المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِحَذْف: أَنه، قَوْله: (أَبَوَانِ) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ١٦

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالى: {وإنَّ يُونُسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ} إِلَى قَوْلِهِ {وَهْوَ مُلِيمٍ} (الصافات:

- ‌(بابٌ {واسألْهُمْ عنِ القَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ البَحْرِ إذُ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} )

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {وآتَيْنَا داوُدَ زَبُورَاً} (النِّسَاء: 261، الْإِسْرَاء:

- ‌(بابٌ أحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى الله صَلَاةُ دَاوُد صلى الله عليه وسلم وأحَبُّ الصِّيامِ إِلَى الله صِيامُ داوُدَ كانَ يَنامُ نِصْفَ اللَّيْلِ ويَقُومُ ثُلُثَهُ ويَنامُ سُدُسَهُ ويَصُومُ يَوماً ويُفْطِرُ يَوْماً قَالَ عَلِيٌّ وهْوَ قَوْلُ عائِشَةَ مَا

- ‌(بابٌ {واذْكُرْ عَبْدَنا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إنَّهُ أوَّابٌ} إِلَى قَوْلِهِ {وفَصْلِ الخِطَابِ} (ص:

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {ووهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إنَّهُ أوَّابٌ} (ص:

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعالَى {ولَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الحِكْمَةَ أنِ اشْكُرْ لله} إِلَى قَوْلِهِ {إنَّ الله لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لُقْمَان:

- ‌(بابٌ {واضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أصْحَابَ القَرْيَةِ} (ي س: 31) . الْآيَة)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {كَهيَعَصَ ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّاءَ إذْ نادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيَّاً قَالَ رَبِّ إنِّي وهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي واشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} إِلَى قولِهِ {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيَّاً}

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {واذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أهْلِهَا مَكانَاً شَرْقِيّاً} (مَرْيَم:

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ قَوْلِهِ تعَالى {إِذْ قالَتِ المَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ} إِلَى قوْلِهِ {فإنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونَ} (آل عمرَان:

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {يَا أهْلَ الكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تقُولُوا علَى الله إلَاّ

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {واذْكْرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أهْلِهَا} (مَرْيَم:

- ‌(بابُ نُزُولِ عِيساى بنِ مَرْيَم عليهما السلام

- ‌(بابُ مَا ذُكِرَ عنْ بَنِي إسْرَائِيلَ)

- ‌(حدِيثُ أبْرَصَ وأقْرَعَ وأعْمَى فِي بَنِي إسْرَائِيلَ)

- ‌(بابٌ {أمْ حَسِبْتَ أنَّ أصْحَابَ الكَهْفِ والرَّقِيمِ} (الْكَهْف:

- ‌(بَاب حَدِيثُ الغَارِ)

- ‌ بَاب

- ‌(كِتابُ المَناقِبِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعالى {يَا أيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأنْثَى وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبَاً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أتْقَاكُمْ} (الحجرات: 31) . وَقَولُهِ {واتَّقُوا الله الَّذي تَسَّاءَلُونَ

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ مَناقِبِ قُرَيْشٍ)

- ‌(بابٌ نَزَلَ القُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ)

- ‌‌‌(بابُنِسْبَةِ اليَمَنِ إِلَى إسْمَاعِيلَ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ

- ‌(بابُ ذِكْرِ أسْلَمَ وغَفَارَ ومُزَيْنَةَ وجُهَيْنَةَ وأشْجَعَ)

- ‌(بابٌ ابنُ أُخْتِ القَوْمِ ومَوْلَى القَوْمِ مِنْهُمْ)

- ‌(بابُ قصَّة زمْزَم وَفِيه بَاب قصَّة إسْلامُ أبي ذَرّ، رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ قَحْطانَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهَى عنْ دَعْوَى الجاهِلِيَّةِ)

- ‌(بابُ قِصَّةِ خزَاعَة)

- ‌(بابُ قِصَّةِ زَمْزَمَ وجَهْلِ العَرَبِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَسَبَ إِلَى آبَائِهِ فِي الإسْلَامِ أوْ الجاهِلِيَّةِ)

- ‌(بابُ قِصَّةِ الحَبَشِ)

- ‌(بابُ منْ أحبَّ أنْ لَا يُسُبَّ نَسَبَهُ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي أسْمَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ خاتَمِ النَّبِيِّينَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم)

- ‌(بابُ وفاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌‌‌(بابُكُنْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ

- ‌(بابُ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ)

- ‌(بابُ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ عَلَاماتِ النُّبُوَّةِ فِي الإسْلَامِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أبْنَاءَهُمْ وإنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ وهُمْ يَعْلَمُونَ} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابُ سُؤال المُشْرِكِينَ أنْ يُرِيَهُمُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فأرَاهُمُ انْشِقَاقَ القَمَرِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابٌ فِي فَضائِلِ أصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ مَناقِبِ الْمُهَاجِرِينَ وفَضْلِهِمْ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سُدّوا الأبْوَابَ إلَاّ بابَ أبِي بَكْر قالَهُ ابنُ عَبَّاسٍ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ فَضْلِ أبِي بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذَاً خَلِيلاً قالَهُ أبُو سَعِيدٍ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ مَناقِبِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ أبِي حَفْصٍ القُرَشِيِّ العَدَوِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ مَناقِبِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ أبِي عَمْرٍ والقُرَشِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بَاب قِصَّةِ البَيْعَةِ والإتِّفاقِ علَى عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ وفيهِ مَقْتَلُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بنِ أبِي طالِبٍ القُرَشِّيُّ الْهَاشِمِيِّ أبِي الحَسَنِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

- ‌(بابُ مَنَاقِبِ جَعْفَرِ بنِ أبِي طالِبٍ الهاشِمِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

- ‌(ذِكْرُ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

- ‌(بابُ مَناقِبِ قَرَابَةِ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ومَنْقَبَةِ فاطِمَةَ عليها السلام بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ منَاقِبِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ مَناقِبِ طَلْجة بنِ عُبَيْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ مَناقِبِ سَعْدِ بنِ أبِي وقَّاصٍ الزُّهْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ أصْهَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ مَناقِبِ زَيْدِ بنِ حارِثَةَ مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ ذِكْرِ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ)

- ‌ بِابْ

- ‌(بابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما)

- ‌(بابُ مَناقِبِ عَمَّارٍ وحُذَيْفَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا)

- ‌(بابُ مَنَاقِبِ أبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌‌‌(بابُ مَنَاقِبِ مُصْعَبٍ بنِ عُمَيْرٍ)

- ‌(بابُ مَنَاقِبِ مُصْعَبٍ بنِ عُمَيْرٍ)

- ‌‌‌(بابُ مَناقِبِ الحَسَنِ والْحُسَيْنِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما

- ‌(بابُ مَناقِبِ الحَسَنِ والْحُسَيْنِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما

- ‌(بابُ مَناقِبِ بِلَالِ بنِ رَبَاحٍ مَوْلَى أبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما)

- ‌(بابُ ذِكْرِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما)

- ‌(بابُ مَناقِبِ خالِدِ بنِ الوَلِيدِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ مَناقِبِ سالِمٍ مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

- ‌(بابُ مَناقِبِ عَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ مُعاوِيَةَ بنِ أبِي سُفْيَانَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما)

- ‌(بابُ مَنَاقِبِ فاطِمَةَ عليها السلام

- ‌(بابُ فَضْلِ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا)

- ‌بَاب مَنَاقِب الْأَنْصَار

- ‌(بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَوْلَا الهِجْرَةُ لكُنْتُ مِنَ الأنْصَارِ قالَهُ عَبْدُ الله بنُ زَيْدٍ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ إخَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ)

- ‌(بابُ حُبِّ الأنْصَارِ مِنَ الإيمانِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلأنْصَارِ أنْتُمْ أحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ)

- ‌(بابُ اَتْباعِ الأنْصَارِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ دُورِ الأنْصَارِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلأَنْصَارِ اصْبُرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي علَى الحَوْضِ قالَهُ عَبْدُ الله بنُ زَيْدٍ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أصْلِحِ الأنْصَارَ والمُهَاجِرَةَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {ويُؤْثِرُونَ عَلَى أنْفُسِهِمْ ولَوْ كانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (الْحَشْر:

- ‌(بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أقْبَلُوا مِنْ محْسِنِهِمْ وتَجاوَزُوا عنْ مُسِيئِهِمْ)

- ‌(بابُ مَناقِبِ سَعْدِ بنِ مُعاذ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ مَنْقَبَةِ أُسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ وعَبَّادِ بنِ بِشْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا)

- ‌(بَاب مَناقِبِ مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ مَنْقَبَةِ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ مَنَاقِبِ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ مَنَاقِبِ زَيْدِ بنِ ثابِتٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ مَنَاقِبِ أبِي طَلْحَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ مَناقِبِ عبْدِ الله بنِ سَلَامٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خدِيجَةَ وفَضْلِهَا رَضِي الله تَعَالَى عنهَا)

- ‌(بابُ ذِكْرِ جَرِيرِ بنِ عَبْدِ الله البَجَليِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ ذكْرِ حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ العَبْسِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ هِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا)

- ‌(بابُ حَدِيثِ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ)

- ‌(بابُ بُنْيَانِ الكَعْبَةِ)

- ‌(بابُ أيَّامِ الجاهِلِيَّةِ)

- ‌(الْقَسَامَةُ فِي الجَاهِلِيَّةِ)

- ‌(بابُ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحَابُهُ مِنَ المُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ)

- ‌(بابُ إسْلَامِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ إسْلَامِ سَعْدٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ الجِنِّ)

الفصل: رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِحَذْف: أَنه، قَوْله: (أَبَوَانِ)

رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِحَذْف: أَنه، قَوْله:(أَبَوَانِ) ، من‌

‌ بَاب

التغليب وَالْمرَاد الْأَب وَالأُم، وَصرح بذلك فِي حَدِيث ابْن أبي أوفى. قَوْله:(شَيْخَانِ كبيران)، وَزَاد فِي رِوَايَة أبي ضَمرَة عَن مُوسَى بن عقبَة: ولي صبية صغَار فَكنت أرعى عَلَيْهِم، وَفِي حَدِيث عَليّ: أَبَوَانِ ضعيفان فقيران لَيْسَ لَهما خَادِم وَلَا رَاع وَلَا ولي غَيْرِي فَكنت أرعى لَهما بِالنَّهَارِ وآوي إِلَيْهِمَا بِاللَّيْلِ. قَوْله: (فأبطأت عَنْهُمَا لَيْلَة)، وَفِي رِوَايَة سَالم: فنأي بِي طلب شَيْء يَوْمًا فَلم أرح عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، وَالشَّيْء لم يُفَسر مَا هُوَ فِي هَذِه الرِّوَايَة، وَقد بَين فِي روايه مُسلم من طَرِيق أبي ضَمرَة، وَلَفظه: وَأَنه نأي بِي ذَات يَوْم الشّجر، وَالْمرَاد أَنه بعد عَن مَكَانَهُ الَّذِي يرْعَى فِيهِ على الْعَادة لأجل الْكلأ، فَذَلِك أَبْطَأَ، ويفسره أَيْضا حَدِيث عَليّ: فَإِن الْكلأ تناءى عَليّ: أَي: تبَاعد، والكلأ: العشب الَّذِي يرْعَى الْغنم مِنْهُ. قَوْله: (وَأَهلي) مُبْتَدأ (وعيالي) عطف عَلَيْهِ، وَخَبره:(يتضاغون) بضاد وغين معجمتين من الضغاء بِالْمدِّ وَهُوَ الصياح، وَقَالَ الدَّاودِيّ: يُرِيد بالأهل والعيال: الزَّوْجَة وَالْأَوْلَاد وَالرَّقِيق وَالدَّوَاب، وَاعْترض عَلَيْهِ ابْن التِّين، فَقَالَ: لَا معنى للدواب هُنَا. قلت: تدخل الدَّوَابّ فِي الْعِيَال بِالنّظرِ إِلَى الْمَعْنى اللّغَوِيّ، لِأَن معنى قَوْلهم: عَال فلَان، أَي: أنْفق عَلَيْهِ، وَجَاء فِي رِوَايَة سَالم: وَكنت لَا أغبق قبلهمَا أَهلا وَلَا مَالا. فَهَذَا يُقَوي مَا ذَكرْنَاهُ. قَوْله: (من الْجُوع)، أَي: بِسَبَب الْجُوع. وَفِيه: رد على مَا قَالَ: لَعَلَّ صِيَاحهمْ كَانَ بِسَبَب آخر غير الْجُوع. قَوْله: (فَكرِهت أَن أوقظهما)، وَفِي حَدِيث عَليّ: ثمَّ جَلَست عِنْد رؤوسهما بإنائي كَرَاهِيَة أَن أوقظهما أَو أؤذيهما، وَفِي حَدِيث أنس: كَرَاهِيَة أَن أرد وسنهما، وَفِي حَدِيث ابْن أبي أوفى: وكرهت أَن أوقظهما من نومهما، فَيشق ذَلِك عَلَيْهِمَا. قَوْله:(ليستكنا) من الاستكانة أَي: ليضعفا لِأَنَّهُ عشاؤهما وَترك الْعشَاء يهرم. قَوْله: (لشربتهما)، أَي: لأجل عدم شربهما، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويروى: ليستكنا، يَعْنِي بتَشْديد النُّون، أَي: يلبثا فِي كنهما منتظرين لشربهما. قَوْله: (فَأَبت)، أَي: امْتنعت، وَفِي رِوَايَة مُوسَى بن عقبَة: فَقَالَت: لَا تنَال ذَلِك مِنْهَا، حَتَّى قَوْله:(بِمِائَة دِينَار) وَفِي رِوَايَة سَالم: فأعطيتها عشْرين وَمِائَة دِينَار وَطلب الْمِائَة مِنْهَا وَالزِّيَادَة من قبل نَفسه أَو الرَّاوِي الَّذِي لم يذكر الزِّيَادَة طرحها، وَفِي حَدِيث ابْن أبي أوفى: مَالا ضخماً. قَوْله: (فَلَمَّا قعدت بَين رِجْلَيْهَا)، وَفِي حَدِيث ابْن أبي أوفى: وَجَلَست مِنْهَا مجْلِس الرجل من الْمَرْأَة. قَوْله: (لَا تفض)، بالفاى وَالضَّاد الْمُعْجَمَة أَي: لَا تكسر (والخاتم) كِنَايَة عَن عذرتها وَكَأَنَّهَا كَانَت بكرا. فَإِن قلت: فِي حَدِيث النُّعْمَان مَا يدل على أَنَّهَا لم تكن بكرا. قلت: يحمل على أَنَّهَا أَرَادَت بالخاتم الْفرج، وَالْألف واللَاّم فِي: الْخَاتم، عوض عَن الْيَاء أَي: خَاتمِي. قَوْله: (إلَاّ بِحقِّهِ) أَي: الْحَلَال، أَرَادَت أَنَّهَا لَا تحل لَهُ إلَاّ بتزويج صَحِيح، وَوَقع فِي حَدِيث عَليّ: فَقَالَت: أذكرك الله أَن لَا ترتكب مني مَا حرم الله عَلَيْك. قَالَ: أَنا أَحَق أَن أَخَاف رَبِّي، وَفِي حَدِيث النُّعْمَان بن بشير: فَلَمَّا أمكنتني من نَفسهَا، بَكت، فَقلت: مايبكيك؟ قَالَت: فعلت هَذَا من الْحَاجة، فَقلت: إنطلقي. وَفِي حَدِيث ابْن أبي أوفى: فَلَمَّا جَلَست مِنْهَا مجْلِس الرجل من الْمَرْأَة ذكرت النَّار، فَقُمْت عَنْهَا.

45 -

(بابٌ)

أَي: هَذَا بَاب، وَهُوَ كالفصل لما قبله، وَلَيْسَ فِي أَكثر النّسخ لفظ: بَاب.

6643 -

حدَّثنا أبُو اليَمَانِ أخْبرنَا شُعَيْبٌ حدَّثنا أبُو الزِّنادِ عنْ عبدِ الرَّحْمانِ حدَّثَهُ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّهُ سَمِعَ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقولُ بَيْنَا امْرَأةٌ تُرْضِعُ ابْنَهَا إذْ مَرَّ بِهَا رَاكِبٌ وهْيَ تُرْضِعُهُ فقالَتِ اللَّهُمَّ لَا تُمِتْ ابْنِي حتَّى يَكُونَ مِثْلَ هذَا فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ ثُمَّ رَجعَ فِي الثَّدْيِ ومُرَّ بامْرَأةٍ تُجَرَّرُ ويُلْعَبُ بِهَا فقالَتْ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا فقالَ أمَّا الرَّاكِبُ فإنَّهُ كافِرٌ وأمَّا المَرْأةُ فإنَّهُمْ يَقُولُونَ لَهَا تَزْنِي وتَقولُ حَسْبِيَ الله ويَقُولونَ تَسْرِقُ وتَقولُ حَسْبِيَ الله.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن وَقع هَذَا كَانَ فِي أَيَّام بني إِسْرَائِيل، وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَعبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن هُرْمُز

ص: 53

الْأَعْرَج، وَمضى الحَدِيث فِي: بَاب {وَاذْكُر فِي الْكتاب مَرْيَم} (مَرْيَم: 61) . عَن قريب، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله:(مر)، بِلَفْظ الْمَجْهُول. قَوْله:(تجرر) ، بالراء.

7643 -

حدَّثنا سعَيدُ بنُ تَليدٍ حدَّثنا ابنُ وَهْبٍ قَالَ أخبرَنِي جَرِيرُ ابنُ حازِمٍ عنْ أيُّوبَ عنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيرِينَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ إذْ رأتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إسْرَائِيلَ فنزَعَتْ مُوقَها فسَقَتْهُ فنُفِرَ لَهَا بِهِ. (انْظُر الحَدِيث 1233) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَسَعِيد هُوَ سعيد بن عِيسَى بن سعيد بن تليد، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر اللَّام: أَبُو عُثْمَان الرعيني الْمصْرِيّ وَهُوَ من أَفْرَاده، وَابْن وهب هُوَ عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ. والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْحَيَوَان

قَوْله: (يطِيف) بِضَم أَوله من أطاف يطِيف بعنى: طَاف يطوف طوفاً، وَهُوَ الدوران حول الشَّيْء. قَوْله:(بركية) بِفَتْح الرَّاء وَكسر الْكَاف وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: وَهِي الْبِئْر مطوية كَانَت أَو غير مطوية، وَغير المطوية يُقَال لَهَا: جب، وقليب، وَقيل: الركي، الْبِئْر قبل أَن تطوى، فَإِذا طويت فَهِيَ الطوى. قَوْله:(بغي) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْيَاء: وَهِي الزَّانِيَة، وَتجمع على: بَغَايَا، قَوْله:(موقها) بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْوَاو وَفِي آخِره قَاف، قَالَ بَعضهم: هُوَ الْخُف. قلت: لَا بل الموق هُوَ الَّذِي يلبس فَوق الْخُف وَيُقَال لَهُ: الجرموق أَيْضا وَهُوَ فَارسي مُعرب (بِهِ) فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَلَيْسَ هُوَ فِي رِوَايَة غَيره، وَقد مضى فِي كتاب الشّرْب عَن أبي هُرَيْرَة نَحْو هَذَا، وَلَكِن الْقَضِيَّة للرجل، وَكَذَا وَقع فِي الطَّهَارَة فِي شَأْن الرجل. قَالَ بَعضهم: يحْتَمل تعدد الْقَضِيَّة. قلت: بل يقطع بِأَنَّهُ قضيتان: إِحْدَاهمَا للرجل، الْأُخْرَى: للْمَرْأَة، وَإِنَّمَا يُقَال: يحْتَمل تعدد الْقَضِيَّة أَن لَو كَانَت لوَاحِد، فَافْهَم.

8643 -

حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنِ ابنِ شِهابٍ عَن حُمَيْدِ ابنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ أنَّهُ سَمِعَ مُعاوِيَةَ بنِ أبِي سُفْيانَ عامَ حَجَّ علَى المِنْبَرِ فتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ كانَتْ فِي يَدَيْ حَرَسِيٍّ فَقَالَ يَا أهْلَ المَدِينَةِ أيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عنْ مِثْلِ هَذِهِ ويَقُولُ إنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ حينَ اتَّخَذَهَا نَسَاؤُهُم. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِنَّمَا هَلَكت بَنو إِسْرَائِيل) .

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه مُسلم فِي اللبَاس عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك وَعَن ابْن أبي عَمْرو عَن حَرْمَلَة بن يحيى وَعَن عبد بن حميد. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي التَّرَجُّل عَن القعْنبِي بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الاسْتِئْذَان عَن سُوَيْد بن نصر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن قُتَيْبَة عَن سُفْيَان بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (عَام حج)، وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ عَن سعيد بن الْمسيب: آخر قدمة قدامها، وَكَانَ ذَلِك فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَهِي آخر حجَّة حَجهَا مُعَاوِيَة فِي خِلَافَته. قَوْله:(على الْمِنْبَر) ، حَال من مُعَاوِيَة، وَالْمرَاد بِهِ: مِنْبَر رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم. قَوْله:(قُصة)، بِضَم الْقَاف وَتَشْديد الصَّاد الْمُهْملَة: وَهِي شعر الرَّأْس من جِهَة الناصية. وَهنا المُرَاد مِنْهُ قِطْعَة، من: قصصت الشّعْر أَي: قطعته. قَوْله: (حرسي) مَنْسُوب إِلَى الحراس أحد الحرس وهم الَّذين يَحْرُسُونَ السُّلْطَان. قَالَ الْكرْمَانِي: الْوَاحِد حرسي لِأَنَّهُ قد صَار اسْم جنس فنسب إِلَيْهِ، وَلَا تقل حارس إلَاّ أَن تذْهب بِهِ إِلَى معنى الحراسة دون الْجِنْس، وَيُطلق الحرسي وَيُرَاد بِهِ الجندي. قَوْله:(فَقَالَ: يَا أهل الْمَدِينَة) أَي: يَا أهل الْمَدِينَة. وَفِي أَكثر النّسخ لفظ: يَا، غير محذوفة. قَوْله:(أَيْن عُلَمَاؤُكُمْ؟) قَالَ بَعضهم: فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن الْعلمَاء إِذْ ذَاك فيهم كَانُوا قَلِيلا وَهُوَ كَذَلِك، لِأَن غَالب الصَّحَابَة يَوْمئِذٍ كَانُوا قد مَاتُوا وَكَانَ رَأْي جهال عوامهم صَنَعُوا ذَلِك، فَأَرَادَ أَن يذكر علماءهم ويؤنبهم بِمَا تَرَكُوهُ من الْإِنْكَار فِي ذَلِك. قلت: إِن كَانَ غَالب الصَّحَابَة مَاتُوا فِي ذَلِك الْوَقْت فقد قَامَ مقامهم أَكثر مِنْهُم جمَاعَة من التَّابِعين الْكِبَار

ص: 54

وَالصغَار وأتباعهم، وَلم يكن مُعَاوِيَة قصد هَذَا الْمَعْنى الَّذِي ذكره هَذَا الْقَائِل، وَإِنَّمَا كَانَ قَصده الْإِنْكَار عَلَيْهِم بإهمالهم إِنْكَار مثل هَذَا الْمُنكر وغفلتهم عَن تَغْيِيره، وَفِي هَذَا اعتناء الْوُلَاة بِإِزَالَة الْمُنْكَرَات وتوبيخ من أهملها. قَوْله:(وَيَقُول)، عطف على قَوْله:(وَينْهى) أَي: يَقُول النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (إِنَّمَا هَلَكت بَنو إِسْرَائِيل حِين اتخذها) أَي: حِين اتخذ الْقِصَّة نِسَاؤُهُم، وَكَانَ هَذَا سَببا لهلاكهم، فَدلَّ على أَن ذَلِك كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِم، فَلَمَّا فَعَلُوهُ مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَى ذَلِك مِمَّا ارتكبوا من الْمعاصِي هَلَكُوا. وَفِيه: معاقبة الْعَامَّة بِظُهُور الْمُنكر.

9643 -

حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنْ أبِيهِ عنْ أبِي سلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّهُ قَدْ كانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ وإنَّهُ إنْ كانَ فِي أُمَّتِي هَذهِ مِنْهُمْ فإنَّهُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ. (الحَدِيث 9643 طرفه فِي: 9863) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فِيمَا مضى قبلكُمْ من الْأُمَم) . وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى الْقرشِي الأويسي الْمَدِينِيّ وَهُوَ من أَفْرَاده، وَإِبْرَاهِيم بن سعد يروي عَن أَبِيه سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَسعد يروي عَن عَمه أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي فضل عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن يحيى بن قزعة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن مُحَمَّد بن رَافع وَالْحسن بن مُحَمَّد.

قَوْله: (إِنَّه) أَي: إِن الشَّأْن قد كَانَ فِيمَا مضى قبلكُمْ من الْأُمَم، أَرَادَ: بني إِسْرَائِيل. قَوْله: (محدثون)، بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة جمع: مُحدث، قَالَ الْخطابِيّ: الْمُحدث الملهم الَّذِي يلقِي الشَّيْء فِي روعه فَكَأَنَّهُ قد حدث بِهِ يظنّ فَيُصِيب، ويخطر الشَّيْء بِبَالِهِ فَيكون، وَهِي منزلَة جليلة من منَازِل الْأَوْلِيَاء، وَقيل: الْمُحدث هُوَ من يجْرِي الصَّوَاب على لِسَانه، وَقيل: من تكَلمه الْمَلَائِكَة. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: أَخْبرنِي بعض أَصْحَاب أبي عُيَيْنَة، قَالَ: محدثون، يَعْنِي: مفهمون. وَقَالَ ابْن وهب: ملهمون، وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: يصيبون إِذا ظنُّوا وَحَدثُوا. وَقَالَ ابْن التِّين: يَعْنِي متفرسون. وَقَالَ النَّوَوِيّ حاكياً عَن البُخَارِيّ: يجْرِي الصَّوَاب على ألسنتهم، وَهَذِه الْمعَانِي مُتَقَارِبَة. قَوْله:(وَإنَّهُ) أَي: وَإِن الشَّأْن أَن كَانَ فِي أمتِي مِنْهُم، أَي: من الْمُحدثين، فَإِنَّهُ عمر بن الْخطاب قَالَ صلى الله عليه وسلم ذَلِك على سَبِيل التوقع، وَقد وَقع ذَلِك بِحَمْد الله تَعَالَى. وَفِيه منقبة عَظِيمَة لعمر بن الْخطاب رضي الله عنه

وَفِيه: كَرَامَة الْأَوْلِيَاء وَأَنَّهَا لَا تَنْقَطِع إِلَى يَوْم الدّين.

0743 -

حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ أبي عَدِيٍّ عنْ شُعْبَةَ عنْ قَتَادَةَ عنْ أبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي عنْ أبِي سَعِيدٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ كانَ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ رجُلٌ قتَلَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ إنْسَاناً ثُمَّ خَرَجَ يَسْألُ فأتَى رَاهِبَاً فسَألَهُ فَقَالَ لَهُ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لَا فقَتَلَهُ فجَعَلَ يَسْألُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وكَذَا فأدْرَكَهُ المَوْتُ فَناءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا فاخْتَصَمَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلَائِكَةُ العَذَابِ فأوْحَى الله إِلَى هاذِهِ أنْ تَقَرَّبِي وأوْحَى الله إلَى هَذِهِ أنْ تَبَاعَدِي وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إلَى هَذِهِ أقْرَبَ بِشِبْرٍ فغُفِرَ لَهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو الصّديق، بِكَسْر الْمُهْمَلَتَيْنِ وَتَشْديد الثَّانِيَة: واسْمه بكر بن قيس، أَو: بكر بن عَمْرو النَّاجِي، بالنُّون وَتَخْفِيف الْجِيم وَتَشْديد الْيَاء نِسْبَة إِلَى: نَاجِية بنت غَزوَان أُخْت عتبَة بن لؤَي وَهِي قَبيلَة كَبِيرَة، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن بنْدَار بِهِ وَعَن عبيد الله بن معَاذ وَعَن أبي مُوسَى. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الدِّيات عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.

قَوْله: (ثمَّ خرج يسْأَل)، أَي: عَن التَّوْبَة وَالِاسْتِغْفَار، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق هِشَام عَن قَتَادَة، يسْأَل عَن أعلم أهل الأَرْض؟ فَدلَّ على رَاهِب. قَوْله:(فَأتى رَاهِبًا)، الراهب وَاحِد رُهْبَان النَّصَارَى وَهُوَ الْخَائِف والمتعبد. قيل: فِيهِ إِشْعَار بِأَن ذَلِك كَانَ بعد رفع عِيسَى، عليه الصلاة والسلام، لِأَن الرهبانية إِنَّمَا ابتدعها أَتْبَاعه

ص: 55

كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي الْقُرْآن. قَوْله: (فَقَالَ لَهُ: هَل من تَوْبَة؟) يَعْنِي: فَقَالَ للراهب: هَل من تَوْبَة لي؟ وَفِي بعض النّسخ فَقَالَ: لَهُ تَوْبَة؟ وَقَالَ بعض شراحه: حذف أَدَاة الإستفهام، وَفِيه تَجْرِيد لِأَن حق الْقيَاس أَن يَقُول: أَلِي تَوْبَة؟ قلت: لَيْسَ هَذَا بتجريد، وَإِنَّمَا هُوَ الْتِفَات. وَقَوله: لِأَن حق الْقيَاس، غير موجه لِأَنَّهُ لَا قِيَاس هُنَا، وَإِنَّمَا يُقَال فِي مثل هَذَا: لِأَن مُقْتَضى الظَّاهِر أَن يُقَال كَذَا. قَوْله: (فَقتله) أَي: قتل الراهب الَّذِي سَأَلَهُ وأجابه بِلَا. قَوْله: (فَجعل يسْأَل) أَي: من النَّاس ليدلوه على من يَأْتِي إِلَيْهِ فيسأله عَن التَّوْبَة. قَوْله: (فَقَالَ لَهُ رجل: ائتِ قَرْيَة كَذَا وَكَذَا) ، وَزَاد فِي رِوَايَة هِشَام فَإِن بهَا أُنَاسًا يعْبدُونَ الله فاعبد الله مَعَهم وَلَا ترجع إِلَى أَرْضك فَإِنَّهَا أَرض سوء، فَانْطَلق حَتَّى إِذا كَانَ نصف الطَّرِيق أَتَاهُ الْمَوْت. قَوْله:(فأدركه الْمَوْت)، أَي: فِي الطَّرِيق، وَالْفَاء فِيهِ فصيحة تَقْدِيره: فَذهب إِلَى تِلْكَ الْقرْيَة فأدركه الْمَوْت، وَالْمرَاد إِدْرَاك أَمَارَات الْمَوْت. قَوْله:(فنَاء) بنُون وَمد وَبعد الْألف همزَة، أَي: مَال بصدره إِلَى نَاحيَة تِلْكَ الْقرْيَة الَّتِي توجه إِلَيْهَا للتَّوْبَة وَالْعِبَادَة، وَقيل: فنى، على وزن سعى بِغَيْر مد أَي بعد، فعلى هَذَا الْمَعْنى بَعُدَ عَن الأَرْض الَّتِي خرج مِنْهَا. وَقيل: قَوْله فنَاء بصدره مدرج، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنه قَالَ فِي آخر الحَدِيث: قَالَ قَتَادَة: قَالَ الْحسن: ذكر لنا أَنه لما أَتَاهُ الْمَوْت ناء بصدره. قَوْله: (فاختصمت فِيهِ)، وَزَاد فِي رِوَايَة هِشَام. فَقَالَت مَلَائِكَة الرَّحْمَة: جَاءَنَا تَائِبًا مُقبلا بِقَلْبِه إِلَى الله تَعَالَى. وَقَالَت مَلَائِكَة الْعَذَاب: إِنَّه لم يعْمل خيرا قطّ، فَأَتَاهُم ملك فِي صُورَة آدَمِيّ فجعلوه حكما بَينهم فَقَالَ: قيسوا مَا بَين الْأَرْضين، فَإلَى أَيهمَا كَانَ أدنى فَهُوَ لَهَا. قَوْله:(فَأوحى الله إِلَى هَذِه) أَي: إِلَى الْقرْيَة المتوجه إِلَيْهَا (أَن تقربي) كلمة أَن، تفسيرية. قَوْله:(وَأوحى إِلَى هَذِه) أَي: إِلَى الْقرْيَة المتوجه مِنْهَا: (أَن تباعدي) . قَوْله: (قيسوا مَا بَينهمَا) أَي: مَا بَين القريتين، وَقَالَ بَعضهم مُتَعَجِّبا: وَقعت لي تَسْمِيَة القريتين المذكورتين من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فِي (الْكَبِير) للطبراني، قَالَ: فِيهِ أَن اسْم الْقرْيَة الصَّالِحَة نصْرَة وَاسم الْقرْيَة الْآخِرَة كفرة. قلت: هَذَا لَيْسَ مَحل التَّعَجُّب والاستغراب فَإِن اسْمهَا مَذْكُور فِي مَوَاضِع كَثِيرَة، وَقد ذكرهَا أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي فِي (تَنْبِيه الغافلين) . قَوْله:(فَوجدَ إِلَى هَذِه)، أَي: إِلَى الْقرْيَة الَّتِي توجه إِلَيْهَا. قَوْله: (فغفر لَهُ) أَي: غفر الله لَهُ. فَإِن قيل: حُقُوق الْآدَمِيّين لَا تسْقط بِالتَّوْبَةِ بل لَا بُد من الاسترضاء. وَأجِيب: بِأَن الله تَعَالَى إِذا قبل تَوْبَة عَبده يرضى خَصمه.

وَفِي الحَدِيث: مَشْرُوعِيَّة التَّوْبَة من جَمِيع الْكَبَائِر حَتَّى من قتل النَّفس، وَقَالَ القَاضِي: مَذْهَب أهل السّنة أَن التَّوْبَة تكفر الْقَتْل كَسَائِر الذُّنُوب، وَمَا رُوِيَ عَن بَعضهم من تَشْدِيد فِي الزّجر وتقنيط عَن التَّوْبَة، فَإِنَّمَا رُوِيَ ذَلِك لِئَلَّا تجترىء النَّاس على الدِّمَاء، قَالَ الله تَعَالَى:{إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} (النِّسَاء: 84 و 611) . فَكل مَا دون الشّرك يجوز أَن يغْفر لَهُ. وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} (النِّسَاء: 39) . فَمَعْنَاه: جَزَاؤُهُ أَن جازاه وَقد لَا يجازى بل يعْفُو عَنهُ، وَإِذا اسْتحلَّ قَتله بِغَيْر حق وَلَا تَأْوِيل فَهُوَ كَافِر يخلد فِي النَّار إِجْمَاعًا. وَفِيه: فضل الْعَالم على العابد، لِأَن الَّذِي أفتاه أَولا بِأَن لَا تَوْبَة لَهُ غلبت عَلَيْهِ الْعِبَادَة، فاستعظم وُقُوع مَا وَقع من ذَلِك الْقَاتِل من استجرائه على قتل هَذَا الْعدَد الْكثير، وَأما الثَّانِي فغلب عَلَيْهِ الْعلم فأفتاه بِالصَّوَابِ ودله على طَرِيق النجَاة. وَفِيه: حجَّة من أجَاز التَّحْكِيم، وَأَن المحكمان إِذا رَضِيا جَازَ عَلَيْهِمَا الحكم. وَفِيه: أَن للْحَاكِم، إِذا تَعَارَضَت عِنْده الْأَحْوَال وتعذرت الْبَينَات، أَن يسْتَدلّ بالقرائن على التَّرْجِيح. وَفِيه: من جَوَاز الِاسْتِدْلَال على أَن فِي بني آدم من يصلح للْحكم بَين الْمَلَائِكَة. وَفِيه: رَجَاء عَظِيم لأَصْحَاب العظائم.

1743 -

حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا سُفْيَانُ حدَّثنا أبُو الزِّنَادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي سلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أقْبَلَ علَى النَّاسِ فَقالَ بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إذْ رَكِبَهَا فضَرَبَهَا فقالَتْ إنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهاذَا إنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ فقالَ النَّاسُ سُبْحَانَ الله بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ فإنِّي أُومِنُ بِهَذَا أنَا وأبُو بَكْرٍ وعُمَرُ وَمَا هُما ثَمَّ وبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إذْ عَدَا الذِّئْبُ فذَهَبَ مِنْهَا بِشاةٍ فطَلَبَ حتَّى كأنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ هَذَا

ص: 56

اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي فَمنْ لَها يَوْمَ السَّبْعُ يَوْمَ لَا رَاعِيَ غَيْرِي فقالَ النَّاسُ سُبْحَانَ الله ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ قَالَ فإنِّي أومِنُ بِهَذَا أنَا وأبُو بَكْر وعُمَرُ وَمَا هُمَا ثَمَّ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (بَينا رجل) و (بَيْنَمَا رجل) لِأَنَّهُمَا من بني إِسْرَائِيل. وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَأَبُو الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز يروي عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَهُوَ من رِوَايَة الأقران، وَذكر أَبُو مَسْعُود أَن أَبَا سَلمَة سقط من رِوَايَة عَليّ بن عبد الله، وَذكر خلف وَغَيره أَنه لم يسْقط.

والْحَدِيث مضى فِي الْمُزَارعَة فِي: بَاب اسْتِعْمَال الْبَقر للحراثة عَن مُحَمَّد بن بشار عَن غنْدر عَن شُعْبَة عَن سعد عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَلَيْسَ فِيهِ الْأَعْرَج، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: (إِذْ ركبهَا) جَوَاب: بَينا. قَوْله: (وَمَا هما ثمَّ)، أَي: لَيْسَ أَبُو بكر وَعمر حاضرين هُنَاكَ. قَوْله: (هَذَا) أَي: هَذَا الذِّئْب (استنقذتها) ويروى: استنقذها، وَيكون الْمَعْنى: هَذَا الرجل. قَوْله: (من لَهَا يَوْم السَّبع؟)، أَي: من لَهَا يَوْم الْفِتَن حِين يَتْرُكهَا النَّاس هملاً لَا راعي لَهَا نهبة فَيبقى السَّبع رَاعيا لَهَا؟ وَقد مضى بَقِيَّة الْكَلَام فِي الْمُزَارعَة.

وحدَّثنا عَلِيٌّ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ مِسْعَرٍ عنْ سَعْدِ بنِ إبْرَاهِيمَ عنْ أبِي سلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ

هَذَا طَرِيق آخر أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنه سَمعه من شَيْخه عَليّ بن عبد الله مفرقاً، ولسفيان فِيهِ شَيْخَانِ أَحدهمَا: أَبُو الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج. وَالْآخر: عَن مسعر، بِكَسْر الْمِيم: ابْن كدام عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، كِلَاهُمَا عَن أبي سَلمَة وَفِي كل من الإسنادين رِوَايَة القرين عَن قرينه، لِأَن الْأَعْرَج قرين أبي سَلمَة، لِأَنَّهُ شَاركهُ فِي أَكثر شُيُوخه، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة قرين مسعر لِأَنَّهُ شَاركهُ فِي أَكثر شُيُوخه، وَأَن كَانَ مسعر أكبر سنا من سُفْيَان.

2743 -

حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ نَصْرٍ أخبرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عنْ مَعْمَرٍ عنْ هَمَّامٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقارَاً لَهُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي إنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأرْضَ ولَمْ أبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأرْضُ إنَّمَا بِعْتُكَ الأرْضَ وَمَا فِيهَا فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ فَقَالَ الَّذِي تَحاكَمَا إلَيْهِ ألَكُمَا ولَدٌ قَالَ أحَدُهُمَا لِي غُلامٌ وقالَ الآخَرُ لِي جارِيَةٌ قَالَ انْكِحُوا الغلَامَ الجارِيَةَ وأنْفِقُوا علَى أنْفُسِهِما مِنْهُ وتَصَدَّقَا.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الرجلَيْن الْمَذْكُورين فِيهِ من بني إِسْرَائِيل. وَإِسْحَاق بن نصر هُوَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نصر السَّعْدِيّ البُخَارِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْقَضَاء عَن مُحَمَّد بن رَافع.

قَوْله: (عقارا) : الْعقار أصل المَال من الأَرْض وَمَا يتَّصل بهَا، وعقر الشَّيْء أَصله، وَمِنْه عقر الأَرْض بِفَتْح الْعين وَضمّهَا. وَقيل: الْعقار الْمنزل والضيعة، وَخَصه بَعضهم بِالنَّخْلِ، وَقَالَ ابْن التِّين: الْعقار الضّيَاع، وعقار الرجل ضيعته. قَوْله:(جرة)، وَهِي من الفخار مَا يصنع من الْمدر. قَوْله:(وَلم أبتعْ مِنْك) أَي: وَلم أشترِ مِنْك الذَّهَب. قَوْله: (فتحاكما إِلَى رجل) ، ظَاهره أَنَّهُمَا حكما ذَلِك الرجل، لَكِن فِي حَدِيث إِسْحَاق بن بشير التَّصْرِيح بِأَنَّهُ كَانَ حَاكما مَنْصُوبًا للنَّاس. قَوْله:(ألكما ولد؟) بِفَتْح الْوَاو وَاللَّام وَالْمرَاد بِهِ جنس الْوَلَد، لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل أَن يكون للرجلين جَمِيعًا ولد وَاحِد، وَالْمعْنَى: ألكل وَاحِد مِنْكُمَا ولد؟ وَيجوز بِضَم الْوَاو وَسُكُون اللَّام وَهُوَ صِيغَة جمع، فَيكون الْمَعْنى ألكما أَوْلَاد؟ وَيجوز كسر الْوَاو أَيْضا. فَإِن قلت: جَاءَ: أَنْفقُوا وَأنْكحُوا بِصِيغَة الْجمع. وَقَوله: (تصدقا) بِصِيغَة التَّثْنِيَة. قلت: لِأَن العقد لَا بُد فِيهِ من شَاهِدين فيكونان مَعَ الرجلَيْن أَرْبَعَة وَهُوَ جمع، وَالنَّفقَة قد يحْتَاج فِيهَا إِلَى الْمعِين كَالْوَكِيلِ فَيكون أَيْضا جمعا. وَأما وَجه التَّثْنِيَة فِي الصَّدَقَة فَلِأَن

ص: 57

الزَّوْجَيْنِ مخصوصان بذلك.

وَفِي الحَدِيث: إِشَارَة إِلَى جَوَاز التَّحْكِيم، وَفِي هَذَا الْبَاب خلاف، فَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن وَافق رَأْي الْمُحكم رَأْي قَاضِي الْبَلَد نفذ وإلَاّ فَلَا، وَأَجَازَهُ مَالك وَالشَّافِعِيّ بِشَرْط أَن يكون فِيهِ أَهْلِيَّة الحكم وَأَن يحكم بَينهمَا بِالْحَقِّ سَوَاء وَافق ذَلِك رَأْي قَاضِي الْبَلَد أم لَا. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: هَذَا الرجل الَّذِي تحاكما إِلَيْهِ لم يصدر مِنْهُ حكم على أحد مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا أصلح بَينهمَا لما ظهر لَهُ من ورعهما وَحسن حَالهمَا، وَلما ارتجى من طيب نسلهما وَصَلَاح ذريتهما. وَحكى الْمَازرِيّ خلافًا عِنْدهم فِيمَا إِذا ابْتَاعَ أَرضًا فَوجدَ فِيهَا شَيْئا مَدْفُونا، هَل يكون ذَلِك للْبَائِع أَو للْمُشْتَرِي؟ فَإِن كَانَ من أَنْوَاع الأَرْض: كالحجارة والعمد والرخام فَهُوَ للْمُشْتَرِي، وَإِن كَانَ كالذهب وَالْفِضَّة فَإِن كَانَ من دَفِين الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ ركاز، وَإِن كَانَ من دَفِين الْمُسلمين فَهُوَ لقطَة، وَإِن جهل ذَلِك كَانَ مَالا ضائعاً، فَإِن كَانَ هُنَاكَ بَيت مَال يحفظ فِيهِ وإلَاّ صرف إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَفِيمَا يستعان بِهِ على أُمُور الدّين، وَفِيمَا أمكن من مصَالح الْمُسلمين. وَقَالَ ابْن التِّين: فَإِن كَانَ من دفائن الْإِسْلَام فَهُوَ لقطَة، وَإِن كَانَ من دفائن الْجَاهِلِيَّة، فَقَالَ مَالك: هُوَ للْبَائِع، وَخَالفهُ ابْن الْقَاسِم فَقَالَ: إِن مَا فِي داخلها بِمَنْزِلَة مَا فِي خَارِجهَا، وَقَول مَالك أحسن لِأَن من ملك أَرضًا باختطاط ملك مَا فِي بَاطِنهَا، وَلَيْسَ جَهله بِهِ حِين البيع يسْقط ملكه فِيهِ.

3743 -

حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثني مالِكٌ عنْ مُحَمَّدِ بنِ الْمُنْكَدِرِ وعنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بنِ عُبَيْدِ الله عنْ عامِرِ بنِ سَعْدِ بنِ أبِي وقَّاصٍ عنْ أبِيهِ أنَّهُ سَمِعَهُ يَسْألُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ ماذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي الطَّاعُونِ فَقال أُسَامَةُ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ علَى طائِفَةٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ أوْ علَى مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ فَإذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وإذَا وقَعَ بِأرْضٍ وأنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارَاً مِنْهُ. قالَ أبُو النَّضْرِ لَا يُخْرِجُكُمْ إلَاّ فِرَارَاً مِنْهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (على طَائِفَة من بني إِسْرَائِيل) . وَأَبُو النَّضر، بِسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة: اسْمه سَالم وَهُوَ ابْن أبي أُميَّة مولى عمر بن عبيد الله بن معمر الْقرشِي التَّيْمِيّ الْمدنِي.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي ترك الْحِيَل عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ. وَأخرجه مُسلم فِي الطِّبّ عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك بِهِ وَعَن جمَاعَة آخَرين. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَنَائِز عَن قُتَيْبَة وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطِّبّ عَن قُتَيْبَة وَعَن الْحَارِث بن مِسْكين عَن أبي الْقَاسِم عَن مَالك.

قَوْله: (فِي الطَّاعُون) أَي: فِي حَال الطَّاعُون وشأنه وَهُوَ على وزن: فاعول، من الطعْن غير أَنه عدل عَن أَصله وَوضع دَالا على الْمَوْت الْعَام الْمُسَمّى بالوباء وَقَالَ الْخَلِيل: الوباء هُوَ الطَّاعُون، وَقيل: هُوَ كل مرض عَام يَقع بِكَثِير من النَّاس نوعا وَاحِدًا، بِخِلَاف سَائِر الْأَوْقَات، فَإِن أمراضهم فِيهَا مُخْتَلفَة. فَقَالُوا: كل طاعون وباء، وَلَيْسَ كل وباء طاعوناً، وَقيل: الطَّاعُون هُوَ الْمَوْت الْكثير. وَقيل: بثر وورم مؤلم جدا يخرج مَعَ لهيب ويسود مَا حوله أَو يخضر وَيحصل مَعَه خفقان الْقلب والقيء وَيخرج فِي المراق والآباط. قَوْله: (رجز)، أَي: عَذَاب كَائِن على من كَانَ قبلنَا، وَهُوَ رَحْمَة لهَذِهِ الْأمة كَمَا صرح بِهِ فِي حَدِيث آخر. قَوْله:(فَلَا تقدمُوا)، بِفَتْح الدَّال عَلَيْهِ أَي: على الطَّاعُون الَّذِي وَقع بِأَرْض، وَذَلِكَ لِأَن الْمقَام بالموضع الَّذِي لَا طاعون فِيهِ أسكن للقلوب. قَوْله:(فِرَارًا مِنْهُ) أَي: لأجل الْفِرَار من الطَّاعُون.

وَذكر ابْن جرير الْخلاف عَن السّلف فِي الْفِرَار مِنْهُ، وَذكر عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَنه: كَانَ يبْعَث بنيه إِلَى الْأَعْرَاب من الطَّاعُون، وَعَن الْأسود بن هِلَال ومسروق، أَنَّهُمَا كَانَا يفران مِنْهُ، وَعَن عَمْرو بن الْعَاصِ، أَنه قَالَ: تفَرقُوا فِي هَذَا الرجز فِي الشعاب والأودية ورؤوس الْجبَال، فَبلغ معَاذًا فَأنكرهُ. وَقَالَ: بل هُوَ شَهَادَة وَرَحْمَة ودعوة نَبِيكُم، وَكَانَ بِالْكُوفَةِ طاعون فَخرج الْمُغيرَة مِنْهَا، فَلَمَّا كَانَ فِي حضار بني عَوْف طعن فَمَاتَ. وَأما عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَإِنَّهُ رَجَعَ من سرع وَلم يقدم عَلَيْهِ حِين قدم الشَّام وَذَلِكَ لدفع الأوهام المشوشة لنَفس الْإِنْسَان، وَتَأَول من فر أَنه لم ينهَ عَن الدُّخُول أَو الْخُرُوج مَخَافَة أَن يُصِيبهُ غير الْمُقدر، وَلَكِن مَخَافَة الْفِتْنَة أَن يَظُنُّوا أَن هَلَاك القادم إِنَّمَا حصل بقدومه، وسلامة الفار إِنَّمَا كَانَت بفراره، وَهَذَا من نَحْو النَّهْي

ص: 58

عَن الطَّيرَة. وَعَن ابْن مَسْعُود: هُوَ فتْنَة على الْمُقِيم والفار، وَأما الفار فَيَقُول: فَرَرْت فنجوت، وَأما الْمُقِيم فَيَقُول: أَقمت فمت وَإِنَّمَا فر من لم يأتِ أَجله، وَأقَام من حضر أَجله. وَقَالَت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. (الْفِرَار مِنْهُ كالفرار من الزَّحْف) . وَيُقَال: قَلما فر أحد من الوباء فَسلم. وَيَكْفِي فِي ذَلِك موعظة قَوْله تَعَالَى: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين خَرجُوا من دِيَارهمْ وهم أُلُوف حذر الْمَوْت

} (الْبَقَرَة: 342) . الْآيَة، قَالَ الْحسن: خَرجُوا حذرا من الطَّاعُون فأماتهم الله فِي سَاعَة وَاحِدَة، وهم أَرْبَعُونَ ألفا. وَذكر أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه: كَانَت الْعَرَب تَقول إِذا دخل أحد بَلَدا وفيهَا وباء فَإِنَّهُ ينهق نهيق الْحمار قبل دُخُوله فِيهَا إِذا فل أَمن من الوباء. فَإِن قلت: عدم الْقدوم عَلَيْهِ تَأْدِيب وَتَعْلِيم، وَعدم الْخُرُوج إِثْبَات التَّوَكُّل وَالتَّسْلِيم، وهما ضدان يُؤمر وَينْهى عَنهُ. قلت: قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: إِنَّه لم يُؤمن على القادم عَلَيْهِ أَن يظنّ إِذا أَصَابَهُ أَن ذَلِك على سَبِيل الْعَدْوى الَّتِي لَا صنع للْعُذْر فِيمَا نهي عَن ذَلِك، فكلا الْأَمريْنِ مُرَاد لإِثْبَات الْعذر وَترك التَّعَرُّض لما فِيهِ من تزلزل الْبَاطِن. وَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا نهى عَن الْخُرُوج لِأَنَّهُ إِذا خرج الأصحاء وَهلك المرضى فَلَا يبْقى من يقوم بأمرهم.

قَوْله: (قَالَ أَبُو النَّضر: لَا يخرجكم إلَاّ فِرَارًا مِنْهُ) ، كَذَا هُوَ بِالنّصب، وَيجوز رَفعه، واستشكلهما الْقُرْطُبِيّ لِأَنَّهُ يُفِيد بِحكم ظَاهره أَنه لَا يجوز لأحد أَن يخرج من الوباء إلَاّ من أجل الْفِرَار، وَهَذَا محَال، وَهُوَ نقيض الْمَقْصُود من الحَدِيث، فَلَا جرم قَيده بعض رُوَاة الْمُوَطَّأ بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْفَاء، ورد هَذَا بِأَنَّهُ لَا يُقَال: أفر إفراراً، وَإِنَّمَا يُقَال: فر فِرَارًا وَقيل: أَلا هَهُنَا غلط من الرَّاوِي؟ وَالصَّوَاب حذفهَا، وَقيل: إِنَّهَا زَائِدَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا مَنعك أَن لَا تسْجد} (الْأَعْرَاف: 21) . أَي: مَا مَنعك أَن تسْجد؟ وَوجه طَائِفَة النصب على الْحَال، وَجعلُوا: ألَاّ، للْإِيجَاب لَا للاستثناء، وَتَقْدِيره: لَا تخْرجُوا إِذا لم يكن خروجكم إلَاّ فِرَارًا مِنْهُ، فأباح الْخُرُوج لغَرَض آخر كالتجارة وَنَحْوهَا.

4743 -

حدَّثنا مُوساى بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا دَاوُدُ بنُ أبِي الفُرَاتِ حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ بُرَيْدَةَ عنْ يَحْيَى بنِ يَعْمَرَ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَتْ سألْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عنِ الطَّاعُونِ فأخْبَرَنِي أنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ الله علَى مَنْ يَشاءُ وأنَّ الله جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ لَيْسَ مِنْ أحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صابِرَاً مُحْتَبِساً يَعْلَمُ أنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إلَاّ مَا كتَبَ الله لَهُ إلَاّ كانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِ شَهِيدٍ.

هَذَا الحَدِيث من جنس الحَدِيث السَّابِق، فَلذَلِك ذكره عَقِيبه فَتَقَع الْمُطَابقَة بَينه وَبَين التَّرْجَمَة من حَيْثُ أَنه مُطَابق للمطابق والمطابق للمطابق للشَّيْء مُطَابق لذَلِك الشَّيْء.

وَدَاوُد بن أبي الْفُرَات، بِضَم الْفَاء وَتَخْفِيف الرَّاء وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق: الْمروزِي ثمَّ الْبَصْرِيّ مَاتَ سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَة، وَعبد الله بن بُرَيْدَة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة مصغر بردة: ابْن الْحصيب بالمهملتين قَاضِي مرو، تقدم فِي الْحيض، وَيحيى بن يعمر، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وبالراء: الْبَصْرِيّ النَّحْوِيّ القَاضِي أَيْضا بمرو التَّابِعِيّ الْجَلِيل.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَيْضا وَفِي الطِّبّ عَن إِسْحَاق عَن حبَان بن هِلَال وَفِي الْقدر عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن النَّضر بن شُمَيْل، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطِّبّ عَن الْعَبَّاس ابْن مُحَمَّد وَعَن إِبْرَاهِيم بن يُونُس.

قَوْله: (لَيْسَ من أحد) كلمة: من، زَائِدَة. قَوْله:(فيمكث فِي بَلَده)، أَي: يسْتَقرّ فِيهِ وَلَا يخرج. قَوْله: (صَابِرًا)، حَال وَكَذَا قَوْله:(محتسباً) إِمَّا من الْأَحْوَال المترادفة أَو المتداخلة، وَكَذَلِكَ قَوْله:(يعلم) حَال. قَوْله: (إلَاّ كَانَ لَهُ)، اسْتثِْنَاء من قَوْله: أحد.

وَفِيه: بَيَان عناية الله تَعَالَى بِهَذِهِ الْأمة المكرمة حَيْثُ جعل مَا وعد عذَابا لغَيرهم رَحْمَة لَهُم.

5743 -

حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حدَّثنا لَ يْثٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّ قُرَيْشَاً أهَمَّهُمْ شأنُ المَرْأةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سرَقَتْ فَقَالُوا ومنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالُوا ومنْ يَجْتَرِي علَيْهِ إلَاّ أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ

ص: 59

رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله ثُمَّ قامَ فاخْتطَبَ ثُمَّ قالَ إنَّمَا أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أنَّهُمْ كانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وإذَا سرَقَ فِيهِم الضَّعِيفُ أقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ وايْمُ الله لَوْ أنَّ فاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِنَّمَا أهلك الَّذين من قبلكُمْ) لِأَن المُرَاد مِنْهُم بَنو إِسْرَائِيل، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله فِي بعض طرقه: إِن بني إِسْرَائِيل كَانُوا.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي فضل أُسَامَة عَن قُتَيْبَة وَفِي الْحُدُود عَن أبي الْوَلِيد. وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن يزِيد بن خَالِد وقتيبة. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ وَالنَّسَائِيّ فِي الْقطع جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْحُدُود عَن مُحَمَّد بن رمح.

قَوْله: (أَهَمَّهُمْ)، أَي: أحزنهم. قَوْله: (شَأْن الْمَرْأَة)، أَي: حَال الْمَرْأَة المخزومية، وَهِي فَاطِمَة بنت الْأسود بن عبد الْأسد بنت أخي أبي سَلمَة عبد الله بن عبد الْأسد وَكَانَت سرقت حليا وَكَانَ ذَلِك فِي غَزْوَة الْفَتْح. وَقتل أَبوهَا كَافِرًا يَوْم بدر، وَكَانَ حلف ليكسرن حَوْض رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، فقاتل حَتَّى وصل إِلَيْهِ فأدركه حَمْزَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ يكسرهُ فَقتله، فاختلط دَمه بِالْمَاءِ. قَوْله:(فَقَالُوا)، أَي: قُرَيْش. قَوْله: (فِيهَا)، أَي: فِي الْمَرْأَة المخزومية، أَي: لأَجلهَا. قَوْله: (وَمن يجترىء عَلَيْهِ؟) أَي: وَمن يتجاسر عَلَيْهِ؟ بطرِيق الإدلال. قَوْله: (حب رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: أَي مَحْبُوب رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (أَتَشفع)، الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الْإِنْكَار. قَوْله:(أَنهم) بِفَتْح الْهمزَة. قَوْله: (وأيم الله) اخْتلف فِي همزته: هَل هِيَ للوصل أَو للْقطع؟ وَهُوَ من أَلْفَاظ الْقسم نَحْو: لعمر الله، وعهد الله، وَفِيه لُغَات كَثِيرَة وتفتح همزته وتكسر. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: وهمزتها همزَة وصل، وَقد تقطع، وَأهل الْكُوفَة من النُّحَاة يَزْعمُونَ أَنه جمع يَمِين، وَغَيرهم يَقُول: هُوَ اسْم مَوْضُوع للقسم.

وَفِيه: النَّهْي عَن الشَّفَاعَة فِي الْحُدُود وَلَكِن ذَلِك بعد بُلُوغه إِلَى الإِمَام. وَفِيه: منقبة ظَاهِرَة لأسامة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

6743 -

حدَّثنا آدَمُ حدَّثنا شُعْبَةُ حدَّثنا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّزَّال بنَ سَبْرَةَ الهِلَالِيَّ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلاً قرَأ وسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ خِلافَهَا فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فأخْبَرْتُهُ فعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ وَقَالَ كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ وَلَا تَخْتَلِفُوا فإنَّ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا. (انْظُر الحَدِيث 0142 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَإِن من كَانَ قبلكُمْ اخْتلفُوا) . وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس، وَعبد الْملك ميسرَة ضد الميمنة، والنزال، بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الزَّاي وباللام، سبق مَعَ الحَدِيث فِي كتاب الْخُصُومَات فَإِنَّهُ أخرج هَذَا الحَدِيث هُنَاكَ عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة عَن عبد الْملك بن ميسرَة

إِلَى آخِره. قَوْله: (قَرَأَ) ويروى: قَرَأَ آيَة، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

131 -

(حَدثنَا عمر بن حَفْص حَدثنَا أبي حَدثنَا الْأَعْمَش قَالَ حَدثنِي شَقِيق قَالَ عبد الله كَأَنِّي أنظر إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - يَحْكِي نَبيا من الْأَنْبِيَاء ضربه قومه فأدموه وَهُوَ يمسح الدَّم عَن وَجهه وَيَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله نَبيا من الْأَنْبِيَاء وَالظَّاهِر أَنه من أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل وَقَالَ النَّوَوِيّ هَذَا النَّبِي الَّذِي حكى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - مَا جرى لَهُ من الْمُتَقَدِّمين وَقَالَ بَعضهم يحْتَمل أَن يكون هُوَ نوح عليه الصلاة والسلام فَإِن قومه كَانُوا يبطشون بِهِ فيخنقونه حَتَّى يغشى عَلَيْهِ فَإِذا أَفَاق قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ (قلت) على قَوْله لَا مُطَابقَة بَينه وَبَين التَّرْجَمَة فَإِن التَّرْجَمَة فِي بني إِسْرَائِيل ونوح عليه الصلاة والسلام قبل بني إِسْرَائِيل بِمدَّة متطاولة وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - هُوَ الحاكي والمحكي (قلت) هَذَا أَيْضا نَحوه وَعمر بن حَفْص شيخ البُخَارِيّ يروي

ص: 60

عَن أَبِيه حَفْص بن غياث بن طلق النَّخعِيّ الْكُوفِي قاضيها وَهُوَ يروي عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن شَقِيق بن سَلمَة عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اسْتِتَابَة الْمُرْتَدين وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد بن نمير وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْفِتَن عَن ابْن نمير بِهِ -

8743 -

حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ حدَّثنا أبُو عَوانَةَ عنْ قَتَادَةَ عنْ عُقْبَةَ بنِ عَبْدِ الغافِرِ عنْ أبِي سَعِيدٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ رَجُلاً كانَ قَبْلَكُمْ رغَسَهُ الله مَالا فَقَالَ لِبَنِيه لَمَّا حُضِرَ أيَّ أبٍ كُنْتُ لَكُمْ قَالُوا خَيْرَ أبٍ قَالَ فإنِّي لَمْ أعْمَلْ خَيْرَاً قَطُّ فإذَا مُتُّ فأحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي يَوْم عاصِفٍ ففَعَلُوا فَجَمَعَهُ الله عز وجل فَقَالَ مَا حَمَلَكَ قَالَ مَخافَتَكَ فتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أَن رجلا كَانَ قبلكُمْ) . وَأَبُو الْوَلِيد هُوَ هِشَام بن عبد الْملك، وَأَبُو عوَانَة، بِفَتْح الْعين: الوضاح ابْن عبد الله الْيَشْكُرِي، وَعقبَة بن عبد الغافر أَبُو نَهَار الْأَزْدِيّ الْكُوفِي وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث آخر مضى فِي الْوكَالَة.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الرقَاق عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَفِي التَّوْحِيد عَن عبد الله ابْن أبي الْأسود، وَأخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن عبيد الله بن معَاذ وَعَن يحيى بن حبيب وَعَن أبي مُوسَى وَعَن ابْن أبي شيبَة.

قَوْله: (رغسه الله) ، بِفَتْح الرَّاء والغين الْمُعْجَمَة وَالسِّين الْمُهْملَة، أَي: أعطَاهُ الله، وَقيل: أَي أَكثر مَاله وَبَارك فِيهِ، وَهُوَ من الرغس وَهُوَ الْبركَة والنماء وَالْخَيْر، وَرجل مرغوس كثير المَال وَالْخَيْر، وَقيل: رغس كل شَيْء أَصله، فَكَأَنَّهُ جعل لَهُ أصلا من المَال. وَقيل: يرْوى: رَأسه الله مَالا، بِالسِّين الْمُهْملَة. وَقَالَ ابْن التِّين، هَذَا غلط، فَإِن صَحَّ فَهُوَ بشين مُعْجمَة من الريش والرياش وَهُوَ المَال. قلت: فِي رِوَايَة مُسلم: راشه الله، بالراء والشين الْمُعْجَمَة من الريش وَهُوَ المَال. قَوْله:(لما حضر)، على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: لما حَضَره الْمَوْت. قَوْله: (فِي يَوْم عاصف)، أَي: عاصف رِيحه أَي: شَدِيد. قَوْله: (مَا حملك؟) أَي: أَي شَيْء حملك على هَذِه الْوَصِيَّة؟ قَوْله: (مخافتك) أَي: حَملتنِي مخافتك، أَي: لأجل الْخَوْف مِنْك، فَيكون ارْتِفَاع مخافتك بِالْفِعْلِ الْمَحْذُوف، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ارتفاعه بِأَنَّهُ مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر، أَو بِالْعَكْسِ، ويروى بِالنّصب على نزع الْخَافِض أَي: لأجل مخافتك. قلت: الَّذِي ذَكرْنَاهُ أوجه وأنسب على مَا لَا يخفى على المعرب. قَوْله: (فَتَلقاهُ)، بِالْقَافِ عِنْد أبي ذَر أَي: استقبله برحمته، وَقَالَ ابْن التِّين: لَا أعلم للفاء وَجها إلَاّ أَن يكون أَصله: فتلففه رَحمته، فَلَمَّا اجْتمعت الفاآت الثَّلَاث أبدلت الْأَخِيرَة ألفا فَصَارَ: تلفاه، ويروى: فتلافاه، وَهِي رِوَايَة الْكشميهني.

وَقَالَ مُعاذٌ حدَّثَنَا شُعْبَةُ عنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بنَ عَبْدِ الغَافِرِ سَمِعْتُ أبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

هَذَا التَّعْلِيق وَصله مُسلم عَن عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري عَن أَبِيه حَدثنَا أبي حَدثنَا شُعْبَة عَن قَتَادَة سمع عقبَة بن عبد الغافر يَقُول: سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يحدث عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (أَن رجلا فِيمَن كَانَ قبلكُمْ راشه الله تَعَالَى مَالا وَولدا، فَقَالَ لوَلَده: لتفعلن مَا آمركُم بِهِ أَو لأولين ميراثي غَيْركُمْ إِذا أَنا مت، فأحرقوني، وأكبر ظَنِّي أَنه قَالَ ثمَّ اسحقوني واذروني فِي الرّيح، فَإِنِّي لم ابتهر عِنْد الله خيرا، وَإِن الله يقدر على أَن يُعَذِّبنِي، قَالَ: فَأخذ مِنْهُم ميثاقاً فَفَعَلُوا ذَلِك بِهِ وذري، فَقَالَ الله تَعَالَى: مَا حملك على مَا فعلت؟ قَالَ: مخافتك، قَالَ: فَمَا تلافاه غَيرهَا) .

9743 -

حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ عنْ رِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ قَالَ قَالَ عُقْبَةُ لِحُذَيْفَةَ ألَا تُحَدِّثُنا مَا سَمِعْتَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إنَّ رَجُلاً

ص: 61

حَضَرَهُ المَوْتُ لَمَّا أيِسَ مِنَ الحَيَاةِ أوْصَى أهْلَهُ إذَا مِتُّ فاجْمَعُوا لِي حَطَباً كَثِيرَاً ثُمَّ أوْرُوا نارَاً حتَّى إذَا أكَلَتْ لَحْمِي وخَلَصَتْ إلَى عَظْمِي فَخُذُوهَا فاطْحَنُوهَا فَذَرُّونِي فِي اليَمِّ فِي يَوْمٍ حارٍّ أوْ رَاح فجَمَعَهُ الله فَقَالَ لِمَ فَعَلْتَ قَالَ خَشْيَتِكَ فغَفَرَ لَهُ قَالَ عُقْبَةُ وأنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ. (انْظُر الحَدِيث 2543 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أَن رجلا حَضَره الْمَوْت) وَهَذَا الحَدِيث مضى فِي أول: بَاب مَا ذكر عَن بن إِسْرَائِيل، بأتم مِنْهُ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن أبي عوَانَة عَن عبد الله بن عُمَيْر عَن ربعي بن حِرَاش

إِلَى آخِره، وَهنا أخرجه: عَن مُسَدّد عَن أبي عوَانَة الوضاح، وَهَذَا هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني، وَأَبُو ذَر صوب رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَهِي: عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي، وَذكر أَبُو نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) : أَنه عَن مُوسَى ومسدد جَمِيعًا لِأَنَّهُمَا قد سمعا من أبي عوَانَة، وَقد ذكرنَا هُنَاكَ مَا تيَسّر لنا من لطف الله وفضله، فلنذكر هُنَا مَا يجلب من الْفَوَائِد أحْسنهَا وأخصرها.

فَقَوله: (قَالَ عقبَة) هُوَ عقبَة بن عَمْرو أَبُو مَسْعُود البدري، لَا عقبَة بن عبد الغافر الْمَذْكُور آنِفا. وَلَا يلتبس عَلَيْك. قَوْله:(ألَا تحدثنا)، كلمة: أَلا، هُنَا للعرض والتحضيض، ومعناهما طلب الشَّيْء، وَلَكِن الْعرض طلب بلين والتحضيض طلب بحث وإلَاّ هَذِه تختيص بالفعلية. قَوْله:(قَالَ سمعته) أَي: قَالَ عقبَة: سَمِعت حُذَيْفَة، يَقُول: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (أوصى إِلَى أَهله) ويروى (أوصى أَهله) قَوْله: (صم أوروا) أَمر للْجمع بِفَتْح الْهمزَة من أورى يوري إيراءً، يُقَال: ورى الزند يري: إِذا خرجت ناره، وأوراه غَيره إِذا استخرج ناره. قَوْله:(وَإِذا خلصت) بِفَتْح اللَاّم أَي: وصلت. قَوْله: (فذروني)، بِضَم الذَّال وَتَشْديد الرَّاء من: ذروت الشَّيْء أذروه ذَروا: إِذا فرقته. قَوْله: (فِي اليم)، أَي: فِي الْبَحْر. قَوْله: (فِي يَوْم حَار أَو رَاح) هَذَا على الشَّك فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَعند أبي الْهَيْثَم: حَار فَقَط بالراء أَي: شَدِيد الْحر. قَالَ الْجَوْهَرِي: حر النَّهَار فِيهِ لُغَتَانِ تَقول: حررت يَا يَوْم بِالْفَتْح وحررت بِالْكَسْرِ وأحر النَّهَار لُغَة فِيهِ سَمعهَا الْكسَائي. قَوْله: (أَو رَاح)، أَي: ذِي ريح شَدِيدَة، وَفِي رِوَايَة الْمروزِي: حَاز، بحاء مُهْملَة وزاي مُشَدّدَة وَمَعْنَاهُ: يحز بِبرْدِهِ أَو حره، وَكَذَا قَيده الْأصيلِيّ وَأَبُو ذَر، وَفِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ: فِي يَوْم حَان، بالنُّون، وَاقْتصر ابْن التِّين على هَذِه الرِّوَايَة، ثمَّ نقل عَن ابْن فَارس: الحون ريح يحن كحنين الْإِبِل، قَالَ: فعلى هَذَا يقْرَأ: فِي يَوْم حَان بتَشْديد النُّون، يُرِيد حَان رِيحه. وَفِي (التَّوْضِيح) : وَتَبعهُ بعض شُيُوخنَا فاقتصر عَلَيْهِ فِي شَرحه وأهمل الْبَاقِي. قَوْله: (فَجَمعه الله) أَي: جمع جسده لِأَن التحريق والتفريق إِنَّمَا وَقع عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي يجمع ويعاد عِنْد الْبَعْث، وَفِي حَدِيث سلمَان الْفَارِسِي عِنْد أبي عوَانَة فِي (صَحِيحه) : فَقَالَ الله: كن، فَكَانَ كأسرع من طرف الْعين. قَوْله:(فَقَالَ: لِمَ فعلت) أَي: فَقَالَ الله تَعَالَى لذَلِك الرجل: لِمَ فعلت هَذَا؟ (قَالَ: من خشيتك)، أَي: من أجل خَشْيَتِي مِنْك. قَوْله: (فغفر لَهُ) فَإِن قلت: إِن كَانَ هَذَا الرجل مُؤمنا فلِمَ شَك فِي قدرَة الله تَعَالَى؟ حَيْثُ قَالَ: فوَاللَّه لَئِن قدر عَليّ رَبِّي ليعذبني عذَابا مَا عذبه أحدا، على مَا يَأْتِي عَن قريب فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَإِن لم يكن، فَكيف غفر لَهُ؟ قلت: كَانَ مُؤمنا بِدَلِيل الخشية، وَمعنى: قدر، مخففاً ومشدداً: حكم وَقضى، أَو ضيق. وَقَالَ النَّوَوِيّ: قيل: أَيْضا: إِنَّه على ظَاهره، وَلَكِن قَالَه غير ضَابِط لنَفسِهِ وقاصد لمعناه، بل قَالَه فِي حَالَة غلب عَلَيْهِ فِيهَا الدهش وَالْخَوْف بِحَيْثُ ذهب تدبره فِيمَا يَقُوله، فَصَارَ كالغافل وَالنَّاسِي لَا يُؤَاخذ عَلَيْهِمَا، أَو أَنه كَانَ فِي زمَان يَنْفَعهُ مُجَرّد التَّوْحِيد، أَو كَانَ فِي شرعهم جَوَاز الْعَفو عَن الْكَافِر. وَقَالَ الْخطابِيّ: فَإِن قلت: كَيفَ يغْفر لَهُ وَهُوَ مُنكر للقدرة على الْإِحْيَاء؟ قلت: لَيْسَ بمنكر، إِنَّمَا هُوَ رجل جَاهِل ظن أَنه إِذا صنع بِهِ هَذَا الصَّنِيع ترك فَلم ينشر وَلم يعذب، وَحَيْثُ قَالَ: من خشيتك، علم أَنه أَنه رجل مُؤمن فعل مَا فعل من خشيَة الله، ولجهله حسب أَن هَذِه الْحِيلَة تنجيه. قَوْله:(وَقَالَ عقبَة)، أَي: عقبَة بن عَمْرو أَبُو مَسْعُود البدري: (وَأَنا سمعته يَقُول) أَي: النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

حدَّثنا مُوسَى حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ حدَّثنا عَبْدُ المَلِكِ وَقَالَ فِي يَوْمٍ رَاحٍ

أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي خَالف مُسَددًا فِي لَفظه من الحَدِيث الْمَذْكُور، وَهِي قَوْله: فِي يَوْم رَاح، لِأَن فِي رِوَايَة مُسَدّد: فِي يَوْم حَار، على مَا مر عَن قريب.

ص: 62

0843 -

حدَّثنا عبْدُ الْعَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله حدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ كانَ رَّجُلُ يُدَايِنُ النَّاسَ فَكانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ إذَا أتَيْتَ مُعْسِرَاً فتَجَاوَزَ عنْهُ لَعَلَّ الله أنْ يَتَجاوَزَ عَنَّا قَالَ فَلَقِيَ الله فتَجَاوَزَ عَنْهُ. (انْظُر الحَدِيث 8702) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي أول الحَدِيث، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي الْبيُوع فِي: بَاب من أنظر مُعسرا، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن هِشَام بن عمار عَن يحيى بن حَمْزَة عَن الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله

إِلَى آخِره نَحوه، غير أَن فِيهِ: كَانَ تَاجِرًا يداين النَّاس.

1843 -

حدَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا هِشَامٌ أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ كانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ فلَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ إذَا أنَا مُتُّ فأحْرِقُونِي ثُمَّ اطْحَنُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ فَوَالله لَئِنْ قَدَرَ علَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابَاً مَا عَذَّبَهُ أحَدَاً فلَمَّا ماتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ فأمَرَ الله الأرْضَ فَقَالَ اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ فَفَعَلَتْ فإذَا هُوَ قَائِمٌ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ علَى مَا صَنَعْتَ قَالَ يَا رَبِّ خَشَيْتُكَ فغَفَرَ لَهُ وَقَالَ غَيْرَهُ مَخافَتُكَ يَا رَبِّ. (الحَدِيث 1843 طرفه فِي: 6057) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَكَانَ رجل مُسْرِف على نَفسه) . وَعبد الله بن مُحَمَّد هُوَ الْمَعْرُوف بالمسندي، وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ، وَكَانَ قاضيها. قَوْله:(ثمَّ ذروني)، بِفَتْح الذَّال وَتَخْفِيف الرَّاء أَي: اتركوني، وَهُوَ أَمر من: يذر، وَالْعرب أماتوا ماضيه، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ثمَّ أذروني، بِفَتْح الْهمزَة فِي أَوله من: أذرت الرّيح الشَّيْء: إِذا فرقته بهبوبها. قَوْله: (فوَاللَّه لَئِن قدر عَليّ) قد مضى مَعْنَاهُ عَن قريب. قَوْله: (فعل بِهِ ذَلِك) أَي: الَّذِي أوصى بِهِ الرجل. قَوْله: (وَقَالَ غَيره) المُرَاد من لفظ: الْغَيْر، هُوَ عبد الرَّزَّاق، فَإِن هشاماً روى عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ بِلَفْظ: خشيتك، وروى عبد الرَّزَّاق عَن معمر بِلَفْظ: مخافتك بدل خشيتك، ومعناهما وَاحِد، وَبَقِيَّة مَعَاني أَلْفَاظ الحَدِيث قد مرت عَن قريب.

2843 -

حدَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدِ بنِ أسْمَاءَ حدَّثنا جُوَيْرِيَةُ بنُ أسْمَاءَ عنْ نافِعٍ عنْ عَبْدِ الله ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ عُذِّبَتْ امْرَأةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حتَّى ماتَتْ فدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لَا هِيَ أطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ سَقَتْهَا إذْ حَبَسَتْهَا ولَا هِيَ تَرَكَتْهَا تأكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأرْضِ. (انْظُر الحَدِيث 5632 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن وضع الحَدِيث هُنَا يدل على أَن تِلْكَ الْمَرْأَة من بني إِسْرَائِيل وَعبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء بن عبيد بن مِخْرَاق الضبعِي الْبَصْرِيّ ابْن أخي جوَيْرِية بن أَسمَاء وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وَجُوَيْرِية مصغر جَارِيَة بِالْجِيم ابْن أَسمَاء بن عبيد ابْن مِخْرَاق الضبعِي الْبَصْرِيّ، والْحَدِيث مر فِي أَوَاخِر بَدْء الْخلق فِي: بَاب خمس من الدَّوَابّ، وَمر أَيْضا نَحوه فِي الصَّلَاة فِي: بَاب مَا يقْرَأ بعد التَّكْبِير. وَأخرجه مُسلم فِي الْحَيَوَان وَفِي الْأَدَب عَن عبد الله بن مُحَمَّد الْمَذْكُور وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله: (فِي هرة)، أَي: بِسَبَب هرة، وَقد تَجِيء كلمة: فِي، للسَّبَبِيَّة كَمَا فِي نَحْو: فِي النَّفس المؤمنة مائَة إبل. قَوْله: (خشَاش الأَرْض) بالمعجمات وَفتح الْخَاء، وَهِي: حشرات الأَرْض وهوامها.

ص: 63

3843 -

حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُوُنُسَ عَنْ زُهَيْرٍ حدَّثنا مَنْصُورٌ عَن رِبْعِيِّ ابنِ حِرَاشٍ حدَّثنَا أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّ مِمَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُبوَّةِ إذَا لَمْ تَسْتَحِي فافْعَلْ مَا شِئْتَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من أول الحَدِيث لِأَن المُرَاد من النَّاس الْأَوَائِل، وَهُوَ يَشْمَل بني إِسْرَائِيل وَغَيرهم فَافْهَم. وَأحمد ابْن يُونُس هُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس اليربرعي الْكُوفِي، وَزُهَيْر هُوَ ابْن مُعَاوِيَة الْكُوفِي، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر الْكُوفِي، وَربع ابْن حِرَاش مر عَن قريب، وَأَبُو مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو البدري، وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ وَحكى الدَّارَقُطْنِيّ فِي (الْعِلَل) رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد عَن مَنْصُور عَن عبد الْملك فَقَالَ: عَن ربعي عَن حُذَيْفَة، وَرَوَاهُ أَيْضا أَبُو مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن ربعي بن حِرَاش عَن حُذَيْفَة. قيل: لَا يبعد أَن يكون ربعي سَمعه من أبي مَسْعُود وَمن حُذَيْفَة جَمِيعًا.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن أَحْمد بن يُونُس. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن القعْنبِي. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الزّهْد عَن عَمْرو بن رَافع.

قَوْله: (إِن مِمَّا أدْرك النَّاس) بِالرَّفْع وَالنّصب، أَي: مِمَّا أدْركهُ النَّاس أَو مِمَّا بلغ النَّاس. قَوْله: (من كَلَام النُّبُوَّة) أَي: مِمَّا اتّفق عَلَيْهِ الْأَنْبِيَاء، أَي: إِنَّه مِمَّا ندب إِلَيْهِ الْأَنْبِيَاء وَلم ينْسَخ فِيمَا نسخ من شرائعهم. لِأَنَّهُ أَمر أطبقت عَلَيْهِ الْعُقُول، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَأحمد وَغَيرهمَا: من كَلَام النُّبُوَّة الأولى، وَفِي بعض نسخ البُخَارِيّ هَكَذَا أَيْضا. قَوْله:(فافعل مَا شِئْت) ويروى: فَاصْنَعْ مَا شِئْت.

وَفِيه: أوجه: أَحدهَا: إِذا لم تستح من العتب وَلم تخش الْعَار فافعل مَا تحدثك بِهِ نَفسك، حسنا كَانَ أَو قبيحاً، وَلَفظه أَمر وَمَعْنَاهُ توبيخ. الثَّانِي: أَن يحمل الْأَمر على بَابه تَقول: إِذا كنت آمنا فِي فعلك أَن تَسْتَحي مِنْهُ لجريك فِيهِ على الصَّوَاب وَلَيْسَ من الْأَفْعَال الَّتِي يستحي مِنْهَا فَاصْنَعْ مَا شِئْت. الثَّالِث: مَعْنَاهُ الْوَعيد أَي: إفعل مَا شِئْت تجازى بِهِ. كَقَوْلِه عز وجل: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُم} (فصلت: 04) . الرَّابِع: لَا يمنعك الْحيَاء من فعل الْخَيْر. الْخَامِس: هُوَ على طَرِيق الْمُبَالغَة فِي الذَّم، أَي: تَركك الْحيَاء أعظم مِمَّا تَفْعَلهُ، وَاعْلَم أَن الْجُمْلَة أَعنِي قَوْله: إِذا لم تستح إسم: إِن، على تَقْدِير القَوْل، أَو خَبره على تَأْوِيل من التبعيضية بِلَفْظ الْبَعْض، وَلَفظ: إصنع، أَمر بِمَعْنى الْخَبَر أَو أَمر تهديدي، أَي: إصنع مَا شِئْت فَإِن الله يجْزِيك.

5843 -

حدَّثنا بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ أخبرَنا عُبَيْدُ الله أخبرَنا يُونُسُ عنِ الزُّهْرِيِّ أخبرَني سالِمٌ أنَّ ابنَ عُمَرَ حدَّثَهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَيْنَما رجُلٌ يَجُرُّ إزَارَهُ مِنَ الخُيَلَاءِ خُسِفَ بِهِ فَهْوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الأرْضِ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ. (الحَدِيث 5843 طرفه فِي: 0975) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من لفظ الحَدِيث، لِأَن الرجل الَّذِي فِيهِ من الْأَوَائِل وَهُوَ يَشْمَل بني إِسْرَائِيل وَغَيرهم، وَقيل: هَذَا الرجل هُوَ قَارون وَهُوَ من بني إِسْرَائِيل. وَبشر. بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: ابْن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد السّخْتِيَانِيّ الْمروزِي وَهُوَ من أَفْرَاده، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم، وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله ابْن عمر. والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن وهب بن بَيَان.

قَوْله: (بَيْنَمَا) ظرف مُضَاف إِلَى جملَة فَيحْتَاج إِلَى جَوَاب، وَجَوَابه هُوَ قَوْله:(خسف بِهِ) . قَوْله: (من الْخُيَلَاء) هُوَ التكبر والتبختر مَعَ الْإِعْجَاب. قَوْله: (يتجلجل) أَي: يَتَحَرَّك فِي الأَرْض، والجلجلة الْحَرَكَة مَعَ صَوت، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: كل شَيْء خلطت بعضه بِبَعْض فقد جلجلته. وَعَن ابْن فَارس: هُوَ أَن يسيخ فِي الأَرْض مَعَ اضْطِرَاب شَدِيد وتدافع من شقٍ إِلَى شقٍ.

تابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ خَالِدٍ عنِ الزُّهْرِيِّ

أَي: تَابع يونُسَ عبدُ الرَّحْمَن بن خَالِد فِي رِوَايَته عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَعبد الرَّحْمَن هَذَا هُوَ أَبُو خَالِد الفهمي مولى اللَّيْث ابْن سعد بن عَوْف، روى عَنهُ اللَّيْث، وَكَانَ والياً لهشام على مصر سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَة، وعزل سنة تسع عشرَة، وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة الذهلي فِي (الزهريات) عَن أبي صَالح عَن اللَّيْث عَن عبد الرَّحْمَن.

5843 -

حدَّثنا بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ أخبرَنا عُبَيْدُ الله أخبرَنا يُونُسُ عنِ الزُّهْرِيِّ أخبرَني سالِمٌ أنَّ ابنَ عُمَرَ حدَّثَهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَيْنَما رجُلٌ يَجُرُّ إزَارَهُ مِنَ الخُيَلَاءِ خُسِفَ بِهِ فَهْوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الأرْضِ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ. (الحَدِيث 5843 طرفه فِي: 0975) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من لفظ الحَدِيث، لِأَن الرجل الَّذِي فِيهِ من الْأَوَائِل وَهُوَ يَشْمَل بني إِسْرَائِيل وَغَيرهم، وَقيل: هَذَا الرجل هُوَ قَارون وَهُوَ من بني إِسْرَائِيل. وَبشر. بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: ابْن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد السّخْتِيَانِيّ الْمروزِي وَهُوَ من أَفْرَاده، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم، وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله ابْن عمر. والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن وهب بن بَيَان.

قَوْله: (بَيْنَمَا) ظرف مُضَاف إِلَى جملَة فَيحْتَاج إِلَى جَوَاب، وَجَوَابه هُوَ قَوْله:(خسف بِهِ) . قَوْله: (من الْخُيَلَاء) هُوَ التكبر والتبختر مَعَ الْإِعْجَاب. قَوْله: (يتجلجل) أَي: يَتَحَرَّك فِي الأَرْض، والجلجلة الْحَرَكَة مَعَ صَوت، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: كل شَيْء خلطت بعضه بِبَعْض فقد جلجلته. وَعَن ابْن فَارس: هُوَ أَن يسيخ فِي الأَرْض مَعَ اضْطِرَاب شَدِيد وتدافع من شقٍ إِلَى شقٍ.

تابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ خَالِدٍ عنِ الزُّهْرِيِّ

أَي: تَابع يونُسَ عبدُ الرَّحْمَن بن خَالِد فِي رِوَايَته عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَعبد الرَّحْمَن هَذَا هُوَ أَبُو خَالِد الفهمي مولى اللَّيْث ابْن سعد بن عَوْف، روى عَنهُ اللَّيْث، وَكَانَ والياً لهشام على مصر سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَة، وعزل سنة تسع عشرَة، وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة الذهلي فِي (الزهريات) عَن أبي صَالح عَن اللَّيْث عَن عبد الرَّحْمَن.

ص: 64

6843 -

حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثَنا وُهَيْبٌ قَالَ حدَّثني ابْن طاوُوسٍ عنْ أبِيِه عَن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْدَ كلِّ أُمَّةٍ أُوتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِنَا وأُوتِينَا مِنْ بَعْدِهِمْ فهَذَا اليَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فغَدَاً لِلْيَهُودِ وبَعْدُ غَدٍ لِلْنَّصَارَى. عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كلِّ سَبْعَةِ أيَّامٍ يَوْمٌ يَغْسِلُ رأسَهُ وجَسَدَهُ. (انْظُر الحَدِيث 798 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (أُوتُوا الْكتاب من قبلنَا) لأَنهم من بني إِسْرَائِيل وَغَيرهم. وَابْن طَاوُوس هُوَ عبد الله، يروي عَن أَبِيه طَاوُوس.

والْحَدِيث مضى فِي أول كتاب الْجُمُعَة من وَجه آخر فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج أَنه: سمع أَبَا هُرَيْرَة

إِلَى آخِره، وَهنا زِيَادَة على ذَلِك، وَهُوَ قَوْله: على كل مُسلم

إِلَى آخِره.

قَوْله: (نَحن الْآخرُونَ) أَي: فِي الدُّنْيَا (السَّابِقُونَ) فِي الْآخِرَة. قَوْله: (بيد) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الدَّال الْمُهْملَة، وَمَعْنَاهُ: غير، يُقَال، فلَان كثير المَال بيد أَنه بخيل، وَيَجِيء بِمَعْنى: إلَاّ، وَبِمَعْنى: لَكِن، وَقَالَ الْمَالِكِي: الْمُخْتَار عِنْدِي فِي: بيد أَن يَجْعَل حرف اسْتثِْنَاء بِمَعْنى: لَكِن، لِأَن معنى إلَاّ مَفْهُوم مِنْهَا، وَلَا دَلِيل على إسميتها. وَالْمَشْهُور اسْتِعْمَالهَا متلوة بِأَن كَمَا فِي الحَدِيث، وَالْأَصْل فِيهِ: بيد أَن كل أمة

فَحذف أَن، وَبَطل عَملهَا. قَالَ أَبُو عبيد: وَفِيه لُغَة أُخْرَى: ميد، بِالْمِيم وَجَاء فِي الحَدِيث: أَنا أفْصح الْعَرَب ميد أَنِّي من قُرَيْش، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: قيل: معنى: بيد، على أَنه، وَعَن الْمُزنِيّ: سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول بيد من أجل قَوْله اخْتلفُوا فِيهِ، معنى الِاخْتِلَاف فِيهِ أَنه فرض يَوْم للْجمع لِلْعِبَادَةِ، ووكل إِلَى اختيارهم فمالت الْيَهُود إِلَى السبت وَالنَّصَارَى إِلَى الْأَحَد، وهدانا الله إِلَى يَوْم الْجُمُعَة الَّذِي هُوَ أفضل الْأَيَّام. قَوْله:(على كل مُسلم) إِلَى آخِره، المُرَاد بِهِ: يَوْم الْجُمُعَة، لِأَنَّهُ فِي كل سَبْعَة أَيَّام يَوْم، وإشار بقوله:(يغسل رَأسه وَجَسَده) إِلَى الِاغْتِسَال يَوْم الْجُمُعَة فَإِنَّهُ لَهُ فضلا عَظِيما حَتَّى صرح فِي الحَدِيث الصَّحِيح أَنه وَاجِب وَإِلَيْهِ ذهب مَالك وَآخَرُونَ.

8843 -

حدَّثنا آدَمُ حدَّثنا شُعْبَةُ حدَّثنا عَمْرُو بنُ مُرَّةَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ قدِمَ مُعاوِيَةُ بنُ أبِي سُفْيَانَ المَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا فَخَطَبَنا فأخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ فَقَالَ مَا كُنْتُ أرَى أنَّ أحَدَاً يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ اليَهُودِ وإنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُ الزُّورَ يَعْنِي الوِصَالَ فِي الشَّعَرَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (الْيَهُود) لأَنهم من بني إِسْرَائِيل وَقد مر نَحوه من حَدِيث مُعَاوِيَة عَن قريب فِي هَذَا الْبَاب، غير أَنه من وَجه آخر. قَوْله:(قدمة)، بِفَتْح الْقَاف وَكَانَ ذَلِك فِي سنة إِحْدَى وَخمسين. قَوْله:(كبة) ، بِضَم الْكَاف وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة من الْغَزل، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الكبة الْجَرّ وَهُوَ من الْغَزل، تَقول مِنْهُ: كببت الْغَزل، أَي: جعلته كبباً، وَفِي الحَدِيث الَّذِي مضى قصَّة من شعر. قَوْله:(سَمَّاهُ الزُّور) ، الزُّور الْكَذِب والتزيين بِالْبَاطِلِ وَلَا شكّ أَن وصل الشّعْر مِنْهُ وَفِيه طَهَارَة شعر الْآدَمِيّ.

تابَعَهُ غُنْدَرٌ عنْ شُعْبَةَ

أَي: تَابع آدَمَ شيخ البُخَارِيّ غندرُ، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون وَفتح الدَّال وَفِي آخِره رَاء، وَهُوَ لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر فِي رِوَايَة الحَدِيث الْمَذْكُور عَن شُعْبَة، وَوصل مُسلم هُنَا الْمُتَابَعَة وَقَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا غنْدر عَن شُعْبَة وَحدثنَا ابْن الْمثنى وَابْن بشار، قَالَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة عَن سعيد بن الْمسيب (قَالَ: قدم مُعَاوِيَة الْمَدِينَة فَخَطَبنَا وَأخرج كبة من شعر، فَقَالَ: مَا كنت أرى أَن أحدا يَفْعَله إلَاّ الْيَهُود، إِن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم بلغه فَسَماهُ الزُّور) . وَقَالَ مُسلم: وَجَاء رجل بعصا على رَأسهَا خرقَة، قَالَ مُعَاوِيَة: وَهَذَا الزُّور، قَالَ قَتَادَة: يَعْنِي مَا يكثر النِّسَاء أشعارهن من الْخرق، وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ.

بِسم الله الرحْمان الرَّحِيم

ص: 65