الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُلْتُ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ. قُلْتُ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَق؟ قَالَ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ، عَلَى زَعْمِ أَنْفِ أبي ذَرْ، وَكَانَ أبُوا ذَرْ إِذا حَدَّثَ بِهاذَا قَالَ: وإنْ رَغِمَ أنْفُ أبي ذَرّ.
قَالَ أبُو عَبْدِ الله: هاذا عِنْدَ المَوْتِ أوْ قَبْلَهُ إِذا تابَ ونَدِمَ، وَقَالَ: لَا إلاهَ إِلَّا الله، غُفِرَ لَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَعَلِيهِ ثوب أَبيض) . وَأَبُو معمر بِفَتْح الميمين عبد الله بن عَمْرو بن أبي الْحجَّاج المقعد الْبَصْرِيّ، وَعبد الْوَارِث بن سعيد، وَالْحُسَيْن هُوَ الْمعلم، وَعبد الله بن بُرَيْدَة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء القَاضِي بمرو وَيحيى بن يعمر بِلَفْظ مضارع الْعِمَارَة بِفَتْح الْمِيم كَانَ أَيْضا قَاضِيا بهَا، وَأَبُو الْأسود ظَالِم بن عَمْرو الدؤَلِي بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَفتح الْهمزَة، وَهُوَ أول من تكلم فِي النَّحْو بِإِشَارَة عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه.
وَالرِّجَال كلهم بصريون، وَأَبُو ذَر جُنْدُب ابْن جُنَادَة.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره.
قَوْله: (وَعَلِيهِ ثوب أَبيض) الْوَاو فِيهِ للْحَال، وَفَائِدَته ذكر الثَّوْب وَالنَّوْم والاستيقاظ لتقرير التثبت والاتقان فِيمَا يرويهِ فِي آذان السامعين ليتَمَكَّن فِي قُلُوبهم. قَوْله:(وَإِن زنى) حرف الِاسْتِفْهَام فِيهِ مُقَدّر، والمعاصي نَوْعَانِ: مَا يتَعَلَّق بِحَق الله تَعَالَى كَالزِّنَا، وبحق النَّاس كالسرقة. قَوْله:(على رغم أنف أبي ذَر) من رغم إِذا لصق بالرغام وَهُوَ التُّرَاب، وَيسْتَعْمل مجَازًا بِمَعْنى: كره أَو ذل إطلاقاً لإسم السَّبَب على الْمُسَبّب، وَأما تَكْرِير أبي ذَر فلاستعظام شَأْن الدُّخُول مَعَ مُبَاشرَة الْكَبَائِر وتعجبه مِنْهُ، وَأما تَكْرِير النَّبِي صلى الله عليه وسلم فلإنكار استعظامه وتحجيره وَاسِعًا فَإِن رَحمته وَاسِعَة على خلقه. وَأما حِكَايَة أبي ذَر قَول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:(على رغم أنف أبي ذَر) فللشرف والافتخار.
وَفِيه: أَن الْكَبِيرَة لَا تسلب اسْم الْإِيمَان وَأَنَّهَا لَا تحبط الطَّاعَة وَأَن صَاحبهَا لَا يخلد فِي النَّار وَأَن عاقبته دُخُول الْجنَّة، قَالَ الْكرْمَانِي: مَفْهُوم الشَّرْط أَن من لم يزن لم يدْخل الْجنَّة، وَأجَاب بقوله: هَذَا الشَّرْط للْمُبَالَغَة فالدخول لَهُ بِالطَّرِيقِ الأولى نَحْو: نعم العَبْد صُهَيْب لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ.
قَوْله: (قَالَ أَبُو عبد الله) هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله: (هَذَا) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله صلى الله عليه وسلم: مَا من عبد قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ مَاتَ على ذَلِك إلَاّ دخل الْجنَّة، وَأَرَادَ بِهِ تَفْسِير هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ أَنه مَحْمُول على أَن من وحّد ربه وَمَات على ذَلِك تَائِبًا من الذُّنُوب الَّتِي أُشير إِلَيْهَا فِي الحَدِيث دخل الْجنَّة. وَقَالَ ابْن التِّين: قَول البُخَارِيّ هَذَا خلاف ظَاهر الحَدِيث، وَلَو كَانَت التَّوْبَة شرطا لم يقل:(وَإِن زنى وَإِن سرق) والْحَدِيث على ظَاهره، وَإِن مَاتَ مُسلما دخل الْجنَّة قبل النَّار أَو بعْدهَا؟ انْتهى. قلت: نعم ظَاهر قَول البُخَارِيّ أَنه لم يُوجب الْمَغْفِرَة إلَاّ لمن تَابَ، فَظَاهر هَذَا يُوهم إِنْفَاذ الْوَعيد لمن لم يتب، وَأَيْضًا يحْتَاج تَفْسِير البُخَارِيّ إِلَى تَفْسِير آخر، وَذَلِكَ أَن التَّوْبَة والندم إِنَّمَا ينفع فِي الذَّنب الَّذِي بَين العَبْد وربه، وَأما مظالم الْعباد فَلَا تسقطها عَنهُ التَّوْبَة إلَاّ بردهَا إِلَيْهِم أَو عفوهم، وَمعنى الحَدِيث: أَن من مَاتَ على التَّوْحِيد دخل الْجنَّة وَإِن ارْتكب الذُّنُوب، وَلَا يخلد فِي النَّار.
وَفِيه: رد على المبتدعة من الْخَوَارِج والمعتزلة الَّذين يدعونَ وجوب خُلُود من مَاتَ من مرتكبي الْكَبَائِر من غير تَوْبَة فِي النَّار.
25 -
(بابُ لُبْسِ الحَرِيرِ وافْتِراشِهِ لِلرِّجالِ وقَدْرِ مَا يَجُوزُ مِنْهُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم لبس الْحَرِير وَفِي بَيَان حكم افتراشه. قَوْله: (للرِّجَال) يتَعَلَّق بالاثنين جَمِيعًا، وَهُوَ قيد يخرج النِّسَاء. قَوْله:(وَقدر)، أَي فِي بَيَان قدر مَا يجوز اسْتِعْمَاله للرِّجَال. قَوْله:(مِنْهُ) أَي من الْحَرِير، وَلم يذكر فِي:(شرح ابْن بطال) زِيَادَة افتراشه لِأَنَّهُ ترْجم للافتراش مُسْتقِلّا، كَمَا سَيَأْتِي بعد أَبْوَاب، وَالْحَرِير مَعْرُوف وَهُوَ عَرَبِيّ، وَسمي بذلك لخلوصه، يُقَال لكل خَالص: مُحَرر، وحررت الشَّيْء مخلصته من الِاخْتِلَاط بِغَيْرِهِ، وَقيل: هُوَ فَارسي مُعرب.
5828 -
حدَّثنا آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةَ حَدثنَا قَتادَةُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمانَ النَّهْدِيَّ قَالَ: أَتَانَا كِتابُ عُمَرَ وَنَحْنُ مَعَ عُتْبَةَ بنِ فَرْقَدٍ بِأذْرَ بِيجانَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهاى عَنِ الحَرِير، إلَاّ هاكَذا
…
وأشارَ بإصْبَعَيْهِ اللَّتِيٌ تَلِيانِ الإبْهامَ، قَالَ: فِيما عَلِمْنا أنَّهُ يَعْنِي الأعْلَامَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو عُثْمَان عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْهَاء، وَعتبَة بِضَم الْعين الْمُهْملَة
وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن فرقد بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْقَاف وبالدال الْمُهْملَة السّلمِيّ أَبُو عبد الله. قَالَ أَبُو عمر: لَهُ صُحْبَة ورؤية، وَكَانَ أَمِيرا لعمر بن الْخطاب رضي الله عنه، على بعض فتوحات الْعرَاق، وروى شُعْبَة عَن حُصَيْن عَن امْرَأَة عتبَة بن فرقد أَن عتبَة غزا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، غزوتين.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن أَحْمد بن يُونُس وَعَن مُسَدّد وَعَن الْحسن بن عمر فِي هَذَا الْبَاب عَن كلهم. وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي اللبَاس عَن أَحْمد بن يُونُس وَعَن جمَاعَة آخَرين. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَغَيره. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْجِهَاد وَفِي اللبَاس عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
وأذربيجان هُوَ الإقليم الْمَعْرُوف، وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَا وَرَاء الْعرَاق. قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل الْعرَاق جنوبيها عِنْد ظهر حلوان وَشَيْء من حُدُود الجزيرة وشماليها جبال العقيق وغربيها حُدُود بِلَاد الرّوم شَيْء. من الجزيرة وشرقيها بِلَاد الجيل وَتَمَامه بِلَاد الديلم وَهِي إسم لبلاد تبريز وتبريز أجل مدنها، وَهِي بِفَتْح الْألف الْمَقْصُورَة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْجِيم ثمَّ ألف وَنون. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَأَهْلهَا يَقُولُونَ بِفَتْح الْهمزَة وَالْمدّ وَفتح وَإِسْكَان الرَّاء وَفتح الْمُوَحدَة وبالألف وبالجيم وَالْألف وَالنُّون، وَضَبطه المحدثون بِوَجْهَيْنِ بِفَتْح الْهمزَة بِغَيْر الْمَدّ وَإِسْكَان الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَكسر الْمُوَحدَة وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة وبمد الْهمزَة وَفتح الْمُعْجَمَة الْمُعْجَمَة. قلت: الْعُمْدَة فِي ذَلِك على ضبط أَهلهَا.
وَقَالَ النووري: هَذَا الحَدِيث مِمَّا استدركه الدَّارَقُطْنِيّ على البُخَارِيّ، وَقَالَ: لم يسمعهُ أَبُو عُثْمَان من عمر رضي الله عنه، بل أخبر عَن كِتَابه وَهَذَا الِاسْتِدْرَاك بَاطِل، فَإِن الصَّحِيح جَوَاز الْعَمَل بِالْكتاب وَرِوَايَته عَنهُ، وَذَلِكَ مَعْدُود عِنْدهم فِي الْمُتَّصِل، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يكْتب إِلَى أمرائه وعماله ويفعلون مَا فِيهَا، وَكتب عمر إِلَى عتبَة بن فرقد وَفِي الْجَيْش خلائق من الصَّحَابَة، فَدلَّ على حُصُول الِاتِّفَاق مِنْهُم، وَأَبُو عُثْمَان هَذَا أسلم على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَصدق إِلَيْهِ وَلم يلقه، وروى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة مِنْهُم: عمر بن الْخطاب وَابْنه عبد الله وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَأم سَلمَة رضي الله عنهم.
قَوْله: (نهى عَن الْحَرِير) أَي: لبس الْحَرِير. قَوْله: (وَأَشَارَ) أَي: النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (اللَّتَيْنِ تليان الْإِبْهَام) يَعْنِي: السبابَة وَالْوُسْطَى، وَصرح بذلك فِي رِوَايَة عَاصِم. قَوْله:(قَالَ: فِيمَا علمنَا) أَي: قَالَ أَبُو عُثْمَان: حصل فِي علمنَا أَنه يُرِيد بالمستثنى الْأَعْلَام بِفَتْح الْهمزَة جمع علم وَهُوَ مَا يجوزه الْفُقَهَاء من التطريف والتطريز وَنَحْوهمَا، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم والإسماعيلي: قَالَ أَبُو عُثْمَان: فِيمَا عتمنا أَنه يَعْنِي الْأَعْلَام، وعتمنا بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، يُقَال: عتم إِذا أَبْطَأَ وَتَأَخر يَعْنِي: مَا أَبْطَأَ فِي معرفَة أَنه أَرَادَ بِهِ الْأَعْلَام الَّتِي فِي الثِّيَاب.
وَاخْتلفُوا فِي الْحِكْمَة فِي تَحْرِيم الْحَرِير على الرجل فَقيل: السَّرف، وَقيل: الْخُيَلَاء، وَقيل: للتشبه بِالنسَاء. وَحكى ابْن دَقِيق الْعِيد عَن بَعضهم أَن تَعْلِيل التَّحْرِيم التَّشَبُّه بالكفار وَيدل عَلَيْهِ قَوْله صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيث: هُوَ لَهُم فِي الدُّنْيَا وَلنَا فِي الْآخِرَة. وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: وَالَّذِي يَصح من ذَلِك مَا هُوَ فِيهِ السَّرف، وَقَالَ شَيخنَا: السَّرف مَنْهِيّ عَنهُ فِي حق الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَإِنَّمَا هُوَ من زِينَة النِّسَاء، وَقد أذن للنِّسَاء فِي التزين وَنهى الرِّجَال عَن التَّشَبُّه بِهن، وَلعن الشَّارِع الرِّجَال المتشبهين بِالنسَاء، وَهَذَا الحَدِيث حجَّة لِلْجُمْهُورِ بِأَن الْحَرِير حرَام على الرِّجَال. وَقَالَ النَّوَوِيّ: الْإِجْمَاع انْعَقَد على ذَلِك.
وَحكى القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ فِي الْمَسْأَلَة عشرَة أَقْوَال: الأول: أَنه حرَام على الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَهُوَ قَول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما. الثَّانِي: أَنه حَلَال للْجَمِيع. الثَّالِث: حرَام إلَاّ فِي الْحَرْب. الرَّابِع: أَنه حرَام إلَاّ فِي السّفر. الْخَامِس: أَنه حرَام إلَاّ فِي الْمَرَض. السَّادِس: أَنه حرَام إلَاّ فِي الْغَزْوَة. السَّابِع: أَنه حرَام إلَاّ فِي الْعلم. الثَّامِن: أَنه حرَام فِي الْأَعْلَى دون الْأَسْفَل، أَي: افتراشه. التَّاسِع: أَنه حرَام وَإِن خلط بِغَيْرِهِ. الْعَاشِر: أَنه حرَام إلَاّ فِي الصَّلَاة عِنْد عدم غَيره. وَفِيه: حجَّة على إِبَاحَة قدر لإصبعين فِي الْأَعْلَام، وَلَكِن وَقع عِنْد أبي دَاوُد من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَاصِم الْأَحول فِي هَذَا الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، نهى عَن الْحَرِير إلَاّ مَا كَانَ هَكَذَا وَهَكَذَا، إِصْبَعَيْنِ وَثَلَاثَة وَأَرْبَعَة. وروى مُسلم من حَدِيث سُوَيْد بن غَفلَة بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة
وَالْفَاء وَاللَّام الخفيفتين أَن عمر رضي الله عنه، خطب فَقَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، عَن لبس الْحَرِير إلاّ مَوضِع إِصْبَعَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَو أَرْبعا. وَكلمَة: أَو، هُنَا للتنويع والتخيير، وَأخرجه ابْن أبي شيبَة من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ: إِن الْحَرِير لَا يصلح مِنْهُ إلَاّ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، يَعْنِي: إِصْبَعَيْنِ وَثَلَاثًا وأربعاً. وَقَالَ شَيخنَا: فِي حَدِيث عمر رضي الله عنه، حجَّة لما قَالَه أَصْحَابنَا من أَنه لَا يرخص فِي التطريز وَالْعلم فِي الثَّوْب إِذا زَاد على أَرْبَعَة أَصَابِع، وَأَنه تجوز الْأَرْبَعَة فَمَا دونهَا، وَمِمَّنْ ذكره من أَصْحَابنَا الْبَغَوِيّ فِي (التَّهْذِيب) وَتَبعهُ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ. انْتهى. وَذكر الزَّاهدِيّ من أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة أَن الْعِمَامَة إِذا كَانَت طرتها قدر أَربع أَصَابِع من إبريسم بأصابع عمر بن الْخطاب رضي الله عنه، وَذَلِكَ قيس شبرنا يرخص فِيهِ. والأصابع لَا مَضْمُومَة كل الضَّم وَلَا منشورة كل النشر. وَقيل: أَربع أَصَابِع كَمَا هِيَ على هيئتها، وَقيل: أَربع أَصَابِع منشورة، وَقيل: التَّحَرُّز عَن مِقْدَار المنشورة أولى، وَالْعلم فِي مَوَاضِع. قَالَ بَعضهم: يجمع، وَقيل: لَا يجمع، وَإِذا كَانَ نظره إِلَى الثَّلج يضرّهُ فَلَا بَأْس أَن يشد على عَيْنَيْهِ خماراً أسود من إبر يسم، قَالَ: وَفِي الْعين الرمدة أولى، وَقيل: لَا يجوز، وَعَن أبي حنيفَة رضي الله عنه: لَا بَأْس بِالْعلمِ من الْفضة فِي الْعِمَامَة قدر أَربع أَصَابِع، وَيكرهُ من الذَّهَب، وَقيل: لَا يكره، وَالذَّهَب المنسوج فِي الْعلم كَذَلِك، وَعَن مُحَمَّد لَا يجوز، وَفِي:(جَامع مُخْتَصر) الشَّيْخ أبي مُحَمَّد قيل لمَالِك: ملاحف أعلامها حَرِير قدر إِصْبَعَيْنِ، قَالَ: لَا أحبه، وَمَا أرَاهُ حَرَامًا.
5829 -
حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ حَدثنَا زُهَيْرٌ حَدثنَا عاصِمٌ عَنْ أبي عُثْمانَ قَالَ: كَتَبَ إلَيْنا عُمَرُ وَنَحْنُ بِأذْرَبِيجَانَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهاى عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ إلاّ هاكَذَا، وَصَفَّ لنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم، إصْبَعَيْهِ، وَرَفَعَ زُهَيْرٌ الوُسْطَى والسَّبابَةَ.
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن أَحْمد بن يُونُس وَهُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُوسُف نسب لجده وَهُوَ بذلك أشهر، يروي عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة بن أبي خَيْثَمَة الْجعْفِيّ عَن عَاصِم بن سُلَيْمَان الْأَحول عَن أبي عُثْمَان عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور.
قَوْله: (كتب إِلَيْنَا عمر) هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَر، وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: كتب إِلَيْهِ، أَي: إِلَى عتبَة بن فرقد، وكلتا الرِّوَايَتَيْنِ صَحِيحَة لِأَنَّهُ كتب إِلَى الْأَمِير لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُخَاطب بِهِ وَكتب إِلَيْهِم أَيْضا بالحكم. قَوْله:(وَرفع زُهَيْر السبابَة وَالْوُسْطَى)، وَزَاد مُسلم فِي رِوَايَته: وضمهما.
5830 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا يَحْياى عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ أبِي عُثْمانَ قَالَ: كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَا يُلْبَسُ الحَرِيرُ فِي الدُّنْيا إلَاّ لَمْ يُلْبَسْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الآخِرَةِ.
هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن مُسَدّد عَن يحيى الْقطَّان عَن سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ
…
إِلَى آخِره.
قَوْله: (لَا يلبس) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَكَذَلِكَ قَوْله:(لم يلبس) وَهَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وللنسفي فِي الْأَخِيرَة: مِنْهُ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني على صِيغَة بِنَاء الْفَاعِل فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَالتَّقْدِير: لَا يلبس الرجل الْحَرِير، ويروى: لَا يلبس أحد الْحَرِير فِي الدُّنْيَا إلَاّ لم يلبس مِنْهُ شَيْئا فِي الْآخِرَة، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: لَا يلبس الْحَرِير إلَاّ من لَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْء فِي الْآخِرَة، وَقَالَ بَعضهم: وَأوردهُ الْكرْمَانِي بِلَفْظ: إلَاّ من لم يلبس، قَالَ: وَفِي الْأُخْرَى: إلَاّ من لَيْسَ يلبس مِنْهُ. قلت: لفظ الْكرْمَانِي هَكَذَا. قَوْله: إلاّ من لم يلبس، وَفِي بَعْضهَا: إلَاّ لَيْسَ يلبس.
حدَّثنا الحَسَنُ بنُ عُمَر حَدثنَا مُعْتَمِرٌ حَدثنَا أبي حَدثنَا أبُو عُثْمانَ، وأشارَ أبُو عُثْمانَ بِإِصْبَعَيْهِ: المُسَبِّحَةِ والوُسْطَى.
هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن الْحسن بن عمر بن شَقِيق الْجرْمِي بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الرَّاء أبي عُثْمَان الْبَلْخِي، هَكَذَا نَص
عَلَيْهِ الكلاباذي وَآخَرُونَ، وَعَن ابْن عدي هُوَ ابْن عَمْرو بن إِبْرَاهِيم الْعَبْدي وَلَيْسَ بِشَيْء، ومعتمر يروي عَن أَبِيه سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، وَسليمَان عَن أبي عُثْمَان الْمَذْكُور، وَأَبُو عُثْمَان يروي عَن كتاب عمر ضي الله عَنهُ، وَزَاد هَذِه الزِّيَادَة. (المسبحة) بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة وَهِي السبابَة وَهِي الَّتِي تلِي الْإِبْهَام، وَسميت بالسبابة لِأَن النَّاس يشيرون بهَا عِنْد السَّبَب، وَسميت بالمسبحة لِأَن الْمُصَلِّي يُشِير بهَا إِلَى التَّوْحِيد وتنزيه الله تَعَالَى عَن الشَّرِيك.
5831 -
حدَّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ حَدثنَا شُعْبَة عَنِ الحَكمِ عَنِ ابنِ أبي لَيْلَى قَالَ: كَانَ حُذَيْفَةُ بالمَدايِنِ فاسْتَسْقاى. فأتاهُ دِهْقانٌ بماءٍ فِي إناءٍ مِنْ فِضَّةٍ فَرَماهُ بِهِ، وَقَالَ: إنِّي لَمْ أرْمِهِ إلَاّ أنِّي نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ والفِضّةُ والحَرِيرُ والدِّيباجُ هِيَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمَفْهُوم مِنْهُ عدم جَوَاز اسْتِعْمَال هَذِه الْأَشْيَاء للرِّجَال، وَقد تمسك بِهِ من منع اسْتِعْمَال النِّسَاء للحرير والديباج، لِأَن حُذَيْفَة اسْتدلَّ بِهِ على تَحْرِيم الشّرْب فِي الْإِنَاء الْفضة وَهُوَ حرَام على النِّسَاء وَالرِّجَال جَمِيعًا، فَيكون الْحَرِير كَذَلِك. وَأجِيب: بِأَن الْخطاب بِلَفْظ الْمُذكر وَدخُول الْمُؤَنَّث فِيهِ مُخْتَلف فِيهِ، قيل: الرَّاجِح عِنْد الْأُصُولِيِّينَ عدم دخولهن. قلت: هَذَا الْجَواب لَيْسَ بمقنع، بل الأولى أَن يُقَال: قد جَاءَت إِبَاحَة الذَّهَب وَالْحَرِير للنِّسَاء، كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَالْحكم بِفتْحَتَيْنِ هُوَ ابْن عتيبة مصغر عتبَة الْبَاب، وَابْن أبي ليلى هُوَ عبد الرَّحْمَن، وَاسم أبي ليلى يسَار ضد الْيَمين وَكَانَ عبد الرَّحْمَن قَاضِي الْكُوفَة، وَحُذَيْفَة هُوَ ابْن الْيَمَان.
والْحَدِيث مضى فِي الْأَشْرِبَة فِي: بَاب الشّرْب فِي آنِية الذَّهَب، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة عَن الحكم
…
إِلَى آخِره.
قَوْله: (فَاسْتَسْقَى) أَي: طلب سقِِي المَاء، (والمدائن) إسم مَدِينَة كَانَت دَار مملكة الأكاسرة، (والدهقان) بِكَسْر الدَّال على الْمَشْهُور وَبِضَمِّهَا، وَقيل بِفَتْحِهَا وَهُوَ غَرِيب، وَهُوَ زعيم الفلاحين، وَقيل: زعيم الْقرْيَة وَهُوَ عجمي مُعرب، وَقيل، بأصالة النُّون وزيادتها. قَوْله:(وَلَهُم) أَي: وللكفار، قَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا بَيَان للْوَاقِع لَا تَجْوِيز لَهُم لأَنهم مكلفون بالفروع، وَفِيه خلاف، وَظَاهر الحَدِيث يدل على أَنهم لَيْسُوا بمكلفين بالفروع.
5832 -
حدَّثنا آدَمُ حدَّثنا شُعْبَةُ حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ: أعَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ شَدِيداً: عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيا فَلَنْ يَلْبَسَهُ فِي الآخِرَةِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ يوضحها لِأَن التَّرْجَمَة لَيْسَ فِيهَا بَيَان الحكم والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (قَالَ شُعْبَة: فَقلت) أَي: فَقلت لعبد الْعَزِيز: (أعن النَّبِي صلى الله عليه وسلم؟) أَي: أسمع أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم؟ وَوَقع فِي رِوَايَة عَليّ بن الْجَعْد: شُعْبَة سَأَلت عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن الْحَرِير، فَقَالَ: سَمِعت أنسا، فَقلت: عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم؟ (فَقَالَ شَدِيدا) : أَي: قَالَ عبد الْعَزِيز على سَبِيل الْغَضَب الشَّديد فِي سُؤَاله عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، يَعْنِي: لَا حَاجَة إِلَى هَذَا السُّؤَال، إِذْ الْقَرِينَة أَو السُّؤَال مشْعر بذلك، قَالَه الْكرْمَانِي، وَقَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون تقريراً لكَونه مَرْفُوعا، أَي: أحفظه حفظا شَدِيدا، ثمَّ نقل مَا ذَكرْنَاهُ عَن الْكرْمَانِي ثمَّ قَالَ: كَذَا، وَوَجهه غير وجيه. قلت: الَّذِي قَالَه هُوَ غير وجيه، قلت: الَّذِي قَالَه هُوَ غير وجيه، وَالْأَوْجه مَا ذكره الْكرْمَانِي ليتأمله من لَهُ أدنى تامل. قَوْله:(فَلَنْ يلْبسهُ فِي الْآخِرَة) هُوَ على تَقْدِير: إِمَّا ينساه، أَو تزَال شَهْوَته من نَفسه، أَو يكون ذَلِك فِي وَقت دون وَقت.
5833 -
حدَّثنا سُلَيْمانُ بن حَرْبٍ حَدثنَا حَمادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ ثابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ يَقُولُ: قَالَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم: مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ.
[/ نه
مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا الْآن وثابت هُوَ الْبنانِيّ وَابْن الزبير هُوَ عبد الله.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة وَفِي التَّفْسِير عَن قُتَيْبَة عَن حَمَّاد بن زيد بِهِ.
قَوْله: (يخْطب) زَاد النَّسَائِيّ: وَهُوَ على الْمِنْبَر، وَفِي رِوَايَة أَحْمد عَن عَفَّان عَن حَمَّاد بِلَفْظ: يَخْطُبنَا. قَوْله: (قَالَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم هَذَا مُرْسل ابْن الزبير ومراسيل الصَّحَابَة مُحْتَج بهَا عِنْد الْجُمْهُور من الَّذين لَا يحتجون بالمراسيل لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يكون عِنْد الْوَاحِد مِنْهُم عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَو عَن صَحَابِيّ آخر، فَإِن قلت: يحْتَمل أَن يكون عَن تَابِعِيّ لوُجُود بعض الرِّوَايَة عَن بعض الصَّحَابَة عَن بعض التَّابِعين؟ قلت: هَذَا نَادِر والنادر كَالْمَعْدُومِ. قَوْله: (لم يلْبسهُ) بِكَلِمَة: لم، وَقَالَ بَعضهم: لن يلْبسهُ فِي الْآخِرَة، كَذَا فِي جَمِيع الطّرق عَن ثَابت، يَعْنِي بِكَلِمَة: لن، وَهُوَ اوضح فِي النَّفْي. قلت: وجدت فِي غَالب النّسخ: لم يلْبسهُ بِكَلِمَة: لم.
5834 -
حدَّثنا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ أخبرنَا شُعْبَةُ عَنْ أبِي ذُبْيانَ خَلِيفَةَ بنِ كَعْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: سَمعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ.
وَقَالَ لَنا أبُو مَعْمَرٍ: حَدثنَا عَبْدُ الوَارِثِ عَنْ يَزِيدَ قالَتْ مُعاذَةُ: أخْبَرَتْنِي أُمُّ عَمْرو بنْتُ عَبْدِ الله سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ الزُّبَيْرِ سَمِعَ عُمَرَ سَمِعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَحوه.
هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن عَليّ بن الْجَعْد بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة ابْن عبيد الْجَوْهَرِي الْبَغْدَادِيّ، روى البُخَارِيّ عَنهُ فِي كِتَابه اثْنَي عشر حَدِيثا، قَالَ البُخَارِيّ: مَاتَ بِبَغْدَاد آخر رَجَب سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَأَبُو ذبيان بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة وَكسرهَا وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وبالياء آخر الْحُرُوف وبالنون واسْمه خَليفَة بن كَعْب التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ، وَمَاله فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الْموضع، وَقد وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَوَقع فِي رِوَايَة عَليّ بن السكن عَن الْفربرِي عَن أبي ظبْيَان بِظَاء مُعْجمَة بدل الذَّال، قَالُوا: هُوَ خطأ، وَأَشد خطأ مِنْهُ فِي رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي عَن الْفربرِي عَن أبي دِينَار، بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة وبالياء آخر الْحُرُوف الساكنة وَنون وَبعد الْألف رَاء، وَقد نبه على ذَلِك أَبُو مُحَمَّد الْأصيلِيّ.
قَوْله: (سَمِعت ابْن الزبير يَقُول: سَمِعت عمر يَقُول) وَقع فِي رِوَايَة النَّضر بن شُمَيْل عَن شُعْبَة: حَدثنَا خَليفَة بن كَعْب سَمِعت عبد الله بن الزبير يَقُول: لَا تلبسوا نساءكم الْحَرِير، فَإِنِّي سَمِعت عمر رضي الله عنه
…
أخرجه النَّسَائِيّ من طَرِيق جَعْفَر بن مَيْمُون عَن خَليفَة بن كَعْب فَلم يذكر عمر فِي إِسْنَاده، وَشعْبَة أحفظ من جَعْفَر بن مَيْمُون. قَوْله:(لم يلْبسهُ) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: لن يلْبسهُ، وَالْمَحْفُوظ من هَذَا الْوَجْه: لم، وَكَذَا أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ، وَزَاد النَّسَائِيّ فِي رِوَايَة جَعْفَر بن مَيْمُون فِي آخِره: وَمن لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة لم يدْخل الْجنَّة. قَالَ الله تَعَالَى: { (22) ولباسهم فِيهَا حَرِير} (الْحَج: 23 وفاطر: 33) قيل: هَذِه الزِّيَادَة مدرجة فِي الْخَبَر، وَهِي مَوْقُوفَة على ابْن الزبير، بيَّن ذَلِك النَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق شُعْبَة، فَذكر مثل سَنَد حَدِيث الْبَاب، وَفِي آخِره: قَالَ ابْن الزبير، فَذكر الزِّيَادَة، وَكَذَا أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق عَليّ بن الْجَعْد عَن شُعْبَة، وَلَفظه: فَقَالَ ابْن الزبير من رَأْيه: وَمن لم يلبس الْحَرِير فِي الْآخِرَة لم يدْخل الْجنَّة، وَذَلِكَ لقَوْله تَعَالَى:{ولباسهم فِيهَا حَرِير} .
قَوْله: (وَقَالَ لنا أَبُو معمر) هَذَا طَرِيق آخر من رِوَايَة ابْن الزبير عَن عمر رضي الله عنه، أخرجه عَن أبي معمر عبد الله بن عمر بن الْحجَّاج أحد شُيُوخه بطرِيق المذاكرة حَيْثُ لم يُصَرح بِالتَّحْدِيثِ عَنهُ.
وَعبد الْوَارِث هُوَ ابْن سعيد، وَيزِيد من الزِّيَادَة قَالَ الغساني: هُوَ يزِيد الرشك بِكَسْر الرَّاء وبسكون الشين الْمُعْجَمَة وبالكاف، وَمَعْنَاهُ: القسام كَانَ يقسم الدّور وَيمْسَح بِمَكَّة، مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَة بِالْبَصْرَةِ، ومعاذة بِضَم الْمِيم وبالعين الْمُهْملَة وبالذال الْمُعْجَمَة بنت عبد الله العدوية البصرية، وَأم عمر وَبنت عبد الله بن الزبير بن الْعَوام الأَسدِية، سَمِعت أَبَاهَا عبد الله بن الزبير وَابْن الزبير سمع عمر رضي الله عنه، وَعمر سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: سَمِعت من عبد الله بن الزبير يَقُول فِي خطبَته: إِنَّه سمع عمر بن الْخطاب. . قَوْله: (نَحوه)، أَي: نَحْو الحَدِيث الْمَذْكُور، وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ بِلَفْظ: فَإِنَّهُ لَا يكساه فِي الْآخِرَة، وَله من طَرِيق شَيبَان بن فروخ عَن عبد الْوَارِث: فَلَا كَسَاه الله فِي