الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يفعل، وَإِن خرج الآخر أعَاد الضَّرْب حَتَّى يخرج لَهُ: إفعل، أَو: لَا تفعل. فَكَانَت سَبْعَة على صفة وَاحِدَة مَكْتُوب عَلَيْهَا: لَا. نعم، مِنْهُم، من غَيرهم، ملصق، الْعقل، فضل الْعقل، وَكَانَ بيد السادن فَإِذا أَرَادوا خُرُوجًا أَو تزويجا أَو حَاجَة ضرب السادن، فَإِن خرج: نعم، ذهب، فَإِن خرج: لَا، كف، وَإِن شكوا فِي نسب أَتَوا بِهِ إِلَى الصَّنَم، فَضرب بِتِلْكَ الثَّلَاثَة الَّتِي هِيَ: مِنْهُم، من غَيرهم، ملصق، فَإِن خرج: مِنْهُم، كَانَ من أوسطهم نسبا، وَإِن خرج: من غَيرهم، كَانَ حليفا، وَإِن خرج ملصق لم يكن لَهُ نسب وَلَا حلف، وَإِذا جنى أحد جِنَايَة وَاخْتلفُوا على من الْعقل، ضربوا فَإِن خرج: الْعقل، على من ضربه عَلَيْهِ عقل وبرىء الْآخرُونَ، وَكَانُوا إِذا عقلوا الْعقل وَفضل الشَّيْء مِنْهُ وَاخْتلفُوا فِيهِ أَتَوا السادن فَضرب، فعلى من وَجب أَدَّاهُ، وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: كَانَت الْجَاهِلِيَّة يتخذون الأقلام ويكتبون على بَعْضهَا: نهاني رَبِّي، وعَلى بَعْضهَا: أَمرنِي رَبِّي، وعَلى بَعْضهَا، نعم، وعَلى بَعْضهَا: لَا، فَإِذا أَرَادَ أحدهم سفرا أَو غَيره دفعوها إِلَى بَعضهم حَتَّى يقبضهَا، فَإِن خرج الْقدح الَّذِي عَلَيْهِ: أَمرنِي رَبِّي، مضى، أَو: نهاني، كف.
والاستقسام مَا قسم لَهُ من أَمر يزعمه، وَقيل: كَانَ إِذا أَرَادَ أحدهم أمرا أَدخل يَده فِي الْوِعَاء الَّذِي فِيهِ الأقلام فَأخْرج مِنْهَا زلما وَعمل بِمَا عَلَيْهِ، وَقيل: الأزلام حَصى بيض كَانُوا يضْربُونَ بهَا، والاستقسام استفعال من قسم الرزق والحاجات، وَذَلِكَ طلب أحدهم بالأزلام على مَا قسم لَهُ فِي حَاجته الَّتِي يلتمسها من نجاح أَو حرمَان، وأبطل الرب تَعَالَى ذَلِك، وَأخْبر أَنه فسق لأَنهم كَانَ يستقسمون عِنْد ألهتهم الَّتِي يعتقدونها، وَيَقُولُونَ: يَا إل هُنَا أخرج الْحق فِي ذَلِك، ثمَّ يعْملُونَ بِمَا خرج فِيهِ، فَكَانَ ذَلِك كفرا بِاللَّه تَعَالَى لإضافتهم مَا يكون من ذَلِك من صَوَاب أَو خطأ إِلَى أَنه من قسم آلِهَتهم الَّتِي لَا تضر وَلَا تَنْفَع، وَأخْبر الشَّارِع عَن إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَنَّهُمَا لم يَكُونَا يفوضان أمورهما إلَاّ إِلَى الله الَّذِي لَا يخفى عَلَيْهِ علم مَا كَانَ، وَمَا هُوَ كَائِن، لِأَن الْآلهَة لَا تضر وَلَا تَنْفَع، وَلذَلِك قَالَ، صلى الله عليه وسلم:(لقد علمُوا أَنهم لم يستقسما بهَا قطّ) . لأَنهم قد علمُوا أَن أباءهم أحدثوها، وَكَانَ فيهم بَقِيَّة من دين إِبْرَاهِيم، عليه الصلاة والسلام، مِنْهَا: الْخِتَان، وَتَحْرِيم ذَوَات الْمَحَارِم إلَاّ امْرَأَة الْأَب، وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ.
قَوْله: (قَاتلهم الله) أَي: لعنهم الله. قَالَ التَّيْمِيّ: يَعْنِي قَاتل الله الْمُشْركين الَّذين صوروا صُورَة إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، ونسبوا إِلَيْهِمَا الضَّرْب بِالْقداحِ، وَكَانَا بريئين من ذَلِك، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء أحدثه الْكفَّار الَّذين غيروا دين إِبْرَاهِيم، عليه السلام، وأحدثوا أحداثا. قَوْله:(أما وَالله) . وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: أم وَالله، وَحذف الْألف مِنْهُ للتَّخْفِيف، وَكلمَة: أما، لافتتاح الْكَلَام. قَوْله:(قد علمُوا) ويروى: (لقد علمُوا) ، بِزِيَادَة اللَّام لزِيَادَة التَّأْكِيد، قيل: وَجه ذَلِك أَنهم كَانُوا يعلمُونَ إسم أول من أحدث الاستقسام بالأزلام، وَهُوَ عَمْرو بن لحي، فَكَانَت نسبتهم الاستقسام بالأزلام إِلَى إِبْرَاهِيم وَولده إِسْمَاعِيل عليهما السلام، افتراء عَلَيْهِمَا. قَوْله:(لم يستقسما) أَي: إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام. قَوْله:(بهَا)، أَي: بالأزلام، ويروى: بهما، مثنى، وَهُوَ بِاعْتِبَار أَن الأزلام على نَوْعَيْنِ: خير وَشر، وَقد ذكرنَا أَن الاستقسام طلب الْقسم، يَعْنِي: طلب معرفَة مَا قسم لَهُ وَمَا لم يقسم لَهُ بالأزلام، وَكَذَا معرفَة مَا أَمر بِهِ وَمَا نهي عَنهُ، وَقيل: هُوَ قسمهم الْجَزُور على الْأَنْصِبَاء الْمَعْلُومَة. قَوْله: (فَدخل الْبَيْت) أَي: فَدخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْكَعْبَة، (فَكبر فِي نواحيه) أَي: فِي جَوَانِب الْبَيْت: (وَلم يصل فِيهِ) صَلَاة. فَهَذَا ابْن عَبَّاس نفى الصَّلَاة وَأثبت التَّكْبِير، وبلال أثبت الصَّلَاة وَلم يتَعَرَّض للتكبير، وَقد ذكرنَا وَجه ذَلِك مستقصىً فِي: بَاب إغلاق الْبَيْت، وَهَذَا البُخَارِيّ صحّح حَدِيث ابْن عَبَّاس مَعَ كَونه يرى تَقْدِيم حَدِيث بِلَال فِي إِثْبَات الصَّلَاة. فَإِن قلت: كَيفَ وَجه هَذَا يُصَحِّحهُ ويتركه؟ قلت: لم يتْرك لَا حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَلَا حَدِيث بِلَال، وَترْجم هُنَا بِحَدِيث ابْن عَبَّاس لأجل الزِّيَادَة فِيهِ، وَهُوَ التَّكْبِير فِي نواحي الْبَيْت، وَلكنه قدم حَدِيث ابْن عَبَّاس لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: أَنه لم يكن مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْمئِذٍ، وَإِنَّا أسْند نفي الصَّلَاة تَارَة لأسامة وَتارَة لِأَخِيهِ الْفضل، مَعَ أَنه لم يثبت كَون الْفضل مَعَهم إِلَّا فِي رِوَايَة شَاذَّة. وَالْوَجْه الآخر: إِن قَول الْمُثبت يرحج لِأَن فِيهِ زِيَادَة الْعلم، وَالله تَعَالَى أعلم.
55 -
(بابٌ كَيفَ كانَ بَدْءُ الرَّمَلِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ كَيْفيَّة ابْتِدَاء مَشْرُوعِيَّة الرمل فِي الطّواف، والرمل، بِفَتْح الرَّاء وَالْمِيم: هُوَ سرعَة الْمَشْي مَعَ تقَارب
فِي الخطوة. وَفِي (الْمُحكم) : رمل يرمل رملاً ورملاً: إِذا مَشى دون الْعَدو. قَالَ الْقَزاز: هُوَ الْعَدو الشَّديد. وَفِي الجمهرة: شَبيه بالهرولة وَفِي (الصِّحَاح) : هُوَ الهرولة، وَفِي (المغيث) هُوَ الخبب، وَقيل: هُوَ أَن يهز مَنْكِبه وَلَا يسْرع الْعَدو، وَفِي (كتاب المسالك) لِابْنِ الْعَرَبِيّ: هُوَ مَأْخُوذ من التحرك، وَهُوَ أَن يُحَرك الْمَاشِي مَنْكِبَيْه لشدَّة الْحَرَكَة فِي مَشْيه.
2061 -
حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدَّثنا حَمَّادٌ هُوَ ابنُ زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عَنْ سَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصْحَابُهُ فَقَالَ المُشْرِكُونَ إنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُم وقَدْ وهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ فأمَرَهُمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يَرْمُلُوا الأشْوَاطَ الثَّلاثَةَ وأنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ ولَمْ يَمْنَعْهُ أنْ يأمُرَهُمْ أنْ يَرْمُلُوا الأشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الإبْقَاءُ عَلَيْهِمْ.
(الحَدِيث 2061 طرفه فِي: 6524) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِيهِ أَنه صلى الله عليه وسلم أَمر القادمين مَعَه إِلَى مَكَّة أَن يرملوا، وَكَانَ هَذَا هُوَ ابْتِدَاء مَشْرُوعِيَّة الرمل، وَرِجَاله قد تكرروا.
وَأعَاد البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي الْمَغَازِي عَن سُلَيْمَان بن حَرْب أَيْضا. وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج أَيْضا عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان لوبن.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قدم رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، وَأَصْحَابه) أَي: مَكَّة. قَوْله: (فَقَالَ الْمُشْركُونَ إِنَّه يقدم عَلَيْكُم) بِفَتْح الدَّال، وَالضَّمِير فِي: أَنه، يرجع إِلَى رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، وَفِي: وهنهم، لأَصْحَابه، وَله وَجه آخر يَأْتِي بَيَانه عَن قريب، وَفِي لفظ مُسلم:(فَقَالَ الْمُشْركُونَ: هَؤُلَاءِ الَّذين زعمتم أَن الْحمى وهنتهم، هَؤُلَاءِ أجلد من كَذَا وَكَذَا) . وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ: (وَالْمُشْرِكُونَ من جبل قعيقعان)، وَفِي لفظ لمُسلم:(وَكَانُوا يحسدونه)، وَفِي لفظ:(وَكَانَ أهل مَكَّة قوما حسدا)، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ:(يقدم عَلَيْكُم قوم عُرَاة، فَأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على مَا قَالُوا، فَأَمرهمْ أَن يرملوا وَأَن يمشوا) . وَفِي رِوَايَة ابْن مَاجَه: (قَالَ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابه حِين أَرَادوا دُخُول مَكَّة فِي عمرته بعد الْحُدَيْبِيَة: إِن قومكم غَدا سيرونكم، فليرونكم جلدا. فَلَمَّا دخلُوا الْمَسْجِد الْحَرَام استلموا الرُّكْن ورملوا وَهُوَ مَعَهم) ، وللطبراني عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: من شَاءَ فليرمل وَمن شَاءَ فَلَا يرمل، إِنَّمَا أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بالرمل ليرى الْمُشْركُونَ قوته، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ فِي (تهذيبه) : لما اعْتَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أَن أهل مَكَّة يَقُولُونَ: إِن بِأَصْحَابِهِ هزالًا. فَقَالَ لَهُم حِين قدم: شدوا مآزركم وأعضادكم، وارملوا حَتَّى يَقُول قومكم: إِن بكم قُوَّة، قَالَ ثمَّ حج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلم يرمل، قَالُوا: وَإِنَّمَا رمل فِي عمْرَة الْعقبَة، وَفِي إِسْنَاده حجاج بن أَرْطَاة، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: أَنه صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه اعتمروا من جعرانة، يَعْنِي فِي عمْرَة الْقَضَاء، فرملوا بِالْبَيْتِ وَجعلُوا أرديتهم تَحت آباطهم، ثمَّ قدموها على عواتقهم الْيُسْرَى، وَفِي لفظ:(كَانُوا إِذا بلغُوا الرُّكْن الْيَمَانِيّ وتغيبوا من قُرَيْش مَشوا، ثمَّ إِذا اطلعوا عَلَيْهِم يرملون، تَقول قُرَيْش: كَأَنَّهُمْ الغزلان) . قَوْله: (قد وهنهم) ويروى (وَقد وهنهم) بواو الْعَطف، وحرف التَّقْرِيب، وَالْجُمْلَة حَالية، وَهَذَا بِحرف الْعَطف وبحذفها رِوَايَة ابْن السكن. وَقَالَ ابْن قرقول: رِوَايَة الكافة بِالْفَاءِ، وَهُوَ الصَّوَاب يَعْنِي: وَفد بِمَعْنى الْجَمَاعَة القادمين، فعلى هَذَا يكون ارتفاعه على أَنه فَاعل. قَوْله:(يقدم) ، وَيكون قَوْله وهنهم فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا تكون صفة لوفد، وعَلى هَذَا يكون الضَّمِير فِي قَوْله (إِنَّه يقدم) ، ضمير الشان، وعَلى رِوَايَة ابْن السكن: يرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَمَا ذكرنَا عَن قريب، ويروى: وهنهم، بِالتَّشْدِيدِ من التوهين. وَقَوله:(حمى يثرب) بِالرَّفْع فَاعله، والوهن الضعْف، يُقَال: وَهن يهن مثل: وعد، ووهن ورم، والواهن الضَّعِيف فِي قوته لَا بَطش عِنْده، وَعَن صَاحب (الْعين) : الوهن الضعْف فِي الْعَمَل وَالْأَمر، وَكَذَلِكَ فِي الْعظم، وهَنَ الشَّيْء وأوهنه، والوهن بِفَتْح الْهَاء لُغَة فِي الوهن بالتسكين، وَرجل واهن فِي الْأَمر وَالْعَمَل، وموهون فِي الْعظم وَالْبدن، وَعَن ابْن دُرَيْد: وَهن يوهن. قَوْله: (يثرب) اسْم مَدِينَة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِي الْجَاهِلِيَّة. قَوْله: (أَن يرملوا)، بِضَم الْمِيم أَي: وَأَن يرملوا، و: أَن، مَصْدَرِيَّة، وَالتَّقْدِير: يَأْمُرهُم بالرمل. قَوْله: (الأشواط) جمع شوط، بِفَتْح الشين وَهُوَ الطلق، وَهُوَ مَأْخُوذ من قَوْلهم: جرى الْفرس شوطا إِذا بلغ مجْرَاه، ثمَّ عَاد، فَكل من أَتَى موضعا ثمَّ انْصَرف عَنهُ فَهُوَ شوط، وَالْمرَاد هَهُنَا: الطوفة حول الْكَعْبَة، وانتصاب الأشواط على الظّرْف. قَوْله:(وَأَن يمشوا)، عطف على قَوْله:(أَن يرملوا) . قَوْله: (مَا بَين الرُّكْنَيْنِ) أَي: اليمانيين. قَوْله: (إلَاّ الْإِبْقَاء) ، بِكَسْر الْهمزَة وبالباء الْمُوَحدَة وَالْقَاف، وَهُوَ الرِّفْق