الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْن أبي حُسَيْن النَّوْفَلِي الْقرشِي الْمَكِّيّ، وَابْن أبي مليكَة بِضَم الْمِيم: هُوَ عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة الْمَكِّيّ.
قَوْله: (لواقف) اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد مَفْتُوحَة. قَوْله: (وَقد وضع) الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (رَحِمك الله) الْخطاب فِيهِ لعمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَوْله:(لأرجو) اللَّام فِيهِ هِيَ الفارقة بَين أَن المخففة والنافية. قَوْله: (وَأَبُو بكر) عطف على الضَّمِير الْمُتَّصِل بِدُونِ التَّأْكِيد وَفِيه خلاف بَين الْبَصرِيين والكوفيين، فَالْحَدِيث يرد على المانعين بِدُونِ التَّأْكِيد.
8763 -
حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ يَزِيدَ الْكُوفِيُّ حدَّثنا الوَلِيدُ عنِ الأوزَاعِيِّ عنْ يَحْيَى بنِ أبِي كَثَيرٍ عنْ مُحَمَّدِ بنِ إبْرَاهِيمَ عنْ عُرْوَةَ بنِ الزّبَيْرِ قَالَ سألْتُ عَبْدَ الله بنَ عَمْرٍ وعنْ أشَدِّ مَا صنَعَ الْمُشْرِكِونَ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ رأيْتُ عُقْبَةَ بنَ أبِي مُعَيْطٍ جاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهْوَ يُصَلِّي فوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فخَنَقَهُ بِهِ خَنْقاً شَدِيدَاً فَجاءَ أبُو بَكْرٍ حتَّى دفَعَهُ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: {أتَقْتُلُونَ رَجُلاً أنْ يَقُولَ رَبِّيَ الله وقَدْ جَاءَكُمْ بالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} (غَافِر: 82) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فجَاء أَبُو بكر حَتَّى دَفعه عه) إِلَى آخِره.
وَمُحَمّد بن يزِيد من الزِّيَادَة الْبَزَّاز، بتَشْديد الزَّاي الأولى: الْكُوفِي، كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي، رحمه الله، وَقَالَ بَعضهم: قيل: هُوَ أَبُو هَاشم الرِّفَاعِي وَهُوَ مَشْهُور بكنيته، وَقَالَ الْحَاكِم والكلاباذي: هُوَ غَيره، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن السكن عَن الْفربرِي: مُحَمَّد بن كثير، وَهُوَ وهم نبه عَلَيْهِ أَبُو عَليّ الجياني، لِأَن مُحَمَّد بن كثير لَا تعرف لَهُ رِوَايَة عَن الْوَلِيد، وَهُوَ الْوَلِيد بن مُسلم، وَقَالَ أَبُو عَليّ: هَكَذَا هَذَا الْإِسْنَاد فِي رِوَايَة أبي زيد وَأبي أَحْمد عَن الْفربرِي مُحَمَّد بن يزِيد وَالْقَوْل قَول أبي زيد وَمن تَابعه، وَالْأَوْزَاعِيّ عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو وَيحيى بن أبي كثير اليمامي الطَّائِي وَاسم أبي كثير صَالح من أهل الْبَصْرَة سكن الْيَمَامَة، وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث أَبُو عبد الله التَّيْمِيّ الْقرشِي الْمَدِينِيّ مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَة.
والْحَدِيث يَأْتِي فِي: بَاب مَا لَقِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم وأصابه من الْمُشْركين بِمَكَّة من وَجه آخر عَن الْوَلِيد بن مُسلم.
قَوْله: (عقبَة بن أبي معيط)، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة: الْأمَوِي، قتل يَوْم بدر كَافِرًا بعد انْصِرَافه صلى الله عليه وسلم مِنْهُ بِيَوْم.
وَفِيه: منقبة عَظِيمَة لأبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
6 -
(بابُ مَناقِبِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ أبِي حَفْصٍ القُرَشِيِّ العَدَوِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَنَاقِب عمر بن الْخطاب، وَفِي غَالب النّسخ لَيست فِيهِ لفظ: بَاب، هَكَذَا مَنَاقِب عمر بن الْخطاب أَي: هَذَا مَنَاقِب عمر بن الْخطاب، والمناقب جمع منقبة، وَقد مر بَيَانهَا، وَعمر بن الْخطاب بن نفَيْل بن عبد الْعُزَّى بن رَبَاح بن عبد الله بن رزاح بن عدي بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب الْقرشِي الْعَدوي أَبُو حَفْص أَمِير الْمُؤمنِينَ، وامه حنتمة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون، وَيُقَال: خَيْثَمَة، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة ثمَّ بِالْمِيم، وَهُوَ الْأَشْهر، وَالْأول أصح، وَهِي بنت هَاشم ذِي الرمحين ابْن الْمُغيرَة بن عبيد الله بن عمر بن مَخْزُوم، وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، هُوَ الَّذِي كناه بِأبي حَفْص وَكَانَت حَفْصَة أكبر أَوْلَاده، ولقبه: الْفَارُوق، بالِاتِّفَاقِ قيل: أول من لقبه بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، رَوَاهُ ابْن سعد من حَدِيث عَائِشَة، وَقيل: أهل الْكتاب. أخرجه ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ وَقيل: جِبْرِيل، عليه الصلاة والسلام، ذكره الْبَغَوِيّ.
176 -
(حَدثنَا حجاج بن منهال حَدثنَا عبد الْعَزِيز الْمَاجشون حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - رَأَيْتنِي دخلت الْجنَّة فَإِذا أَنا بالرميصاء امْرَأَة أبي طَلْحَة وَسمعت خشفة فَقلت من هَذَا فَقَالَ هَذَا بِلَال وَرَأَيْت قصرا بفنائه جَارِيَة فَقلت لمن هَذَا فَقَالَ لعمر فَأَرَدْت أَن أدخلهُ فَأنْظر إِلَيْهِ فَذكرت غيرتك فَقَالَ عمر بأمي وَأبي يَا رَسُول الله أعليك أغار)
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله وَرَأَيْت قصرا إِلَى آخِره وحجاج بن منهال بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون النُّون السّلمِيّ الْأنمَاطِي الْبَصْرِيّ وَعبد الْعَزِيز هُوَ ابْن عبد الله بن أبي سَلمَة وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون بِزِيَادَة لفظ ابْن وَقد مر تَفْسِير الْمَاجشون وَهُوَ لقب جده ويلقب بِهِ أَوْلَاده والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن مُحَمَّد بن الْفرج وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن نصير بن الْفرج قَوْله " رَأَيْتنِي " أَي رَأَيْت نَفسِي وَدخلت الْجنَّة جملَة حَالية قَوْله " فَإِذا " كلمة إِذا المفاجأة قَوْله " بالرميصاء " وَهُوَ مصغر الرمصاء مؤنث الأرمص بالراء وَالصَّاد الْمُهْملَة ولقبت بهَا لرمص كَانَ بِعَينهَا وَاسْمهَا سهلة وَقيل رميلة وَقيل غير ذَلِك وَقيل هُوَ اسْمهَا وَيُقَال فِيهِ بالغين الْمُعْجَمَة بدل الرَّاء وَهِي بنت ملْحَان بِكَسْر الْمِيم وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة ابْن خَالِد بن زيد الْأَنْصَارِيَّة زَوْجَة أبي طَلْحَة زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ وَهِي أم أنس بن مَالك خَالَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - من الرضَاعَة وَهِي أُخْت أم حرَام بنت ملْحَان وَقَالَ أَبُو دَاوُد هُوَ اسْم أُخْت أم سليم من الرضَاعَة وَجوز ابْن التِّين أَن يكون المُرَاد امْرَأَة أُخْرَى لأبي طَلْحَة قَوْله " خشفة " بِفَتْح المعجمتين وَالْفَاء أَي حَرَكَة وزنا وَمعنى قَالَه بَعضهم وَفِي التَّوْضِيح هُوَ بِفَتْح الْخَاء وَسُكُون الشين وَحكى شمر فتحهَا أَيْضا وَقَالَ الْكرْمَانِي بِفَتْح الْخَاء وَسُكُون الشين الْحس وَالْحَرَكَة وَقَالَ أَبُو عبيد الخشفة الصَّوْت لَيْسَ بالشديد يُقَال خشف يخشف خشفا إِذا سَمِعت لَهُ صَوتا أَو حَرَكَة وَقيل وَأَصله صَوت دَبِيب الْحَيَّات وَقَالَ الْفراء الخشفة الصَّوْت للْوَاحِد والخشفة الْحَرَكَة إِذا وَقع السَّيْف على اللَّحْم وَمعنى الحَدِيث هُنَا مَا يسمع من حس وَقع الْقدَم قَوْله " فَقَالَ هَذَا بِلَال " الْقَائِل يحْتَمل أَن يكون جِبْرِيل عليه الصلاة والسلام أَو ملكا من الْمَلَائِكَة وَيحْتَمل أَن يكون بِلَالًا نَفسه قَوْله " بفنائه " بِكَسْر الْفَاء وبالمد مَا امْتَدَّ مَعَ الْقصر من جوانبه من خَارج وَقَالَ الدَّاودِيّ قد يُقَال للقصر نَفسه فنَاء قَوْله " فَقَالَ لعمر " وَفِي رِوَايَة الْكشميهني " فَقَالُوا " الْقَائِل أما جِبْرِيل كَمَا قُلْنَا والقائلون جمع من الْمَلَائِكَة ويروى فَقَالَت أَي الْجَارِيَة قَوْله " بِأبي وَأمي " أَي أَنْت مفدى بهما أَو أفديك بهما قَوْله " أعليك أغار " هَذَا من الْقلب لِأَن الأَصْل أعليها أغار مِنْك وَقَالَ الْكرْمَانِي وَالْأَصْل أَن يُقَال أمنك أغار عَلَيْهَا ثمَّ أجَاب بِأَن لفظ عَلَيْك لَيْسَ مُتَعَلقا بقوله أغار بل مَعْنَاهُ أمستعليا عَلَيْك أغار عَلَيْهَا مَعَ أَن كَون الأَصْل ذَلِك مَمْنُوع فَلَا مَحْظُور فِيهِ -
0863 -
حدَّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ أخْبرَنَا اللَّيْثُ قَالَ حدَّثَني عُقَيْلٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أخْبرَنِي سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إذْ قالَ بَيْنَا أنَا نَائِمٌ رَأيْتُنِي فِي الجَنَّةِ فإذَا امْرَأةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هاذَا القَصْرُ فقالُوا لِعُمَرَ فذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فوَلَّيْتُ مُدْبِرَاً فبَكَى عُمَرُ وَقَالَ أعلَيْكَ أغَارُ يَا رسُولَ الله. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَعقيل، بِضَم الْعين. والْحَدِيث قد مضى فِي: بَاب مَا جَاءَ فِي صفة الْجنَّة بِهَذَا الْإِسْنَاد والمتن، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
2863 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله بنِ نُمَيْرٍ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ حدَّثنا عُبَيْدُ الله قَالَ حدَّثني أبُو بَكْرِ بنُ سالِمٍ عنْ سالِمٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
أُرِيتُ فِي المَنَامِ أنِّي أنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ علَى قَلِيبٍ فَجاءَ أبُو بَكْرٍ فنَزَعَ ذَنُوبَاً أوْ ذَنُوبَيْنِ نَزْعَاً ضَعِيفاً. وَالله يَغْفِرُ لَهُ ثُمَّ جاءَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ فاسْتَحَالَتْ غَرْبَاً فلَمْ أرَ عَبْقَرِيَّاً يَفْرِي فَرِيَّهُ حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ وضَرَبُوا بِعَطَنٍ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ، وَأَبُو بكر بن سَالم هُوَ ابْن عبد الله بن عمر، وَهُوَ من أَقْرَان الرَّاوِي عَنهُ وهما مدنيان من صغَار التَّابِعين. وَأما أَبُو سَالم فمعدود من كبارهم وَهُوَ أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة، وَلَيْسَ لأبي بكر بن سَالم فِي البُخَارِيّ غير هَذَا الْموضع، وَثَّقَهُ الْعجلِيّ وَلَا يعرف لَهُ راوٍ إلَاّ عبيد الله بن عمر الْمَذْكُور، وَإِنَّمَا أخرج لَهُ البُخَارِيّ فِي المتابعات.
والْحَدِيث مضى من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سَالم. وَمضى فِي فضل أبي بكر من طَرِيق صَخْر عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَمضى فِيهِ أَيْضا من طَرِيق ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة نَحوه.
قَوْله: (بِدَلْو بكرَة) بِإِضَافَة الدَّلْو إِلَى البكرة بِإِسْكَان الْكَاف وَحكي فتحهَا، وَقيل: بكرَة، مُثَلّثَة الْبَاء، قلت: البكرة بِإِسْكَان الْكَاف على أَن المُرَاد نِسْبَة الدَّلْو إِلَى الْأُنْثَى من الْإِبِل، وَهِي: الشَّابَّة أَي: الدَّلْو الَّتِي يَسْتَقِي بهَا، وَأما بتحريك الْكَاف فَالْمُرَاد: الْخَشَبَة المستديرة الَّتِي تعلق فِيهَا الدَّلْو.
قَالَ ابنُ جُبَيْرٍ العَبْقَرِيُّ عِتاقُ الزَّرَابِيِّ: وَقَالَ يَحْيَى الزَّرَابِيُّ الطَّنافِسُ لَهَا خَمْلٌ رَقِيقٌ مبْثُوثَةٌ كَثِيرَةٌ
ابْن جُبَير، هُوَ سعيد بن جُبَير، وَهَذَا تَعْلِيق وَصله عبد بن حميد من طَرِيقه. قَوْله:(عتاق الزرابي)، أَي: حسان الزرابي، وَهُوَ جمع عَتيق وَهُوَ الْكَرِيم الرائع من كل شَيْء، وَوَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة وَبَعض النّسخ عَن أبي ذَر هُنَا: قَالَ ابْن نمير، وَالْمرَاد بِهِ مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، شيخ البُخَارِيّ فِيهِ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ أولى إِذْ هُوَ الرَّاوِي لَهُ. قَوْله: (وَقَالَ يحيى) قَالَ الْكرْمَانِي: أَي: الْقطَّان إِذْ هُوَ أَيْضا رَاوِي هَذَا الحَدِيث، وَمر آنِفا فِي مَنَاقِب أبي بكر، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ يحيى بن زِيَاد الْفراء، ذكر ذَلِك فِي (كتاب مَعَاني الْقُرْآن) لَهُ، وَظن الْكرْمَانِي أَنه يحيى بن سعيد الْقطَّان فَجزم بذلك، واستند إِلَى كَون الحَدِيث ورد فِي رِوَايَته كَمَا تقدم فِي مَنَاقِب أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قلت: استناد الْكرْمَانِي أقوى، وَلَا يلْزم من ذكر الْفراء: الزرابي، فِي كِتَابه أَن يكون يحيى الْمَذْكُور هَا هُوَ الْفراء، بل الْأَقْرَب مَا قَالَه الْكرْمَانِي، لِأَن كثيرا من الروَاة يفسرون مَا وَقع فِي أَلْفَاظ الْأَحَادِيث الَّتِي يروونها. قَوْله:(الطنافس) جمع طنفسة بِكَسْر الطَّاء وَالْفَاء وبضمهما وبكسر الطَّاء وَفتح الْفَاء الْبسَاط الَّذِي لَهُ خمل رَقِيق، والخمل بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالْمِيم بعْدهَا لَام: الْأَهْدَاب. قَوْله: (رَقِيق) أَي: غير غَلِيظَة. قَوْله: (مبثوثة) أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وزرابي مبثوثة} (الغاشية: 61) . وفسرها بقوله: (كَثِيرَة) وَقَالَ بَعضهم: هُوَ بَقِيَّة كَلَام يحيى بن زِيَاد الْمَذْكُور. قلت: هَذِه دَعْوَى بِلَا دَلِيل، بل الظَّاهِر أَنه من كَلَام البُخَارِيّ، وَلِهَذَا قَالَ: هُوَ، ثمَّ استطرد المُصَنّف كعادته فَذكر معنى صفة الزرابي الْوَارِدَة فِي الْقُرْآن فِي قَوْله تَعَالَى {وزرابي مبثوثة} (الغاشية: 61) . وَكَلَامه هَذَا يدل على أَنه من كَلَام البُخَارِيّ، وَأَنه يرد عَلَيْهِ نسبته إِلَى يحيى. فَافْهَم.
3863 -
حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثني أبي عنْ صالِحٍ عنِ ابنِ شهابٍ أخبرنِي عَبْدُ الحَمِيدِ أنَّ مُحَمَّدَ بنَ سَعْدٍ أخْبَرَهُ أنَّ أبَاهُ قَالَ حدَّثني عبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنَا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنْ صالِحٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ زَيْدٍ عنْ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدِ بنِ أبِي وقَّاصٍ عنْ أبِيهِ قَالَ اسْتأذن عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ علَى رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ ويَسْتَكْثِرْنَهُ عالِيَةٌ أصْوَاتُهُنَّ علَى صَوْتِهِ فلَمَّا اسْتأذَنَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الحِجابَ فأذِنَ لَهُ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ
عُمَرُ ورَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ فَقَالَ عُمَرُ أضْحَكَ الله سِنَّكَ يَا رسُولَ الله فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَجِبْتُ مِنْ هاؤُلاءِ الَّلاتِي كُنَّ عِنْدِي فلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الحِجَابَ فَقَالَ عُمَرُ فأنْتَ أحَقُّ أنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ الله ثُمَّ قالَ عُمَرُ يَا عَدُوَّاتِ أنْفُسِهِنَّ أتَهَبْنَنِي ولَا تَهَبْنَ رسُولَ الله تصلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَ نَعَمْ أنْتَ أفَظُّ وأغْلَظُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إيْهاً يَا ابْنَ الخَطَّابِ والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سالِكَاً فَجا قَطُّ إلَاّ سلَكَ فَجَّاً غَيْرَ فَجِّكَ. (انْظُر الحَدِيث 4923 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ) إِلَى آخِره.
وَأخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن عَليّ بن عبد الله عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن صَالح ابْن كيسَان عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب، كَانَ والياً لعمر ابْن عبد الْعَزِيز على الْكُوفَة، يروي عَن مُحَمَّد بن سعد بن أبي وَقاص، وَكلهمْ مدنيون. وَفِيه: أَرْبَعَة من التَّابِعين على نسق، وهم: صَالح وَابْن شهَاب وهما قريبان وَعبد الحميد وَمُحَمّد بن سعد وهما قريبان، وَقد مر الحَدِيث بِهَذَا الطَّرِيق فِي: بَاب صفة إِبْلِيس وَجُنُوده. وَالطَّرِيق الآخر: عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي الْمدنِي عَن إِبْرَاهِيم بن سعد الْمَذْكُور عَن صَالح بن كيسَان إِلَى آخِره.
قَوْله: (وعندن نسْوَة من قُرَيْش) هن من أَزوَاجه، وَيحْتَمل أَن يكون مَعَهُنَّ من غَيْرهنَّ، لَكِن قرينَة كونهن يستكثرنه يُؤَيّد الأول، وَالْمرَاد أَنَّهُنَّ يطلبن مِنْهُ أَكثر مِمَّا يعطيهن، كَذَا قَالَه بَعضهم: وَقَالَ النَّوَوِيّ: يستكثرنه، أَي: يطلبن كثيرا من كَلَامه وَجَوَابه لجوابهن. وَفِي (التَّوْضِيح) : يستكثرنه يردن الْعَطاء، وَقد أبان فِي مَوضِع آخر ذَلِك: أَنَّهُنَّ يردن النَّفَقَة، وَقَالَ الدَّاودِيّ: المُرَاد أَنَّهُنَّ يكثرن الْكَلَام عِنْده، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ مَرْدُود بِمَا وَقع التَّصْرِيح بِهِ فِي حَدِيث جَابر عِنْد مُسلم: أَنَّهُنَّ يطلبن النَّفَقَة. قلت: الَّذِي قَالَه النَّوَوِيّ أظهر لِأَن الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي: يستكثرنه، يرجع إِلَى الْكَلَام الَّذِي يدل عَلَيْهِ: يكلمنه، وثمة قرينَة تؤيد هَذَا وَهُوَ أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لم يكن يرى بِالْخِطَابِ لِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بقوله: أَي عدوات أَنْفسهنَّ، فِي حَضْرَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بل الظَّاهِر أَنَّهُنَّ غير أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم جئن لأجل حوائجهن كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ، وأكثرن الْكَلَام كَمَا قَالَه الدَّاودِيّ، ورد كَلَامه لَيْسَ لَهُ وَجه وَلَا يصلح أَن يكون حَدِيث جَابر مؤيداً لما ذهب إِلَيْهِ هَذَا الْقَائِل، لِأَن حَدِيث سعيد غير حَدِيث جَابر، وَلَئِن سلمنَا أَن يكون مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا فَلَا يلْزم من قَوْله: يطلبن النَّفَقَة، أَن تكون تِلْكَ النسْوَة أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم لاحْتِمَال أَن تكون أَزوَاج تِلْكَ النسْوَة غائبين وَلم يكن عِنْدهن شَيْء، فجئن إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وطلبن مِنْهُ النَّفَقَة، وَأَيْضًا لفظ النَّفَقَة غير مَخْصُوص بِنَفَقَة الزَّوْجَات على مَا لَا يخفى. قَوْله:(عالية) ، بِالنّصب على الْحَال، وَيجوز بِالرَّفْع على أَن يكون صفة لنسوة، وَأما علو أصواتهن فإمَّا أَنه كَانَ قبل نزُول قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم} (الحجرات: 2) . وَإِمَّا أَنه كَانَ بِاعْتِبَار اجْتِمَاع أصواتهن، لَا أَن كَلَام كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ بانفرادها أَعلَى من صَوته، صلى الله عليه وسلم. قَوْله:(فبادرن)، أَي: أسرعن، قَوْله:(أضْحك الله سنك) ، لم يرد بِهِ الدُّعَاء بِكَثْرَة الضحك، بل أَرَادَ لَازمه وَهُوَ السرُور والفرح. قَوْله:(يهبنني) ، بِفَتْح الْهَاء، أَي: يُوقرنني وَلَا يوقرن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم. قَوْله:(أفظ وَأَغْلظ) ، من الفظاظة والغلاظة، وهما من أفعل التَّفْضِيل، وَهُوَ يَقْتَضِي الشّركَة فِي أصل الْفِعْل. فَإِن قلت: كَيفَ ذَاك فِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بِاعْتِبَار الْقدر الَّذِي فِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم، من إغلاظه على الْكفَّار وعَلى المنتهكين لحرمات الله تَعَالَى. فَإِن قلت: يُعَارض هَذَا قَوْله تَعَالَى: {وَلَو كنت فظاً غليظ الْقلب لانفضوا من حولك} (آل عمرَان: 3) . قلت: الَّذِي فِي الْآيَة يَقْتَضِي أَن لَا يكون ذَلِك صفة لَازِمَة فَلَا يسْتَلْزم مَا فِي الحَدِيث ذَلِك، بل يُوجد ذَلِك عِنْد الْإِنْكَار على الْكفَّار كَمَا ذَكرْنَاهُ. وَقَالَ بَعضهم: وَجوز بَعضهم أَن يكون الأفظ هُنَا بِمَعْنى الْفظ، وَفِيه نظر للتصريح بالترجيح الْمُقْتَضِي لكَون أفعل على بَابه. قلت: أَرَادَ بِالْبَعْضِ الْكرْمَانِي، فَإِنَّهُ قَالَ هَكَذَا، وَلَيْسَ بِمحل للنَّظَر فِيهِ، لِأَن هَذَا الْبَاب وَاسع فِي كَلَام الْعَرَب. قَوْله:(إيهاً) بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْبَاء آخر الْحُرُوف وبالهاء الْمَفْتُوحَة المنونة، ويروى: إيه، بِكَسْر الْهمزَة وَكسر الْهَاء
المنونة، وَالْفرق بَينهمَا أَن معنى الأول: لَا تبتدئنا بِحَدِيث، وَمعنى الثَّانِي: زِدْنَا حَدِيثا مَا، وَفِيه لُغَة أُخْرَى، وَهِي: إيه، بِكَسْر الْهمزَة وَالْهَاء بِغَيْر تَنْوِين، وَمَعْنَاهُ: زِدْنَا مِمَّا عهدنا. وَال الْجَوْهَرِي: إيه، يَعْنِي بِكَسْر الْهمزَة وَالْهَاء بِغَيْر تَنْوِين: اسْم يُسمى بِهِ الْفِعْل، لِأَن مَعْنَاهُ الْأَمر تَقول للرجل إِذا استزدته من حَدِيث أَو عمل: إيه، بِكَسْر الْهَاء، وَقَالَ ابْن السّكيت: فَإِن وصلت نونت، فَقلت: إيه، حَدِيثا. وَقَالَ الْجَوْهَرِي أَيْضا: وَإِن أردْت التبعيد قلت: إيهاً بِفَتْح الْهمزَة بِمَعْنى: هَيْهَات، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: إيه، كلمة يُرَاد بهَا الاستزادة، وَهِي مَبْنِيَّة على الْكسر، فَإِذا وصلت نونت. فَقلت إيهٍ حَدِيثا، وَإِذا قلت: إيهاً، بِالنّصب فَإِنَّمَا يُرَاد بهَا: نأمره بِالسُّكُوتِ. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: الْأَمر بتوقير رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، مَطْلُوب لذاته تحمد الزِّيَادَة مِنْهُ، فَكَأَن قَوْله، صلى الله عليه وسلم: إيه، استزادة مِنْهُ فِي طلب توقيره وتعظيم جَانِبه، فَلذَلِك عقبه بقوله:(وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ) إِلَى آخِره، فَإِنَّهُ يشْعر بِأَنَّهُ رَضِي مقَالَته وَحمد فعاله. قَوْله:(فجاً) أَي: طَرِيقا وَاسِعًا.
وَفِيه: فَضِيلَة عَظِيمَة لعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لِأَن هَذَا الْكَلَام يَقْتَضِي أَن لَا سَبِيل للشَّيْطَان عَلَيْهِ إلَاّ أَن ذَلِك لَا يَقْتَضِي وجوب الْعِصْمَة، إِذْ لَيْسَ فِيهِ إلَاّ فرار الشَّيْطَان من أَن يُشَارِكهُ فِي طَرِيق يسلكها، وَلَا يمْنَع ذَلِك من وسوسته لَهُ بِحَسب مَا تصل إِلَيْهِ قدرته، هَكَذَا قَرَّرَهُ بَعضهم. قلت: هَذَا مَوضِع التَّأَمُّل، لِأَن عدم سلوكه الطَّرِيق الَّذِي يسْلك فِيهِ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِنَّمَا كَانَ لأجل خَوفه لَا لأجل معنى آخر، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث حَفْصَة بِلَفْظ: إِن الشَّيْطَان لَا يلقى عمر مُنْذُ أسلم إلَاّ خر لوجهه. انْتهى. فَالَّذِي يكون حَاله مَعَ عمر هَكَذَا، كَيفَ لَا يمْنَع من الْوُصُول إِلَيْهِ لأجل الوسوسة؟ وَتمكن الشَّيْطَان من وَسْوَسَة بني آدم مَا هُوَ إلَاّ بِأَنَّهُ يجْرِي فِي عروق بني آدم مثل مَا يجْرِي الدَّم، فَالَّذِي يهرب مِنْهُ ويخر على وَجهه إِذا رَآهُ كَيفَ يجد طَرِيقا إِلَيْهِ؟ وَمَا ذَاك إلَاّ خَاصَّة لَهُ وَضعهَا الله فِيهِ، فضلا مِنْهُ، وكرماً، وَبِهَذَا لَا ندعي الْعِصْمَة، لِأَنَّهَا من خَواص الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام.
4863 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى حدَّثنا يَحْيَى عنْ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا قَيْسٌ قَالَ قَالَ عَبْدُ الله مَا زِلْنَا أعِزَّةً مُنْذُ أسْلَمَ عُمَرُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. (الحَدِيث 4863 طرفه فِي: 3683) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد، وَقيس هُوَ ابْن أبي حَازِم، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي إِسْلَام عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن مُحَمَّد بن كثير عَن سُفْيَان.
قَوْله: (مَا زلنا أعزة) إِلَى آخِره لما فِيهِ من الْجلد وَالْقُوَّة فِي أَمر الله تَعَالَى، وروى ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: قَالَ عبد الله بن مَسْعُود: كَانَ إِسْلَام عمر عزا، وهجرته نصرا، وإمارته رَحْمَة، وَالله مَا استطعنا أَن نصلي حول الْبَيْت ظَاهِرين حَتَّى أسلم عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
5863 -
حدَّثنا عَبْدَانُ أخبرَنَا عَبْدُ الله حدَّثنا عُمَرُ بنُ سَعِيدٍ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَةَ أنَّهُ سَمِعَ ابنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ وُضِعَ عُمَرُ علَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ ويُصَلُّونَ قَبْلَ أنْ يُرْفَعَ وَأَنا فِيهِمْ فلَمْ يَرُعْنِي إلَاّ رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي فإذَا علَيُّ فتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ مَا خَلَّفْتَ أحَدَاً أحَبَّ إلَيَّ أنْ ألْقَى الله بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ وأيْمُ الله إنْ كُنْتُ لأظُنُّ أنْ يَجْعَلَكَ الله مَعَ صاحِبَيْكَ وحَسِبْتُ أنِّي كُنْتُ كَثِيرَاً أسْمَعُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَهَبْتُ أنَا وأبُو بَكْرٍ وعُمَرُ ودَخَلْتُ أنَا وأبُو بَكْرٍ وعُمَرُ وخَرَجْتُ أنَا وأبُو بَكْرٍ وعُمَرُ. (انْظُر الحَدِيث 7763) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ذهبت أَنا وَأَبُو بكر وَعمر) إِلَى آخِره. وعبدان لقب عبد الله بن عُثْمَان بن جبلة، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَعمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن النَّوْفَلِي الْقرشِي الْمَكِّيّ، وَابْن أبي مليكَة، بِضَم الْمِيم: عبد الله بن أبي مليكَة، وَقد مر هَؤُلَاءِ غير مرّة.
والْحَدِيث مر عَن قريب فِي مَنَاقِب أبي بكر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن الْوَلِيد بن صَالح عَن عِيسَى بن يُونُس عَن عمر بن سعيد
إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (وضع عمر على سَرِيره)، يَعْنِي: لأجل الْغسْل. قَوْله: (فتكنفه النَّاس) ، بالنُّون وَالْفَاء، أَي: أحاطوا بِهِ من جَمِيع جوانبه، والأكناف النواحي. قَوْله:(فَلم يرُعني) بِضَم الرَّاء، أَي: لم يخوفني وَلم يفجأني. قَوْله: (آخذ) على وزن فَاعل، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أَخذ، بِلَفْظ الْفِعْل الْمَاضِي. قَوْله:(فَإِذا عَليّ) أَي: فَإِذا هُوَ عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكلمَة: إِذا للمفاجأة. قَوْله: (أحب) ، بِالنّصب وَالرَّفْع، قَالَه الْكرْمَانِي وَغَيره، وَلم يذكر أحد وجههما. قلت: أما النصب فعلى أَنه صفة لأحد، وَأما الرّفْع فعلى أَنه يكون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف. قَوْله:(وأيم الله) أَي: يَمِين الله. قَوْله: (مَعَ صاحبيك)، أَرَادَ بهما: النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَبا بكر. قَوْله: (وحسبت أَنِّي) ، يجوز بِفَتْح الْهمزَة وَكسرهَا، وَأما الْفَتْح فعلى أَنه مفعول: حسبت، وَأما الْكسر فعلى الِاسْتِئْنَاف التعليلي، أَي: كَانَ فِي حسابي لأجل سَمَاعي قَول رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم.
6863 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ حدَّثنا سَعِيدٌ قَالَ وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ حدَّثنا مُحَمَّدُ ابْن سَوَاءٍ وكَهْمَسُ بنُ المِنْهَالِ قالَا حدَّثنا سَعيدٌ عنْ قتَادَةَ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُحُدٍ ومَعَهُ أبُو بَكْرٍ وعُمَرُ وعُثْمَانُ فرَجَفَ بِهِمْ فضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ قَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَما عَلَيْكَ إلَاّ نَبِيٌّ أوْ صِدِّيقٌ أوْ شَهِيدَانِ. (انْظُر الحَدِيث 5763 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي ذكر عمر وَأخرجه من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن مُسَدّد بن مسرهد عَن يزِيد بن زُرَيْع، بِضَم الزَّاي وَفتح الرَّاء، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس. وَالْآخر: بطرِيق المذاكرة عَن خَليفَة بن خياط أحد شُيُوخه عَن مُحَمَّد بن سَوَاء، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو وبالمد: الضريري، السدُوسِي مَاتَ سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة. يروي هُوَ وكهمس بن الْمنْهَال كِلَاهُمَا عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس، وَلَيْسَ لكهمس فِي البُخَارِيّ غير هَذَا الْموضع، وَسقط جَمِيع ذَلِك من رِوَايَة أبي ذَر، وَاقْتصر فِيهِ على طَرِيق يزِيد بن زُرَيْع.
وَقد مر الحَدِيث فِي مَنَاقِب أبي بكر فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن مُحَمَّد بن بشار عَن يحيى عَن سعيد عَن قَتَادَة.
قَوْله: (إثبت أحْدُ) يَعْنِي: يَا أُحد. قَوْله: (أَو شَهِيد)، كَانَ مُقْتَضى الظَّاهِر أَن يَقُول: شهيدان، وَلَكِن مَعْنَاهُ: مَا عَلَيْك غير هَؤُلَاءِ الْأَجْنَاس، أَي: لَا يَخْلُو عَنْهُم، وَقيل: شَهِيد، فعيل يَسْتَوِي فِيهِ الْمثنى وَالْجمع، ويروى إلَاّ نَبِي وصديق بِالْوَاو أَو شَهِيد، بِأَو، لِأَن فِيهِ تَغْيِير الأسلوب للإشعار بمغايرة حَالهمَا، لِأَن النُّبُوَّة والصديقية حاصلتان حِينَئِذٍ، بِخِلَاف الشَّهَادَة والأولان حَقِيقَة وَالثَّانِي مجَاز، ويروى بِلَفْظ: أَو، فيهمَا كَمَا فِي الْمَتْن هُنَا، وَقيل: أَو، بِمَعْنى الْوَاو.
7863 -
حدَّثنا يَحْيَى بنُ سُلَيْمانَ قَالَ حدَّثني ابنُ وَهْبٍ قَالَ حدَّثني عُمَرُ هُوَ ابنُ مُحَمَّدٍ أنَّ زَيْدَ بنَ أسْلَمَ حدَّثَهُ عنْ أبِيهِ قالَ سألَنِي ابنُ عُمَرَ عنْ بَعْضِ شأنِهِ يَعْنِي عُمَرَ فأخْبَرْتُهُ فَقَالَ مَا رأيْتُ أحَدَاً قَطُّ بَعْدَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ حِينَ قُبِضَ كانَ أجَدَّ وأجْوَدَ حَتَّى انْتَهَى مِنْ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (مَا رَأَيْت أحدا) إِلَى آخِره.
وَيحيى بن سُلَيْمَان، أَبُو سعيد الْجعْفِيّ سكن مصر، وَابْن وهب هُوَ عبد الله ابْن وهب الْمصْرِيّ، وَعمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَزيد بن أسلم أَبُو أُسَامَة يروي عَن أَبِيه أسلم مولى عمر بن الْخطاب، يكنى أَبَا خَالِد كَانَ من سبي الْيمن. قَالَ الْوَاقِدِيّ: أَبُو زيد الحبشي البجاوي، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْجِيم وبالواو: من بجاوة من سبي الْيمن، اشْتَرَاهُ عمر بن الْخطاب بِمَكَّة سنة إِحْدَى عشرَة لما بَعثه أَبُو بكر الصّديق ليقيم للنَّاس الْحَج، مَاتَ قبل مَرْوَان بن الحكم وَهُوَ صلى عَلَيْهِ، وَهُوَ ابْن أَربع عشرَة وَمِائَة سنة.
قَوْله: (عَن بعض شَأْنه) أَي عَن بعض شَأْن عمر، قَوْله:(فَقَالَ)، أَي: ابْن عمر. قَوْله: (بعد رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم أَي: بعده فِي هَذِه الْخِصَال، أَو بعد مَوته. قَوْله: (أحد) بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الدَّال، أفعل التَّفْضِيل من: جد، إِذا اجْتهد يَعْنِي: أجد فِي الْأُمُور قَوْله: (وأجود) أفعل أَيْضا من الْجُود، يَعْنِي:
وَلَا أَجود فِي الْأَمْوَال. قَوْله: (حَتَّى انْتهى من عمر بن الْخطاب) يَعْنِي: حَتَّى انْتهى إِلَى آخر عمره، حَاصله أَنه لم يكن أحد أجدَّ مِنْهُ وَلَا أَجود فِي مُدَّة خِلَافَته.
8863 -
حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ ثابِتٍ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ رَجُلاً سألَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عنِ السَّاعَةِ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ وماذَا أعْدَدْتَ لَهَا قَالَ لَا شَيْءَ إلَاّ أنِّي أحِبُّ الله ورسُولَهُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أنْتَ مَعَ مَنْ أحْبَبْتَ قَالَ أنَسٌ فَمَا فَرِحْنَا بِشَيءٍ فَرحنا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنْتَ مَعَ مَنْ أحْبَبْتَ قَالَ أنَسٌ فأنَا أُحِبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وأبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وأرْجُو أنْ أكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إيَّاهُمْ وإنْ لَمْ أعْمَلْ بِمِثْلِ أعْمَالِهِمْ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَول أنس، فَإِنَّهُ قرن أَبَا بكر وَعمر بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَمَل.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن أبي الرّبيع.
قَوْله: (أَن رجلا)، قيل: هَذَا الرجل هُوَ ذُو الْخوَيْصِرَة الْيَمَانِيّ، وَزعم ابْن بشكوال أَنه أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَو أَبُو ذَر، وَسَيَأْتِي فِي الْأَدَب من طَرِيق آخر عَن أنس: أَن السَّائِل هُنَا أَعْرَابِي، وَوَقع عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود أَن الْأَعرَابِي الَّذِي بَال فِي الْمَسْجِد قَالَ: يَا مُحَمَّد! مَتى السَّاعَة فَقَالَ وَمَا أَعدَدْت لَهَا؟ قَالَ بَعضهم: فَدلَّ على أَن السَّائِل فِي حَدِيث أنس هُوَ الْأَعرَابِي الَّذِي بَال فِي الْمَسْجِد. قلت: لَا دَلِيل وَاضح هُنَا لاحْتِمَال تعدد السَّائِلين. قَوْله: (فَمَا فرحنا)، بِكَسْر الرَّاء بِصِيغَة الْفِعْل الْمَاضِي. قَوْله:(فرحنا)، بِفَتْح الرَّاء والحاء مصدر أَي: كفرحنا، وانتصابه بِنَزْع الْخَافِض. قَوْله:(مَعَهم)، أَي: مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأبي بكر وَعمر. فَإِن قلت: الدَّرَجَات مُتَفَاوِتَة، فَكيف يكون أنس فِي دَرَجَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ؟ قلت: المُرَاد الْمَعِيَّة فِي الْجنَّة، أَي: أَرْجُو أَن أكون فِي دَار الثَّوَاب لَا الْعقَاب، وَنحن أَيْضا نحبهمْ وَنَرْجُو ذَلِك من الله الْكَرِيم.
9863 -
حدَّثنا يَحْيَى بنُ قَزَعَةَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنْ أبِيهِ عنْ أبِي سلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَقَدْ كانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ فإنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أحَدٌ فإنَّهُ عُمَرُ. زَادَ زَكَرِيَّاءُ بنُ أبِي زَائِدَةَ عنْ سَعْدٍ عنْ أبِي سلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَقَدْ كانَ فِيمَنْ كانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ رِجالٌ يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أنْ يَكُونُوا أنْبِيَاءَ فإنْ يَكُنْ مِنْ أُمَّتِي مِنْهُمْ أحَدٌ فَعُمَرُ. (انْظُر الحَدِيث 9643) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَإِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف يروي عَن أَبِيه سعد عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمضى هَذَا فِي: بَاب مَا ذكر عَن بني إِسْرَائِيل، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن عبد الْعَزِيز ابْن عبد الله عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة
…
إِلَى آخِره، وَأَصْحَاب إِبْرَاهِيم بن سعد كلهم رووا بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي هُرَيْرَة إلَاّ عبد الله بن وهب فَإِنَّهُ خالفهم، فَقَالَ: عَن إِبْرَاهِيم بن سعد، بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة، قَالَ أَبُو مَسْعُود: لَا أعلم أحدا تَابع ابْن وهب على هَذَا، وَالْمَعْرُوف: عَن أبي هُرَيْرَة، لَا: عَن عَائِشَة. وزكرياء بن أبي زَائِدَة، ذكره كَمَا ذكره البُخَارِيّ كَمَا يَأْتِي الْآن. فَإِن قلت: قَالَ مُحَمَّد بن عجلَان: عَن سعيد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة، أخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ؟ قلت: قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَهُوَ مَشْهُور عَن ابْن عجلَان، فَكَانَ أَبَا سَلمَة سَمعه من عَائِشَة وَمن أبي هُرَيْرَة جَمِيعًا. قَوْله:(زَاد زَكَرِيَّاء) ، إِلَى آخِره، مُعَلّق، وَفِي رِوَايَته زيادتان: إِحْدَاهمَا: بَيَان كَونهم من بني إِسْرَائِيل. وَالْأُخْرَى: تَفْسِير المُرَاد بالمحدث فِي رِوَايَة غَيره، فَإِنَّهُ قَالَ: بدلهَا: يكلمون من غير أَن يَكُونُوا أَنْبيَاء، وَتَعْلِيق زَكَرِيَّاء وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبُو نعيم فِي (مستخرجيهما) .
قَوْله: (محدثون)، ويروى: نَاس محدثون، وَقد مر تَفْسِير: محدثون، هُنَاكَ. قَوْله: (لقد كَانَ
قبلكُمْ) ، ويروى: لقد كَانَ فِيمَن كَانَ قبلكُمْ. قَوْله: (يكلمون)، قَالَ الْكرْمَانِي: يَعْنِي الْمَلَائِكَة تكلمهم، فعلى هَذَا يكلمون على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله:(فَإِن يكن من أمتِي)، ويروى: فِي أمتِي. قَوْله: (أحد)، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: من أحدٍ. قَوْله: (فعمر)، أَي: فَهُوَ عمر، وَكلمَة: إِن، لَيست للشَّكّ، فَإِن أمته أفضل الْأُمَم، فَإِذا كَانَ مَوْجُودا فبالأولى أَن يكون فِي هَذِه الْأمة، بل للتَّأْكِيد، كَقَوْل الْأَجِير: إِن عملت لَك فوفني حَقي.
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما مَا مِنْ نَبِيٍّ ولَا مُحَدِّثٍ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى قِرَاءَة ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إلَاّ إِذا تمنَّى
…
} (الْحَج: 25) . الْآيَة فَإِنَّهُ زَاد فِيهَا: وَلَا مُحدث، وَأخرجه عبد بن حميد من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار، قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ: وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي وَلَا مُحدث.
0963 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حدَّثنا اللَّيْثُ حَدَّثَنا عُقَيْلٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سَعِيدٍ ابنِ المُسَيَّبِ وأبِي سلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ قالَا سَمِعْنَا أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا الذِّئْبُ فأخَذَ مِنْهَا شَاة فطَلَبَهَا حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا فالْتَفَتَ إلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ لَهُ مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ الله فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فإنِّي أُومِنُ بِهِ وأبُو بَكْرٍ وعُمَرُ وَمَا ثَمَّ أبُو بَكْرٍ وعُمَرُ. هَذَا الحَدِيث مضى فِي مَنَاقِب أبي بكر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ
…
إِلَى آخِره، وَذكر فِيهِ قصَّة الْبَقَرَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
1963 -
حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أخْبَرَنِي أبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ عنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ سَمِعْتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ بَيْنَا أَنا نَائِمٌ رأيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا علَيَّ وعلَيْهِمْ قُمُصٌ فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ ومِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذلِكَ وعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ وعَلَيْهِ قَمِيصٌ اجْتَرَّهُ قالُوا فَما أوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ الله قَالَ الدِّينَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ فَضِيلَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب تفاضل أهل الْإِيمَان فِي الْأَعْمَال، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن عبيد الله عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن صَالح عَن ابْن شهَاب
…
إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (قمص)، بِضَم الْمِيم وسكونها: جمع قَمِيص. قَوْله: (الثدي)، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكسر الدَّال وَتَشْديد الْيَاء جمع: ثدي. قَوْله: (اجتره)، يَعْنِي يسحبه لطوله. قَوْله:(قَالُوا) أَي: الْحَاضِرُونَ من الصَّحَابَة، وَسَيَأْتِي فِي التَّعْبِير: أَن السَّائِل فِي ذَلِك أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَإِن قلت: يلْزم مِنْهُ أَن يكون عمر أفضل من أبي بكر؟ قلت: خص أَبُو بكر من عُمُوم قَوْله: عرض عَليّ النَّاس، وَيحْتَمل أَن أَبَا بكر لم يكن فِي الَّذين عرضوا، وَالله أعلم.
2963 -
حدَّثنا الصَّلْتُ بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدَّثنا أيُّوبُ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَةَ عنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ قَالَ لَ مَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يألَمُ فَقَالَ لَهُ ابنُ عبَّاسٍ وكأنَّهُ يُجَزِّعُهُ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ ولَئِنْ كانَ ذَاكَ لَقَدْ صَحِبْتَ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فأحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ ثُمَّ فارَقْتَهُ وهْوَ عَنْكَ راضٍ ثُمَّ صَحِبْتَ أبَا بَكْرٍ فأحْسَتَ صُحْبَتَهُ ثُمَّ فارَقْتَهُ وهْوَ عَنْكَ رَاضٍ ثُمَّ صَحِبْتَ صَحَبَتَهُمْ فأحْسَنْتَ صَحْبَتَهُمْ ولَئِنْ فارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وهُمْ عنْكَ رَاضُونَ قَالَ أمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ
رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ورِضَاهُ فإنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ الله تعالَى مَنَّ بِهِ علَيَّ وأمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أبِي بَكْرٍ ورِضَاهُ فإنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ الله جَلَّ ذِكْرُهُ مَنَّ بِهِ عَلَيَّ وأمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِي فَهْوَ مِنْ أجْلِك وأجْلِ أصْحَابِكَ وَالله لَوْ أنَّ لِي طِلَاعَ الأرْضِ ذَهَبَاً لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ الله عز وجل قَبْلَ أنْ أرَاهُ قالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ حدَّثنَا أيُّوبُ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بِهَذَا.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (لقد صَحِبت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم إِلَى قَوْله: (أما مَا ذكرت من صُحْبَة رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم ، وَذَلِكَ أَن لَهُ فضلا عَظِيما من حَيْثُ إِنَّه صحب رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم وفارقه وَهُوَ عَنهُ راضٍ، وَكَذَلِكَ مَعَ أبي بكر وَبَقِيَّة الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
والصلت، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق: ابْن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو همام الخاركي، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وبالراء: الْبَصْرِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم هُوَ إِسْمَاعِيل بن علية، وَعليَّة بِضَم الْعين أمه، وَقد مرت غير مرّة، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَابْن أبي مليكَة، بِضَم الْمِيم: هُوَ عبد الله، والمسور بن مخرمَة، بِكَسْر الْمِيم فِي الإبن وَفتحهَا فِي الْأَب، وَلَهُمَا صُحْبَة. والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (لما طعن عمر) ، طعنه أَبُو لؤلؤة عبد الْمُغيرَة بن شُعْبَة، ضربه فِي خاصرته وَهُوَ فِي صَلَاة الصُّبْح يَوْم الْأَرْبَعَاء لأَرْبَع بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين. قَوْله:(وَكَأَنَّهُ يجزعه)، أَي: وَكَأن ابْن عَبَّاس يجزعه، بِضَم الْيَاء وَفتح الْجِيم وَتَشْديد الزَّاي، أَي: ينْسبهُ إِلَى الْجزع ويلومه، وَقيل: مَعْنَاهُ يزِيل عَنهُ الْجزع، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{حَتَّى إِذا فُزِّعَ عنْ قُلُوبِهِمْ} (سبإ: 32) . أَي: أزيل عَنْهُم الْفَزع. قَوْله: (وَلَئِن كَانَ ذَاك) ، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني وَلَا كل ذَلِك، أَي: لَا تبالغ فِي الْجزع فِيمَا أَنْت فِيهِ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَلَا كَانَ ذَلِك، هَكَذَا قَالَه، ثمَّ قَالَ: هَذَا دُعَاء، أَي: لَا يكون مَا تخَاف مِنْهُ من الْعَذَاب وَنَحْوه، أَو لَا يكون الْمَوْت بِهَذِهِ الطعنة. قَوْله:(ثمَّ فارقته)، أَي: ثمَّ فَارَقت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، هَذِه رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره. ثمَّ فَارَقت، بِحَذْف الضَّمِير الْمَنْصُوب. قَوْله:(وَهُوَ عَنْك رَاض)، الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله:(ثمَّ صَحِبت صحبتهم)، بِفَتْح الصَّاد والحاء وَهُوَ جمع: صَاحب، وَأَرَادَ بِهِ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأبي بكر، قَالَ بَعضهم: هَذَا فِي رِوَايَة بَعضهم، وَفِيه نظر للإتيان بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع التَّثْنِيَة. قلت: لَا يتَوَجَّه النّظر فِيهِ أصلا، بل الْموضع مَوضِع ذكر الْجمع لِأَن المُرَاد أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بكر، وَقَالَ عِيَاض: يحْتَمل أَن يكون الأَصْل: ثمَّ صحبتهم، فزيد فِيهِ صُحْبَة الَّذِي هُوَ الْجمع. قَوْله:(فَإِن ذلكَ مَنْ)، بِفَتْح الْمِيم وَتَشْديد النُّون أَي: عَطاء، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني، فَإِنَّمَا ذَلِك. قَوْله:(فَهُوَ من أَجلك)، أَي: جزعي من أَجلك وَأجل أَصْحَابك، قَالَ ذَلِك لما شعر من فتن تقع بعده، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْحَمَوِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: أصيحابك، بِالتَّصْغِيرِ. قَوْله:(طلاع الأَرْض)، بِكَسْر الطَّاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف اللَّام أَي: ملْء الأَرْض، قَالَ الْهَرَوِيّ: أَي: مَا يمْلَأ الأَرْض حَتَّى يطلع ويسيل، وَقَالَ ابْن سَيّده: طلاع الأَرْض مَا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس، وَكَذَا قَالَه ابْن فَارس، وَقَالَ الْخطابِيّ: طلاعها ملؤُهَا، أَي: مَا يطلع عَلَيْهَا ويشرق فَوْقهَا من الذَّهَب. قَوْله: (قبل أَن أرَاهُ) أَي: الْعَذَاب، إِنَّمَا قَالَ ذَلِك لغَلَبَة الْخَوْف الَّذِي وَقع لَهُ فِي ذَلِك الْوَقْت من خشيَة التَّقْصِير فِيمَا يجب عَلَيْهِ من حُقُوق الرّعية. قَوْله:(قَالَ حَمَّاد بن زيد) إِلَى آخِره، مُعَلّق وَوَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة القواريري عَن حَمَّاد بن زيد.
3963 -
حدَّثنا يُوسُفُ بنُ مُوسَى حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ قَالَ حدَّثنِي عُثْمَانُ بنُ غِياثٍ حدَّثنا أبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عنْ أبِي مُوسَى رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حائِطٍ مِنْ حِيطانِ المَدِينَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ فاسْتَفْتَحَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم افْتَحْ لَهُ وبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ ففَتَحْتُ لَهُ فإذَا هُوَ أبُو بَكْرٍ فَبَشِّرْهُ بِمَا قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ الله ثُمَّ جاءَ رَجُلٌ فاسْتَفْتَحَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم افْتَحْ لَهُ وبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ ففَتَحْتُ لَهُ فإذَا هُوَ عُمَرُ فأخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ الله ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ