الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رويدك مصدرا مُضَافا إِلَى الْكَاف ناصبها سوقك وفتحة داله على هَذَا إعرابية. قَوْله: (بِالْقَوَارِيرِ) جمع قَارُورَة من الزّجاج سميت بهَا لاستقرار الشَّرَاب فِيهَا، وَفِي رِوَايَة هِشَام عَن قَتَادَة: رويدك سوقك وَلَا تكسر الْقَوَارِير، وَزَاد حَمَّاد فِي رِوَايَته عَن أَيُّوب، قَالَ أَبُو قلَابَة يَعْنِي: النِّسَاء، وَفِي رِوَايَة همام عَن قَتَادَة: لَا تكسر الْقَوَارِير، قَالَ قَتَادَة: يَعْنِي ضعفة النِّسَاء. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: شبه النِّسَاء بِالْقَوَارِيرِ من الزّجاج لِأَنَّهُ يسْرع إِلَيْهَا الْكسر وَكَانَ أَنْجَشَة يَحْدُو وينشد القريض وَالرجز فَلم يَأْمَن أَن يصيبهن أَو يَقع فِي قلوبهن حداؤه، فَأمره بالكف عَن ذَلِك، وَفِي الْمثل: الْغناء رقية الزِّنَا، وَقيل: أَرَادَ أَن الْإِبِل إِذا سَمِعت الحداء أسرعت فِي الْمَشْي واشتدت فأزعجت الرَّاكِب وأتعبته، فَنَهَاهُ عَن ذَلِك لِأَن النِّسَاء يضعفن من شدَّة الْحَرَكَة. وَقَالَ الرامَهُرْمُزِي: كنى عَن النِّسَاء بِالْقَوَارِيرِ لرقتهن وضعفهن عَن الْحَرَكَة، وَالنِّسَاء يشبهن بِالْقَوَارِيرِ فِي الرقة واللطافة وَضعف البنية، وَقيل: سقهن كسوقك الْقَوَارِير لَو كَانَت مَحْمُولَة على الْإِبِل، وَقيل: شبههن بِالْقَوَارِيرِ لسرعة انقلابهن عَن الرِّضَا وَقلة دوامهن على الْوَفَاء كالقوارير يسْرع إِلَيْهَا الْكسر وَلَا تقبل الْجَبْر، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: هِيَ اسْتِعَارَة لِأَن الْمُشبه بِهِ غير مَذْكُور، والقرينة حَالية لَا مقالية، وَلَفظ الْكسر ترشيح لَهَا. قَوْله:(قَالَ أَبُو قلَابَة) هُوَ الرَّاوِي عَن أنس: تكلم النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِكَلِمَة، وَهِي سوق الْقَوَارِير قَوْله:(لَو تكلم بهَا) أَي: بِهَذِهِ الْكَلِمَة: بَعْضكُم لعبتموها عَلَيْهِ، أَي: على الَّذِي تكلم بهَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: هَذِه اسْتِعَارَة لَطِيفَة بليغة فَلم تعاب؟ قلت: لَعَلَّه نظر إِلَى أَن شَرط الِاسْتِعَارَة أَن يكون وَجه الشّبَه جلياً بَين الأقوام وَلَيْسَ بَين القارورة وَالْمَرْأَة وَجه الشّبَه ظَاهرا، وَالْحق أَنه كَلَام فِي غَايَة الْحسن وَالسَّلَام عَن الْعُيُوب وَلَا يلْزم فِي الِاسْتِعَارَة أَن يكون جلاء الْوَجْه من حَيْثُ ذاتهما بل يَكْفِي الْجلاء الْحَاصِل من الْقَرَائِن الجاعلة للْوَجْه جلياً ظَاهرا كَمَا فِي المبحث، وَيحْتَمل أَن يكون قصد أبي قلَابَة أَن هَذِه الِاسْتِعَارَة تحسن من مثل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي البلاغة، وَلَو صدرت مِمَّن لَا بلاغة لَهُ لعبتموها، وَهَذَا هُوَ اللَّائِق بِمنْصب أبي قلَابَة، وَالله أعلم.
91 -
(بابُ هِجاءِ المُشْرِكِينَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز الهجاء للْمُشْرِكين، وروى أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَصَححهُ من حَدِيث أنس رضي الله عنه رَفعه: جاهدوا الْمُشْركين بألسنتكم، وروى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عمار بن يَاسر: لما هجانا الْمُشْركُونَ قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: قُولُوا لَهُم كَمَا يَقُولُونَ لكم فَإِن كُنَّا لنعلمه إِمَاء أهل الْمَدِينَة، فلأجل ذَلِك وضع البُخَارِيّ هَذِه التَّرْجَمَة وَأَشَارَ بهَا إِلَى أَن بعض الشّعْر قد يكون مُسْتَحبا والهجاء والهجو بِمَعْنى وَهُوَ الذَّم فِي الشّعْر، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الهجاء خلاف الْمَدْح وَقد هجوته هجواً وهجاء وتهجاء فَهُوَ مهجو، وَلَا تقل هجيته.
6150 -
حدَّثنا مُحَمَّدٌ حَدثنَا عَبْدَةُ أخبرنَا هِشامٌ بنُ عُرْوَةَ عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: اسْتأذَنَ حَسَّانُ بنُ ثابتٍ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فِي هِجاءِ المُشْرِكِينَ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: فَكَيْفَ بنَسَبي؟ فَقَالَ حَسَّانُ: لأسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ العَجِينِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُحَمّد هُوَ ابْن سَلام، وَعَبدَة بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة هُوَ ابْن سُلَيْمَان.
والْحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن عُثْمَان أَيْضا.
قَوْله: (فَكيف بنسبي؟) أَي: كَيفَ تهجوهم ونسبي الْمُهَذّب الشريف فيهم؟ فَرُبمَا يُصِيبنِي من الهجو نصيب. قَوْله: (لأسلنك) أَي: لَا تلطفن فِي تَخْلِيص نسبك من هجوهم بِحَيْثُ لَا يبْقى جُزْء من نسبك فِيمَا ناله الهجو كالشعرة إِذا انسلت من الْعَجِين لَا يبْقى شَيْء مِنْهُ عَلَيْهَا.
وعَنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ قَالَ: ذَهَبْتُ أسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عائِشَةَ فقالَتْ: لَا تَسُبُّهُ فإِنَّهُ كانَ يُنافِحُ عَنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
هَذَا مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور. قَوْله: (ذهبت أسب حسان) لِأَنَّهُ كَانَ مُوَافقا لأهل الْإِفْك. قَوْله: (ينافح) بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي: يدافع عَنهُ ويخاصم عَنهُ، والمنافح المدافع، يُقَال: نافحت عَن فلَان أَي: دافعت عَنهُ.
6151 -
حدَّثنا أصْبَغُ قَالَ: أَخْبرنِي عَبْدُ الله بنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبرنِي يُونُسُ عَنِ ابنِ شِهابٍ أنَّ الهَيْثَمَ بنَ أبي سِنانٍ أخْبَرَهُ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي قصَصِهِ يَذْكُر النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إنَّ أَخا لَكُمْ لَا يَقُولُ الرَّفَثَ، يَعْنِي بِذَاكَ ابنَ رَوَاحَةَ، قَالَ:
(وَفِينَا رَسُولُ الله يَتْلُوا كِتابَهُ
…
إذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الفَجْرِ سَاطِعُ)
(أرَانا الهُدَى بَعْدَ العَمَى فَقُلُوبُنا
…
بِهِ مُوقناتٌ أنَّ مَا قَالَ واقِعُ)
(يَبِيتُ يُجافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ
…
إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بالْكَافِرِينَ المَضاجِعُ)
(انْظُر الحَدِيث 1155) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله:
إِذا استثقلت بالكافرين الْمضَاجِع
فَإِن هَذَا ذمّ لَهُم وَهُوَ عين الهجو. وإصبغ بالغين الْمُعْجَمَة ابْن الْفرج أَبُو عبد الله الْمصْرِيّ وَهُوَ من أَفْرَاده، والهيثم بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة ابْن سِنَان بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون الأولى.
والْحَدِيث مضى فِي التَّهَجُّد فِي: بَاب فضل من تعار من اللَّيْل فصلى، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب
…
الخ.
قَوْله: (فِي قصصه) بِفَتْح الْقَاف وَكسرهَا فبالفتح الإسم وبالكسر جمع قصَّة والقص فِي الأَصْل الْبَيَان. قَوْله: (الرَّفَث) أَي: الْفُحْش. قَوْله: (ابْن رَوَاحَة) هُوَ عبد الله بن رَوَاحَة والأبيات الْمَذْكُورَة من الْبَحْر الطَّوِيل، والساطع الْمُرْتَفع، والعمى الضلال. قَوْله:(بالكافرين) فِي رِوَايَة الْكشميهني: بالمشركين. قَوْله: (استثقلت) من الثّقل بالثاء الْمُثَلَّثَة وَالْقَاف، وَفِي الْبَيْت الأول إِشَارَة إِلَى علم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَفِي الثَّالِث إِلَى عمله فَهُوَ كَامِل علما وَعَملا، وَفِي الثَّانِي إِلَى تَكْمِيل الْغَيْر فَهُوَ كَامِل مكمل صلى الله عليه وسلم.
تابَعَهُ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ
أَي: تَابع يُونُس عقيل بِضَم الْعين ابْن خَالِد فِي رِوَايَته الحَدِيث الْمَذْكُور عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَقد مر بَيَان مُتَابَعَته فِي التَّهَجُّد فِي الْبَاب الْمَذْكُور هُنَاكَ.
وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ: عَن الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ والأعْرَجِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ
الزبيدِيّ بِضَم الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة هُوَ مُحَمَّد بن الْوَلِيد الشَّامي صَاحب الزُّهْرِيّ، وَسَعِيد هُوَ ابْن الْمسيب، والأعرج هُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز وَهَذَا أَيْضا قد مر فِي التَّهَجُّد فِي الْبَاب الْمَذْكُور.
175 -
(حَدثنَا أَبُو الْيَمَان أخبرنَا شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ ح وَحدثنَا إِسْمَاعِيل قَالَ حَدثنِي أخي عَن سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه سمع حسان بن ثَابت الْأنْصَارِيّ يستشهد أَبَا هُرَيْرَة فَيَقُول يَا أَبَا هُرَيْرَة نشدتك بِاللَّه هَل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يَقُول يَا حسان أجب عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - اللَّهُمَّ أيده بِروح الْقُدس قَالَ أَبُو هُرَيْرَة نعم) مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله أجب عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَأخرجه من طَرِيقين أَحدهمَا عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ وَالْآخر عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن أَخِيه عبد الحميد عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق واسْمه مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ التَّيْمِيّ الْقرشِي الْمدنِي عَن ابْن شهَاب إِلَى آخِره والْحَدِيث قد مضى فِي الصَّلَاة فِي بَاب الشّعْر فِي الْمَسْجِد قَوْله نشدتك بِاللَّه أَي أَقْسَمت عَلَيْك بِاللَّه وَسَأَلْتُك بِهِ قَوْله أجب أَي دافعا عَنهُ قَوْله أيده من التأييد وَهُوَ التقوية قَوْله بِروح الْقُدس بِضَم الدَّال وسكونها هُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام