الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسم الله الرحمان الرَّحيم
53
-
(بابُ قَوْلِ الله تعَالى: {وإنَّ يُونُسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ} إِلَى قَوْلِهِ {وَهْوَ مُلِيمٍ} (الصافات:
931 241) 2.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَوْله تَعَالَى: {وَإِن يُونُس لمن الْمُرْسلين إِذْ أبق إِلَى الْفلك المشحون فساهم فَكَانَ من المدحضين فالتقمه الْحُوت وَهُوَ مليم} (الصافات: 931 241) . وَيُونُس بن مَتى، بِفَتْح الْمِيم وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق مَقْصُور، وَقيل: مَتى أمه وَلم يشْتَهر نَبِي بِأُمِّهِ غير يُونُس والمسيح، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، وروى عبد الرَّزَّاق: إِن مَتى اسْم أمه وَلَكِن الْأَصَح أَنه اسْم أَبِيه، وَكَانَ رجلا صَالحا من أهل بَيت النُّبُوَّة وَلم يكن ل ولد ذكر فَقَامَ إِلَى الْعين الَّتِي اغْتسل فِيهَا أَيُّوب، عليه الصلاة والسلام، فاغتسل هُوَ وَزَوجته مِنْهَا وصليا ودعوا الله تَعَالَى أَن يرزقهما ولدا مُبَارَكًا، فيبعثه الله فِي بني إِسْرَائِيل، فَاسْتَجَاب الله دعاءهما ورزقهما يُونُس، وَتُوفِّي مَتى وَيُونُس فِي بطن أمه وَله أَرْبَعَة أشهر، وَقد قيل: إِنَّه من بني إِسْرَائِيل وَإنَّهُ من سبط بنيامين، وَكَانَ من أهل قَرْيَة من قرى الْموصل يُقَال لَهَا: نِينَوَى، وَكَانَ قومه يعْبدُونَ الْأَصْنَام فَبَعثه الله إِلَيْهِم.
قَالَ مُجَاهِد مُذْنِبٌ
هُوَ تَفْسِير قَوْله: مليم، هَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق مُجَاهِد من ألام الرجل إِذا أَتَى بِمَا يلام عَلَيْهِ، وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) : وَهُوَ مليم دَاخل فِي الْمَلَامَة، يُقَال: رب لائم مليم، أَي: يلوم غَيره وَهُوَ أَحَق مِنْهُ باللوم، وَعَن الطَّبَرِيّ: المليم هُوَ المكتسب اللوم.
الْمَشْحُونُ المُوَقَرُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير تَعَالَى: {إِلَى الْفلك المشحون} (الصافات: 041) . هَكَذَا رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد والموقر بِضَم الْمِيم وَفتح الْقَاف المملوء وَقيل مَعْنَاهُ المشحون الْمحمل المجهز.
{فَلَوْلَا أنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ} (الصافات: 341) . الْآيَة
يَعْنِي أتم الْآيَة أَو اقْرَأ الْآيَة، وَهُوَ قَوْله:{للبث فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يبعثون} (الصافات: 441) . يَعْنِي: فلولا أَن يُونُس كَانَ من المسبحين، أَي: المنزهين الذَّاكِرِينَ الله تَعَالَى قبل ذَلِك فِي الرخَاء بالتسبيح وَالتَّقْدِيس للبث فِي بطن الْحُوت إِلَى يَوْم يبعثون، يَعْنِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) : الظَّاهِر لبثه حَيا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَعَن قَتَادَة: لَكَانَ بطن الْحُوت قبراً لَهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَقَالَ الْكَلْبِيّ: كَانَ لبثه فِي بطن الْحُوت أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقَالَ الضَّحَّاك: عشْرين يَوْمًا. وَقَالَ عَطاء: سَبْعَة أَيَّام، وَقيل: ثَلَاثَة أَيَّام، وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ: لم يلبث إلَاّ قَلِيلا ثمَّ أخرج من بَطْنه بعيد الْوَقْت الَّذِي الْتَقم فِيهِ.
فنَبَذْناهُ العَرَاءِ} بِوَجْهِ الأرْضِ {وهْوَ سَقِيمٌ} (الصافات: 541) .
أَي: فطرحناه، وَفسّر العراء: بِوَجْه الأَرْض، وَهَكَذَا فسره الْكَلْبِيّ، وَقَالَ مقَاتل: هُوَ ظهر الأَرْض، وَقَالَ مقَاتل بن سُلَيْمَان: هُوَ البرَاز من الأَرْض، وَقَالَ الْأَخْفَش: هُوَ الفضاء، وَقَالَ السّديّ: هُوَ السَّاحِل، وَيُقَال: العراء الأَرْض الخالية من الشّجر والنبات، وَمِنْه قيل للمتجرد: عُرْيَان. قَوْله: (سقيم)، أَي: عليل مِمَّا حل بِهِ.
{وأنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} (الصافات: 641) . من غَيْرِ ذَاتِ أصْلِ الدُّبَّاءِ ونَحْوِهِ
قَوْله: (عَلَيْهِ) أَي: لَهُ، وَقيل: عِنْده، واليقطين: القرع، وَعَن ابْن عَبَّاس وَالْحسن وَمُقَاتِل: كل نبت يمتذ وينبسط على وَجه الأَرْض وَلَيْسَ لَهُ سَاق نَحْو القثاء والبطيخ والقرع والحنظل، وَقَالَ سعيد بن جُبَير: هُوَ كل نبت ينْبت ثمَّ يَمُوت فِي عَامه، وَقيل: هُوَ يفعيل من: قطن بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ بِهِ إِقَامَة زائل لَا إِقَامَة ثَابت، وَقيل: هُوَ الدُّبَّاء. وَفَائِدَة الدُّبَّاء: أَن الذُّبَاب لَا يجْتَمع عِنْده، وَقيل: لرَسُول الله، صلى الله عليه وسلم: إِنَّك لِتُحَبّ القرع؟ قَالَ: أجل، هِيَ شَجَرَة أخي يُونُس، وَقيل: هِيَ التِّين، وَقيل: هِيَ شَجَرَة الموز يُغطي بورقها ويستظل بأغصانها وَيفْطر على ثمارها، وَقَالَ مقَاتل بن حَيَّان: كَانَ يستظل بِالشَّجَرَةِ. وَكَانَت وَعلة تخْتَلف إِلَيْهِ فيشرب من لَبنهَا. قَوْله: (من غير ذَات أصل)، صفة يَقْطِين أَي: من يَقْطِين كَائِن من غير ذَات أصل. قَوْله: (الدُّبَّاء)، بِالْجَرِّ بدل من: يَقْطِين، أَو بَيَان وَلَيْسَ هُوَ مُضَافا إِلَيْهِ. فَافْهَم. قَوْله:(وَنَحْوه)، أَي: وَنَحْو اليقطين: القثاء والبطيخ.
{وأرْسَلْناهُ إلَى مِائَةِ ألْفٍ أوْ يَزِيدُونَ} (الصافات: 741) .
أَي: وَأَرْسَلْنَا يُونُس. وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) : يجوز أَن يكون قبل حَبسه فِي بطن الْحُوت، وَهُوَ مَا سبق من إرْسَاله إِلَى قومه من أهل نِينَوَى، وَقيل: هُوَ إرْسَال ثَان بَعْدَمَا جرى عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلين، وَالْغَرَض من قَوْله:{إِلَى مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} (الصافات: 741) . الْكَثْرَة، وَقَالَ مقَاتل: مَعْنَاهُ بل يزِيدُونَ، وَعَن ابْن عَبَّاس: مَعْنَاهُ وَيزِيدُونَ، وَعنهُ مبلغ الزِّيَادَة على مائَة ألف عشرُون ألفا، وَعَن الْحسن وَالربيع، بضع وَثَلَاثُونَ ألفا، وَعَن ابْن حبَان: سَبْعُونَ ألفا.
{فآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} (الصافات: 841) .
يَعْنِي: فأمن قوم يُونُس عِنْد مُعَاينَة الْعَذَاب. قَوْله: (فمتعناهم إِلَى حِين) أَي: إِلَى أجل مُسَمّى إِلَى حِين انْقِضَاء آجالهم.
وَلَا تَكُنْ كَصاحِبِ الحُوتِ إذْ نَادَى وهْوَ مَكْظُومٌ كَظِيمٌ وهْوَ مَغْمُومٌ} (الْقَلَم: 84) .
الْخطاب للنَّبِي، صلى الله عليه وسلم، أَي: لَا تكن يَا مُحَمَّد كصاحب الْحُوت وَهُوَ يُونُس فِي الضجر وَالْغَضَب والعجلة. قَوْله: (إِذْ نَادَى)، أَي: حِين دَعَا ربه فِي بطن الْحُوت وَهُوَ كظيم، أَي: مَمْلُوء غيظاً، من كظم السقاء إِذا ملأَهُ. وَأَشَارَ بقوله: كظيم، إِلَى أَن مكظوم على وزن مفعول، وَلكنه بِمَعْنى: كظيم على وزن فعيل، وَفَسرهُ بقوله: وَهُوَ مغموم، وَقيل: مَحْبُوس عَن التَّصَرُّف.
2143 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَحْيَى عنْ سُفْيَانَ قَالَ حدَّثني الأعْمَشُ ح حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا سُفْيَانُ عنِ الأعْمَشِ عنْ أبِي وَائِلٍ عنْ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ إنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ زَادَ مُسَدَّدٌ يُوُنُسَ بنِ مَتَّى.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأخرجه من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن مُسَدّد عَن يحيى الْقطَّان عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش. وَالْآخر: عَن أبي نعيم الْفضل بن دُكَيْن عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل شَقِيق بن سَلمَة عَن عبد الله بن مَسْعُود. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير: عَن أبي نعيم وَعَن مُسَدّد عَن قُتَيْبَة أَيْضا. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن مَحْمُود بن غيلَان، قَالَ الْعلمَاء: إِنَّمَا قَالَه، صلى الله عليه وسلم، لما خشِي على من سمع قصَّته أَن يَقع فِي نَفسه تنقيص لَهُ، فَذكره لسد هَذِه الذريعة.