الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خُرَاسَان) ، وَهُوَ الإقليم الْعَظِيم الْمَعْرُوف بموطن الْكثير من عُلَمَاء الْمُسلمين. قَوْله:(قَالَ لِلشَّعْبِيِّ، فَقَالَ الشّعبِيّ) فِيهِ السُّؤَال مَحْذُوف وَقد بَينه فِي رِوَايَة ابْن حبَان بن مُوسَى عَن ابْن الْمُبَارك، فَقَالَ: إِن رجلا من أهل خُرَاسَان قَالَ لِلشَّعْبِيِّ: إِنَّا نقُول عندنَا: إِن الرجل إِذا أعتق أم وَلَده ثمَّ تزَوجهَا فَهُوَ كالراكب بدنته، فَقَالَ الشّعبِيّ
…
فَذكر الحَدِيث.
7443 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنِ المُغِيرَةِ بنِ النُّعْمَانِ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْر عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تُحْشَرُونَ حُفاةً عُرَاةً غُرْلاً ثُمَّ قرَأ كَمَا بَدَأنَا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وعْدَاً عَلَيْنَا إنَّا كُنَّا فاعِلِينَ فأوَّلُ مَنْ يُكْساى إبْرَاهِيمُ ثُمَّ يُؤخَذُ بِرِجَالٍ مِنْ أصْحَابِي ذاتَ اليَمِينِ وذَاتَ الشِّمالِ فأقُولُ أصْحَابِي فيُقَالُ إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ علَى أعْقَابِهِمْ مُنْذُ فارَقْتَهُمْ فأقُولُ كَما قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ عِيساى بنُ مَرْيَمَ {وكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدَاً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وأنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} إِلَى قَوْلِهِ {العَزِيزُ الحَكِيمُ} . (الْمَائِدَة: 611 811) . .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (عِيسَى ابْن مَرْيَم) . والْحَدِيث مر عَن قريب فِي: بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} (النِّسَاء: 521) . فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن مُحَمَّد بن كثير عَن سُفْيَان
…
إِلَى آخِره نَحوه، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ الفِرَبْرِي ذُكِرَ عنْ أبِي عَبْدِ الله عنْ قَبِيصَةَ قَالَ: هُمُ الْمُرْتَدُّونَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا علَى عَهْدِ أبِي بَكْرٍ فَقَاتَلَهُمْ أبُو بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
مُحَمَّد بن يُوسُف هُوَ الْفربرِي. وَأَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، وَقبيصَة هُوَ ابْن عقبَة أحد مَشَايِخ البُخَارِيّ، وَهَذَا التَّعْلِيق أسْندهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الْجِرْجَانِيّ عَن إِسْحَاق عَن قبيصَة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن الْمُغيرَة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس
…
الحَدِيث، وَالله سبحانه وتعالى أعلم بِالصَّوَابِ.
94 -
(بابُ نُزُولِ عِيساى بنِ مَرْيَم عليهما السلام
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان نزُول عِيسَى بن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، يَعْنِي: فِي آخر الزَّمَان، وَكَذَا هُوَ بِلَفْظ: بَاب، فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِغَيْر لفظ: بَاب.
8443 -
حدَّثنا إسْحااقُ أخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدَّثَنا أبِي عنْ صَالِحٍ عنِ ابنِ شِهاب أنَّ سَعيدَ بنَ المُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم والَّذِي نَفْسِي بِيدِهِ لَيُوشِكَنَّ أنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابنُ مَرْيَمَ حَكَمَاً عَدْلاً فيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ويَقْتُلَ الخَنْزِيرَ ويَضَعَ الجِزْيَةَ ويَفِيضُ المَالُ حتَّى لَا يَقْبَلَهُ أحَدٌ حتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الوَاحِدَةُ خَيْرَاً مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ثُمَّ يَقُولُ أبُو هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ واقْرَؤا إنْ شِئْتُمْ {وإنْ مِنْ أهْلِ الكِتَابِ إلَاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ويَوْمَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدَاً} (النِّسَاء: 951) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَإِسْحَاق هُوَ ابْن رَاهَوَيْه وَعَن أبي عَليّ الجياني: إِسْحَاق إِمَّا ابْن رَاهَوَيْه وَإِمَّا ابْن مَنْصُور، وَيَعْقُوب هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف يروي عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم هُوَ ابْن سعد بن إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور، وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان مؤدب ولد عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث مر فِي أَوَاخِر الْبيُوع فِي: بَاب قتل الْخِنْزِير
…
إِلَى قَوْله: حَتَّى لَا يقبله أحد، وَمر الْكَلَام فِيهِ، ولنشرح مَا بَقِي مِنْهُ.
قَوْله: (وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ)، فِيهِ الْحلف فِي الْخَبَر مُبَالغَة فِي تأكيده. قَوْله:(ليوشكن) ، بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَهُوَ من أَفعَال المقاربة، وَمَعْنَاهُ: ليقربن سَرِيعا.
قَوْله: (فِيكُم)، خطاب لهَذِهِ الْأمة. قَوْله:(حكما)، أَي: حَاكما بِهَذِهِ الشَّرِيعَة، فَإِن شَرِيعَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا تنسخ، وَفِي رِوَايَة اللَّيْث ابْن سعد عِنْد مُسلم: حكما مقسطاً، وَله فِي رِوَايَة: إِمَامًا مقسطاً، أَي: عادلاً، والقاسط الجائر. قَوْله:(وَيقتل الْخِنْزِير) ، وَوَقع فِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ، وَيقتل الْخِنْزِير والقردة. قَوْله:(وَيَضَع الْجِزْيَة) ، هَذِه رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: وَيَضَع الْحَرْب، وَالْمعْنَى: أَن الدّين يصير وَاحِدًا، لِأَن عِيسَى، عليه الصلاة والسلام، لَا يقبل إلَاّ الْإِسْلَام. فَإِن قلت: وضع الْجِزْيَة مَشْرُوع فِي هَذِه الْأمة فَلم لَا يكون الْمَعْنى: تقرر الْجِزْيَة على الْكفَّار من غير مُحَابَاة، فَلذَلِك يكثر المَال؟ قلت: مَشْرُوعِيَّة الْجِزْيَة مُقَيّدَة بنزول عِيسَى، عليه الصلاة والسلام، وَقد قُلْنَا أَن عِيسَى عليه الصلاة والسلام لَا يقبل إِلَّا الْإِسْلَام وَقَالَ ابْن بطال وَإِنَّمَا قبلناها قبل نزُول عِيسَى عليه الصلاة والسلام للْحَاجة إِلَى المَال بِخِلَاف زمن عِيسَى، عليه الصلاة والسلام، فَإِنَّهُ لَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى المَال، فَإِن المَال يكثر حَتَّى لَا يقبله أحد. قَوْله:(وَيفِيض المَال) ، بِفَتْح الْيَاء وَكسر الْفَاء وبالضاد الْمُعْجَمَة، أَي: يكثر، وَأَصله من فاض المَاء، وَفِي رِوَايَة عَطاء بن مينا: وليدعون إِلَى المَال فَلَا يقبله أحد، وَسَببه كَثْرَة المَال ونزول البركات وتوالي الْخيرَات بِسَبَب الْعدْل وَعدم الظُّلم، وَحِينَئِذٍ تخرج الأَرْض كنوزها وتقل الرغبات فِي اقتناء المَال لعلمهم بِقرب السَّاعَة. قَوْله:(حَتَّى تكون السَّجْدَة الْوَاحِدَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) لأَنهم حِينَئِذٍ لَا يَتَقَرَّبُون إِلَى الله إلَاّ بالعبادات لَا بالتصدق بِالْمَالِ. فَإِن قلت: السَّجْدَة الْوَاحِدَة دَائِما خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، لِأَن الْآخِرَة خير وَأبقى. قلت: الْغَرَض أَنَّهَا خير من كل مَال الدُّنْيَا، إِذْ حِينَئِذٍ لَا يُمكن التَّقَرُّب إِلَى الله تَعَالَى بِالْمَالِ، وَقَالَ التوربشتي: يَعْنِي أَن النَّاس يرغبون عَن الدُّنْيَا حَتَّى تكون السَّجْدَة الْوَاحِدَة أحب إِلَيْهِم من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. قَوْله: (ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة) إِلَى آخِره، مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله:(واقرؤا إِن شِئْتُم)، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: إِنَّمَا أَتَى بِذكر هَذِه الْآيَة للْإِشَارَة إِلَى مناسبتها لقَوْله: (حَتَّى تكون السَّجْدَة الْوَاحِدَة خيرا من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) . فَإِنَّهُ يُشِير بذلك إِلَى صَلَاح النَّاس وَشدَّة إِيمَانهم وإقبالهم على الْخَيْر، فهم لذَلِك يؤثرون الرَّكْعَة الْوَاحِدَة على جَمِيع الدُّنْيَا، والسجدة تذكر وَيُرَاد بهَا الرَّكْعَة. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: معنى الحَدِيث أَن الصَّلَاة حِينَئِذٍ تكون أفضل من الصَّدَقَة لِكَثْرَة المَال إِذْ ذَاك، وَعدم الِانْتِفَاع بِهِ حَتَّى لَا يقبله أحد. قَوْله:(وَإِن من أهل الْكتاب)، كلمة: إِن، نَافِيَة، يَعْنِي: مَا من أهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى إلَاّ ليُؤْمِنن بِهِ.
وَاخْتلف أهل التَّفْسِير فِي مرجع الضَّمِير فِي قَوْله تَعَالَى: بِهِ. فروى ابْن جرير من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّه يرجع إِلَى عِيسَى، عليه الصلاة والسلام، وَكَذَا رُوِيَ من طَرِيق أبي رَجَاء عَن الْحسن، قَالَ: قبل موت عِيسَى: وَالله إِنَّه لحي، وَلَكِن إِذا نزل آمنُوا بِهِ أَجْمَعُونَ، وَذهب إِلَيْهِ أَكثر أهل الْعلم، وَرجحه ابْن جرير وَأَبُو هُرَيْرَة أَيْضا صَار إِلَيْهِ فقراءته هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة تدل عَلَيْهِ، وَقيل: يعود الضَّمِير إِلَى الله، وَقيل: إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَالضَّمِير فِي قَوْله:(قبل مَوته) يرجع إِلَى أهل الْكتاب عِنْد الْأَكْثَرين لما روى ابْن جرير من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس: (لَا يَمُوت يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ حَتَّى يُؤمن بِعِيسَى) فَقَالَ لَهُ عِكْرِمَة: أَرَأَيْت إِن خر من بَيت أَو احْتَرَقَ أَو أكله السَّبع؟ قَالَ: لَا يَمُوت حَتَّى يُحَرك شَفَتَيْه بِالْإِيمَان بِعِيسَى، وَفِي إِسْنَاده: خصيف، وَفِيه ضعف، وَرجح جمَاعَة هَذَا الْمَذْهَب لقِرَاءَة أبي بن كَعْب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إلَاّ ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوْتهمْ، أَي: قبل موت أهل الْكتاب، وَقيل: يرجع إِلَى عِيسَى، أَي: إلَاّ ليُؤْمِنن بِهِ قبل موت عِيسَى، عليه الصلاة والسلام، وَلَكِن لَا ينفع هَذَا الْإِيمَان فِي تِلْكَ الْحَالة.
فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي نزُول عِيسَى، عليه الصلاة والسلام، والخصوصية بِهِ؟ قلت: فِيهِ وُجُوه. الأول: للرَّدّ على الْيَهُود فِي زعمهم الْبَاطِل أَنهم قَتَلُوهُ وصلبوه، فبيَّن الله تَعَالَى كذبهمْ، وَأَنه هُوَ الَّذِي يقتلهُمْ. الثَّانِي: لأجل دنو أَجله ليدفن فِي الأَرْض، إِذْ لَيْسَ لمخلوق من التُّرَاب أَن يَمُوت فِي غير التُّرَاب. الثَّالِث: لِأَنَّهُ دَعَا الله تَعَالَى لما رأى صفة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَأمته أَن يَجعله مِنْهُم فَاسْتَجَاب الله دعاءه وأبقاه حَيا حَتَّى ينزل فِي آخر الزَّمَان ويجدد أَمر الْإِسْلَام، فيوافق خُرُوج الدَّجَّال فيقتله. الرَّابِع: لتكذيب النَّصَارَى وَإِظْهَار زيفهم فِي دَعوَاهُم الأباطيل وَقَتله إيَّاهُم. الْخَامِس: أَن خصوصيته بالأمور الْمَذْكُورَة لقَوْله صلى الله عليه وسلم: أَنا أولى النَّاس بِابْن مَرْيَم لَيْسَ بيني وَبَينه نَبِي، وَهُوَ أقرب إِلَيْهِ من غَيره فِي الزَّمَان، وَهُوَ أولى بذلك.
106 -
(حَدثنَا ابْن بكير حَدثنَا اللَّيْث عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن نَافِع مولى أبي قَتَادَة
الْأنْصَارِيّ أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - كَيفَ أَنْتُم إِذا نزل ابْن مَرْيَم فِيكُم وإمامكم مِنْكُم) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَابْن بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير أَبُو زَكَرِيَّا المَخْزُومِي الْمصْرِيّ وَاللَّيْث بن سعد وَيُونُس بن يزِيد وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ وَنَافِع مولى أبي قَتَادَة الْأنْصَارِيّ هُوَ أَبُو مُحَمَّد بن عَيَّاش الْأَقْرَع قَالَ ابْن حبَان هُوَ مولى امْرَأَة من غفار وَقيل لَهُ مولى أبي قَتَادَة لملازمته لَهُ وَلَيْسَ لَهُ عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح سوى هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن حَرْمَلَة وَعَن مُحَمَّد بن حَاتِم وَعَن زُهَيْر بن حَرْب قَوْله " إِذا نزل ابْن مَرْيَم " أَي عِيسَى بن مَرْيَم وَلَفظ فِيكُم سقط من رِوَايَة أبي ذَر وَكَيْفِيَّة نُزُوله أَنه ينزل وَعَلِيهِ ثَوْبَان مُمَصَّرَانِ كَذَا رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو ذَر عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا والممصر من الثِّيَاب الَّتِي فِيهَا صفرَة خَفِيفَة وَفِي كتاب الْفِتَن لأبي نعيم " ينزل عِنْد القنطرة الْبَيْضَاء على بَاب دمشق الشَّرْقِي تحمله غمامة وَاضِعا يَدَيْهِ على مَنْكِبي ملكَيْنِ عَلَيْهِ ريطتان إِذا كب رَأسه يقطر مِنْهُ كالجمان فيأتيه الْيَهُود فَيَقُولُونَ نَحن أَصْحَابك فَيَقُول كَذبْتُمْ وَالنَّصَارَى كَذَلِك إِنَّمَا أَصْحَابِي الْمُهَاجِرُونَ بَقِيَّة أَصْحَاب الملحمة فيجد خليفتهم يُصَلِّي بهم فَيتَأَخَّر فَيَقُول لَهُ صل فقد رَضِي الله عَنْك فَإِنِّي إِنَّمَا بعثت وزيرا وَلم أبْعث أَمِيرا " قَالَ وبخروجه تَنْقَطِع الْإِمَارَة وَفِيه أَيْضا عَن كَعْب " يحاصر الدَّجَّال الْمُؤمنِينَ بِبَيْت الْمُقَدّس فيصيبهم جوع شَدِيد حَتَّى يَأْكُلُوا أوتار قسيهم فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ سمعُوا صَوتا فِي الْغَلَس فَإِذا عِيسَى عليه الصلاة والسلام وتقام الصَّلَاة فَيرجع إِمَام الْمُسلمين فَيَقُول عِيسَى عليه الصلاة والسلام تقدم فلك أُقِيمَت الصَّلَاة فَيصَلي بهم ذَلِك الرجل تِلْكَ الصَّلَاة ثمَّ يكون عِيسَى الإِمَام بعد " وَفِيه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة " وَينزل بَين أذانين " وَعَن ابْن عمر مَرْفُوعا " المحاصرون بِبَيْت الْمُقَدّس إِذْ ذَاك مائَة ألف امْرَأَة وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ ألفا مُقَاتِلُونَ إِذْ غشيتهم ضَبَابَة من غمام إِذْ تنكشف عَنْهُم مَعَ الصُّبْح فَإِذا عِيسَى بَين ظهرانيهم " وروى مُسلم من حَدِيث ابْن عمر " فِي مُدَّة إِقَامَة عِيسَى عليه الصلاة والسلام بِالْأَرْضِ بعد نُزُوله أَنَّهَا سبع سِنِين " وروى أَبُو نعيم فِي كتاب الْفِتَن من حَدِيث ابْن عَبَّاس " أَن عِيسَى إِذْ ذَاك يتَزَوَّج فِي الأَرْض فيقيم بهَا تسع عشرَة سنة " وبإسناده فِيهِ مِنْهُم عَن أبي هُرَيْرَة " يُقيم بهَا أَرْبَعِينَ سنة " وروى أَحْمد وَأَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن آدم عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا مثله وَعَن كَعْب " يمْكث فيهم عِيسَى أَرْبعا وَعشْرين سنة مِنْهَا عشر حجج يبشر الْمُؤمنِينَ بدرجاتهم فِي الْجنَّة " وَفِي لفظ " أَرْبَعِينَ سنة " وَعَن ابْن عَبَّاس " يتَزَوَّج من قوم شُعَيْب " وَهُوَ ختن مُوسَى عليه السلام وهم جذام فيولد لَهُ فيهم وَيُقِيم تسع عشرَة سنة لَا يكون أَمِيرا وَلَا شرطيا وَلَا ملكا " وَعَن يزِيد بن أبي حبيب " يتَزَوَّج امْرَأَة من الأزد ليعلم النَّاس أَنه لَيْسَ بإله " وَقيل يتَزَوَّج ويولد لَهُ وَيمْكث خمْسا وَأَرْبَعين سنة ويدفن مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فِي قَبره وَقيل يدْفن فِي الأَرْض المقدسة وَهُوَ غَرِيب وَفِي حَدِيث عبد الله بن عمر يمْكث فِي الأَرْض سبعا ويولد لَهُ ولدان مُحَمَّد ومُوسَى وَلَيْسَ فِي أَيَّامه إِمَام وَلَا قَاض وَلَا مفت وَقد قبض الله الْعلم وخلا النَّاس عَنهُ فَينزل وَقد علم بِأَمْر الله فِي السَّمَاء مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من علم هَذِه الشَّرِيعَة للْحكم بَين النَّاس وَالْعَمَل فِيهِ فِي نَفسه فيجتمع الْمُؤْمِنُونَ ويحكمونه على أنفسهم إِذْ لَا يصلح لذَلِك غَيره وَقد ذهب قوم إِلَى أَن بنزوله يرْتَفع التَّكْلِيف لِئَلَّا يكون رَسُولا إِلَى أهل ذَلِك الزَّمَان يَأْمُرهُم وينهاهم وَهُوَ مَرْدُود لِأَنَّهُ لَا ينزل بشريعة متجددة بل ينزل على شَرِيعَة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم َ - وَيكون من أَتْبَاعه قَوْله " وإمامكم مِنْكُم " يَعْنِي يحكم بَيْنكُم بِالْقُرْآنِ لَا بالإنجيل قَالَه الْكرْمَانِي (قلت) الْإِنْجِيل لَيْسَ فِيهِ حكم فَلَا حَاجَة إِلَى قَوْله لَا بالإنجيل وَقيل مَعْنَاهُ يُصَلِّي مَعكُمْ بِالْجَمَاعَة وَالْإِمَام من هَذِه الْأمة وَقيل وضع الْمظهر مَوضِع الْمُضمر تَعْظِيمًا لَهُ وتربية للمهابة يَعْنِي هُوَ مِنْكُم وَالْغَرَض أَنه خليفتكم وَهُوَ على دينكُمْ كَمَا تَقول لولد زيد والدك يَأْمُرك بِكَذَا وَلَا تَقول هُوَ أَو فلَان يَأْمُرك وَقَالَ الطَّيِّبِيّ أَي يؤمكم عِيسَى حَال كَونه فِي دينكُمْ قيل يُعَكر عَلَيْهِ قَوْله فِي حَدِيث مُسلم " فَيُقَال لَهُ صل لنا فَيَقُول لَا إِن بَعْضكُم على بعض أُمَرَاء " تكرمة لهَذِهِ الْأمة وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ لَو تقدم عِيسَى عليه السلام إِمَامًا لوقع فِي النَّفس إِشْكَال ولقيل أتراه تقدم نَائِبا أَو مبتدئا شرعا فصلى مَأْمُوما لِئَلَّا يتدنس بغبار الشُّبْهَة وَجه قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - " لَا نَبِي بعدِي " انْتهى وَفِي صَلَاة عِيسَى عليه الصلاة والسلام خلف رجل من هَذِه الْأمة مَعَ كَونه فِي آخر الزَّمَان وَقرب قيام السَّاعَة دلَالَة للصحيح من الْأَقْوَال أَنه الأَرْض لَا تَخْلُو عَن قَائِم لله بِحجَّة