الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله: (ل عبد الله) هُوَ ابْن أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة أَخُو أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ، وَأمه عَاتِكَة بنت عبد الْمطلب بن هَاشم، أسلم وَحسن إِسْلَامه وَشهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فتح مَكَّة مُسلما وَشهد حنيناً والطائف وَرمي يَوْم الطَّائِف بِسَهْم فَقتل وَمَات يومئذٍ، وَقَالَ أَبُو عمر: هُوَ المخنث الَّذِي قَالَ فِي بَيت أم سَلمَة: يَا عبد الله إِن فتح الله عَلَيْكُم الطَّائِف غَدا فَإِنِّي أدلك على بنت غيلَان
…
الحَدِيث. قَوْله: (بنت غيلَان) بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وإسمها بادية ضد الْحَاضِرَة وَقيل: بادنة من الْبدن. قَوْله: (تقبل بِأَرْبَع) أَي: بِأَرْبَع عُكَن جمع عكنة وَهِي الطي الَّذِي بالبطن من السّمن، أَي: ل هَا أَربع عُكَن تقبل بِهن من كل نَاحيَة اثْنَتَانِ وَلكُل وَاحِدَة طرفان، فَإِذا أَدْبَرت صَارَت الْأَطْرَاف ثَمَانِيَة، وَإِنَّمَا قَالَ: ثَمَان، مَعَ أَن مميزه هُوَ الْأَطْرَاف مُذَكّر لِأَنَّهُ إِذا لم يكن الْمُمَيز مَذْكُورا جَازَ فِي الْعدَد التَّذْكِير والتأنيث. قَوْله:(لَا يدخلن هَؤُلَاءِ) قَالَ بَعضهم بِضَم أَوله وَتَشْديد النُّون. قلت: ل يس كَذَلِك، بل بِفَتْح الْيَاء وَالنُّون فِيهِ مُخَفّفَة، ويروى مثقلة: وَهَؤُلَاء، فَاعله. قَوْله:(عليكن) خطاب للنِّسَاء، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي: عَلَيْكُم، بِصِيغَة جمع الْمُذكر فَإِن صحت فوجهه أَن يكون هُنَاكَ صبيان وصفان فَجمع جمع الْمُذكر بطرِيق التغليب.
قَالَ أبُو عَبْدِ الله: تُقْبِلُ بأرْبَعِ وتُدْبِرُ، يَعْنِي: أرْبَعَ عُكَنِ بَطْنِها فَهْيَ تُقْبَلُ بِهِنَّ. وقَوْلَهُ: وتُدْبِرُ بِثَمان، يَعْنِي أطْرَافَ هاذِهِ العُكَنِ الأرْبَعِ لأنَّها مُحِيطَةٌ بالجَنْبَيْنِ حَتَّى لَحَقَتْ، وإنَّما قَالَ: بِثَمان، وَلَمْ يَقُلْ بِثَمَانِيَةٍ وَواحِدُ الأطْرَفٌ طَرَفٌ وَهْوَ ذَكَرٌ ل أنَّهُ لَمْ يَقُلْ: ثَمانِيَةَ أطْرافٍ.
(بَاب قصّ الشَّارِب)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان سنية قصّ الشَّارِب، بل وُجُوبه، وَهَذَا الْبَاب وَمَا بعده
…
إِلَى آخر كتاب اللبَاس أحد وَأَرْبَعُونَ بَابا ذكر مَا فِي كتاب اللبَاس. قيل: لَا تعلق لَهَا بِكِتَاب اللبَاس، وتعسف بَعضهم بِأَن لَهَا تعلقاً باللباس من جِهَة الِاشْتِرَاك فِي الزِّينَة. قلت: يُطلق اللبَاس لَيْسَ للزِّينَة على مَا لَا يخفى، وَمَعَ هَذَا فِيهِ أَبْوَاب بمعزل عَن الزِّينَة وَهِي: بَاب المتشبهين بِالنسَاء وَالْبَاب الَّذِي بعده، وَبَاب خَاتم الْحَدِيد، وَبَاب الْجُلُوس على الْحَصِير، وَبَاب مَا يدعى لمن لبس ثوبا جَدِيدا، وَبَاب اشْتِمَال الصماء، وَبَاب من لبس جُبَّة ضيقَة الكمين، وَالْبَاب الَّذِي بعده، وَلَكِن ذكرنَا لكل بَاب مِنْهَا مُنَاسبَة لحديثه، وَالْأَحْسَن الْأَوْجه أَن نذْكر مُنَاسبَة لكل من: بَاب قصّ الشَّارِب والأبواب الَّتِي بعده إِن ظفرنا بهَا، وَلَو كَانَت بِشَيْء يسير، وَالْبَاب الَّذِي لَا يُوجد لَهُ مُنَاسبَة مَا نسكت عَنهُ أما مُنَاسبَة ذكر: بَاب قصّ الشَّارِب، فِي كتاب اللبَاس فَيمكن أَن يُقَال: إِن فِي قصّ الشَّارِب زِينَة فَنَاسَبَ الْأَبْوَاب الَّتِي فِيهَا وجود الزِّينَة.
وكانَ ابنُ عُمَرَ يُحْفِي شارِبَهُ حَتَّى ينظَرَ إِلَى بَياضِ الجِلْدِ، ويأخُذُ هاذَيْنِ يَعْنِي: بَيْنَ الشَّارِبِ واللِّحْيَةِ.
كَذَا وَقع بِلَفْظ ابْن عمر، وَيَعْنِي: عبد الله بن عمر، هَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر والنسفي وَعَلَيْهَا الْعُمْدَة، وَوَقع فِي رِوَايَة البَاقِينَ: وَكَانَ عمر، يَعْنِي: ابْن الْخطاب، وخطؤوا هَذِه الرِّوَايَة. وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الطَّحَاوِيّ من خمس طرق. الأول: عَن أبي دَاوُد حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس قَالَ: حَدثنَا عَاصِم بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ يحفي شَاربه حَتَّى يرى بَيَاض الْجلد، وَفِي لفظ: يحفى شَاربه، كَأَنَّهُ ينتفه، وَفِي لفظ من حَدِيث عقبَة بن مُسلم قَالَ: مَا رَأَيْت أحدا أَشد إحفاءً لشاربه من ابْن عمر، كَانَ يحفيه حَتَّى إِن الْجلد ليرى قَوْله:(يحفي) من الإحفاء بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْفَاء، يُقَال: أحفى شعره إِذا استأصله حَتَّى يصير كالحلق وَلكَون إحفاء الشَّارِب أفضل من قصه عبر الطَّحَاوِيّ بقوله: بَاب حلق الشَّارِب. قَوْله: (وَيَأْخُذ هذَيْن) ويروى: وَيَأْخُذ من هذَيْن، يَعْنِي: بَين الشَّارِب واللحية، وَقَوله:(بَين) كَذَا هُوَ لجَمِيع الروَاة إلَاّ أَن عياضاً
ذكر أَن مُحَمَّد بن أبي صفرَة رَوَاهُ بِلَفْظ: من الَّتِي للتَّبْعِيض، وَالْأول هُوَ الْعُمْدَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي:(هذَيْن) يَعْنِي طرفِي الشفتين اللَّذين هما بَين الشَّارِب واللحية وملتقاهما كَمَا هُوَ الْعَادة عِنْد قصّ الشَّارِب فِي أَن ينظف الزاويتان أَيْضا من الشّعْر، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بهما.
5888 -
حدَّثنا المَكّيُّ بنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ نافعٍ قَالَ أصْحابُنا: عَنِ المَكِّيِّ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ: مِنَ الفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ. (انْظُر الحَدِيث 5889 طرفه فِي: 5890) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والمكي بن إِبْرَاهِيم بن بشير الْحَنْظَلِي الْبَلْخِي، قَالَ البُخَارِيّ: مَاتَ سنة أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: مكي مَنْسُوب إِلَى مَكَّة، وَلَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ علم لَهُ فَإِنَّهُ ظن أَنه نِسْبَة، وحَنْظَلَة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح الظَّاء الْمُعْجَمَة وباللام ابْن أبي سُفْيَان، واسْمه الْأسود بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحِي الْقرشِي الْمَكِّيّ، وَنَافِع مولى ابْن عمر.
قَوْله: (قَالَ أَصْحَابنَا عَن الْمَكِّيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، كَذَا وَقع عِنْد جَمِيع الروَاة، قَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : معنى قَوْله: (قَالَ أَصْحَابنَا: عَن الْمَكِّيّ) عَن حَنْظَلَة عَن نَافِع أَنه رَوَاهُ عَنهُ عَن ابْن عمر مَوْقُوفا على نَافِع وَأَصْحَابه أَي: أَصْحَاب البُخَارِيّ، وصلوه عَنهُ عَن ابْن عمر مَرْفُوعا، وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالَ البُخَارِيّ: روى أَصْحَابنَا مُنْقَطِعًا قَالُوا: حَدثنَا الْمَكِّيّ عَن ابْن عمر، بطرح الرَّاوِي الَّذِي بَينهمَا. انْتهى. قلت: الَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهر كَلَام البُخَارِيّ هُوَ مَا قَالَه الْكرْمَانِي، وَقَرِيب مِنْهُ مَا قَالَه صَاحب (التَّوْضِيح) : وَالْعجب من بَعضهم أَنه نقل كَلَام البُخَارِيّ، وَقَالَ: وَهُوَ ظَاهر مَا أوردهُ البُخَارِيّ، ثمَّ نقل عَن بعض من عاصره أَنه قَالَ: يحْتَمل أَنه رَوَاهُ مرّة عَن شَيْخه مكي عَن نَافِع مُرْسلا، وَمرَّة عَن أَصْحَابه عَن مكي مَوْصُولا عَن ابْن عمر، وَيحْتَمل أَن بَعضهم نسب الرَّاوِي عَن ابْن عمر إِلَى أَنه الْمَكِّيّ، ثمَّ قَالَ: هَذَا الثَّانِي هُوَ الَّذِي جزم بِهِ الْكرْمَانِي، وَهُوَ مَرْدُود. قلت: الَّذِي قَالَه هُوَ الْمَرْدُود عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نسب الرجل إِلَى غير مَا قَالَه، يظْهر ذَلِك لمن يتأمله. قَوْله:(من الْفطْرَة) أَي: من السّنة (قصّ الشَّارِب) والقص من قصصت الشّعْر قطعته، وَمِنْه طير مقصوص الْجنَاح. وَفِي هَذَا الْبَاب خلاف.
فَقَالَ الطَّحَاوِيّ: ذهب قوم من أهل الْمَدِينَة إِلَى أَن قصّ الشَّارِب هُوَ الْمُخْتَار على الاخفاء. قلت: أَرَادَ بالقوم هَؤُلَاءِ سالما وَسَعِيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير وجعفر بن الزبير وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة وَأَبا بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث فَإِنَّهُم قَالُوا: الْمُسْتَحبّ هُوَ أَن يخْتَار قصّ الشَّارِب على إحفائه، وَإِلَيْهِ ذهب حميد بن هِلَال وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَمُحَمّد بن سِيرِين وَعَطَاء بن أبي رَبَاح، وَهُوَ مَذْهَب مَالك أَيْضا، وَقَالَ عِيَاض: ذهب كثير من السّلف إِلَى منع الْحلق والاستئصال فِي الشَّارِب، وَهُوَ مَذْهَب مَالك أَيْضا، وَكَانَ يرى حلقه مثلَة وَيَأْمُر بأدب فَاعله، وَكَانَ يكره أَن يَأْخُذ من أَعْلَاهُ وَالْمُسْتَحب أَن يَأْخُذ مِنْهُ حَتَّى يَبْدُو الإطار، وَهُوَ طرف الشّفة. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ. وَخَالفهُم فِي ذَلِك آخَرُونَ، فَقَالُوا: بل يسْتَحبّ إحفاء الشَّوَارِب ونراه أفضل من قصها. قلت: أَرَادَ بقوله: الْآخرُونَ، جُمْهُور السّلف مِنْهُم: أهل الْكُوفَة وَمَكْحُول وَمُحَمّد بن عجلَان وَنَافِع مولى ابْن عمر وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهم الله، فَإِنَّهُم قَالُوا: الْمُسْتَحبّ إحفاء الشَّارِب وَهُوَ أفضل من قصها، وَرُوِيَ ذَلِك عَن فعل ابْن عمر وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَرَافِع بن خديج وَسَلَمَة بن الْأَكْوَع وَجَابِر بن عبد الله وَأبي أسيد وَعبد الله بن عمر، وَذكر ذَلِك كُله ابْن أبي شيبَة بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِم. فَإِن قلت: جَاءَ فِي الحَدِيث أَنه قَالَ فِي الْخَوَارِج: سِيمَاهُمْ التسبيد، وَهُوَ حلق الشَّارِب من أَصله. قلت: قَالَ ابْن الْأَثِير: مَعْنَاهُ الْحلق واستئصال الشّعْر، وَلم يُقيد بالشارب وَهُوَ أَعم مِنْهُ وَمن غَيره، وَقَالَ أَيْضا: قيل: التسبيد هُوَ ترك التدهن وَغسل الرَّأْس. قلت: يدل على صِحَّته حَدِيث آخر وَهُوَ قَوْله: سبماهم التحليق، والتسبيد بعطف التسبيد على التحليق وَهُوَ غَيره، ومادة التسبيد السِّين وَالدَّال المهملتان بَينهمَا الْبَاء الْمُوَحدَة.
5889 -
حدَّثنا عَلِيٌّ حَدثنَا سُفْيانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدثنَا عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً: الفِطْرَةُ خَمْسٌ: أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ: الخِتانُ. والاسْتِحْدَادُ. ونَتْفُ الإبِطِ. وتَقْلِيمُ الأظفارِ. وقَصُّ الشَّارِبِ. (