الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم اتِّخَاذ السرير، وَهُوَ مَعْرُوف. قَالَ الرَّاغِب: إِنَّه مَأْخُوذ من السرُور لِأَنَّهُ فِي الْغَالِب لأولي النِّعْمَة قَالَ: وسرير الْمَيِّت لشبهه بِهِ فِي الصُّورَة وللتفاؤل بالسرور، وَقد يعبر عَن السرير بِالْملكِ، وَيجمع على أسرة وسرر بِضَمَّتَيْنِ، وَفِيهِمْ من يفتح الرَّاء استثقالاً للضمتين، قيل: مَا وَجه ذكر هَذِه التَّرْجَمَة والبابين اللَّذين بعده فِي بَاب الاسْتِئْذَان؟ وَأجِيب: بِأَن الاسْتِئْذَان يُرَاد بِهِ الدُّخُول فِي الْمنزل، فَذكر متعلقات الْمنزل على سَبِيل الاستطراد.
38 -
(بابُ مَنْ أُلْقِيَ لَهُ وِسادَةٌ)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر من ألقِي لَهُ، على صِيغَة الْمَجْهُول، وسَادَة مَرْفُوع بِهِ وَإِنَّمَا ذكر الضَّمِير فِي ألقِي لِأَن تَأْنِيث الوسادة غير حَقِيقِيّ، والوسادة المخدة، وَيُقَال لَهَا وساد أَيْضا، وَهُوَ بِكَسْر الْوَاو وتقولها هُذَيْل بِالْهَمْز بدل الْوَاو.
6277 -
حدَّثنا إسْحاقُ حَدثنَا خالِدٌ.
(ح) حدّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّد حَدثنَا عَمْرُو بنُ عَوْن حَدثنَا خالِدٌ عَنْ خالِدٍ عَنْ أبي قِلَابَةَ قَالَ: أَخْبرنِي أبُو المَلِيحِ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أبيكَ زَيْدٍ عَلى عَبْدِ الله ابنِ عَمْرو، فَحَدَّثنا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ذُكِرَ لَهُ صَوْمِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ فألْقَيْتُ لَهُ وِسادَةً مِن أدَمٍ حَشْوُها لِيفٌ، فَجَلَسَ عَلَى الأرْضِ وصارَتِ الوِسادَةُ بَيْني وبَيْنَهُ، فَقَالَ لي: أما يَكْفِيكَ مِنْ كلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةُ أيَّامٍ؟ قُلْتُ: يَا رسولَ الله {قَالَ: خَمْساً؟ قُلْتُ: يَا رسولَ الله} قَالَ: سَبْعاً؟ قُلْتُ: يَا رسولَ الله {قَالَ: تِسْعاً؟ قُلْتُ: يَا رسولَ الله} قَالَ: إحْداى عَشْرَةَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! قَالَ: لَا صَوْمَ فَوْق صوْمِ داوُدَ شَطْرَ الدَّهْر صِيامُ يَوْمٍ وإفْطارُ يَوْمٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فألقيت لَهُ وسَادَة) . وَأخرجه من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن إِسْحَاق بن شاهين الوَاسِطِيّ عَن خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان عَن خَالِد بن مهْرَان الْحذاء عَن أبي قلَابَة بِكَسْر الْقَاف عبد الله بن زيد الْجرْمِي عَن أبي الْمليح بِفَتْح الْمِيم وَكسر اللَّام وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة واسْمه عَامر، وَقيل: زيد بن أُسَامَة الْهُذلِيّ. وَالطَّرِيق الثَّانِي: عَن عبد الله بن مُحَمَّد الْجعْفِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي عَن عَمْرو بن عون بن أَوْس السّلمِيّ الوَاسِطِيّ وَهُوَ من شُيُوخ البُخَارِيّ، روى عَنهُ فِي الصَّلَاة ومواضع، وروى
عَنهُ بالواسطة، وروى عمر وَهَذَا عَن خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان عَن خَالِد الْحذاء الخ، وَهَذَا الطَّرِيق أنزل من الطَّرِيق الأول بِدَرَجَة.
وَتقدم هَذَا الحَدِيث عَن إِسْحَاق بن شاهين بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي كتاب الصَّوْم فِي: بَاب صَوْم دَاوُد، وَمضى أَيْضا حَدِيث عبد الله بن عَمْرو فِي كتاب الصَّوْم فِي أَبْوَاب كَثِيرَة مُتَوَالِيَة. وَمضى الْكَلَام فِيهِ مستقصًى.
قَوْله: (دخلت مَعَ أَبِيك زيد)، الْخطاب لأبي قلَابَة وَهُوَ عبد الله وَأَبوهُ زيد كَمَا ذكرنَا وَلَيْسَ لزيد ذكر إلَاّ فِي هَذَا الْخَبَر. قَوْله:(فَدخل عَليّ) بتَشْديد الْبَاء والداخل هُوَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (قلت: يَا رَسُول الله!) فِيهِ حذف تَقْدِيره: أُطِيق أَكثر من ذَلِك يَا رَسُول الله، أَو: لَا يَكْفِينِي ذَلِك يَا رَسُول الله. قَوْله: (قَالَ: خمْسا؟) أَي: خَمْسَة أَيَّام؟ وَكَذَلِكَ التَّقْدِير فِي الْبَوَاقِي. قَوْله: (شطر الدَّهْر) أَي نصف الدَّهْر وَهُوَ مَنْصُوب على الِاخْتِصَاص. قَوْله: (صِيَام يَوْم) يجوز نَصبه على الِاخْتِصَاص وَيجوز رَفعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هُوَ صِيَام يَوْم وإفطار يَوْم، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا أفضل لزِيَادَة الْمَشَقَّة فِيهِ إِذْ من سرد الصَّوْم صَار لَهُ الصَّوْم طبيعة فَلَا يحصل لَهُ مقاساة كَثِيرَة مِنْهُ.
6278 -
حدَّثنا يَحْياى بنُ جَعْفَرٍ حَدثنَا يَزِيدُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أنَّهُ قَدِمَ الشَّأْمَ.
(ح) وَحدثنَا أبُو الوَلِيدِ حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ مغيرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: ذَهَبَ عَلْقَمَةَ إِلَى الشَّأْمِ فأتَى المَسْجِدَ فَصَلَّى رِكْعَتَيْنِ فَقَالَ: أللَّهُمَّ ارْزُقْني جَلِيساً، فَقَعَدَ إِلَى أبي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: مِمَّنْ أنْتَ؟ قَالَ: منْ أهْلِ الكُوفَةِ. قَالَ: ألَيْسَ فِيكُمْ صاحِبُ السِّرِّ الذِي كانَ لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ؟ يَعْنِي حذَيْفَةَ ألَيْسَ فِيكُمْ أوْ كانَ فيكُمُ الَّذِي أجارَهُ الله عَلى لِسانِ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم، مِنَ الشَّيْطانِ؟ يَعْنِي عَمَّاراً أوَ لَيْسَ فِيكُمْ صاحِبُ السِّواكِ والوِسادِ؟ يَعني: ابنَ مَسْعُودٍ كَيْفَ كانَ عَبْدُ الله يَقْرَأ: { (29) وَاللَّيْل إِذا يغشى} (اللَّيْل: 1) قَالَ { (35) وَالذكر وَالْأُنْثَى} (النَّجْم: 45) فَقَالَ: مَا زَالَ هاؤُلَاءِ حَتَّى كادُوا يُشَكِّكُونِي، وقَدْ سَمِعْتها مِنْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (والوساد) . وَيحيى بن جَعْفَر بن أعين أَبُو زَكَرِيَّا البُخَارِيّ البيكندي، مَاتَ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، وَيزِيد من الزِّيَادَة هُوَ ابْن هَارُون الوَاسِطِيّ مَاتَ بواسط سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ، ومغيرة بِضَم الْمِيم وَكسرهَا وَيُقَال أَيْضا: الْمُغيرَة بن مقسم بِكَسْر الْمِيم وَفتح السِّين الْمُهْملَة الضَّبِّيّ، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وعلقمة هُوَ ابْن قيس النَّخعِيّ، وَأَبُو الْوَلِيد هُوَ هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، وَأَبُو الدَّرْدَاء اسْمه عُوَيْمِر بن مَالك.
والْحَدِيث مضى فِي صفة إِبْلِيس مُخْتَصرا عَن مَالك ابْن إِسْمَاعِيل، وَفِي: بَاب مَنَاقِب عمار وَحُذَيْفَة. وَأخرجه فِيهِ من طَرِيقين: عَن مَالك بن إِسْمَاعِيل وَسليمَان بن حَرْب، وَفِي مَنَاقِب عبد الله بن مَسْعُود عَن مُوسَى عَن أبي عوَانَة.
قَوْله: (جَلِيسا)، وَقد مر فِي مَنَاقِب عمار جَلِيسا صَالحا. قَوْله:(فَقَالَ: مِمَّن أَنْت؟) أَي: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء لعلقمة. قَوْله: (صَاحب السِّرّ) قَالَ الْكرْمَانِي: أَي سر النِّفَاق، وَهُوَ أَنه صلى الله عليه وسلم، ذكر أَسمَاء الْمُنَافِقين وعينهم لِحُذَيْفَة وخصصه بِهَذِهِ المنقبة، إِذْ لم يطلع عَلَيْهِ غَيره، قلت: المُرَاد بالسر فِيمَا قيل: إِنَّه صلى الله عليه وسلم، أسر إِلَى حُذَيْفَة بأسماء سَبْعَة عشر من الْمُنَافِقين لم يعلمهُمْ لأحد غَيره، وَكَانَ عمر رضي الله عنه إِذا مَاتَ من يشك فِيهِ رصد حُذَيْفَة، فَإِن خرج فِي جنَازَته خرج، وإلَاّ لم يخرج. قَوْله:(أَو كَانَ فِيكُم؟) شكّ من شُعْبَة. قَوْله: (الَّذِي أجاره الله على لِسَان رَسُوله صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ أَنه دَعَا بِأَمَان من الشَّيْطَان، وَقَالَ: إِنَّه طيب مُطيب. قَوْله: (والوساد) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني والوسادة، وَكَانَ ابْن مَسْعُود رضي الله عنه صَاحب سواك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ووسادته ومطهرته، قَالَ الْكرْمَانِي: وَالْمَشْهُور بدل الوسادة: السوَاد، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة أَي: السرَار، أَي: المسارة. قَالَ الْخطابِيّ: السوَاد السرَار وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنهُ أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: آذنك عليَّ على أَن ترفع الْحجاب وَتسمع سوَادِي وَكَانَ صلى الله عليه وسلم، يخْتَص عبد الله اختصاصاً شَدِيدا لَا يَحْجُبهُ إِذا جَاءَهُ وَلَا يردهُ إِذا سَالَ. قَوْله:(كَيفَ كَانَ عبد الله يقْرَأ؟) الْقَائِل بِهَذَا هُوَ أَبُو الدَّرْدَاء. قَوْله: (وَالذكر وَالْأُنْثَى) يَعْنِي: قَالَ عَلْقَمَة: يقْرَأ عبد الله بن مَسْعُود: (وَاللَّيْل إِذا يغشى