الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحْتَمل أَن يكون هُوَ قَوْله: وَلَا مَانع أَن يخبر بذلك وَيُرِيد نَفسه، وَيحْتَمل أَن يكون من كَلَام الرَّاوِي.
وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ حدَّثنا مُعاذٌ حدَّثنا ابنُ عَوْن عنْ مُحَمَّدٍ حدَّثنا قَيْسُ بنُ عُبَّادٍ عنِ ابنِ سَلَامٍ قَالَ وَصِيفٌ مَكانَ مِنْصَفٌ
أَي: قَالَ لي خَليفَة بن خياط، وَهُوَ أحد شُيُوخه: حَدثنَا معَاذ بن معَاذ بن نصر الْعَنْبَري قَاضِي الْبَصْرَة حَدثنَا عبد الله بن عون عَن مُحَمَّد بن سِيرِين حَدثنَا قيس بن عباد الْمَذْكُور فِي الرِّوَايَة السَّابِقَة عَن عبد الله بن سَلام أَنه قَالَ: فَأَتَانِي وصيف، مَكَان منصف، والوصيف بِمَعْنَاهُ وَهُوَ الْخَادِم الصَّغِير غُلَاما كَانَ أَو جَارِيَة، وَمن طَرِيق معَاذ بن معَاذ الْمَذْكُور روى مُسلم الحَدِيث الْمَذْكُور، فَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى حَدثنَا معَاذ حَدثنَا ابْن عون
…
إِلَى آخِره نَحوه، وَرَوَاهُ مُسلم أَيْضا عَن قُتَيْبَة من حَدِيث خَرشَة بن الْحر مطولا بِأَلْفَاظ غير مَا فِي الرِّوَايَة الأولى.
4183 -
حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ سَعِيدِ بنِ أبِي بُرْدَةَ عنْ أبِيهِ قَالَ أتَيْتُ المَدِينَةَ فلَقِيتُ عبْدَ الله بنَ سَلَامٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَقَالَ ألَا تَجيءُ فأُطْعِمَكَ سَوِيقاً وتَمْرَاً وتَدْخُلُ فِي بَيْتٍ ثُمَّ قالَ إنَّكَ بأرْضٍ الرِّبَا بِها فاشٍ إذَا كانَ لَكَ علَى رَجُلٍ حَقٌّ فأهْدَى إلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلَا تَأخُذُهُ فإنَّهُ رِبَاً ولَمْ يَذْكُرِ النَّضْرُ وأبُو دَاوُدَ ووَهْبٌ عنْ شُعْبَةَ الْبَيْتَ. (الحَدِيث 4183 طرفه فِي: 2437) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: من حَيْثُ إِنَّه علم مِنْهُ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، دخل فِي بَيت عبد الله وَفِيه تَعْظِيم لَهُ. وَالْآخر: من حَيْثُ إِنَّه أَمر بترك قبُول هَدِيَّة الْمُسْتَقْرض، وَهَذَا من غَايَة الْوَرع، وَفِيه منقبة عَظِيمَة.
وَسَعِيد بن أبي بردة يروي عَن أَبِيه أبي بردة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: عَامر بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَاضِي الْكُوفَة مَاتَ سنة ثَلَاث وَمِائَة وَهُوَ ابْن نَيف وَثَمَانِينَ سنة.
قَوْله: (وَتدْخل فِي بَيت)، التَّنْوِين فِيهِ للتعظيم أَي: بَيت عَظِيم مشرف بِدُخُول رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، فِيهِ وَهُوَ أحد وَجْهي الْمُطَابقَة على مَا ذكرنَا. قَوْله:(بِأَرْض) أَي: أَرض الْعرَاق أَي: إِنَّك مُقيم بِأَرْض. قَوْله: (الرِّبَا بهَا فاشٍ) ، جملَة إسمية من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فِي مَحل الْجَرّ لِأَنَّهَا صفة لأرض، وَمعنى: فاشٍ ظَاهر وشاسع كثير من الفشو. قَوْله: (حمل تبن)، بِكَسْر الْحَاء. قَوْله:(أَو) فِي الْمَوْضِعَيْنِ للتنويع. قَوْله: (قت)، بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَهُوَ نوع من علف الدَّوَابّ. قَوْله:(فَإِنَّهُ رَبًّا) أَي: فَإِن قبُول هَدِيَّة الْمُسْتَقْرض جَار مجْرى الرِّبَا من حَيْثُ إِنَّه زَائِد على مَا أَخذه من الْمُسْتَقْرض، وَيُمكن أَن يكون رَأْي عبد الله بن سَلام أَنه عِنْده حَقِيقَة الرِّبَا، وعَلى كل حَال الْوَرع والزهد وَالتَّقوى يَنْفِي ذَلِك. قَوْله:(وَلم يذكر النَّضر) ، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة هُوَ ابْن شُمَيْل، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن النَّضر ابْن شُمَيْل وَأَبا دَاوُد سُلَيْمَان الطَّيَالِسِيّ ووهب بن جرير لما رووا الحَدِيث الْمَذْكُور عَن شُعْبَة لم يذكرُوا فِيهِ لفظ:(وَتدْخل فِي بَيت) .
02 -
(بابُ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خدِيجَةَ وفَضْلِهَا رَضِي الله تَعَالَى عنهَا)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تَزْوِيج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، خَدِيجَة بنت خويلد بن أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي، تَجْتَمِع مَعَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، فِي قصي وَهِي من أقرب نِسَائِهِ إِلَيْهِ فِي النّسَب، وَلم يتَزَوَّج من ذُرِّيَّة قصي غَيرهَا إلَاّ أم حَبِيبَة. قَالَ الزبير: كَانَت خَدِيجَة تدعى فِي الْجَاهِلِيَّة الطاهرة، أمهَا فَاطِمَة بنت زَائِدَة بن الْأَصَم، والأصم اسْمه: جُنْدُب بن هرم بن رَوَاحَة بن حجر بن عبد معيص بن عَامر بن لؤَي، تزَوجهَا رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، فِي سنة خمس وَعشْرين من مولده فِي قَول الْجُمْهُور، وَقَالَ أَبُو عمر: كَانَت إِذْ تزَوجهَا رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، بنت أَرْبَعِينَ سنة، وأقامت مَعَه أَرْبعا وَعشْرين سنة وَتوفيت وَهِي بنت أَربع وَسِتِّينَ سنة، وَسِتَّة أشهر، وَكَانَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، إِذْ تزَوجهَا ابْن إِحْدَى وَعشْرين سنة، وَقيل: ابْن خمس وَعشْرين، وَهُوَ الْأَكْثَر، وَقيل: ابْن ثَلَاثِينَ وَتوفيت قبل الْهِجْرَة بِخمْس سِنِين.
وَقيل: بِأَرْبَع، وَقَالَ قَتَادَة: قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين، قَالَ أَبُو عمر: قَول قَتَادَة عندنَا أصح، وَقَالَ أَبُو عمر: يُقَال: إِنَّهَا توفيت بعد موت أبي طَالب بِثَلَاثَة أَيَّام، توفيت فِي شهر رَمَضَان ودفنت فِي الْحجُون، وَذكر الْبَيْهَقِيّ: أَن أَبَاهَا خويلد هُوَ الَّذِي زوجه إِيَّاهَا، وَذكر ابْن الْكَلْبِيّ أَنه زَوجهَا إِيَّاه عَمها عَمْرو بن أَسد، وَذكر ابْن إِسْحَاق أَن الَّذِي زوجه إِيَّاهَا أَخُوهَا عَمْرو بن خويلد، وَكَانَت قبل النَّبِي صلى الله عليه وسلم عِنْد أبي هَالة بن النباش بن زُرَارَة التَّمِيمِي حَلِيف بني عبد الدَّار، قَالَ الزبير: اسْمه مَالك، وَقَالَ ابْن مَنْدَه: زُرَارَة، وَقَالَ العسكري: هِنْد، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: اسْمه النباش وَابْنه هِنْد، وَمَات أَبُو هَالة فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَت خَدِيجَة قبله عِنْد عَتيق بن عَائِذ المَخْزُومِي، ثمَّ خلف عَلَيْهَا رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، وَلم يَخْتَلِفُوا أَنه ولد لَهُ مِنْهَا أَوْلَاده كلهم إلَاّ إِبْرَاهِيم، وَقَالَ إِبْنِ إِسْحَاق، ولدت خَدِيجَة لَهُ زَيْنَب ورقية وَأم كُلْثُوم وَفَاطِمَة وَالقَاسِم، وَبِه كَانَ يكنى، والطاهر وَالطّيب، فالثلاثة هكلوا فِي الْجَاهِلِيَّة، وَأما بَنَاته فكلهن أدركن الْإِسْلَام فأسلمن وهاجرن مَعَه صلى الله عليه وسلم. فَإِن قلت: كَيفَ قَالَ: بَاب تَزْوِيج النَّبِي صلى الله عليه وسلم خَدِيجَة، وَكَانَ يَقْتَضِي الْكَلَام أَن يُقَال: بَاب تزوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم من بَاب التفعل لَا من بَاب التفعيل؟ وَهَذَا يَقْتَضِي أَن يكون التَّزْوِيج لغيره؟ قلت: قد وَقع فِي بعض النّسخ: بَاب تزوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم خَدِيجَة على الأَصْل، وَلَكِن فِي أَكثر النّسخ بِلَفْظ: تَزْوِيج، فوجهه أَن يُقَال: إِن التفعيل يَجِيء بِمَعْنى التفعل، وَلِهَذَا يُقَال: بِمَعْنى الْمُتَقَدّمَة، أَو المُرَاد: تَزْوِيج النَّبِي صلى الله عليه وسلم خَدِيجَة من نَفسه. قَوْله: (وفضلها) أَي: وَفِي بَيَان فضل خَدِيجَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
5183 -
حدَّثني مُحَمَّدٌ أخْبَرَنَا عَبْدَةُ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّاً رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقُولُ. . ح وحدَّثني صَدَقَةُ أخبرنَا عَبْدَةُ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ جَعْفَر عَنْ عَلِيٍّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُمْ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ وخَيْرُ نِسائِهَا خَدِيجَةُ. (انْظُر الحَدِيث 2343) .
مطابقته للجزء الثَّانِي من التَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأخرجه من طَرِيقين الأول: عَن مُحَمَّد بن سَلام البُخَارِيّ البيكندي وَهُوَ من أَفْرَاده عَن عَبدة بن سُلَيْمَان عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب عَن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم. الثَّانِي: عَن صَدَقَة بن الْفضل الْمروزِي عَن عَبدة
…
إِلَى آخِره.
وَفِيه: رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ، هِشَام عَن أَبِيه، وَرِوَايَة صَحَابِيّ عَن صَحَابِيّ: عبد الله بن جَعْفَر عَن عَمه عَليّ بن أبي طَالب.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي بَاب:{وَإِذ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك} (آل عمرَان: 24) . وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: الضَّمِير يَعْنِي فِي: نسائها، عَائِد على غير مَذْكُور، لكنه يفسره الْحَال والشأن، يَعْنِي بِهِ نسَاء الدُّنْيَا. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: الضَّمِير الأول يرجع إِلَى الْأمة الَّتِي كَانَت فِيهَا مَرْيَم، عَلَيْهَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَالثَّانِي إِلَى هَذِه الْأمة، وَلِهَذَا كرر الْكَلَام تَنْبِيها على أَن حكم كل وَاحِدَة مِنْهُمَا غير حكم الْأُخْرَى، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم عَن وَكِيع عَن هِشَام فِي هَذَا الحَدِيث، وَأَشَارَ وَكِيع إِلَى السَّمَاء وَالْأَرْض، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يبين أَن المُرَاد نسَاء الدُّنْيَا، وَأَن الضميرين يرجعان إِلَى الدُّنْيَا، وَبِهَذَا جزم الْقُرْطُبِيّ أَيْضا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَالضَّمِير يرجع إِلَى الأَرْض، وَقَالَ بَعضهم: وَالَّذِي يظْهر لي أَن قَوْله: (خير نسائها) خبر مقدم، وَالضَّمِير لِمَرْيَم، وَكَأَنَّهُ قَالَ: مَرْيَم خير نسائها، أَي: نسَاء زمانها، وَكَذَا فِي خَدِيجَة: قلت: هَذَا فِيهِ تعسف من وُجُوه: الأول: تَقْدِيم الْخَبَر لغير نُكْتَة غير طائل. وَالثَّانِي: إِضَافَة النِّسَاء إِلَى مَرْيَم غير صَحِيحَة. وَالثَّالِث: فِيهِ الْحَذف وَهُوَ غير الأَصْل.
6183 -
حدَّثنا سَعِيدُ بنُ عُفَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ قَالَ كَتَبَ إلَيَّ هِشَامٌ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ مَا غِرْتُ علَى امْرَأةٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ هَلَكَتْ قَبْل أنْ يَتَزَوَّجَنِي لِمَا كُنْتُ أسْمَعُهُ يَذْكُرُها وأمَرَهُ الله أنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ وإنْ كانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ
فَيُهْدِي فِي خَلَائِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَسَعِيد بن عفير، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: وَهُوَ سعيد بن كثير بن عفير أَبُو عُثْمَان الْمصْرِيّ، وَقد نسب إِلَى جده، والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (كتب إِلَيّ هِشَام) يَعْنِي: هِشَام بن عُرْوَة ابْن الزبير، وَوَقع عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ من وَجه آخر عَن اللَّيْث: حَدثنِي هِشَام بن عُرْوَة، قيل: لَعَلَّ اللَّيْث لَقِي هشاماً بعد أَن كتب إِلَيْهِ بِهَذَا الحَدِيث فحدثه بِهِ. وَقيل: كَانَ مَذْهَب اللَّيْث أَن الْكِتَابَة والتحديث سَوَاء، وَنقل عَنهُ الْخَطِيب ذَلِك. قَوْله:(مَا غرت) بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة من الْغيرَة وَهِي الحمية والأنفة، يُقَال: رجل غيور وَامْرَأَة غيور بِلَا: هَاء، لِأَن فعولًا يشْتَرك فِيهِ الذّكر وَالْأُنْثَى، وَجَاء فِي حَدِيث: أَن امْرَأَة غيرى، على وزن فعلى، من الْغيرَة يُقَال: غرت على أَهلِي أغار غيرَة فَأَنا غائر وغيور للْمُبَالَغَة، وَفِيه ثُبُوت الْغيرَة وَأَنَّهَا غير مستنكر وُقُوعهَا من فاضلات النِّسَاء، فضلا عَمَّن دونهن، وَكَانَت عَائِشَة تغار من نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَلَكِن تغار من خَدِيجَة أَكثر، وَذَلِكَ لِكَثْرَة ذكر رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، إِيَّاهَا. وأصل غيرَة المرأ من تخيل محبَّة غَيرهَا أَكثر مِنْهَا وَكَثْرَة الذّكر تدل على كَثْرَة الْمحبَّة، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: مرادها بِالذكر لَهَا مدحها وَالثنَاء عَلَيْهَا. قَوْله: (هَلَكت قبل أَن يَتَزَوَّجنِي) أَي: مَاتَت خَدِيجَة قبل أَن يتَزَوَّج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بعائشة، وَيَأْتِي عَن قريب بَيَان الْمدَّة إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وأشارت عَائِشَة بذلك إِلَى أَن خَدِيجَة لَو كَانَت حَيَّة فِي زمانها لكَانَتْ غيرتها مِنْهَا أَكثر وَأَشد. قَوْله:(وَأمره الله أَن يبشرها)، أَي: أَمر الله تَعَالَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَن يبشر خَدِيجَة (بِبَيْت من قصب) بِفتْحَتَيْنِ، قَالَ الْجَوْهَرِي: هُوَ أنابيب من جَوْهَر، وَقَالَ النَّوَوِيّ: المُرَاد بِهِ قصب اللُّؤْلُؤ المجوف، وَقيل: قصب من ذهب منظوم بالجواهر، وَيُقَال: الْقصب هُنَا اللُّؤْلُؤ المجوف الْوَاسِع كالقصر المنيف، وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة عبد الله بن وهب: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة قلت: يَا رَسُول الله {وَمَا بَيت من قصب؟ قَالَ: بَيت من لؤلؤة مجوفة، رَوَاهُ السَّمرقَنْدِي فِي (صَحِيح مُسلم) : مجوبة، وروى الْخطابِيّ: مجوبة، بِضَم الْجِيم، أَي: قطع داخلها فتفرغ، وخلا من قَوْلهم: جبت الشَّيْء إِذا قطعته، وروى أَبُو الْقَاسِم بن مطير بِإِسْنَادِهِ عَن فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، سيدة نسَاء الْعَالمين أَنَّهَا قَالَت: (يَا رَسُول الله أَيْن أُمِّي خَدِيجَة؟ قَالَ: فِي بَيت من قصب، لَا لَغْو فِيهِ وَلَا نصب، بَين مَرْيَم وآسية امْرَأَة فِرْعَوْن. قَالَت: يَا رَسُول الله} أَمن هَذَا الْقصب؟ قَالَ: لَا من الْقصب المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت. فَإِن قلت: قَالَ: من قصب، وَلم يقل: من لُؤْلُؤ وَنَحْوه؟ قلت: هَذَا من بَاب المشاكلة لِأَنَّهَا لما أحرزت قصب السَّبق إِلَى الْإِيمَان دون غَيرهَا من الرِّجَال وَالنِّسَاء ذكر الْجَزَاء بِلَفْظ الْعَمَل، وَالْعرب تسمي السَّابِق مُحرز الْقصب. فَإِن قلت: كَيفَ بشرها بِبَيْت وَأدنى أهل الْجنَّة منزلَة من يُعْطي مسيرَة ألف عَام فِي الْجنَّة، كَمَا فِي حَدِيث ابْن عمر عِنْد التِّرْمِذِيّ؟ قلت: قيل: بِبَيْت زَائِد على مَا أعده الله لَهَا من ثَوَاب أَعمالهَا. وَقَالَ الْخطابِيّ: الْبَيْت هُنَا عبارَة عَن قصر، ألَا يرى قد يُقَال لمنزل الرجل: بَيته، وَيُقَال فِي الْقَوْم: هَل هُوَ أهل بَيت شرف وَعز؟ وَقَالَ السُّهيْلي ماملخصه: أَنه من بَاب المشاكلة لِأَنَّهَا كَانَت ربة بَيت فِي الْإِسْلَام وَلم يكن على وَجه الأَرْض بَيت إِسْلَام إلَاّ بَيتهَا حِين آمَنت، وَجَزَاء الْفِعْل يذكر بِلَفْظ الْفِعْل، وَإِن كَانَ أشرف مِنْهُ، كَمَا قيل: من بنى لله مَسْجِدا بنى الله لَهُ مثله فِي الْجنَّة، لم يرد مثله فِي كَونه مَسْجِدا وَلَا فِي صفته، وَلكنه قَابل الْبُنيان بالبنيان أَي: كَمَا بنى بني لَهُ. قَوْله: (وَإِن كَانَ)، كلمة: إِن، مُخَفّفَة من المثقلة وَيُرَاد بهَا تَأْكِيد الْكَلَام وَلِهَذَا أَتَت بِاللَّامِ فِي قَوْلهَا (ليذبح) . قَوْله:(فيهدي) فِي خلائلها، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة جمع خَلِيلَة، وَهِي الصديقة وَهَذَا أَيْضا من أَسبَاب الْغيرَة لما فِيهِ من الْإِشْعَار باستمرار حبه لَهَا حَتَّى كَانَ يتَعَاهَد صواحباتها. قَوْله:(مِنْهَا) أَي: من الشَّاة. قَوْله: (مَا يسعهن) أَي: مَا يسع لَهُنَّ، كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والحموي:(مَا يتسعهن)، أَي: مَا يَتَّسِع لَهُنَّ، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: مَا يشبعهن) من الإشباع، قيل: لَيْسَ فِي رِوَايَته كلمة مَا.
7183 -
حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حدَّثنا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا قالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجةَ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ
رَسُولِ الله إيَّاهَا قالَتْ وتَزَوَّجَنِي بَعْدَهَا بِثَلاثِ سِنينَ وأمَرَهُ رَبُّهُ عز وجل أوْ جِبْرِيلُ عليه السلام أنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ. .
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور عَن قُتَيْبَة عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن الرُّؤَاسِي، بِضَم الرَّاء وهمزة بعد الرَّاء وسين مُهْملَة، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث، وَحَدِيث آخر فِي الْحُدُود، وَفِيه زِيَادَة قَوْله:(وَتَزَوَّجنِي بعْدهَا) أَي: بعد موت خَدِيجَة بِثَلَاث سِنِين. قَالَ النَّوَوِيّ: أَرَادَت بذلك زمن دُخُولهَا عَلَيْهِ، وَأما العقد فَتقدم على ذَلِك بِمدَّة سنة وَنصف. قَوْله:(أَو جِبْرِيل) ، شكّ من الرَّاوِي.
8183 -
حدَّثني عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ حدَّثنا أبي حدَّثنا حَفْصٌ عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا قالَتْ مَا غِرْتُ علَى أحَدٍ مِنْ نِساءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا غِرْتُ علَى خدِيجَةَ وَمَا رأيْتُها ولَكِنْ كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ ذِكْرَهَا ورُبَّما ذَبحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُها أعْضاءٍ ثُمَّ يبْعَثُهَا فِي صدَائِقِ خدِيجَةَ فرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ كأنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امرَأةٌ إلَاّ خدِيجَةُ فيَقُولُ إنَّهَا كانَتْ وكانَتْ وكانَ لِي مِنْها ولَدٌ. .
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور أخرجه عَن عمر بن مُحَمَّد بن حسن الْمَعْرُوف بِابْن التل، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد اللَّام الْأَسدي الْكُوفِي، مَاتَ فِي شَوَّال سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ، يروي عَن أَبِيه مُحَمَّد بن حسن بن الزبير أبي جَعْفَر الْأَسدي الْكُوفِي هُوَ وَابْنه من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَهُوَ يروي عَن حَفْص بن غياث النَّخعِيّ الْكُوفِي قاضيها عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَهَذَا الْإِسْنَاد نَازل لِأَنَّهُ يروي عَن حَفْص بن غياص بِوَاسِطَة شخص، وَهنا روى عَنهُ بِوَاسِطَة اثْنَيْنِ، وَلَيْسَ فِي البُخَارِيّ لعمر إلَاّ هَذَا الحَدِيث، وَآخر فِي الزَّكَاة، وَقد مر، وَهُوَ من صغَار شُيُوخه.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي فضل خَدِيجَة أَيْضا عَن سهل بن عُثْمَان. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْبر عَن أبي هِشَام الرِّفَاعِي.
قَوْله: (وَمَا رَأَيْتهَا) جملَة حَالية، وَفِي رِوَايَة مُسلم:(وَلم أدْركهَا)، وَالْمعْنَى: مَا رَأَيْتهَا عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَلَا أدركتها عِنْده، ورؤيتها إِيَّاهَا كَانَت مُمكنَة، وَكَذَلِكَ إِدْرَاكهَا إِيَّاهَا لِأَنَّهَا كَانَت عِنْد موت خَدِيجَة بنت سِتّ سِنِين، وَلَكِن نَفيهَا الرُّؤْيَة والإدراك بالقيد الْمَذْكُور. قَوْله:(كَأَنَّهُ لم يكن)، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني:(كَأَن لم يكن)، بِحَذْف الْهَاء. قَوْله:(أَنَّهَا كَانَت)، أَي: أَن خَدِيجَة كَانَت، وَكَانَت أَي: كَانَت فاضلة، وَكَانَت عاملة وَكَانَت تقية وَنَحْوهَا ذَلِك، قَوْله:(وَكَانَ لي مِنْهَا) أَي: من خَدِيجَة: (ولد) وَقد ذكرنَا أَن جَمِيع أَوْلَاده من خَدِيجَة إلَاّ ابْنه إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ من مَارِيَة الْقبْطِيَّة.
وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَفِي هَذَا الحَدِيث وَنَحْوه دلَالَة لحسن الْعَهْد وَحفظ الود ورعاية حُرْمَة الصاحب والمعاشر حَيا وَمَيتًا، وإكرام معارف ذَلِك الصاحب.
307 -
(حَدثنَا مُسَدّد قَالَ حَدثنَا يحيى عَن إِسْمَاعِيل قَالَ قلت لعبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما بشر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - خَدِيجَة قَالَ نعم بِبَيْت من قصب لَا صخب فِيهِ وَلَا نصب) يحيى هُوَ الْقطَّان وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد وَعبد الله بن أبي أوفى وَاسم أبي أوفى عَلْقَمَة الْأَسْلَمِيّ لَهما صُحْبَة قَوْله بشر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - خَدِيجَة أَي هَل بشر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وأداة الِاسْتِفْهَام محذوفة قَوْله قَالَ نعم أَي قَالَ عبد الله نعم بشرها بِبَيْت من قصب وَقد مضى فِي أَبْوَاب الْعمرَة فِي بَاب مَتى يحل الْمُعْتَمِر فِي رِوَايَة جرير عَن إِسْمَاعِيل أَنهم قَالُوا لعبد الله بن أبي أوفى حَدثنَا مَا قَالَ لِخَدِيجَة قَالَ قَالَ بشروا خَدِيجَة بِبَيْت فِي الْجنَّة من قصب لَا صخب فِيهِ وَلَا نصب وَقد
مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ والقصب قد مر تَفْسِيره والصخب بِالْمُهْمَلَةِ والمعجمة المفتوحتين الصَّوْت الْمُخْتَلط الْمُرْتَفع وَالنّصب الْمَشَقَّة والتعب وَذكر الصخب وَالنّصب أَيْضا من بَاب المشاكلة لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لما دَعَاهَا إِلَى الْإِيمَان أَجَابَتْهُ سَرِيعا وَلم تحوجه إِلَى أَن يصخب كَمَا يصخب الرجل إِذا تعصت عَلَيْهِ امْرَأَته وَلَا أَن ينصب بل أزالت عَنهُ كل نصب وآنسته من كل وَحْشَة وهونت عَلَيْهِ كل مَكْرُوه وأزاحت بمالها كل كدر وَنصب فوصف منزلهَا الَّذِي بشرت بِهِ بِالصّفةِ الْمُقَابلَة لفعلها وَصُورَة حَالهَا -
0283 -
حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ عنْ عُمَارَةَ عنْ أبِي زُرْعَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ أتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقالَ يَا رسولَ الله هذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أتَتْ مَعَهَا إنَاءٌ فِيهِ إدامٌ أَو طَعَامٌ أوْ شَرَابٌ فإذَا هِيَ أتَتْكَ فاقْرَأ عليها السلام مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي وبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ ولَا نَصَبَ. (الحَدِيث 0283 طرفه فِي: 7947) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والْحَدِيث من مَرَاسِيل الصَّحَابَة، لِأَن أَبَا هُرَيْرَة لم يدْرك خَدِيجَة وَلَا أَيَّامهَا، وَعمارَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم: ابْن قعقاع، وَأَبُو زرْعَة بن عَمْرو بن جرير بن عبد الله البَجلِيّ اسْمه هرم، وَقيل: عبد الله، وَقيل: غير ذَلِك.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن زُهَيْر بن حَرْب. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي بكر، وَأبي كريب وَابْن نمير. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن عَمْرو بن عَليّ.
قَوْله: (عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِي رِوَايَة مُسلم: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة. قَوْله: (أَتَى جِبْرِيل) وَعند الطَّبَرَانِيّ أَن ذَلِك كَانَ وَهُوَ بحراء. قَوْله: (قد أَتَت) وَفِي رِوَايَة مُسلم: قد أتتك، أَي: تَوَجَّهت أليك، قَوْله:(فِيهِ إدام أَو طَعَام أَو شراب) شكّ من الرَّاوِي، وَعند الطَّبَرَانِيّ أَنه كَانَ حَيْسًا. قَوْله:(فَإِذا هِيَ أتتك) أَي: وصلت إِلَيْك. قَوْله: (فاقرأ عليها السلام أَي: سلم عَلَيْهَا من رَبهَا ومني. فَإِن قلت: كَيفَ ردَّتْ الْجَواب؟ قلت: بَين ذَلِك الطَّبَرَانِيّ فِي رِوَايَته، فَقَالَت: هُوَ السَّلَام وَمِنْه السَّلَام وعَلى جِبْرِيل السَّلَام. وللنسائي من رِوَايَة أنس، قَالَ: قَالَ جِبْرِيل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِن الله يقرىء خَدِيجَة السَّلَام، يَعْنِي: فَأَخْبرهَا فَقَالَت: إِن الله هُوَ السَّلَام وعَلى جِبْرِيل السَّلَام وَعَلَيْك يَا رَسُول الله السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، وَفِي رِوَايَة ابْن السّني زِيَادَة وَهِي قَوْلهَا: وعَلى من سمع السَّلَام إلَاّ الشَّيْطَان. فَإِن قلت: فَلم مَا قَالَت: وعَلى الله السَّلَام؟ كَمَا قَالَت: وعَلى جِبْرِيل وَعَلَيْك يَا رَسُول الله؟ قلت: لِأَن الله هُوَ السَّلَام، وَهُوَ إسم من أَسْمَائِهِ فَلَا يرد عليه السلام كَمَا يرد على المخلوقين، أَلا يرى أَن بعض الصَّحَابَة لما قَالُوا فِي التَّشَهُّد: السَّلَام على الله؟ نَهَاهُم النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِك، وَقَالَ: إِن الله هُوَ السَّلَام؟ فَقولُوا التَّحِيَّات لله، وَلِأَن السَّلَام دُعَاء أَيْضا بالسلامة فَلَا يصلح أَن يرد بِهِ على الله، فَفِيهِ دلَالَة على صِحَة فهم خَدِيجَة وَقُوَّة إِدْرَاكهَا مثل هَذَا. فَإِن قلت: لما ردَّتْ الْجَواب بِمَا ذكرنَا، هَل كَانَ جِبْرِيل، عليه الصلاة والسلام، حَاضرا؟ قلت: بلَى، كَانَ حَاضرا فَردَّتْ عَلَيْهِ وَردت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم، مرَّتَيْنِ، ثمَّ أخرجت الشَّيْطَان مِمَّن سمع لِأَنَّهُ لَا يسْتَحق الدُّعَاء بذلك.
1283 -
وقَالَ إسْمَاعِيلُ بنُ خَلِيلٍ قالَ أخبَرَنا علِيُّ بنُ مُسْهِرٍ عنْ هِشَام عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا قالَتِ اسْتأذَنَتْ هالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِد أخْتُ خَدِيجَةَ علَى رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فارْتَاعَ لِذَلِكَ فَقالَ اللَّهُمَّ هَالة قالَتْ فَغِرْتُ فقُلْتُ مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ قَدْ أبْدَلَكَ الله خَيْرَاً مِنْهَا.
مطابقته للجزء الأول من التَّرْجَمَة من حَيْثُ دلَالَته على التَّزْوِيج بطرِيق اللُّزُوم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: المُرَاد من التَّرْجَمَة لفظ: وفضلها، كَمَا تَقول: أعجبني زيد وَكَرمه، وتريد أعجبني كرم زيد. قلت: على قَوْله لَا يُوجد فِي الْبَاب للجزء الأول من التَّرْجَمَة حَدِيث يطابقها.
وَإِسْمَاعِيل بن خَالِد أَبُو عبد الله الخزار الْكُوفِي، روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم، وَقَالَ البُخَارِيّ: جَاءَنَا نعيه سنة خمس