الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بابُ إكْرَامِ الضَّيْفِ وخِدْمَتِهِ إِيَّاهُ بِنَفْسِهِ وَقَوْلِهِ {ضيف إِبْرَاهِيم الْمُكرمين} (الذاريات:
24)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مندوبية إكرام الضَّيْف وَالْإِكْرَام مصدر مُضَاف إِلَى مَفْعُوله، وطوى ذكر الْفَاعِل تَقْدِيره: إكرام الرجل ضَيفه وخدمته إِيَّاه، أَي: الضَّيْف بِنَفسِهِ، وَهَذَا تَخْصِيص بعد التَّعْمِيم لِأَن إكرام الضَّيْف أَعم من أَن يكون بِنَفسِهِ أَو بِأحد من خدمه وَفِيه زِيَادَة تَأْكِيد لَا تخفى. قَوْله: {ضيف إِبْرَاهِيم الْمُكرمين (الذاريات: 24) إِنَّمَا ذكر هَذَا إِشَارَة إِلَى أَن لفظ الضَّيْف يُطلق على الْوَاحِد وَالْجمع وَلِهَذَا وَقع الْمُكرمين صفة الضَّيْف وَجمع الْقلَّة مِنْهُ أضياف وَجمع الْكَثْرَة ضيوف وضيفان، يُقَال: ضفت الرجل إِذا نزلت بِهِ فِي ضِيَافَة، وأضفته إِذا أنزلته وتضيفته إِذا نزلت بِهِ، وتضيفني إِذا أنزلني.
قَالَ أبُو عَبْدِ الله: يُقالُ: هُوَ زَوْرٌ وهاؤُلاء زَوْرٌ وَضَيْفٌ، وَمَعْنَاه: أضْيافُهُ وزُوَّارُهُ، لِأَنَّهَا مَصْدَرٌ مِثْلُ: قَوْمِ رِضاً وعَدْل، وَيُقالُ: ماءٌ غَوْرٌ وبِئْرٌ غَوْرٌ وَمَا آنِ غَوْرٌ ومِياهٌ غَوْرٌ، ويُقالُ: الغَوْرُ الغائِرُ لَا تَنالُهُ الدِّلاءُ كُلُّ شَيءٍ غُرْتَ فِيهِ فَهْوَ مَغَارَةٌ؛ تَزَّاوَرُ تَمِيل مِنَ الزَّوْرِ؛ الأزْوَرُ الأمْيَل.
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. وَقَوله: هَذَا إِلَى قَوْله: (ومياه غور) إِنَّمَا ثَبت فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والكشميهني فَقَط قَوْله: يُقَال: (هُوَ زور) أَرَادَ بِهِ أَن لفظ: زور، يُطلق على الْوَاحِد وَالْجمع يُقَال هُوَ الزُّور للْوَاحِد وَهَؤُلَاء الْقَوْم زور للْجمع وَالْحَاصِل أَن لفظ زور مصدر وضع مَوضِع الإسم، كَصَوْم بِمَعْنى الصَّائِم ونوم معنى نَائِم، وَقد يكون جمع زائر كركب جمع رَاكب. قَوْله:(وَمَعْنَاهُ)، أَي: معنى هَؤُلَاءِ زور هَؤُلَاءِ أضيافه وزواره بِضَم الزَّاي وَتَشْديد الْوَاو وَهُوَ جمع زائر. قَوْله: (لِأَنَّهَا مصدر) مثل قوم المثلية بَينهمَا فِي إِطْلَاق زور على زوار كإطلاق لفظ قوم على جمَاعَة وَلَيْسَت المثلية فِي المصدرية لِأَن لفظ: قوم إسم وَلَيْسَ بمصدر بِخِلَاف لفظ: زور فَإِنَّهُ فِي الأَصْل مصدر. قَوْله: (رضَا وَعدل) يَعْنِي: يُقَال قوم رضَا بِمَعْنى مرضيون، وَقوم عدل بِمَعْنى عدُول، وتوصيفه بالمفرد بِاعْتِبَار اللَّفْظ لِأَنَّهُ مُفْرد وَفِي الْمَعْنى جمع. قَوْله:(وَيُقَال: مَاء غور) بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو وبالراء وَمَعْنَاهُ: غائر، أَي: الذَّاهِب إِلَى أَسْفَل أرضه يُقَال: غَار المَاء يغور غؤوراً وغوراً والغور فِي الأَصْل مصدر فَلذَلِك يُقَال: مَاء غور وَمَا آن ومياه غور، قَوْله: وَيُقَال: الْغَوْر الغائر أَي: الذَّاهِب بِحَيْثُ لَا تناله الدلاء، وَهَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة. قَوْله: كل شَيْء غرت فِيهِ أَي: ذهبت فِيهِ يُسمى مغارة وَيُسمى غاراً، وكهفاً، وَإِنَّمَا قَالَ: فَهِيَ، بالتأنيث نظرا للمغارة. قَوْله:(تزاور) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى فِي قصَّة أَصْحَاب الْكَهْف: {وَترى الشَّمْس
…
. عَن كهفهم (الْكَهْف: 17) أَي: تميل وَهُوَ من الزُّور بِفَتْح الْوَاو بِمَعْنى الْميل، وَالْأَزْوَر هُوَ أفعل أَخذ مِنْهُ بِمَعْنى الأميل، وتزاور أَصله: تتزاور، فأدغمت إِحْدَى التائين فِي الزَّاي.
6134 -
حدَّثنا إسْحاقُ بنُ مَنْصُور حَدثنَا رَوْحُ بنُ عُبادةَ حَدثنَا حُسَيْنٌ عَنْ يَحْيَى ابنِ أبي كَثِيرٍ عَنْ أبي سلَمَةَ بن عَبْدِ الرَّحْمانِ عَنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْروٍ قَالَ: دَخَلَ عَليَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَلَمْ أخْبَرْ أنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ؟ قُلْتُ: بَلى. قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ قُمْ وَنَمْ وَصُمْ وأفْطِرْ، فإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّكَ عَسَى أَنْ يَطُولَ بِكَ عُمرٌ وإِنَّ مِنْ حَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْر ثَلَاثَةَ أيَّامٍ فَإِنَّ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمْثالِها، فَذَلِكَ الدَّهْرُ كُلُّهُ، قَالَ: فَشَدَّدْتُ عَلَيَّ. فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ غَيْرَ ذالِكَ، قَالَ: فَصُمْ مِنْ كُلِّ جُمُعَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قَالَ: فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ. قُلْتُ: إنِّي أُطِيقُ غَيْرَ ذالِكَ، قَالَ: فَصُمْ صَوْمَ نَبِيِّ الله داوُدَ. قُلْتُ: وَمَا صَوْمُ نَبِيِّ الله داوُدَ؟ قَالَ: نِصْفُ الدَّهْرِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَإِن لزورك عَلَيْك حَقًا) والزور بِفَتْح الزَّاي وَسُكُون الْوَاو وبالراء بِمَعْنى الزائر وَهُوَ الضَّيْف، وَحقه يَوْم وَلَيْلَة. وَاخْتلف فِي وُجُوبهَا: فأوجبها اللَّيْث بن سعد فرضا لَيْلَة وَاحِدَة، وَأَجَازَ للْعَبد الْمَأْذُون لَهُ أَن يضيف مِمَّا فِي يَده، وَاحْتج بِحَدِيث عقبَة، وَقَالَت جمَاعَة من أهل الْعلم: الضِّيَافَة من مَكَارِم الْأَخْلَاق فِي باديته وحاضرته، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي. وَقَالَ مَالك: لَيْسَ على أهل الْحَضَر ضِيَافَة، وَقَالَ سَحْنُون: إِنَّمَا الضِّيَافَة على أهل الْقرى، وَأما الْحَضَر فالفندق ينزل فِيهِ المسافرون، وَحَدِيث عقبَة كَانَ فِي أول الْإِسْلَام حِين كَانَت الْمُوَاسَاة وَاجِبَة، فَأَما إِذا أَتَى الله بِالْخَيرِ وَالسعَة فالضيافة مَنْدُوب إِلَيْهَا وَقَوله صلى الله عليه وسلم: جائزته فِي يَوْم وَلَيْلَة، دَلِيل على أَن الضِّيَافَة لَيست بفريضة، والجائزة فِي لِسَان الْعَرَب المنحة والعطية، وَذَلِكَ تفضل وَلَيْسَ بِوَاجِب وحسين فِي السَّنَد هُوَ الْمعلم.
والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الصَّوْم فِي: بَاب حق الضَّيْف فِي الصَّوْم، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مشروحاً.
قَوْله: (دخل عَليّ) بتَشْديد الْيَاء وفاعل دخل هُوَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (ألم أخبر؟) بِلَفْظ الْمَجْهُول. قَوْله: (أَن يطول بك عمر) يَعْنِي: عَسى أَن تكون طَوِيل الْعُمر فَتبقى ضَعِيف القوى كليل الْحَواس نهيك النَّفس فَلَا تقدر على المداومة عَلَيْهِ وَخير الْأَعْمَال مَا دَامَ وَإِن قل. قَوْله: (وَإِن من حَسبك) أَي: من كفايتك، ويروى: وَأَن حَسبك أَي: كافيك، وَيحْتَمل زِيَادَة: من عَليّ رَأْي الْكُوفِيّين. قَوْله: (الدَّهْر) بِالرَّفْع وَالنّصب، أما الرّفْع فعلى تَقْدِير هُوَ الدَّهْر كُله، وَأما النصب فعلى تَقْدِير: أَن تَصُوم الدَّهْر.
(بابُ إكْرَامِ الضَّيْفِ وخِدْمَتِهِ إِيَّاهُ بِنَفْسِهِ وَقَوْلِهِ {ضيف إِبْرَاهِيم الْمُكرمين} (الذاريات: 24)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مندوبية إكرام الضَّيْف وَالْإِكْرَام مصدر مُضَاف إِلَى مَفْعُوله، وطوى ذكر الْفَاعِل تَقْدِيره: إكرام الرجل ضَيفه وخدمته إِيَّاه، أَي: الضَّيْف بِنَفسِهِ، وَهَذَا تَخْصِيص بعد التَّعْمِيم لِأَن إكرام الضَّيْف أَعم من أَن يكون بِنَفسِهِ أَو بِأحد من خدمه وَفِيه زِيَادَة تَأْكِيد لَا تخفى. قَوْله: {ضيف إِبْرَاهِيم الْمُكرمين (الذاريات: 24) إِنَّمَا ذكر هَذَا إِشَارَة إِلَى أَن لفظ الضَّيْف يُطلق على الْوَاحِد وَالْجمع وَلِهَذَا وَقع الْمُكرمين صفة الضَّيْف وَجمع الْقلَّة مِنْهُ أضياف وَجمع الْكَثْرَة ضيوف وضيفان، يُقَال: ضفت الرجل إِذا نزلت بِهِ فِي ضِيَافَة، وأضفته إِذا أنزلته وتضيفته إِذا نزلت بِهِ، وتضيفني إِذا أنزلني.
قَالَ أبُو عَبْدِ الله: يُقالُ: هُوَ زَوْرٌ وهاؤُلاء زَوْرٌ وَضَيْفٌ، وَمَعْنَاه: أضْيافُهُ وزُوَّارُهُ، لِأَنَّهَا مَصْدَرٌ مِثْلُ: قَوْمِ رِضاً وعَدْل، وَيُقالُ: ماءٌ غَوْرٌ وبِئْرٌ غَوْرٌ وَمَا آنِ غَوْرٌ ومِياهٌ غَوْرٌ، ويُقالُ: الغَوْرُ الغائِرُ لَا تَنالُهُ الدِّلاءُ كُلُّ شَيءٍ غُرْتَ فِيهِ فَهْوَ مَغَارَةٌ؛ تَزَّاوَرُ تَمِيل مِنَ الزَّوْرِ؛ الأزْوَرُ الأمْيَل.
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. وَقَوله: هَذَا إِلَى قَوْله: (ومياه غور) إِنَّمَا ثَبت فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والكشميهني فَقَط قَوْله: يُقَال: (هُوَ زور) أَرَادَ بِهِ أَن لفظ: زور، يُطلق على الْوَاحِد وَالْجمع يُقَال هُوَ الزُّور للْوَاحِد وَهَؤُلَاء الْقَوْم زور للْجمع وَالْحَاصِل أَن لفظ زور مصدر وضع مَوضِع الإسم، كَصَوْم بِمَعْنى الصَّائِم ونوم معنى نَائِم، وَقد يكون جمع زائر كركب جمع رَاكب. قَوْله:(وَمَعْنَاهُ)، أَي: معنى هَؤُلَاءِ زور هَؤُلَاءِ أضيافه وزواره بِضَم الزَّاي وَتَشْديد الْوَاو وَهُوَ جمع زائر. قَوْله: (لِأَنَّهَا مصدر) مثل قوم المثلية بَينهمَا فِي إِطْلَاق زور على زوار كإطلاق لفظ قوم على جمَاعَة وَلَيْسَت المثلية فِي المصدرية لِأَن لفظ: قوم إسم وَلَيْسَ بمصدر بِخِلَاف لفظ: زور فَإِنَّهُ فِي الأَصْل مصدر. قَوْله: (رضَا وَعدل) يَعْنِي: يُقَال قوم رضَا بِمَعْنى مرضيون، وَقوم عدل بِمَعْنى عدُول، وتوصيفه بالمفرد بِاعْتِبَار اللَّفْظ لِأَنَّهُ مُفْرد وَفِي الْمَعْنى جمع. قَوْله:(وَيُقَال: مَاء غور) بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو وبالراء وَمَعْنَاهُ: غائر، أَي: الذَّاهِب إِلَى أَسْفَل أرضه يُقَال: غَار المَاء يغور غؤوراً وغوراً والغور فِي الأَصْل مصدر فَلذَلِك يُقَال: مَاء غور وَمَا آن ومياه غور، قَوْله: وَيُقَال: الْغَوْر الغائر أَي: الذَّاهِب بِحَيْثُ لَا تناله الدلاء، وَهَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة. قَوْله: كل شَيْء غرت فِيهِ أَي: ذهبت فِيهِ يُسمى مغارة وَيُسمى غاراً، وكهفاً، وَإِنَّمَا قَالَ: فَهِيَ، بالتأنيث نظرا للمغارة. قَوْله:(تزاور) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى فِي قصَّة أَصْحَاب الْكَهْف: {وَترى الشَّمْس
…
. عَن كهفهم (الْكَهْف: 17) أَي: تميل وَهُوَ من الزُّور بِفَتْح الْوَاو بِمَعْنى الْميل، وَالْأَزْوَر هُوَ أفعل أَخذ مِنْهُ بِمَعْنى الأميل، وتزاور أَصله: تتزاور، فأدغمت إِحْدَى التائين فِي الزَّاي.
6135 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسَفَ أخبرَنا مالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ بنِ أبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ عَنْ أبِي شُرَيْحٍ الكَعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّه واليَوْمِ الآخِر فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جائِزَتُهُ يَوْمٌ ولَيْلَةٌ، والضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أيَّامٍ فَما بَعْدَ ذالِكَ فَهْوَ صَدَقَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَليُكرم ضَيفه) . وَأَبُو شُرَيْح، بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة واسْمه خويلد بن عَمْرو وَقيل، غير ذَلِك، وَهُوَ من بني عدي بن عَمْرو بن لحي أخي كَعْب بن عَمْرو، فَلذَلِك قيل لَهُ: الكعبي، مَاتَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ بِالْمَدِينَةِ.
والْحَدِيث قد مضى فِي أَوَائِل كتاب الْأَدَب فِي: بَاب من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر، فَلَا يؤذ جَاره.
قَوْله: (جائزته) على وزن فَاعله من الْجَوَاز وَهِي الْعَطاء لِأَنَّهُ حق جَوَازه عَلَيْهِم، وقدرها الشَّارِع بِيَوْم وَلَيْلَة لِأَن عَادَة الْمُسَافِرين ذَلِك، وَقَالَ السُّهيْلي: رُوِيَ: جائزته، بِالرَّفْع على الِابْتِدَاء وَهُوَ وَاضح وَبِالنَّصبِ على بدل الاشتمال أَي: يكرم جائزته يَوْمًا وَلَيْلَة. قَوْله: (والضيافة ثَلَاثَة أَيَّام) اخْتلف فِي أَنه هَل الْيَوْم وَاللَّيْلَة الَّتِي هِيَ الْجَائِزَة دَاخِلَة فِي الثَّلَاث أم لَا؟ وَإِذا قُلْنَا بِدُخُولِهَا يقدم لَهُ فِي
الْيَوْم الأول مَا يقدم عَلَيْهِ من الْبر والألطاف وَفِي الْيَوْمَيْنِ الآخرين مَا يحضرهُ، وَإِذا قُلْنَا بخروجها فَهَل هِيَ قبل الثَّلَاثَة أَو بعْدهَا فقد روى مُسلم وَأحمد من رِوَايَة عبد الحميد بن جَعْفَر عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي شُرَيْح بِلَفْظ: الضِّيَافَة ثَلَاثَة أَيَّام وجائزته يَوْم وَلَيْلَة، فَهَذَا يدل على الْمُغَايرَة بَين الضِّيَافَة والجائزة، وَيدل على أَن الْجَائِزَة بعد الضِّيَافَة، ابْن بطال: قسم صلى الله عليه وسلم أَمر الضَّيْف ثَلَاثَة أَقسَام: يتحفه فِي الْيَوْم الأول، ويتكلف لَهُ فِي الْيَوْم الثَّانِي، وَفِي الثَّالِث يقدم إِلَيْهِ مَا يحضرهُ، وَيُخَير بعد الثَّالِث كَمَا فِي الصَّدَقَة. وَقَالَ ابْن بطال أَيْضا: سُئِلَ عَنهُ مَالك فَقَالَ: يُكرمهُ ويتحفه يَوْمًا وَلَيْلَة وَثَلَاثَة أَيَّام ضِيَافَة، فَهَذَا يدل على أَن الْيَوْم وَاللَّيْلَة قبل الضِّيَافَة بِثَلَاثَة أَيَّام. قَوْله:(وَلَا يحل لَهُ أَن يثوي عِنْده) من الثوى وَهُوَ الْإِقَامَة فِي الْمَكَان. وَفِي التَّوْضِيح: أَن يثوي بِفَتْح أَوله وَكسر الْوَاو وبالفتح فِي الْمَاضِي ثوى إِذا قَامَ، وأثويت عِنْده لُغَة فِي ثويت، أَي: لَا يُقيم عِنْده بعد الثَّلَاث. قَوْله: (حَتَّى يحرجه) من الإحراج وَمن التحريج أَيْضا فعلى الأول بِالتَّخْفِيفِ وعَلى الثَّانِي بِالتَّشْدِيدِ، أَي: لَا يضيق صَدره بِالْإِقَامَةِ عِنْده بعد الثَّلَاثَة، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: حَتَّى يؤثمه، يَعْنِي: يوقعه فِي الْإِثْم، لِأَنَّهُ قد يغتابه لطول مقَامه أَو يظنّ بِهِ ظنا سَيِّئًا، وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد عَن أبي شُرَيْح، قيل: يَا رَسُول الله {وَمَا يؤثمه؟ قَالَ: يُقيم عِنْده لَا يجد شَيْئا يقدمهُ.
حَدثنَا إسْماعِيلُ قَالَ: حدّثني مالِك مِثْلَهُ، وزَادَ: مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّه واليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ.
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن أسماعيل بن أبي أويس عَن مَالك مثله، يَعْنِي: بِإِسْنَادِهِ وَزَاد فِيهِ: من كَانَ يُؤمن
…
إِلَى آخِره، أَي: من كَانَ إيمَانه إِيمَانًا كَامِلا فَيَنْبَغِي أَن يكون هَذَا حَاله وَصفته. قَوْله: (أَو ليصمت) ، ضَبطه النَّوَوِيّ بِضَم الْمِيم، وَقَالَ بَعضهم: قَالَ الطوفي: بِكَسْرِهَا وَهُوَ الْقيَاس كضرب، قلت: مَا للْقِيَاس تعلق هُنَا، وَهُوَ كَلَام واهٍ وَالْأَصْل فِي هَذَا السماع، فَإِن سمع أَنه من بَاب فعل يفعل بِالْفَتْح فِي الْمَاضِي وَالْكَسْر فِي الْمُضَارع فَلَا كَلَام، أَو يكون قد جَاءَ من بَابَيْنِ من بَاب نصر ينصر وَمن بَاب ضرب يضْرب، قيل: التَّخْيِير فِيهِ مُشكل لِأَن الْمُبَاح إِن كَانَ فِي أحد الشقين لزم أَن يكون مَأْمُورا بِهِ فَيكون وَاجِبا أَو مَنْهِيّا فَيكون حَرَامًا. وَأجِيب: بِأَن كلاًّ من: ليقل وليصمت، أَمر مُطلق بتناول الْمُبَاح وَغَيره فَيلْزم من ذَلِك أَن يكون الْمُبَاح حسنا لدُخُوله فِي الْخَيْر، وَفِيه تَأمل.
6136 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّد حَدثنَا ابنُ مَهْدِيّ حدَّثنا سُفْيَانُ عَنْ أبِي حصَيْنٍ عَنْ أبي صالِحٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّه واليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جارَهُ، وَمَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّه واليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّه واليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَليُكرم ضَيفه) . وَعبد الله بن مُحَمَّد الْجعْفِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي يروي عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي حُصَيْن بِفَتْح الْحَاء وَكسر الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ عُثْمَان الْأَسدي عَن أبي صَالح ذكْوَان الزيات.
والْحَدِيث قد مضى فِي: بَاب من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يؤذ جَاره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
6137 -
حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حَدثنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بنِ أبِي حبِيبٍ عَنْ أبِي الخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بنِ عامِرٍ رضي الله عنه أنَّهُ قَالَ: قُلْنا: يَا رسولَ الله} إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَقْرُونَنا، فَما تَرَى؟ فَقَالَ لَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فأمَرُوا لَكُمْ بِما يَنْبغِي للضَّيْفِ فاقْبَلُوا، فإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَق الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ. (انْظُر الحَدِيث 2461) .