الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، وَأَبُو الزِّنَاد بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف النُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج هُوَ عبد الله بن هُرْمُز. والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (يَدْعُو بهَا) أَي: بِهَذِهِ الدعْوَة، وَفِي رِوَايَة: فتعجل كل نَبِي دَعوته وَإِنِّي اخْتَبَأْت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة، وَفِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة الْآتِيَة فِي التَّوْحِيد: فَأُرِيد إِن شَاءَ الله أَن أختبىء، وَزِيَادَة إِن شَاءَ الله، فِي هَذِه للتبرك، وَلمُسلم فِي رِوَايَة أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة: إِنِّي اخْتَبَأْت، وَفِي رِوَايَة أنس: فَجعلت دَعْوَتِي، وَزَاد يَوْم الْقِيَامَة، فَإِن قلت: وَقع للكثير من الْأَنْبِيَاء عليهم السلام من الدَّعْوَات المجابة وَلَا سِيمَا نَبينَا صلى الله عليه وسلم، وَظَاهره أَن لكل نَبِي دَعْوَة مجابة فَقَط. قلت: أُجِيب بِأَن المُرَاد بالإجابة فِي الدعْوَة الْمَذْكُورَة الْقطع بهَا وَمَا عدا ذَلِك من دعواتهم فَهُوَ على رَجَاء الْإِجَابَة، وَقيل: معنى قَوْله: (لكل نَبِي دَعْوَة) أَي: أفضل دعواته، وَقيل: لكل مِنْهُم دَعْوَة عَامَّة مستجابة فِي أمته إِمَّا بإهلاكهم وَإِمَّا بنجاتهم. وَأما الدَّعْوَات الْخَاصَّة فَمِنْهَا مَا يُسْتَجَاب وَمِنْهَا مَا لَا يُسْتَجَاب. قلت: لَا يحسن أَن يُقَال فِي حق نَبِي من الْأَنْبِيَاء أَن يُقَال: من دعواته مَا لَا يُسْتَجَاب، وَالْمعْنَى الَّذِي يَلِيق بحالهم أَن قَالَ: من دعواتهم مَا يُسْتَجَاب فِي الْحَال، وَمِنْهَا مَا يُؤَخر إِلَى وَقت أَرَادَهُ الله عز وجل، أَن اختبىء أَي: أدخر وأجعلها خبيئة.
6305 -
وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: قَالَ مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أبي عَنْ أنَس عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: كُلُّ نَبِيّ سألَ سُؤْلاً أوْ قَالَ: لِكُلِّ نَبِيّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعا بِها فاسْتُجِيبَ فَجَعَلْتُ دَعْوَتِي شَفاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ القِيامَةِ.
خَليفَة هُوَ ابْن خياط أَبُو عمر والعصفري الْبَصْرِيّ، هَكَذَا وَقع: قَالَ لي خَليفَة، فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة، وَوَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: وَقَالَ مُعْتَمر، هُوَ ابْن سُلَيْمَان التَّمِيمِي فعلى الرِّوَايَة الأولى الحَدِيث مُتَّصِل، وَقد وَصله أَيْضا مُسلم فَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد ابْن عبد الْأَعْلَى أخبرنَا الْمُعْتَمِر عَن أَبِيه عَن أنس بن مَالك أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قَالَ
…
فَذكر نَحْو حَدِيث قَتَادَة عَن أنس، وَحَدِيث قَتَادَة عَن أنس: أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لكل نَبِي دَعْوَة دَعَاهَا لأمته، وَأما اخْتَبَأْت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة. قَوْله:(سؤلاً) بِضَم السِّين وَسُكُون الْهمزَة الْمَطْلُوب. قَوْله: (وَقَالَ) شكّ من الرَّاوِي.
2 -
(بابُ أفْضَلِ الاسْتِغْفارِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أفضل الاسْتِغْفَار، وَسقط لفظ: بَاب، فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَوَقع لِابْنِ بطال: فضل الاسْتِغْفَار، وَقَالَ الْكرْمَانِي قَوْله: أفضل الاسْتِغْفَار، فَإِن قلت: معنى الْأَفْضَل الْأَكْثَر ثَوابًا عِنْد الله، فَمَا وَجهه هُنَا إِذْ الثَّوَاب للمستغفر لَا لَهُ؟ قلت: هُوَ نَحْو مَكَّة أفضل من الْمَدِينَة أَي: ثَوَاب العابد فِيهَا أفضل من ثَوَاب العابد فِي الْمَدِينَة، فَالْمُرَاد: المستغفر بِهَذَا النَّوْع من الاسْتِغْفَار أَكثر ثَوابًا من المستغفر بِغَيْرِهِ.
وقَوْلِهِ تَعَالَى: { (17) اسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه. . وَيجْعَل لكم أَنهَارًا} (نوح: 10){ (3) وَالَّذين إِذا فعلوا. . فعلوا وهم يعلمُونَ} (آل عمرَان: 135) [/ ح.
وَقَوله بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: (أفضل الاسْتِغْفَار) ، وَفِي بعض النّسخ وَاسْتَغْفرُوا، بِالْوَاو وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر وَالصَّوَاب ترك الْوَاو، فَإِن الْقُرْآن:{فَقلت اسْتَغْفرُوا ربكُم} وَفِي رِوَايَة أبي ذَر أَيْضا هَكَذَا {وَاسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا} الْآيَة. وَفِي رِوَايَة غَيره سَاقهَا إِلَى قَوْله: {أَنهَارًا} كَمَا فِي كتَابنَا هَذَا، وَأَشَارَ بالآيتين إِلَى إِثْبَات مَشْرُوعِيَّة الْحَث على الاسْتِغْفَار فَلذَلِك ترْجم بالأفضلية، وَأَشَارَ بِالْآيَةِ الثَّانِيَة إِلَى أَن بالاستغفار يحصل كل شَيْء، وَيُؤَيّد هَذَا مَا ذكره الثَّعْلَبِيّ أَن رجلا أَتَى الْحسن الْبَصْرِيّ رضي الله عنه فَشَكا إِلَيْهِ الجدوبة فَقَالَ لَهُ الْحسن: اسْتغْفر الله، وَأَتَاهُ آخر فَشَكا إِلَيْهِ الْفقر، فَقَالَ لَهُ: اسْتغْفر الله، وَأَتَاهُ آخر فَقَالَ: ادْع الله لي أَن يَرْزُقنِي إبناً، فَقَالَ: اسْتغْفر الله، وَأَتَاهُ آخر فَشَكا إِلَيْهِ جفاف بساتينه، فَقَالَ لَهُ: اسْتغْفر
الله، فَقيل لَهُ: أَتَاك رجال يَشكونَ أبواباً ويسألون أنواعاً فَأَمَرتهمْ كلهم بالاستغفار، فَقَالَ: مَا قلت من ذَات نَفسِي فِي ذَلِك شَيْئا إِنَّمَا اعْتبرت فِيهِ قَول الله عز وجل حِكَايَة عَن نبيه نوح عليه السلام أَنه قَالَ لِقَوْمِهِ. {اسْتَغْفرُوا ربكُم} الْآيَة، وَالْآيَة الثَّانِيَة هَكَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة أَو ظلمُوا أنفسهم} وسَاق غَيره إِلَى قَوْله:{وهم يعلمُونَ} كَمَا فِي كتَابنَا. قَوْله: (يُرْسل السَّمَاء) أَي: الْمَطَر. قَوْله: (مدراراً) حَال من السَّمَاء. قَوْله: (فَاحِشَة) أَي: الزِّنَا.
6306 -
حدَّثنا أبُو مَعْمَرٍ حَدثنَا عَبْدُ الوارِثِ حدّثنا الحُسَيْنُ حَدثنَا عَبْدُ الله بنُ بُرَيْدَةَ عَنْ بُشَيْرِ ابنِ كَعْبٍ العَدَوِيِّ قَالَ: حَدثنِي شَدَّادُ بنُ أوْسِ رضي الله عنه عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: سَيِّدُ الاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لَا إلاهَ إلَاّ أنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنا عَبْدُكَ وَأَنا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأبُوءُ بِذَنْبِي فاغْفِرْ لِي فإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَاّ أَنْتَ، قَالَ: ومنْ قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقناً بِها فَماتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ فَهُوَ منْ أهْلِ الجَنَّةِ، ومَنْ قالَها مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ بِها فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ. (انْظُر الحَدِيث 6306 طرفه فِي: 6323) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (سيد الاسْتِغْفَار) لِأَن السَّيِّد فِي الأَصْل الرئيس الَّذِي يقْصد فِي الْحَوَائِج، وَيرجع إِلَيْهِ فِي الْأُمُور، وَلما كَانَ هَذَا الدُّعَاء جَامعا لمعاني التَّوْبَة كلهَا استغير لَهُ هَذَا الإسم، وَلَا شكّ أَن سيد الْقَوْم أفضلهم، وَهَذَا الدُّعَاء أَيْضا سيد الْأَدْعِيَة وَهُوَ الاسْتِغْفَار.
وَأَبُو معمر بِفَتْح الميمين عبد الله بن عَمْرو بن أبي الْحجَّاج الْمنْقري المقعد، وَعبد الْوَارِث ابْن سعيد الْعَنْبَري الْبَصْرِيّ، وَالْحُسَيْن وَابْن ذكْوَان الْمعلم، وَعبد الله بن بُرَيْدَة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء ابْن الْحصيب الْأَسْلَمِيّ، وَبشير بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة ابْن كَعْب الْعَدوي، وَشَدَّاد بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة الأولى ابْن أَوْس بن ثَابت بن الْمُنْذر بن حرَام بمهملتين الْأنْصَارِيّ ابْن أخي حسان بن ثَابت الشَّاعِر، وَشَدَّاد صَحَابِيّ جليل نزل الشَّام وكنيته أَبُو يعلى، وَاخْتلف فِي صُحْبَة أَبِيه، وَلَيْسَ لشداد فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث.
وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي الِاسْتِعَاذَة عَن عَمْرو بن عَليّ، وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَنهُ أَيْضا.
قَوْله: (سيد الاسْتِغْفَار) قيل: مَا الْحِكْمَة فِي كَونه سيد الاسْتِغْفَار؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ وَأَمْثَاله من التعبديات، وَالله تَعَالَى أعلم بذلك، لَكِن لَا شكّ أَن فِيهِ ذكر الله تَعَالَى بأكمل الْأَوْصَاف وَذكر نَفسه بأنقص الْحَالَات، وَهُوَ أقْصَى غَايَة التضرع وَنِهَايَة الاستكانة لمن لَا يَسْتَحِقهَا إلَاّ هُوَ. قَوْله:(أَن تَقول) بِصِيغَة الْمُخَاطب، وَقَالَ بَعضهم: أَن يَقُول، أَي: العَبْد، وَاعْتمد لما قَالَه على مَا رَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ أَن سيد الاسْتِغْفَار أَن يَقُول العَبْد، وَذكر أَيْضا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن شَدَّاد: ألَاّ أدلك على سيد الاسْتِغْفَار؟ قلت: رِوَايَة أَحْمد لَا تَسْتَلْزِم أَن يقدر هُنَا أَي: العَبْد، على أَن التَّقْدِير خلاف الأَصْل وَرِوَايَة التِّرْمِذِيّ تؤيد مَا ذكرنَا وتدفع مَا قَالَه على مَا لَا يخفى. (لَا إِلَه إلَاّ أَنْت خلقتني) ويروى: لَا إِلَه إلَاّ أَنْت أَنْت خلقتني. قَوْله: (وَأَنا عَبدك قَالَ الطَّيِّبِيّ: يجوز أَن تكون حَالا مُؤَكدَة، وَيجوز أَن تكون مقررة أَي: أَنا عَابِد لَك، وَيُؤَيِّدهُ عطف. قَوْله: (وَأَنا على عَهْدك) وَسَقَطت الْوَاو مِنْهُ فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ، وَقَالَ الْخطابِيّ: يُرِيد أَنا على مَا عاهدتك عَلَيْهِ وواعدتك من الْإِيمَان بك وَإِصْلَاح الطَّاعَة لَك. قَوْله: (مَا اسْتَطَعْت) أَي: قدر استطاعتي، وَشرط الِاسْتِطَاعَة فِي ذَلِك الِاعْتِرَاف بِالْعَجزِ والقصور عَن كنه الْوَاجِب من حَقه تَعَالَى، وَقَالَ ابْن بطال: قَوْله: (وَأَنا عَليّ عَهْدك وَوَعدك) يُرِيد بِهِ الْعَهْد الَّذِي أَخذه الله على عباده حَيْثُ أخرجهم أَمْثَال الذَّر وأشهدهم على أنفسهم أَلَسْت بربكم؟ فأقروا لَهُ بالربوبية وأذعنوا لَهُ بالوحدانية، وبالوعد مَا قَالَ على لِسَان نبيه: إِن من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا وَأدّى مَا افْترض عَلَيْهِ أَن يدْخلهُ الْجنَّة، وَقيل: وَأدّى مَا افْترض عَلَيْهِ، زِيَادَة لَيست بِشَرْط فِي هَذَا الْمقَام. قلت: إِن لم تكن شرطا فِي هَذَا فَهِيَ شَرط فِي غَيره. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: يحْتَمل أَن يُرَاد بالعهد والوعد مَا فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة. قَوْله: (أَبُوء) من قَوْلهم: بَاء بِحقِّهِ أَي: أقرّ بِهِ، وَقَالَ الْخطابِيّ: يُرِيد بِهِ الِاعْتِرَاف، وَيُقَال: قد بَاء فلَان بِذَنبِهِ إِذا احتمله كرها لَا يَسْتَطِيع دَفعه عَن نَفسه. قَوْله: (لَك) لَيست فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: اعْترف أَولا بِأَنَّهُ أنعم عَلَيْهِ وَلم يُقَيِّدهُ