الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِمَّا يخرج من الْإِنْسَان. وَالثَّالِثَة: قصَّة النَّهْي عَن جلد الْمَرْأَة. وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَفْسِير سُورَة: {الشَّمْس وَضُحَاهَا} الثَّلَاثَة عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَأخرج فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء عليهم السلام، بالقصة الأولى عَن الْحميدِي، وَأخرج هُنَا بالقصة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة، وَأخرج فِي النِّكَاح الْقِصَّة الثَّالِثَة. وَأخرج مُسلم فِي صفة النَّار عَن ابْن أبي شيبَة وَغَيره. وَأخرج التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن هَارُون بن إِسْحَاق. وَأخرج النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن رَافع وَغَيره. وَأخرج ابْن مَاجَه فِي النِّكَاح عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَمضى الْكَلَام فِي كل مَوضِع مِنْهَا.
قَوْله: (مِمَّا يخرج من الْأَنْفس) أَي: من الضراط لِأَنَّهُ قد يكون بِغَيْر الِاخْتِيَار، وَلِأَنَّهُ أَمر مُشْتَرك بَين الْكل. قَوْله:(ضرب الْفَحْل) أَي: كضرب الْفَحْل. قَوْله: (يعانقها) أَي: يضاجعها.
قَوْله: (وَقَالَ الثَّوْريّ) هُوَ سُفْيَان الثَّوْريّ، وهيب مصغر وهب بن خَالِد الْبَصْرِيّ، وَأَبُو مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالزَّاي يَعْنِي: هَؤُلَاءِ رووا عَن هِشَام بن عُرْوَة ضرب العَبْد مَكَان ضرب الْفَحْل، أما تَعْلِيق الثَّوْريّ فوصله البُخَارِيّ فِي النِّكَاح، وَأما تَعْلِيق وهيب فوصله البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير، وَأما تَعْلِيق أبي مُعَاوِيَة فوصله أَحْمد وَإِسْحَاق كَذَلِك.
6043 -
حدَّثني مُحَمَّدَ بنُ المُثَنَّى حَدثنَا يَزِيدُ بنُ هارُونَ أخبرنَا عاصِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ عَنْ أبِيهِ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى: أتَدْرُونَ أيُّ يعلأْمٍ هاذا؟ قَالُوا: الله ورسولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: فإنَّ هاذَا يَوْمٌ حَرامٌ. أفَتَدْرُونَ أيُّ بَلَدٍ هاذا؟ قَالُوا: الله ورَسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: بَلَدٌ حَرامٌ. أتَدْرُونَ أيُّ شَهْرٍ هاذا؟ قَالُوا: الله ورسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: شَهْرٌ حَرامٌ. قَالَ: فإنَّ الله حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِماءَكُمْ وأمْوالَكُمْ وأعْراضَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هاذا، فِي شَهْرِكُمْ هاذا، فِي بَلَدِكُمْ هاذا.
وَجه الْمُنَاسبَة بَينه وَبَين الْآيَة الْمَذْكُورَة من حَيْثُ إِن فِيهِ حُرْمَة الْعرض الَّتِي تتضمنها الْآيَة الْكَرِيمَة أَيْضا على مَا لَا يخفي على الفطن، وَعَاصِم بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم، وَعَاصِم هَذَا يروي عَن أَبِيه عَن جده عبد اللهابن عمر.
وَمضى هَذَا الحَدِيث بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن فِي كتاب الْحَج فِي: بَاب الْخطْبَة أَيَّام منى، وَأخرج مثله أَيْضا فِي هَذَا الْبَاب عَن ابْن عَبَّاس وَعَن أبي بكرَة، وَأخرج أَيْضا عَنهُ فِي كتاب الْعلم فِي: بَاب قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم: رب مبلغ أوعى من سامع، وَمضى الْكَلَام فِي هَذِه الْمَوَاضِع.
قَوْله: (أَي يَوْم هَذَا؟) هُوَ يَوْم منى، والبلد هُوَ مَكَّة، والشهر هُوَ ذُو الْحجَّة، وَهُوَ من الْأَشْهر الْحرم. قَوْله:(أعراضكم) جمع عرض بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَهُوَ مَوضِع الْمَدْح والذم من الْإِنْسَان، وَإِنَّمَا قدم السُّؤَال عَنْهَا تذكاراً للْحُرْمَة، لأَنهم لَا يرَوْنَ اسْتِبَاحَة تِلْكَ الْأَشْيَاء وانتهاك حرمتهَا بِحَال.
44 -
(بابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ السِّبابِ واللَّعْنِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا نهى عَنهُ من السباب بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة، وَيحْتَمل هَذَا أَن يكون من بَاب المفاعلة، وَأَن يكون بِمَعْنى السب أَي الشتم وَهُوَ التَّكَلُّم فِي شَأْن الْإِنْسَان بِمَا يعِيبهُ واللعن هُوَ التبعيد عَن رَحْمَة الله عز وجل، وَكلمَة: من، فِي قَوْله: من السباب، هِيَ رِوَايَة أبي ذَر والنسفي وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا كلمة: عَن بدل: من، وَهُوَ الْأَوْجه.
6044 -
حدَّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُور قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وائِلٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: سِبابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ وقِتالهُ كُفْرٌ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب خوف الْمُؤمن من أَن يحبط عمله. قَوْله: (فسوق) أَي: خُرُوج عَن طَاعَة الله تَعَالَى. قَوْله: (وقتاله) أَي: الْمُقَاتلَة الْحَقِيقِيَّة أَو الْمُخَاصمَة. قَوْله: (كفر) أَي: كفران حُقُوق الْمُسلمين، أَو مَعَ قيد الاستحلال.
تابَعَه غُنْدَر عَنْ شُعْبَةَ
أَي: تَابع سُلَيْمَان بن حَرْب غنْدر وَهُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر فِي رِوَايَته عَن شُعْبَة عَن مَنْصُور إِلَى آخِره، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة أَحْمد فِي (مُسْنده) عَن غنْدر بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، لَكِن قَالَ فِيهِ: عَن شُعْبَة عَن زبيد وَمَنْصُور زَاد فِيهِ زبيداً بِضَم الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن الْحَارِث الْكُوفِي.
6046 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ سِنانٍ حَدثنَا فُلَيْحُ بنُ سُلَيْمانَ حدّثنا هِلَالُ بنُ عَلِيّ عَنْ أنَس قَالَ: لَمْ يَكُنْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاحِشاً وَلَا لَعَّاقاً ولَا سَبَّاباً، كانَ يَقُولُ عِنْدَ المَعْتَبَةِ: مالَهُ؟ تَرِبَ جَبِينُهُ. (انْظُر الحَدِيث 6031) .
هَذَا الحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بَاب لم يكن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَاحِشا وَلَا متفحشاً فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إصبغ بن وهب عَن فليح بن سُلَيْمَان عَن هِلَال بن عَليّ، هَكَذَا هُنَا، وَهُنَاكَ قَالَ: عَن هِلَال بن أُسَامَة، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مشروحاً.
6047 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدّثنا عُثْمانُ بنُ عُمَرَ حدَّثنا عَلِيُّ بنُ المُبارَكِ عَنْ يَحْياى بنِ أبي كَثِير عَنْ أبي قِلَابَةَ أنَّ ثابِتَ بنَ الضَّحَّاكِ وكانَ مِنْ أصْحابِ الشَّجَرَةِ حدَّثَهُ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإسْلَامِ فَهْوَ كَما قَالَ، ولَيْسَ عَلَى ابنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيما
لَا يَمْلِكُ، ومَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ، ومَنْ لَعَنَ مُؤْمِناً فَهْوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِناً بِكُفْرٍ فَهْوَ كَقَتْلِهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَمن لعن مُؤمنا) وَمُحَمّد بن بشار بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الشين الْمُعْجَمَة ابْن عُثْمَان الْبَصْرِيّ الملقب ببندار، وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وَعُثْمَان بن عمر بن فَارس الْبَصْرِيّ، وَأَبُو قلَابَة بِكَسْر الْقَاف عبد الله بن زيد الْجرْمِي، وثابت بن الضَّحَّاك الأشْهَلِي الْأنْصَارِيّ، وَكَانَ من أَصْحَاب الشَّجَرَة أَي: شَجَرَة الرضْوَان بِالْحُدَيْبِية.
وَبَعض الحَدِيث مضى فِي كتاب الْجِنَازَة فِي: بَاب مَا جَاءَ فِي قَاتل النَّفس.
وَهَذَا الحَدِيث مُشْتَمل على خَمْسَة أَحْكَام: الأول: فِي الْحلف على غير مِلَّة الْإِسْلَام، أَي: كَمَا حلف على طَريقَة الْكفَّار بِاللات والعزى مثلا، فَهُوَ كَمَا قَالَ، أَي: كَائِن على غير مِلَّة الْإِسْلَام إِذْ الْيَمين بالصنم تَعْظِيم لَهُ وتعظيمه كفر، أَو كَمَا قَالَ: الرجل إِن فعل كَذَا فَهُوَ يَهُودِيّ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ التهديد. الثَّانِي: فِي النّذر بِأَن نذر بِمَا لَا يملك بِأَن قَالَ مثلا. إِن شفي الله مريضي فَللَّه عَليّ أَن أعتق عبد فلَان. الثَّالِث: فِي قتل نَفسه فَإِنَّهُ يعذب بِهِ، أَي: بِمثلِهِ، يَعْنِي: يجازي بِجِنْس عمله. الرَّابِع: فِي لعن الْمُؤمن فَهُوَ كقتله يَعْنِي فِي الْإِثْم لِأَن اللاعن يقطعهُ عَن مَنَافِع الْآخِرَة. الْخَامِس: فِي قذفه مُؤمنا بقوله: يَا كَافِر، أَو: أَنْت كَافِر، فَهُوَ كقتله فِي الْإِثْم وَشبهه، لِأَن الْقَاتِل يقطع الْمَقْتُول من مَنَافِع الدُّنْيَا، وَأَجْمعُوا أَنه لَا يقتل فِي رميه لَهُ بالْكفْر، قَالَه الطَّبَرِيّ.
6048 -
حدَّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ حدَّثنا أبي حَدثنَا الأعْمَشُ، قَالَ: حدّثني عَدِيُّ بنُ ثابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمانَ بنَ صُرَدٍ رَجُلاً مِنْ أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَغَضِبَ أحَدُهُما فاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى انْتَفَخَ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لَا أعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قالَها لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ، فانْطَلَقَ إلَيْهِ الرَّجُلُ فأخْبَرَهُ بِقَوْلِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: تَعَوَّذْ بِاللَّه مِنَ الشَّيْطانِ، فَقَالَ: أتُرَى بِي بأسٌ؟ أمَجْنُونٌ أَنا؟ إذْهَبْ. (انْظُر الحَدِيث 3282 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (استب رجلَانِ) وَعمر بن حَفْص يروي عَن أَبِيه حَفْص بن غياث الْكُوفِي قاضيها، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان وعدي بن ثَابت بالثاء الْمُثَلَّثَة، وَسليمَان بن صرد بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء وبالدال الْمُهْملَة الْخُزَاعِيّ الْكُوفِي الصَّحَابِيّ، وَكَانَ اسْمه يسَار وضد الْيَمين فِي الْجَاهِلِيَّة فسماء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: سُلَيْمَان، سكن الْكُوفَة وَقتل بِموضع يُقَال لَهُ: عين الوردة، وَقيل: فِي الْحَرْب مَعَ مُقَدّمَة عبيد الله بن زِيَاد وَحمل رَأسه إِلَى مَرْوَان بن الحكم وَكَانَ عمره ثَلَاثًا وَسبعين سنة.
وَمضى الحَدِيث فِي: بَاب صفة إِبْلِيس وَجُنُوده، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَبْدَانِ عَن أبي حَمْزَة عَن الْأَعْمَش عَن عدي بن ثَابت
…
إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (رجلا) مَنْصُوب على أَنه بدل من سُلَيْمَان. قَوْله: (حَتَّى انتفخ وَجهه) وَفِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة فاحمر وَجهه، وَانْتَفَخَتْ أوداجه، وَفِي رِوَايَة مُسلم: تحمر عَيناهُ وتنفخ أوداجه. قَوْله: (الَّذِي يجد)، أَي: الَّذِي يجده من الْغَضَب. قَوْله: (أَتَرَى؟) بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام على سَبِيل الْإِنْكَار وَضم التَّاء أَي: أتظن. قَوْله: (بِي بَأْس؟) أَي: مرض شَدِيد، وبأس مُبْتَدأ وَخَبره قَوْله: بِي. قَوْله: (أمجنون أَنا؟) فَقَوله: أَنا، مُبْتَدأ: وَمَجْنُون، خَبره مقدما والهمزة فِيهِ للاستفهام الإنكاري. قَوْله:(إذهب) أَمر من الرجل للرجل الَّذِي أمره بالتعوذ يَعْنِي: انْطلق فِي شغلك. وَقَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا كَلَام من لم يفقه فِي دين الله وَلم يعرف أَن الْغَضَب نَزغ من نزغات الشَّيْطَان، وتوهم أَن الِاسْتِعَاذَة مُخْتَصَّة بالمجانين، وَلَعَلَّه كَانَ من جُفَاة الْعَرَب، أَو يُقَال: لَعَلَّه كَانَ كَافِرًا أَو منافقاً أَو شدَّة الْغَضَب أخرجته عَن حيّز الِاعْتِدَال بِحَيْثُ زجر الناصح لَهُ، وَقد أخرج أَبُو دَاوُد مَرْفُوعا من حَدِيث عَطِيَّة السَّعْدِيّ: إِن الْغَضَب من الشَّيْطَان.