الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُسْتَجَاب من الاستجابة بِمَعْنى الْإِجَابَة. قَوْله: (لأحدكم) أَي: كل وَاحِد مِنْكُم إِذْ إسم الْجِنْس الْمُضَاف يُفِيد الْعُمُوم على الْأَصَح. قَوْله: (فَيَقُول) بِالنّصب لَا غير، وَفِي رِوَايَة غير أبي ذَر: يَقُول، بِدُونِ الْفَاء، وَقَالَ ابْن بطال: الْمَعْنى أَنه يسأم وَيتْرك الدُّعَاء فَيكون كالملون بدعائه، أَو إِنَّه يَأْتِي من الدُّعَاء بِمَا يسْتَحق بِهِ الْإِجَابَة فَيصير كالمبخل للرب الْكَرِيم الَّذِي لَا تعجزه الْإِجَابَة وَلَا ينقصهُ الْعَطاء، وَقَالَ الْكرْمَانِي: هُنَا شَرط الاستجابة عدم العجلة وَعدم القَوْل، أَي قَوْله:(دَعَوْت فَلم يستجب لي) فَمَا حكمه فِي الصُّور الثَّلَاث الْبَاقِيَة؟ يَعْنِي: وجودهَا وَوُجُود المعجلة دون القَوْل وَالْعَكْس؟ وَأجَاب بِأَن مُقْتَضى الشّرطِيَّة عدم الاستجابة فِي الْأَوليين، وَأما الثَّالِثَة فَهِيَ غير متصورة، ثمَّ قَالَ: قَوْله عز وجل: { (2) أُجِيب دَعْوَة
…
دعان} (الْبَقَرَة: 186) مُطلق لَا تَقْيِيد فِيهِ. وَأجَاب بِأَنَّهُ يحمل الْمُطلق على الْمُقَيد كَمَا هُوَ مُقَرر فِي الْأُصُول. قلت: وَفِيه نظر لَا يخفى، ثمَّ قَالَ: هَذِه الْأَخْبَار تَقْتَضِي إِجَابَة كل الدَّعْوَات الَّتِي انْتَفَى فِيهَا العدمان، لَكِن ثَبت أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَأَلت الله ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة، وَهِي: لَا يُذِيق بعض أمته بَأْس بعض، وَكَذَا مَفْهُوم كل دَعْوَة مستجابة إِن لَهُ دعوات غير مستجابة. وَأجَاب بِأَن التَّعْجِيل من جبلة الْإِنْسَان قَالَ الله تَعَالَى:{ (12) خلق الْإِنْسَان. . عجل} (الْأَنْبِيَاء: 37) فوجود الشَّرْط مُتَعَذر أَو متعسر فِي أَكثر الْأَحْوَال.
23 -
(بابُ رَفْعِ الأيْدِي فِي الدُّعاءِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة رفع الْأَيْدِي فِي الدُّعَاء وَسقط لفظ: بَاب، فِي رِوَايَة أبي ذَر.
وَقَالَ أَبُو مُوسَى الأشْعَرِيُّ: دَعَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: ورأيْتُ بَياضَ إبْطَيْهِ.
إسم أبي مُوسَى عبد الله بن قيس، وَهَذَا التَّعْلِيق من حَدِيث طَوِيل فِي قَضِيَّة قتل عَمه أبي عَامر الْأَشْعَرِيّ، وَتقدم فِي الْمَغَازِي مَوْصُولا فِي غَزْوَة حنين.
وَقَالَ ابنُ عُمَرَ: رَفَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَبْرَأ إلَيْكَ مِما صَنَعَ خالِدٌ.
خَالِد هُوَ ابْن الْوَلِيد رضي الله عنه وَهَذَا التَّعْلِيق أَيْضا من حَدِيث فِيهِ قَضِيَّة خَالِد فِي غَزْوَة بني جذيمة بِفَتْح الْجِيم وَكسر الذَّال الْمُعْجَمَة، وَذَلِكَ أَنه صلى الله عليه وسلم بَعثه إِلَيْهِم فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَام، فَلم يحسنوا أَن يَقُولُوا: أسلمنَا، فَجعلُوا يَقُولُونَ: صبأنا، فَجعل يقتل ويأسر، فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَرفع يَدَيْهِ. وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا صنع خَالِد.
6341 -
قَالَ أبُو عَبْدِ الله: وَقَالَ الأُوَيْسِيُّ: حدّثني محَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ عنْ يَحْيَى بنِ سَعيدٍ وشَرِيكٍ سَمعَا أنَساً عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رأيْتُ بَياضَ إبْطَيْهِ. (انْظُر الحَدِيث 1031 وطرفه) .
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، والأويسي نِسْبَة إِلَى أويس مصغر أَوْس فِي الأَصْل، وَلَكِن النِّسْبَة إِلَى أَوْس هُوَ ابْن حَارِثَة، قَبيلَة فِي الْأَنْصَار وَفِي تغلب وَفِي الأزد وَفِي خثعم، والأويسي، هَذَا نِسْبَة إِلَى أويس بن سعد بن أبي سرح إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى غَالب ابْن فهر واسْمه عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى بن عمر بن أويس الْقرشِي العامري الأويسي الْمدنِي، شيخ البُخَارِيّ، وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن أبي كثير الْأنْصَارِيّ، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، وَشريك بن عبد الله بن نمير الْقرشِي الْمَدِينِيّ.
وَهَذَا الحَدِيث مُخْتَصر من حَدِيث الاسْتِسْقَاء، وَهَذِه التَّعَالِيق الثَّلَاثَة تدل على رفع الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء، وَلَكِن لَا تدل على أَنه صلى الله عليه وسلم. هَل كَانَ يَجْعَل كفيه نَحْو السَّمَاء أَو نَحْو الأَرْض، وَفِي هَذَا الْبَاب خلاف كثير، فَمنهمْ من كره رفع الْيَدَيْنِ فَإِذا دَعَا الله فِي حَاجته يُشِير بإصبعه السبابَة، وروى شُعْبَة عَن قَتَادَة قَالَ: رأى ابْن عمر قوما رفعوا أَيْديهم فَقَالَ: من يتَنَاوَل هَؤُلَاءِ؟ فوَاللَّه لَو كَانُوا على رَأس أطول جبل مَا ازدادوا من الله قرباً، وَكَرِهَهُ جُبَير بن مطعم، وَرَأى شُرَيْح رجلا رَافعا يَدَيْهِ يَدْعُو فَقَالَ: من يتَنَاوَل بهَا لَا أم لَك؟ وَقَالَ مَسْرُوق لقوم رفعوا أَيْديهم: قطعهَا الله، وَكَانَ قَتَادَة يُشِير بإصبعه وَلَا يرفع يَدَيْهِ، وَمِنْهُم من اخْتَار بسط كفيه رافعهما، ثمَّ اخْتلفُوا فِي صفته، فَمنهمْ من قَالَ: يرفعهما حَذْو صَدره بطونهما إِلَى وَجهه، رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عمر رَضِي