الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَقُولُ: إنْ كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُخالِطُنا حَتَّى يَقُولَ لأخٍ لِي صَغِيرٍ: يَا با عُمَيْرٍ {مَا فَعَلَ النُّعَيْرُ؟ . (انْظُر الحَدِيث 6129 طرفه فِي: 6203) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو التياح مضى عَن قريب فِي: بَاب قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم: يسروا.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة وَفِي الاسْتِئْذَان وَفِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الصَّلَاة وَفِي الْبر عَن هناد عَن وَكِيع. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود وَغَيره. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَدَب عَن عَليّ بن مُحَمَّد الطنافسي.
قَوْله: (يخالطنا) أَي يلاطفنا بطلاقة الْوَجْه والمزح. قَوْله: (يابا عُمَيْر) أَصله: يَا أَبَا عُمَيْر، حذفت الْألف للتَّخْفِيف وَعُمَيْر تَصْغِير عَمْرو هُوَ ابْن أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ واسْمه زيد بن سهل وَهُوَ أَخُو أنس بن مَالك لأمه وأمهما أم سليم مَاتَ على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يداعب مَعَه النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَيَقُول:(يَا با عُمَيْر} مَا فعل النغير؟) بِضَم النُّون وَفتح الْغَيْن الْمُعْجَمَة مصغر نغر بِضَم النُّون وَفتح الْغَيْن وَهُوَ جمع نغرة، طير كالعصفور محمر المنقار وبتصغيره جَاءَ الحَدِيث وَالْجمع نغران كصرد وصردان، وَمعنى: مَا فعل النغير؟ أَي: مَا شَأْنه وحاله. وَقَالَ الرَّاغِب: الْفِعْل التَّأْثِير من جِهَة مُؤثرَة وَالْعَمَل كل فعل يكون من الْحَيَوَان بِقصد وَهُوَ أخص من الْفِعْل لِأَن الْفِعْل قد ينْسب إِلَى الْحَيَوَانَات الَّتِي يَقع مِنْهَا فعل بِغَيْر قصد، وَقد ينْسب إِلَى الجمادات.
6130 -
حدَّثنا مُحَمَّدٌ أخبرنَا أبُو مُعاوِيَةَ حَدثنَا هِشامٌ عَنْ أبِيهِ عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها، قالَتْ: كُنْتُ ألْعَبُ بالبنَاتِ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا دَخَلَ يَنْقَمِعْنَ مِنْهُ فَيُسَرِّبُهُنَّ إلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ ينبسط إِلَى عَائِشَة حَيْثُ يرضى بلعبها بالبنات وَيُرْسل إِلَيْهَا صواحبها حَتَّى يلعبن مَعهَا، وَكَانَت عَائِشَة حينئذٍ غير بَالِغَة، فَلذَلِك رخص لَهَا. وَالْكَرَاهَة فِيهَا قَائِمَة للبوالغ.
وَمُحَمّد هُوَ ابْن سَلام، وَجوز الْكرْمَانِي أَن يكون مُحَمَّد بن الْمثنى، وَأَبُو مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالزَّاي، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رضي الله عنها.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي كريب عَن أبي مُعَاوِيَة.
قَوْله: (بالبنات) ، وَهِي التماثيل الَّتِي تسمى لعب الْبَنَات، وَهِي مَشْهُورَة، وَقَالَ الدَّاودِيّ: يحْتَمل أَن يكون الْبَاء بِمَعْنى: مَعَ، وَالْبَنَات الْجَوَارِي. قَوْله:(صَوَاحِب)، جمع صَاحِبَة وَهِي الْجَوَارِي من أقرانها. قَوْله:(إِذا دخل)، أَي: الْبَيْت. قَوْله: (ينقمعن مِنْهُ)، أَي: يذْهبن ويستترن من النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ من الانقماع من بَاب الانفعال وَهُوَ رِوَايَة الْكشميهني، وَعند غَيره: يتقمعن من التقمع من بَاب التفعل ومادته قَاف وَمِيم وَعين مُهْملَة، وَقَالَ أَبُو عبيد: يتقمعن يَعْنِي يدخلن الْبَيْت ويغبن، وَيُقَال: الْإِنْسَان قد انقمع وتقمع إِذا دخل فِي الشَّيْء، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: وَمِنْه سمي القمع الَّذِي يصب فِيهِ الدّهن وَغَيره لدُخُوله فِي الْإِنَاء. قَوْله: (فيسرِّبهن) بِالسِّين الْمُهْملَة أَي: يرسلهن، من التسريب وَهُوَ الْإِرْسَال والتسريح، والسارب الذَّاهِب، يُقَال: سرب عَلَيْهِ الْخَيل وَهُوَ أَن يبْعَث عَلَيْهِ الْخَيل قِطْعَة بعد قِطْعَة. قَوْله: (إِلَيّ) بتَشْديد الْيَاء الْمَفْتُوحَة، وَاسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث على جَوَاز اتِّخَاذ صور اللّعب من أجل لعب الْبَنَات بِهن، وَخص ذَلِك من عُمُوم النَّهْي عَن اتِّخَاذ الصُّور، وَبِه جزم عِيَاض وَنَقله عَن الْجُمْهُور، وَأَنَّهُمْ أَجَازُوا بيع اللّعب للبنات لتدربهن من صغرهن على أَمر بُيُوتهنَّ وأولادهن، قَالَ: ذهب بَعضهم إِلَى أَنه مَنْسُوخ وَإِلَيْهِ مَال ابْن بطال، وَقد ترْجم لَهُ ابْن حبَان: الْإِبَاحَة لصغار النِّسَاء اللّعب باللعب، وَترْجم لَهُ النَّسَائِيّ: إِبَاحَة الرجل لزوجته اللّعب بالبنات، وَلم يُقيد بالصغر وَفِيه نظر، وَجزم ابْن الْجَوْزِيّ بِأَن الرُّخْصَة لعَائِشَة فِي ذَلِك كَانَ قبل التَّحْرِيم، وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: إِن كَانَت اللّعب كالصورة فَهُوَ قبل التَّحْرِيم وإلَاّ فقد يُسمى مَا لَيْسَ بِصُورَة لعبة، وَقَالَ الْخطابِيّ، فِي هَذَا الحَدِيث: إِن اللّعب بالبنات لَيْسَ كالتلهي بِسَائِر الصُّور الَّتِي جَاءَ فِيهَا الْوَعيد، وَإِنَّمَا أرخص لعَائِشَة رضي الله عنها، فِيهَا لِأَنَّهَا إِذْ ذَاك كَانَت غير بَالغ.
82 -
(بَاب المُدَاراةِ مَعَ النَّاسِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مندوبية المداراة وَهِي لين الْكَلِمَة وَترك الإغلاظ لَهُم فِي القَوْل، وَهِي من أَخْلَاق الْمُؤمنِينَ، والمداهنة مُحرمَة، وَالْفرق بَينهمَا أَن المداهنة هِيَ أَن يلقى الْفَاسِق الْمُعْلن بِفِسْقِهِ فيؤالفه وَلَا يُنكر عَلَيْهِ وَلَو بِقَلْبِه، والمداراة هِيَ الرِّفْق بالجاهل الَّذِي يسْتَتر بِالْمَعَاصِي واللطف بِهِ حَتَّى يردهُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، وَقَالَ بَعضهم: المداراة مَعَ النَّاس بِغَيْر همز، وَأَصله الْهَمْز لِأَنَّهُ من المدافعة وَالْمرَاد بِهِ الدّفع بالرفق. قلت: قَوْله: لِأَنَّهُ من المدافعة، غير صَحِيح بل يُقَال من الدرء وَهُوَ الدّفع، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: المداراة فِي حسن الْخلق والصحبة غير مَهْمُوز، وَقد يهمز.
ويُذْكَرُ عَنْ أبي الدَّرْداءِ إنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أقْوَامٍ وإنَّ قُلُوبَنا لَتَلْعَنُهُمْ
ذكر هَذَا عَن أبي الدَّرْدَاء عُوَيْمِر بن مَالك بِصِيغَة التمريض. قَوْله: لَنكشر، بِسُكُون الْكَاف وَكسر الشين الْمُعْجَمَة من الكشر وَهُوَ ظُهُور الْأَسْنَان، وَأكْثر مَا يُطلق عِنْد الضحك والإسم الكشرة كالعشرة، وَفِي (التَّوْضِيح) : الكشر ظُهُور الْأَسْنَان عِنْد الضحك، وكاشره إِذا ضحك فِي وَجهه وانبسط إِلَيْهِ، وَعبارَة ابْن السّكيت: الكشر التبسم قَوْله: (لَتَلْعَنهُمْ) اللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة للتَّأْكِيد وَهُوَ من اللَّعْن، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: لَتَقْلِيهِمْ أَي: لتبغضهم من القلى بِكَسْر الْقَاف مَقْصُورا، وَهُوَ البغض يُقَال: قلاه يقليه قلاو وقلا، قَالَ ابْن فَارس: وَقد قَالُوا: قليته أقلاه، وَفِي (الصِّحَاح) : يقلاه لُغَة طَيء وَهِي من النَّوَادِر، لِأَن فعل يفعل بِالْفَتْح فيهمَا بِغَيْر حرف حلق نَادِر، وَهَذَا الْأَثر أخرجه مَوْصُولا ابْن أبي الدُّنْيَا من طَرِيق أبي الزَّاهِرِيَّة عَن جُبَير بن نغير عَن أبي الدَّرْدَاء، فَذكر مثله.
6131 -
حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حَدثنَا سُفْيانُ عَنِ ابنِ المُنْكَدِرِ حدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّ عائِشَةَ أخبرَتْهُ أنَّهُ اسْتأذَنَ عَلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، رَجُلٌ فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ فَبِئْسَ ابنُ العَشِيرَةِ أوْ بِئْسَ أخُوا العَشِيرَةِ فَلَمَّا دَخَلَ ألانَ لَهُ الكَلَامَ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا رسولَ الله {قُلْتَ مَا قُلْتَ، ثُمَّ ألَنْتَ لَهُ فِي القَولِ، فَقَالَ: أيْ عائِشَةُ} إنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ الله مَنْ تَرَكَهُ أوْ وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقاءَ فحْشِهِ. (انْظُر الحَدِيث 6032 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة يروي عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن عُرْوَة.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن صَدَقَة ابْن الْفضل فِي: بَاب مَا يجوز من اغتياب أهل الْفساد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَعَن عَمْرو بن عِيسَى وَأخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن عَمْرو بن مُحَمَّد وَآخَرين عَن سُفْيَان وَعَن مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد عَن سُفْيَان بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْبر عَن ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان.
قَوْله: (رجل) قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ عُيَيْنَة بن حفصن. قَوْله: (فبئس ابْن الْعَشِيرَة) أَي: بئس هَذَا الرجل من الْقَبِيلَة. قَوْله: (أَي عَائِشَة) أَي: يَا عَائِشَة. قَوْله: (أَو ودعه) شكّ من الرَّاوِي أَي: تَركه، وَهَذَا يرد قَول أهل الصّرْف، وأماتوا ماضي يدع ويذر. قَوْله:(اتقاء فحشه) أَي: للتجنب عَن فحشه. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْكَافِر أشر منزلَة مِنْهُ، وَأجَاب بِأَن المُرَاد من النَّاس الْمُسلمُونَ، وَهُوَ للتغليظ.
وَفِيه: جَوَاز غيبَة الْفَاسِق الْمُعْلن وَلمن يحْتَاج النَّاس إِلَى التحذير مِنْهُ، وَكَانَ الرجل الْمَذْكُور كَمَا قَالَه صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ كَانَ ضَعِيف الْإِيمَان فِي حَيَاته صلى الله عليه وسلم، فَارْتَد بعْدهَا، وَقَالَ ابْن بطال: كَانَ صلى الله عليه وسلم، مَأْمُورا بِأَن لَا يُعَامل النَّاس إلَاّ بِمَا ظهر مِنْهُم دون غَيره، وَكَانَ يظْهر الْإِسْلَام، فَقَالَ قبل الدُّخُول مَا كَانَ يُعلمهُ وَبعده كَانَ ظَاهرا مِنْهُ عِنْد النَّاس.
6132 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ أخبرنَا ابنُ عُلَيَّةَ أخبرنَا أيُّوبُ عَنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي مُلَيْكَةَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُهْدِيَتْ لَهُ أقْبِيَةٌ مِنْ ديباجٍ مُزَرَّرةٌ بالذَّهَبِ، فَقَسَمَها فِي ناسٍ مِنْ أصْحابِهِ وَعَزَلَ مِنْها واحِداً لِمَخْرَمَةَ، فَلما جاءَ قَالَ: خَبأْتُ هاذَا لَكَ. قَالَ أيُّوبُ بِثَوْبِهِ، أنَّهُ يُرِيدِ إيَّاهُ، وكانَ فِي خُلُقِهِ شَيْءٌ.