوية المعارف في الأرياف
…
هذا ويجب أن لا نكتفي بملاحظة البادية وأهليها، والتألم لأوضاعهم، وما هم فيه وإنما الملحوظ أن نخطو خطوة صالحة فيهم، ولا نتأخر عند التمكن من تقريبهم ولو شبراً واحداً، ثم نفكر في الآخر
…
وتقديمهم للزراعة ربح كبير في جعلهم من أهل الأرياف باتخاذ مقاييس زراعية، أو مراعي خصبة ليكونوا بمأمن من العوادي، وينالوا ثمن أتعابهم
…
وعلى كل حال رفاه حال الأرياف وتحسين أحوالهم وتقدمهم إلى المدن يؤدي الى الرغبة في ان نخطو من البداوة الى الريفية، وأن لا نهمل تحسين حالة البدو
…
هذا وقد بينا رأينا فيما يجب في كل موضوع سلف من وسائل الإصلاح فلا نرى حاجة للتكرار وإعادة القول هنا
…
3 -
العدل. وهذا سهل على اللسان، وقد نلوكه وننطق به دائماً ولكننا نجد الصعوبة في التطبيق، ويحتاج إلى رفع الحوائل مما سبق الكلام عليه وعلى غيره، وطريقته واضحة إلا أننا أحجمنا في مواطن عديدة عن القيام بأمره وليس الموضوع هنا القضايا الجزئية. وإنما أريد طرق الحل الإدارية في السياسة القبائلية العامة كأن يحمل الحّل إلا أنه يراد به التفرقة، وتقوية الخصومة
…
ونتمنى أن لا تعود هكذا ذكريات أساسها الخور في العزيمة، والخوف من توقع الأخطار، وملاحظة قوة القبيلة، وتحكم الرؤساء من جهة وضعف المقابل، أو لزوم مناصرة الرئيس
…
ولا محل لتعداد كل ما هنالك، ويجب أن يكون الحق صارماً لا يقبل تساهلا، ولا أي أمر آخر يمنع من وصول الحق الى أهله
…
هذا. وأما قضية التعليم فقد أفردنا لها المقال التالي.
-
12
-
تعليم البدو
قضية من أمهات القضايا الاصلاحية، ومطلب من أعز المطالب
…
عشائرنا أمية، وكدنا نقطع أن لا أمل في إصلاحها
…
وللآن لم نتخذ تدبيراً فعلياً، بل لا نزال في دور المذاكرة، أو المباحثة، وفي حيز الافتكار وأمل تعيين وجهة
…
الآراء متضاربة سواء في الأندية والمجالس، أو المباحثات والمحاورات، نسمع أن العشائر ما زالوا على وضعهم، فلا أمل في تهذيبهم، والمحافظة على الحالة من أسباب بقائهم على الجهل والأمية، وكأن القوم في استقرار على وضع لا يستطيعون الخروج منه، أو أنهم قوم لا يقبلون التعليم وجماعة لا يفيد معها التهذيب، و (من التعذيب تعليم الذيب) ، فلا أمل من مزاولة تهذيبهم
…
وآخرون يرون لزوم الانتقال بهم من حالة البداوة الى الحياة الريفية، وهؤلاء يريدون مطالب يرجون تحقيقها
…
ثم مراعاة تثقيفهم
…
ولعل هذا من نوع التعليق بالمحال، لأن الانتقال تابع لأحوال، وأوضاع طبيعية أو مشاريع قطعية
…
ولم يكونوا في حالة يمكن إفراغها بالشكل الذي نبتغيه متى شئنا
…
وإبقاء القوم في جهل يؤدي إلى قبول نتائجه الوخيمة والكثيرة طول هذه المدة
…
وأرى أن هذا الرأي مدخول، لا يوزن بميزان صحيح
…
ويكوّن عجزاً عن إيجاد طريقة لتعليم العشائر وهكذا يرى آخرون لزوم تعليق هذا الأمر الى ان يوجد مدرسون حائزون لأوصاف تلائم البادية، ورجال دينون مهذبون وان تتوازن القدرة بين المدرس والرجل الديني والا فأولى أن لا نعمل لإنجاز المشروع وحينئذ من السهل ان يحبط ويفرط التدبير
…
وهل استعصى وجود مدرس حائز لهذه الأوصاف
…
! وهناك آراء كثيرة أمثال هذه
…
وإذا قبلنا أساس تعليمهم ولم نلتفت الى الأقوال المارة أو أمثالها أو نجهد لتحقيق بعضها.... فماذا نلاحظ؟ هل يصل أهل البادية إلى درجة مهمة من التعليم نظراً للاهتمام الذي نراه بحيث يضارعون أهل المدن في علومهم، ويجارونهم في ثقافته فنجعل منهاجهم كسائر مناهج المعارف؟ وهل لهم قدرة وصبر على اجتياز العقبات في هذا السبيل حتى يتساوى الحضري والبدوي في التعليم.!؟ قبل كل شيء يجب أن نفكر في ادخال التعليم البسيط بين ربوعهم ونجرب بعض التجارب التي استقر عليها رأينا
…
ثم نلاحظ تقويتها، وتوسيعها تدريجياً..! والتمنيات لا حدّ لها، ولكن على كل حال يتحتم علينا أن نزاول الموضوع من وجهته العملية الممكنة.
وهنا يعترضنا عند الكلام على طريقة التعليم الوقوف على اثر التعليم في البدو الدرجة التي يستحقون ان تبلغ بهم ليكونوا أعضاء فعالة لخير الأمة، وينالوا النصيب التام منها كغيرهم من اهل المدن؟ - لا أتطلب أن تنقلب البادية الى مدار س راقية بحيث لا تفترق في تشكيلاتها عن المدن، ولا يخطر ذلك ببالي في وقت بل ينبغي ان لا نزاول هذه الأمور، وإنما نسعى أن نمكنهم من أن يكونوا متعلمين لدرجة وافية بحاجتهم على الأقل، ومؤدية ما يتطلبونه من اغراض أو بالتعبير الأولى أن يكونوا عارفين بما عندهم وزيادة قليلة
…
هؤلاء لم يشبعوا الخبز، فكيف نريد ان نوجد فيهم (تخمة) من العلوم وليس لهم مأوى ونحاول أن نعلمهم الكماليات وأصول ادارة المسكن وخدمه، والزوجة وحقوقها
…
أو آداب المعاشرة، وهكذا نسير معهم بطرق معوجة، وغير مثمرة
…
والأنكى من هذا أن ننزع الى لزوم تعليمهم بهارج الحضارة وزينة الملاهي، أو نزين لهم هذه الأمور
…
! وبهذا نكون قد قمنا بخدمة تدريبهم الى الخلاعة
…
وعلى كل حال يجب أن نراعي فيهم منهجاً خاصاً في الحياة البدوية، وطريقة مرضية في لوازمها من معرفة بسيطة وثقافة بقدر ما تقتضيه حاجتهم
…
ليحافظوا على أوضاعهم ويقوموا بواجباتهم
…
فيعلموا طريق الحياة، ووسائل الانتهاج، وأن يلقنوا عقائدهم، وأن يقتصر فيها على الفروض والواجبات، وأن يعلموا علاقتهم بالحكومة من ناحية الأمن والضرائب مما يتعلق بهم، ونعين أوضاعهم
…
فلا نخرج عما يأتلف وهذه الأوضاع، وان يؤدي عملنا هذا الى ما يزيد في ثقافتهم العامة ويبين لهم فكرة عن الحضارة، ويكمل ما علموه من البداوة لحاجات رأوها
…
!