الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقالَ لِي افْتَحْ لَهُ وبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ علَى بَلْوَى تُصِيبُهُ فإذَا عُثْمَانُ فأخْبَرْتُهُ بِمَا قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ الله ثُمَّ قالَ الله المُسْتَعَانُ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، ويوسف بن مُوسَى بن رَاشد الْقطَّان الْكُوفِي، سكن بَغْدَاد وَمَات بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة اللَّيْثِيّ وَعُثْمَان بن غياث، بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْيَاء وَبعد الْألف ثاء مُثَلّثَة: الرَّاسِبِي، وَيُقَال: الْبَاهِلِيّ من أهل الْبَصْرَة، وَأَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ، بِفَتْح النُّون: عبد الرَّحْمَن بن مل. والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي مَنَاقِب أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ مطولا من غير هَذَا الْوَجْه، وَمر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى. قَوْله:(الْمُسْتَعَان) اسْم مفعول يُقَال: اسْتَعَانَ بِهِ واستعان إِيَّاه.
4963 -
حدَّثنا يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حدَّثني ابنُ وَهْبٍ قَالَ أخْبَرَنِي حَيْوةُ قَالَ حدَّثني أبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بنُ مَعْبَدٍ أنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ الله بنَ هِشَامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن أَخذ الْيَد دَلِيل على غَايَة الْمحبَّة، وَكَمَال الْمَوَدَّة والاتحاد، وَلَوْلَا أَن فِي عمر فضلا عَظِيما لما أَخذ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَده.
وَيحيى بن سُلَيْمَان أَبُو سعيد الْجعْفِيّ الْكُوفِي، سكن مصر وَتُوفِّي بهَا سنة ثَمَان أَو سبع، وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَابْن وهب هُوَ عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ، وحيوة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْوَاو بَينهمَا يَاء سَاكِنة آخر الْحُرُوف ابْن شُرَيْح، بِضَم الشين الْمُعْجَمَة، أَبُو زرْعَة الْحَضْرَمِيّ الْمصْرِيّ الْفَقِيه العابد الزَّاهِد، مَاتَ سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة، وَأَبُو عقيل، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْقَاف: زهرَة، بِضَم الزَّاي على الْمَشْهُور وَقيل: بِفَتْحِهَا وَإِسْكَان الْهَاء ابْن معبد، بِفَتْح الْمِيم: الْقرشِي الْمصْرِيّ، وجده عبد الله بن هِشَام بن زهرَة بن عُثْمَان، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ. وَأخرجه أَيْضا فِي النذور عَن يحيى ابْن سُلَيْمَان أَيْضا بأتم مِنْهُ.
7 -
(بابُ مَناقِبِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ أبِي عَمْرٍ والقُرَشِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَنَاقِب عُثْمَان بن عَفَّان بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف، يجْتَمع مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي عبد منَاف، وكنيته أَبُو عَمْرو الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ الْأَمر، وَفِيه قَولَانِ، أَيْضا: أَبُو عبد الله وَأَبُو ليلى، وَعَن الزُّهْرِيّ: أَنه كَانَ يكنى أَبَا عبد الله بِابْنِهِ عبد الله رزقه الله من رقية بنت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، وَحكى ابْن قُتَيْبَة: أَن بعض من ينتقصه يكنيه: أبي ليلى يُشِير إِلَى لين جَانِبه، وَقد اشْتهر أَن لقبه: دو النورين، وَقيل للمهلب بن أبي صفرَة: لم قيل لعُثْمَان ذُو النورين؟ قَالَ: لِأَنَّهُ لم نعلم أحدا أسبل سترا على ابْنَتي نَبِي غَيره، وروى خَيْثَمَة فِي (الْفَضَائِل) وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي (الْأَفْرَاد) من حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَنه ذكر عُثْمَان، فَقَالَ: ذَاك امْرأ يدعى فِي السَّمَاء ذُو النورين، وَأمه أروى بنت كريز بن ربيعَة بن حبيب بن عبد شمس ابْن عبد منَاف، وَأمّهَا أم حَكِيم الْبَيْضَاء بنت عبد الْمطلب عمَّة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ يَحْفِرُ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الجَنَّةُ فَحَفَرَهَا عُثْمَانُ
هَذَا التَّعْلِيق مضى فِي الْوَقْف فِي: بَاب إِذا وقف أَرضًا، أَو بِئْرا، عَن عَبْدَانِ عَن أَبِيه عَن شُعْبَة
…
إِلَى آخِره، وَوَصله الدَّارَقُطْنِيّ والإسماعيلي وَغَيرهمَا من طَرِيق الْقَاسِم بن مُحَمَّد الْمروزِي عَن عَبْدَانِ، وَلَفظ البُخَارِيّ عَنهُ: أَن عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ:(ألستم تعلمُونَ أَن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم قَالَ: من حفر بِئْر رومة فَلهُ الْجنَّة؟ فحفرتها) الحَدِيث، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مستقصًى.
وَقَالَ مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلهُ الجَنَّةُ فَجَهَّزَهُ عُثْمَانُ
أَي: وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى آخِره قد مر فِي الْبَاب الْمَذْكُور آنِفا فِي الحَدِيث الْمَذْكُور فِيهِ: (وجيش الْعسرَة) هُوَ غَزْوَة تَبُوك، وَسميت بهَا لِأَنَّهَا كَانَت فِي زمَان شدَّة الْحر وجدب الْبِلَاد وَفِي شقة بعيدَة وعد وَكثير. قَوْله:(فجهزه عُثْمَان) أَي: جهز جَيش الْعسرَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فجهزه بتسعمائة وَخمسين بَعِيرًا وَخمسين فرسا، وَجَاء إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِأَلف دِينَار.
5963 -
حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حدَّثنا حَمَّادٌ عنْ أيُّوبَ عنْ أبِي عُثْمَانَ عنْ أبِي مُوسَى رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ حائِطاً وأمَرَنِي بِحِفْظِ بابِ الحائِطِ فَجاءَ رَجُلٌ يَسْتَأذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ فإذَا أبُو بَكْرٍ ثُمَّ جاءَ آخَرُ يَسْتَأذِنُ فَقال ائْذَنْ لَهُ وبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ فإذَا عُمَرُ ثُمَّ جاءَ آخَرُ يَسْتأذِنُ فسَكَتِ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لَهُ وبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ علَى بَلْوَى سَتُصِيبُهُ فإذَا عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد، وَفِي بعض النّسخ مَذْكُور. وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ وَأَبُو عُثْمَان عبد الرَّحْمَن ابْن مل، وَأَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ. والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي آخر الْبَاب الَّذِي قبله. قَوْله:(هنيهة) بِالتَّصْغِيرِ وَأَصلهَا من: الهنة، كِنَايَة عَن الشَّيْء من نَحْو الزَّمَان وَغَيره، وَأَصلهَا: هنوة، وتصغيرها: هنيَّة، وَقد تبدل من الْيَاء الثَّانِيَة: هَاء، فَيُقَال: هنيهة، أَي: شَيْء قَلِيل.
قَالَ حَمَّادٌ وحدَّثنا عاصِمٌ الأحْوَلُ وَعَلِيُّ بنُ الحَكَمِ سَمِعَا أبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عنْ أَبِي مُوسَى بِنَحْوِهِ وزَادَ فِيهِ عَاصِمٌ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ قاعِدَاً فِي مَكانٍ فيهِ ماءٌ قَدِ انْكَشَفَ عنْ رُكْبَتَيْهِ أوْ رُكْبَتِهِ فلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا
حَمَّاد هَذَا هُوَ ابْن زيد عِنْد الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر وَحده، وَقَالَ حَمَّاد بن سَلمَة: حَدثنَا عَاصِم إِلَى آخِره، وَالْأول هُوَ الأصوب، وَقَوله:(قَالَ حَمَّاد) مُتَّصِل بِالْإِسْنَادِ الأول، وَبَقِيَّة مِنْهُ، فَلذَلِك ذكره: وَحدثنَا عَاصِم، بِالْوَاو. وَعلي بن الحكم، بِفتْحَتَيْنِ: أَبُو الحكم الْبنانِيّ الْبَصْرِيّ، مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة، وَقد مر فِي الْإِجَارَة فِي: بَاب عسب الْفَحْل، وَلما أخرج الطَّبَرَانِيّ هَذَا الحَدِيث، قَالَ فِي آخِره: قَالَ حَمَّاد: فَحَدثني عَليّ بن الحكم وَعَاصِم أَنَّهُمَا سمعا أَبَا عُثْمَان يحدث عَن أبي مُوسَى نَحوا من هَذَا وَأما حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة فقد أخرجه ابْن أبي حثْمَة فِي (تَارِيخه) : لَكِن عَن عَليّ بن الحكم وَحده. وَأخرجه عَن مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل، وَكَذَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق حجاج بن منهال. كلهم عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَليّ بن الحكم وَحده بِهِ، وَلَيْسَت فِيهِ هَذِه الزِّيَادَة.
قَوْله: (أَو ركبته) ، شكّ من الرَّاوِي، وَوهم الدَّاودِيّ هَذِه الرِّوَايَة، فَقَالَ: هَذِه الرِّوَايَة وهم، وَقد أَدخل بعض الروَاة حَدِيثا فِي حَدِيث إِنَّمَا أَتَى أَبُو بكر إِلَى رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيته منكشف فَخذه، فَجَلَسَ أَبُو بكر، ثمَّ أَتَى عمر كَذَلِك، ثمَّ اسْتَأْذن عُثْمَان فَغطّى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَخذه، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ: إِن عُثْمَان رجل حييّ، فَإِن وجدني على تِلْكَ الْحَالة لم يبلغ حَاجته، وَأَيْضًا فَإِن عُثْمَان أولى بالاستحياء لكَونه ختنه، فزوج الْبِنْت أَكثر حَيَاء من أبي الزَّوْجَة، يُوضحهُ إرْسَال عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ليسأل عَن حكم الْمَذْي.
6963 -
حدَّثني أحْمَدُ بنُ شَبِيبٍ بن سعيد قَالَ حدَّثني أبِي عنْ يُونُسَ قَالَ ابنُ شِهَابٍ أخْبَرَنِي عُرْوَةُ أنَّ عُبَيْدَ الله بنَ عَدِيِّ بنِ الخِيَارِ أخْبَرَهُ أنَّ المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ وعَبْدَ الرَّحْمانِ ابنَ الأسْوَدِ بنِ عَبْدِ يَغُوث قالَا مَا يَمْنَعُكَ أنْ تُكَلَّمَ عُثْمَانَ لأِخِيهِ الوَلِيدِ فَقَدْ أكْثَرَ النَّاسُ فِيهِ فقَصَدْتُ لِعُثْمَاَ حتَّى خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ قُلْتُ إنَّ لِي إلَيْكَ حاجَةً وهْيَ نَصِيحَةٌ لَكَ قَالَ يَا أيُّهَا المَرْءُ
قَالَ مَعْمَرٌ أرَاهُ قَالَ أعُوذُ بِاللَّه مِنْكَ فانْصَرَفْتُ فرَجَعْتُ إلَيْهِمْ إذْ جاءَ رسُولُ عُثْمَانَ فأتَيْتُهُ فقالَ مَا نَصِيحَتُكَ فَقُلْتُ إنَّ الله سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم بالحَقِّ وأنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ وكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لله ولِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَهاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ وصَحِبْتَ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ورأيْتَ هَدْيَهُ وقَدْ أكْثَرَ النَّاسُ فِي شأنِ الوَلِيدِ قَالَ أرْدَكتَ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قُلْتُ لَا ولَكِنْ خَلَصَ إلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا يَخْلُصُ إِلَى العَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا قَالَ أمَّا بَعْدُ فإنَّ الله بَعَثَ مُحَمَّدَاً صلى الله عليه وسلم بالحَقِّ فَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لله ولِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ وهاجَرْتُ الهِجْرَتَيْنِ كَمَا قُلْتَ وصَحِبْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وبايَعْتُهُ فَوَالله مَا عَصَيْتُهُ ولَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ الله ثُمَّ أبُو بَكْرٍ مِثْلُهُ ثُمَّ عُمَرُ مِثْلُهُ ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ أفَلَيْسَ لي مِنَ الحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لَهُمْ قُلْتُ بَلَى قالَ فَمَا هَذِهِ الأحَادِيثُ الَّتِي تَبْلُغُنِي عَنْكُمْ أمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شأنِ الوَلِيدِ فسَنَأخُذُ فِيهِ بالحَقِّ إنْ شَاءَ الله ثُمَّ دَعَا علِيَّاً فأمَرَهُ أنْ يَجْلِدَهُ فَجَلَدَهُ ثَمانِينَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (ثمَّ دَعَا عليا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ) إِلَى آخِره، من حَيْثُ إِنَّه أَقَامَ الْحَد على أَخِيه، فَهَذَا فِيهِ: دلَالَة على مُرَاعَاة الْحق. وَفِيه: منقبة من مناقبه.
وَأحمد بن شبيب بن سعيد أَبُو عبد الله الحبطي الْبَصْرِيّ، وَأَبوهُ شبيب ابْن سعيد، يروي عَن يُونُس بن يزِيد، روى عَنهُ ابْنه هُنَا وَفِي الاستقراض مُفردا، وي غير مَوضِع مَقْرُونا. وَعُرْوَة بن الزبير، وَعبيد الله بن عدي، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الدَّال الْمُهْملَة: ابْن الْخِيَار النَّوْفَلِي الْفَقِيه، والمسور بن مخرمَة، بِفَتْح الْمِيم فِي الْأَب وَكسرهَا فِي الإبن، وَقد مرا عَن قريب، وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود بن عبد يَغُوث، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَضم الْغَيْن الْمُعْجَمَة، وَفِي آخِره ثاء مُثَلّثَة: الْقرشِي الزُّهْرِيّ الْمَدِينِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
قَوْله: (مَا يمنعك) الْخطاب لِعبيد الله بن عدي، وَفِي رِوَايَة معمر عَن الزُّهْرِيّ الَّتِي تَأتي فِي هِجْرَة الْحَبَشَة، قَالَا: مَا يمنعك أَن تكلم خَالك؟ لِأَن عبيد الله هَذَا هُوَ ابْن أُخْت عُثْمَان بن عَفَّان. قَوْله: (لِأَخِيهِ) أَي: لأجل أَخِيه، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فِي أَخِيه الْوَلِيد بن عقبَة، وَصرح بذلك فِي رِوَايَة معمر، وَكَانَ الْوَلِيد هَذَا أَخا عُثْمَان لأمه، وَعقبَة هُوَ ابْن أبي معيط بن أبي عَمْرو بن أُميَّة بن عبد شمس، وَكَانَ عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ولى الْوَلِيد الْكُوفَة، وَكَانَ عَاملا بالجزيرة على عربها، وَكَانَ على الْكُوفَة سعد بن أبي وَقاص، وَكَانَ عُثْمَان ولاه لما ولي الْخلَافَة بِوَصِيَّة من عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَ عمر قد عَزله عَن الْكُوفَة كَمَا ذكرنَا. ثمَّ عزل عُثْمَان سَعْدا عَن الْكُوفَة، وَولى الْوَلِيد عَلَيْهَا وَكَانَ سَبَب الْعَزْل: أَن عبد الله بن مَسْعُود كَانَ على بَيت المَال فِي الْكُوفَة، فاقترض مِنْهُ سعد مَالا، فجَاء يتقاضاه فاختصما، فَبلغ عُثْمَان فَغَضب عَلَيْهِمَا وعزل سَعْدا واستحضر الْوَلِيد من الجزيرة وولاه الْكُوفَة. قَوْله:(فقد أَكثر النَّاس فِيهِ)، أَي: فِي الْوَلِيد، يَعْنِي: أَكْثرُوا فِيهِ من الْكَلَام فِي حَقه بِسَبَب مَا صدر مِنْهُ، وَكَانَ قد صلى بِأَهْل الْكُوفَة صَلَاة الصُّبْح أَربع رَكْعَات، ثمَّ الْتفت إِلَيْهِم فَقَالَ: أَزِيدكُم؟ وَكَانَ سكراناً، وَبلغ الْخَبَر بذلك إِلَى عُثْمَان، وَترك إِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ، فتكلموا بذلك فِيهِ وأنكروا أَيْضا عَن عُثْمَان عزل سعد بن أبي وَقاص مَعَ كَونه أحد الْعشْرَة، وَمن أهل الشورى، وَاجْتمعَ لَهُ من الْفضل وَالسّن وَالْعلم وَالدّين والسبق إِلَى الْإِسْلَام مَا لم يتَّفق مِنْهُ شَيْء للوليد بن عقبَة، ثمَّ لما ظهر لعُثْمَان سوء سيرته عَزله، وَلَكِن أخر إِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ ليكشف عَن حَال من يشْهد عَلَيْهِ بذلك، فَلَمَّا ظهر لَهُ الْأَمر أَمر بِإِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ، كَمَا نذكرهُ، وروى المدايني من طَرِيق الشّعبِيّ: أَن عُثْمَان لما شهدُوا عِنْده على الْوَلِيد حَبسه. قَوْله: (فقصدت) ، الْقَائِل هُوَ عبيد الله بن عدي، حَاصِل الْمَعْنى: أَنه قصد الْحُضُور عِنْد عُثْمَان حَتَّى خرج إِلَى الصَّلَاة، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: حِين خرج، وَالْمعْنَى على هَذِه الرِّوَايَة صَادف عبيد الله وَقت خُرُوج عُثْمَان إِلَى الصَّلَاة، وعَلى الرِّوَايَة الأولى أَنه جعل قَصده منتظراً خُرُوج عُثْمَان. قَوْله:(وَهِي نصيحة لَك) الْوَاو فِيهِ للْحَال، وَلَفظه: هِيَ ترجع إِلَى الْحَاجة. قَوْله: (قَالَ)، أَي:
قَالَ عُثْمَان: يَا أَيهَا الْمَرْء مِنْك، يُخَاطب بذلك عبيد الله بن عدي، تَقْدِيره: أعوذ بِاللَّه مِنْك؟ وَقد صرح معمر بذلك فِي رِوَايَته فِي هِجْرَة الْحَبَشَة على مَا يَأْتِي، وَأَشَارَ إِلَيْهِ هَهُنَا. بقوله:(قَالَ معمر: أرَاهُ قَالَ: أعوذ بِاللَّه مِنْك) أَي: قَالَ معمر بن رَاشد الْبَصْرِيّ، وَكَانَ قد سكن الْيمن. قَوْله:(أرَاهُ) أَي: أَظُنهُ قَالَ: أَيهَا الْمَرْء أعوذ بِاللَّه مِنْك، وَقَالَ ابْن التِّين: إِنَّمَا استعاذ مِنْهُ خشيَة أَن يكلمهُ بِشَيْء يَقْتَضِي الْإِنْكَار عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي ذَلِك مَعْذُور فيضيق بذلك صَدره. قَوْله:(فَانْصَرَفت) أَي: من عِنْد عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله:(فَرَجَعت إِلَيْهِم) أَي: إِلَى الْمسور بن مخرمَة وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود وَمن كَانَ عِنْدهمَا، وَفِي رِوَايَة معمر: فَانْصَرَفت فحدثتهما، أَي: الْمسور وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود وَمن كَانَ عِنْدهمَا، بِالَّذِي قلت لعُثْمَان فَقَالَا قد قضيت الَّذِي عَلَيْك. قَوْله:(إِذْ جَاءَ رَسُول عُثْمَان) كلمة: إِذْ، للمفاجأة، وَفِي رِوَايَة معمر: فَبَيْنَمَا أَنا جَالس مَعَهُمَا إِذْ جَاءَ رَسُول عُثْمَان، فَقَالَ لي: قد ابتلاك الله، فَانْطَلَقت. قَوْله:(فَأَتَيْته) أَي: فَأتيت عُثْمَان (فَقَالَ: مَا نصيحتك؟) أَرَادَ بهَا: مَا فِي قَوْله: لما جَاءَ إِلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: إِن لي إِلَيْك حَاجَة، وَهِي نصيحة لَك. قَوْله:(فَقلت) ، أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير تِلْكَ النَّصِيحَة بِالْفَاءِ التفسيرية، وَهِي من قَوْله:(أَن الله سُبْحَانَهُ) إِلَى قَوْله: (أدْركْت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم . قَوْله: (وَكنت) ، بِفَتْح تَاء الْخطاب يُخَاطب بِهِ عُثْمَان، وَكَذَا بِفَتْح التَّاء فِي قَوْله:(هَاجَرت)(وَرَأَيْت) وَأَرَادَ بالهجرتن الْهِجْرَة إِلَى الْحَبَشَة وَالْهجْرَة إِلَى الْمَدِينَة. قَوْله: (وَرَأَيْت هَدْيه)، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الدَّال: أَي: رَأَيْت طَرِيقَته. قَوْله: (وَقد أَكثر النَّاس فِي شَأْن الْوَلِيد)، أَي: أَكْثرُوا فِيهِ الْكَلَام بِسَبَب شربه الْخمر وَسُوء سيرته، وَزَاد معمر فِي رِوَايَته عقيب هَذَا الْكَلَام: وَحقّ عَلَيْك أَن تقيم عَلَيْهِ الْحَد. قَوْله: (قَالَ: أدْركْت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم ، أَي: قَالَ عُثْمَان لِعبيد الله بن عدي يُخَاطب بقوله: أدْركْت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، وَفِي رِوَايَة معمر: فَقَالَ لي: يَا ابْن أُخْتِي، وَفِي رِوَايَة صَالح بن الْأَخْضَر عَن الزُّهْرِيّ عِنْد عمر بن شبه: هَل رَأَيْت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا، وَمرَاده بالإدراك إِدْرَاك السماع وَالْأَخْذ عَنهُ، وبالرؤية رُؤْيَة الْمُمَيز لَهُ، وَلم يرد نفي الْإِدْرَاك بِالْعينِ، فَإِنَّهُ ولد فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ ابْن مَاكُولَا: ولد على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقتل أَبوهُ يَوْم بدر كَافِرًا، وَقَالَ ابْن سعد فِي طبقَة الفتحيين، والمدائني وَعمر بن شبة فِي (أَخْبَار الْمَدِينَة) : إِن هَذِه الْقِصَّة المحكية هَهُنَا وَقعت لعدي ابْن الْخِيَار نَفسه مَعَ عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَالله أعلم. قَوْله:(قلت: لَا) أَي: مَا رَأَيْته، وَلَكِن أدْركْت زَمَانه. قَوْله:(خلص) بِفَتْح اللَّام، يُقَال: خلص فلَان إِلَى فلَان أَي: وصل إِلَيْهِ وَضَبطه بَعضهم بِضَم اللَّام، وَأَنه غير صَحِيح، وَفِي حَدِيث الْمِعْرَاج؛ فَلَمَّا خلصت لمستوىً، أَي: وصلت وَبَلغت، وَقد ضبط بِفَتْح اللَّام. قَوْله:(إِلَى الْعَذْرَاء) ، وَهِي الْبكر، وَأَرَادَ عبيد الله بن عدي بِهَذَا الْكَلَام: أَن علم النَّبِي صلى الله عليه وسلم، لم يكن مكتوماً وَلَا خَاصّا، بل كَانَ شَائِعا ذائعاً حَتَّى وصل إِلَى الْعَذْرَاء المخدرة فِي بَيتهَا، فوصوله إِلَيْهِ مَعَ حرصه عَلَيْهِ بِالطَّرِيقِ الأولى. قَوْله:(كَمَا قلت) ، بِفَتْح التَّاء خطاب لِعبيد الله بن عدي، وَجه التَّشْبِيه فِيهِ بَيَان حَال وُصُول علم رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، يَعْنِي: كَمَا وصل علم الشَّرِيعَة إِلَيْهَا من وَرَاء الْحجاب، فوصوله إِلَيْهِ بِالطَّرِيقِ الأحرى. قَوْله:(ثمَّ أَبُو بكر مثله)، أَرَادَ: ثمَّ صَحِبت أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمَا عصيته وَمَا غششته مثل مَا فعلت مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله:(ثمَّ عمر مثله)، يَعْنِي: ثمَّ صَحِبت عمر أَيْضا، فَمَا فعلت شَيْئا من ذَلِك. قَوْله:(ثمَّ اسْتخْلفت)، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله:(أفليس لي؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار، أَي: أفليس لي عَلَيْكُم من الْحق مثل الَّذِي كَانَ لَهُم عَليّ؟ قَوْله: (قلت: بلَى)، الْقَائِل هُوَ عبيد الله بن عدي. قَوْله:(فَمَا هَذِه الْأَحَادِيث؟) جمع: أحدوثة، وَهِي مَا يتحدث بِهِ، وَهِي الَّتِي كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بهَا من تَأْخِيره إِقَامَة الْحَد على الْوَلِيد. قَوْله:(ثمَّ دَعَا عليا)، هُوَ: عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. (فَأمره أَن يجلده) أَي: فَأمر عُثْمَان عليا أَن يجلد الْوَلِيد بن عقبَة، ويجلده، بالضمير الْمَنْصُوب فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: أَن يجلد، بِلَا ضَمِيره. قَوْله:(فجلده ثَمَانِينَ)، وَفِي رِوَايَة معمر: فجلد الْوَلِيد أَرْبَعِينَ جلدَة، قيل: هَذِه الرِّوَايَة أصح من رِوَايَة يُونُس، وَالوهم فِيهِ من الرَّاوِي عَنهُ شبيب بن سعيد، والمرجح لرِوَايَة معمر مَا رَوَاهُ مُسلم من طَرِيق أبي ساسان، قَالَ: شهِدت عُثْمَان أُتِي بالوليد قد صلى الصُّبْح رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ قَالَ: أَزِيدكُم، فَشهد عَلَيْهِ رجلَانِ. أَحدهمَا: حمْرَان، يَعْنِي مولى عُثْمَان بن عَفَّان: أَنه قد شرب الْخمر، فَقَالَ عُثْمَان: قُم يَا عَليّ فاجلده، فَقَالَ عَليّ: قُم يَا حسن، فاجلده، فَقَالَ الْحسن:
ولِّ حارها من تولى قارها، فَكَأَنَّهُ وجد عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا عبد الله بن جَعْفَر، قُم فاجلده، فجلده، وَعلي يعد حَتَّى بلغ أَرْبَعِينَ، فَقَالَ أمسِك، ثمَّ قَالَ: جلد النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ، وَأَبُو بكر أَرْبَعِينَ، وَعمر ثَمَانِينَ، وكلٌّ سنة وَهَذَا أحب إِلَيّ. انْتهى. فَإِن قلت: من الشَّاهِد الآخر الَّذِي لم يسم فِي هَذِه الرِّوَايَة؟ قلت: قيل: هُوَ الصعب بن جثامة الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور، رَوَاهُ يَعْقُوب بن سُفْيَان فِي (تَارِيخه)، وَعند الطَّبَرِيّ من طَرِيق سيف فِي (الْفتُوح) : أَن الَّذِي شهد عَلَيْهِ ولد الصعب واسْمه جثامة، كاسم جده، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: أَن مِمَّن شهد عَلَيْهِ أَبَا زَيْنَب بن عَوْف الْأَزْدِيّ، وَأَبا مورع الْأَسدي أَبُو زَيْنَب، اسْمه: زُهَيْر بن الْحَارِث بن عَوْف بن كاسي الْحجر، وَقَالَ أَبُو عمر: من ذكره فِي الصَّحَابَة فقد أَخطَأ، لَيْسَ لَهُ شَيْء يدل على ذَلِك، وَأَبُو الْمُوَرِّع
…
. وَذكر المَسْعُودِيّ فِي (المروج) : أَن عُثْمَان قَالَ للَّذين شهدُوا: مَا يدريكم أَنه شرب الْخمر؟ قَالُوا: هِيَ الَّتِي كُنَّا نشربها فِي الْجَاهِلِيَّة، وَذكر الطَّبَرِيّ: أَن الْوَلِيد ولي الْكُوفَة خمس سِنِين، قَالُوا: وَكَانَ جوادا، فولَّى عُثْمَان بعده سعيد بن الْعَاصِ، فَسَار فيهم سيرة عادلة، وَكَانَت تَوْلِيَة عُثْمَان سعيد بن الْعَاصِ الْكُوفَة فِي سنة ثَلَاثِينَ من الْهِجْرَة وَفتح سعيد هَذَا طبرستان فِي هَذِه السّنة، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: لما ولَّى عثمانُ سعيدَ بنَ الْعَاصِ الْكُوفَة وقَدِمَهَا قَالَ: لَا أصعد الْمِنْبَر حَتَّى تغسلوه من آثَار الْوَلِيد الْفَاسِق فَإِنَّهُ نجس، فاغسلوه، ثمَّ ظَهرت بعد ذَلِك من سعيد بن الْعَاصِ هَنَات.
وَاحْتج أَصْحَابنَا بِهَذَا الحَدِيث: أَن حد السَّكْرَان من شرب الْخمر وَغَيرهَا من الأنبذة ثَمَانُون جلدَة، وَقَالَ الشَّافِعِي: أَرْبَعُونَ جلدَة، وَبِه قَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة، لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، ضرب فِي الْخمر بِالْجَرِيدِ وَالنعال، وَضرب أَبُو بكر أَرْبَعِينَ، قُلْنَا: مَا رَوَاهُ كَانَ بجريدتين والنعلين، فَكَانَ كل ضَرْبَة بضربتين، وَالَّذِي يدل على هَذَا قَول أبي سعيد: جلد على عهد رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، فِي الْخمر بنعلين، فَلَمَّا كَانَ فِي زمن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، جعل بدل كل نعل سَوْطًا، رَوَاهُ أَحْمد.
7963 -
حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ حَاتِمِ بنِ بَزِيعٍ حدَّثنا شاذَانُ حدَّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ أبِي سلَمَةَ المَاجِشُونُ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا نَعْدِلُ بأبِي بَكْرٍ أحَدَاً ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ ثُمَّ نَتْرُكْ أصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يدل على أَن عُثْمَان أفضل النَّاس بعد الشَّيْخَيْنِ. وَمُحَمّد بن حَاتِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَكسر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: ابْن بزيع، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الزَّاي وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره عين مُهْملَة: أَبُو سعيد مَاتَ بِبَغْدَاد فِي رَمَضَان سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، وشاذان، بالشين الْمُعْجَمَة والذال الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره نون، واسْمه: الْأسود ابْن عَامر، ويلقب: بشاذان، أَصله شَامي سكن بَغْدَاد، وَعبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة الْمَاجشون، بِكَسْر الْجِيم وَفتحهَا، وَهُوَ بِضَم النُّون صفة لعبد الْعَزِيز، وبكسرها صفة لأبي سَلمَة، لِأَن كلاًّ مِنهما يلقب بِهِ، وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ.
والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنة عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن الْأسود بن عَامر بِهِ.
قَوْله: (لَا نعدل بِأبي بكر أحدا)، أَي: لَا نجْعَل أحدا مثلا لَهُ، ثمَّ عمر كَذَلِك ثمَّ عُثْمَان كَذَلِك. قَوْله:(ثمَّ نَتْرُك أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَرَادوا أَنهم بعد تَفْضِيل الشَّيْخَيْنِ وَعُثْمَان لَا يتَعَرَّض لأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعدهمْ، بالتفضيل وَعَدَمه، وَذَلِكَ لأَنهم كَانُوا يجتهدون فِي التَّفْضِيل فَيظْهر لَهُم فَضَائِل هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة ظهوراً بَينا فيجزمون بِهِ. قَوْله: (لَا نفاضل) أَي: فِي نفس الْأَمر، تَفْسِير قَوْله:(ثمَّ نَتْرُك) يَعْنِي: لَا نحكم بعدهمْ بتفضيل أحد على أحد، ونسكت عَنْهُم. وَقَالَ الْخطابِيّ: وَجه هَذَا أَنه أُرِيد بِهِ الشُّيُوخ وذوو الْأَسْنَان، وهم الَّذين كَانَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، إِذا حزنه أَمر شاورهم، وَكَانَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي زَمَانه صلى الله عليه وسلم، حَدِيث السن، وَلم ير ابْن عمر الإزدراء بعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَلَا تَأْخِيره عَن الْفَضِيلَة بعد عُثْمَان، لِأَن فَضله مَشْهُور لَا يُنكره ابْن عمر وَلَا غَيره من الصَّحَابَة. قلت: وَقد تقرر عِنْد أهل السّنة قاطبة من تَقْدِيم عَليّ بعد عُثْمَان، وَمن تَقْدِيم بَقِيَّة الْعشْرَة المبشرة على غَيرهم، وَمن تَقْدِيم
أهل بدر على من لم يشهدها، وَقَالَ الْكرْمَانِي مَا ملخصه: لَا حجَّة فِي قَوْله: (كُنَّا نَتْرُك) لِأَن الْأُصُولِيِّينَ اخْتلفُوا فِي صِيغَة: كُنَّا نَفْعل، لَا فِي صِيغَة: كُنَّا لَا نَفْعل، لتصور تَقْرِير السُّؤَال فِي الأول دون الثَّانِي، وعَلى تَقْدِير أَن يكون حجَّة فَمَا هُوَ من العمليات حَتَّى يَكْفِي فِيهِ الظَّن؟ وَلَئِن سلمنَا فقد عَارضه مَا هُوَ أقوى مِنْهُ، ثمَّ قَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون ابْن عمر أَرَادَ أَن ذَلِك كَانَ وَقع لَهُ فِي بعض أزمنة النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَلَا يمْنَع ذَلِك أَن يظْهر بعد ذَلِك، وَلَئِن سلمنَا عُمُومه لَكِن انْعَقَد الْإِجْمَاع على أَفضَلِيَّة عَليّ بعد عُثْمَان. انْتهى. قلت: فِي دَعْوَاهُ الْإِجْمَاع نظر، لِأَن جمَاعَة من أهل السّنة يقدمُونَ عليا على عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
تابَعَهُ عبْدُ الله بنُ صالِحٍ عنْ عبْدِ العَزِيزِ
أَي: تَابع شَاذان عبد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث الْجُهَنِيّ الْمصْرِيّ، وَقيل: عبد الله بن صَالح بن مُسلم الْعجلِيّ الْكُوفِي فِي رِوَايَته عَن عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة الْمَاجشون بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُور، وَكِلَاهُمَا من مَشَايِخ البُخَارِيّ.
8963 -
حدَّثنا مُوساى بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ حدَّثنا عُثْمَانُ هُوَ ابنُ مَوْهِبٍ قَالَ جاءَ رَجُلٌ مِنْ أهْلِ مِصْرَ حَجَّ البَيْتَ فَرأى قَوْمَاً جُلُوساً فَقَالَ مَنْ هاؤُلاءِ القَوْمُ قَالَ هاؤلاءِ قُرَيْشٌ قَالَ فَمَنِ الشَّيْخُ فِيهِمْ قالُوا عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ قَالَ يَا ابنَ عُمَرَ إنِّي سائِلُكَ عنْ شَيْءٍ فَحَدِّثْنِي عَنْهُ هَلْ تَعْلَمُ أنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ نعَمْ فَقَالَ تَعْلَمُ أنَّهُ تَغَيَّبَ عنْ بَدْرٍ ولَمْ يَشْهَدْ قَالَ نعَمْ قَالَ هَلْ تَعْلَمُ أنَّهُ تَغَيَّبَ عنْ بَيْعَةِ الرُّضْوانِ فلَمْ يَشهَدْهَا قَالَ نَعمْ قَالَ الله أكبرُ قَالَ ابنُ عُمَرَ تَعالَ أُبَيِّنْ لَكَ أمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فأشْهَدُ أنَّ الله عفَا عَنْهُ وغَفَرَ لَهُ وأمَّا تَغَيُّبُهُ عنْ بَدْرٍ فإنَّهُ كانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وكانَتْ مَرِيضَةً فقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إنَّ لَكَ أجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرَاً وسَهْمَهُ وأمَّا تَغَيُّبُهُ عنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فلَوْ كانَ أحَدٌ أعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةِ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكانَهُ فبَعَثَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ وكانَتْ بَيْعَةُ الرُضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إلَى مَكَّةَ فَقَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ اليُمْناى هاذِهِ يَدُ عُثْمانَ فضَرَبَ بِهَا علَى يَدِهِ فَقَالَ هذِهِ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لهُ ابنُ عُمَرَ اذْهَبْ بِهَا الْآن معَكَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ فَضِيلَة عَظِيمَة لعُثْمَان، وَهِي أَن الله عَفا عَنهُ وَغفر لَهُ وَحصل لَهُ السهْم وَالْأَجْر وَهُوَ غَائِب، وَلم يحصل ذَلِك لغيره، وَأَشَارَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى يَده الْيُمْنَى، وَقَالَ: هَذِه يَد عُثْمَان، وَهَذَا فضل عَظِيم أعطَاهُ الله إِيَّاه.
وَأَبُو عوَانَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة: الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي، وَعُثْمَان هُوَ ابْن عبد الله بن موهب، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْوَاو، وَضَبطه بَعضهم كسرهَا وَبعدهَا بَاء مُوَحدَة: تَابِعِيّ وسط من طبقَة الْحسن الْبَصْرِيّ، وَهُوَ ثِقَة باتفاقهم، وَفِي الروَاة آخر يُقَال لَهُ: عُثْمَان بن موهب، تَابِعِيّ أَيْضا بَصرِي، لكنه أَصْغَر مِنْهُ، روى عَن أنس وروى عَنهُ زيد الْحباب وَحده، أخرج لَهُ النَّسَائِيّ.
قَوْله: (جُلُوسًا) أَي: جالسين. قَوْله: (قَالَ: قُرَيْش) أَي: هم قُرَيْش، ويروى: قَالُوا: قُرَيْش، بِصِيغَة الْجمع، فعلى الأول قَالَ: وَاحِد من الْقَوْم الَّذين كَانُوا هُنَاكَ. قَوْله: (فَمن الشَّيْخ) أَي: الْكَبِير الَّذِي يرجعُونَ إِلَيْهِ فِي قَوْله؟ قَوْله: (قَالُوا: عبد الله ابْن عمر) أَي: كَبِيرهمْ هُوَ عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَوْله:(هَل تعلم) إِلَى آخِره، مُشْتَمل على ثَلَاث مسَائِل سَأَلَ ابْن عمر عَنْهَا، وَالَّذِي يظْهر أَنه كَانَ متعصباً على عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَلذَلِك قَالَ: الله أكبر، مستحسناً وَلَكِن أَرَادَ أَن يبين معتقده فِيهِ لما أجَاب عبد الله بن عمر عَن كل وَاحِدَة مِنْهَا بِجَوَاب حسن مُطَابق لما كَانَ فِي نفس الْأَمر. قَوْله: (فَأشْهد أَن الله