المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب طواف القارن) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٩

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ زَكاةِ الوَرَقِ)

- ‌(بابُ العَرْضِ فِي الزَّكَاةِ)

- ‌(بابٌ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ)

- ‌(بابٌ مَا كانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فإنَّهُمَا يَترَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بالسَّوِيَّةِ)

- ‌(بابُ زَكاةِ الإبِلِ)

- ‌(بابُ منْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ ولَيْسِتْ عِنْدَهُ)

- ‌(بابُ زَكَاةِ الغَنَمِ)

- ‌(بابٌ لَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ وَلَا تَيْسٌ إلَاّ مَا شاءَ المُصَدِّقُ)

- ‌(بابُ أخْذِ العَنَاقِ فِي الصَّدَقَةِ)

- ‌(بابٌ لَا تُؤْخَذُ كَرَائِمُ أمْوَالِ النَّاسِ فِي الصَّدَقَةِ)

- ‌(بابٌ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ)

- ‌(بابُ زَكَاةِ البَقَرِ)

- ‌(بابُ الزَّكَاةِ عَلَى الأقَارِبِ)

- ‌(بابٌ لَيْسَ عَلَى المُسْلِمُ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ)

- ‌(بابٌ لَيْسَ عَلَى المُسْلِمُ فِي عَبْدِهِ صَدَقَةٌ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ عَلَى اليَتَامَى)

- ‌(بابُ الزَّكَاةِ علَى الزَّوْجِ وَالأيْتامِ فِي الحَجْرِ)

- ‌(بابُ قَولِ الله تعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ الله} (التَّوْبَة:

- ‌(بابُ الاسْتِعْفَافِ عنِ المَسْألَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ أعْطَاهُ الله شَيْئا مِنْ غَيْرِ مَسْئلَةٍ وَلَا إشْرَافِ نَفْسٍ)

- ‌(بابُ مَنْ سَألَ النَّاسَ تَكَثُّرا)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {لَا يَسْألُونَ النَّاسَ إلْحَافا (الْبَقَرَة:

- ‌(بابُ خَرْص التمْرِ)

- ‌(بابُ العُشْرِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ وبِالمَاءِ الجَارِي)

- ‌(بابٌ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)

- ‌(بابُ أخذِ صَدَقَةِ التَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ وهَلْ يُتْرَكُ الصَّبِيُّ فيَمَس تَمْرَ الصَّدَقَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ باعَ ثِمَارَهُ أوْ نَخْلَهُ أوْ أرْضَهُ أوُ زَرْعَهُ وقَدْ وجَبَ فِيهِ العُشْرُ أَو الصَّدَقَة فأدَّى الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهِ أوْ بَاعَ ثِمَارَهُ ولَمْ تَجِبْ فِيهِ الصَّدَقَةُ وقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا تَبِيعُوا

- ‌(بابٌ هَلْ يَشْتَرِي صَدَقَتَهُ)

- ‌(بابُ مَا يُذْكَرُ فِي الصَّدَقَةِ لِلنَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ عَلَى مَوَالِي أزْوَاجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابٌ إِذا تَحَوَّلَتِ الصَّدَقَةُ)

- ‌(بابُ أخْذِ الصَّدَقَةِ مِن الأغْنِيَاءِ وتُرَدُّ فِي الفُقرَاءِ حَيْثُ كَانُوا)

- ‌(بابُ صَلَاةِ الإمامِ وَدُعَائِهِ لِصَاحِبِ الصَّدَقَةِ وقَوْلِهِ {خُذْ مِنْ أمْوَالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} )

- ‌(بابُ مَا يُسْتَخْرَجُ منَ البَحْرِ)

- ‌(بابٌ فِي الرِّكَازِ الخُمُسُ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {والعَامِلينَ عَلَيْهَا} (التَّوْبَة: 06) . ومُحَاسَبَةِ المُصَّدِّقِينَ مَعَ الإِمَامِ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمَالِ إبِلِ الصَّدَقَةِ وَألْبَانِهَا لأِبْنَاءِ السَّبِيلِ)

- ‌(بابُ وَسْمِ الإمَامُ إبِلَ الصَّدَقَةِ بِيَدِهِ)

- ‌(أبْوَابُ صَدَقَةِ الفِطْرِ)

- ‌(بابُ فَرْض صَدَقَةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الفِطْرِ عَلَى العَبْدِ وَغَيْرِهِ مِنَ المُسْلِمِينَ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الفِطْرِ مِنْ شَعِيرٍ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الفِطْرِ صَاعا مِنْ طَعَامٍ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الفِطْرِ صَاعا منْ تَمْرٍ)

- ‌(بابُ صَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ قَبْلَ العِيدِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الفِطْرِ عَلَى الحُرِّ وَالمَمْلُوكِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الفِطْرِ عَلَى الصَّغِيرِ والكَبِيرِ)

- ‌(كِتَابُ الحَجِّ)

- ‌(بابُ وُجوبِ الحَجِّ وَفَضْلِهِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {يأتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرِ يَأتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ} (الْحَج:

- ‌(بابُ الحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الحَجِّ المَبْرُورِ)

- ‌(بابُ فَرْضِ مَوَاقِيتِ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {وتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابُ مُهَلِّ أهْلِ مَكَّةَ لِلْحَجِّ وَالعُمْرَةِ)

- ‌(بابُ ميقَاتِ أهْلِ المَدينَةِ وَلا يُهِلُّونَ قَبْلَ ذِي الحلَيْفَةِ)

- ‌(بابُ مُهَلِّ أهْلِ الشَّامِ)

- ‌(بابُ مُهَلِّ أهْلِ نَجْدٍ)

- ‌(بابُ مُهَلِّ مَنْ كانَ دُونَ المَوَاقِيتِ)

- ‌(بابُ مُهَلِّ أهْلِ اليَمَنِ)

- ‌(بابٌ ذَاتَ عِرْقٍ لأهلِ العِرَاقِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ خُرُوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى طَرِيقِ الشَّجَرَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم العَقِيقُ وَادٍ مُبَارَكٌ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الخَلُوقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنَ الثِّيَابِ)

- ‌(بابُ الطِّيبِ عِنْدَ الإحْرَامِ ومَا يَلْبَسُ إذَا أرَادَ أنْ يحْرِمَ ويَتَرَجَّلُ وَيَدَّهِنُ)

- ‌(بابُ مَنْ أهَلَّ ملَبَدا)

- ‌(بابُ الإهلالِ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الحُلَيْفَةِ)

- ‌(بابُ مَا لَا يَلْبَسُ المْحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ)

- ‌(بابُ الرُّكُوبِ وَالارْتِدَافِ فِي الحَجِّ)

- ‌(بابُ مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ وَالأرْدِيَةِ وَالأُزُرِ)

- ‌(بابُ مَنْ باتَ بِذِي الحُلَيْفَةِ حَتَّى أصْبَحَ)

- ‌‌‌(بابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالإهْلالِ

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالإهْلالِ

- ‌(بابُ التَّلْبِيَةِ)

- ‌(بابُ التَّحْميدِ وَالتَّسْبُيحِ وَالتَّكْبِيرِ قَبْلَ الإهْلَالِ عَنْدَ الرُّكُوبِ عَلى الدَّابَّةِ)

- ‌(بابُ مَنْ أهَلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ راحِلَتُهُ)

- ‌(بابُ الإهلَالِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ)

- ‌(بابُ التَّلْبِيَةِ إذَا انْحَدَرَ فِي الوَادِي)

- ‌(بابٌ كيُفَ تُهِلُ الحَائِضُ والنُّفَساءُ)

- ‌(بابُ مَنْ أهَلَّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ كإهْلالِ النبيِّ قالَهُ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {الحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ)

- ‌(بابُ التَّمَتُّعِ وَالإقْرَانِ وَالإفرَادِ بِالحَجِّ وفَسْخِ الحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ)

- ‌(بابُ مَنْ لَبَّى بالْحَجِّ وسَمَّاهُ)

- ‌(بابُ التَّمَتُّعِ عَلَى عهد النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ تَفْسِيرِ قَوْلِ الله تعَالى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الْحَرَامُ} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابُ دُخُولِ مَكَّةَ نَهَارا أوْ لَيْلاً)

- ‌(بابُ مِنْ أيْنَ يَدْخُلُ مَكَّةَ)

- ‌(بابٌ منْ أيْنَ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ مَكَّةَ وَبُنْيَانِهَا)

- ‌(بابُ فَضْلِ الحَرَمِ)

- ‌(بابُ تَوْرِيثِ دُورِ مَكَّةَ وبَيْعِهَا وشِرَائِهَا وَأنَّ النَّاسَ فِي مَسْجِدِ الحَرَامِ سَوَاءٌ خاصَّةٌ)

- ‌(بابُ نُزُولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {وإذُ قالَ إبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هاذا البَلدَ آمِنا وَاجْنُبْني وبَنِيَّ أنْ نَعْبُدَ الأصْنامَ رَبِّ أنَّهُنَّ أضْللْنَ كَثيرا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَني فإنَّهُ مِنِّي ومَنْ عصَاني فإنَّكَ غَفُورٌ رحيمٌ. ربَّنا

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {وإذُ قالَ إبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هاذا البَلدَ آمِنا وَاجْنُبْني وبَنِيَّ أنْ نَعْبُدَ الأصْنامَ رَبِّ أنَّهُنَّ أضْللْنَ كَثيرا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَني فإنَّهُ مِنِّي ومَنْ عصَاني فإنَّكَ غَفُورٌ رحيمٌ. ربَّنا

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {جَعَلَ الله الكَعْبَةَ الْبَيْتَ الحَرامَ قِياما لِلنَّاسِ والشَّهْرَ الحرامَ وَالهدْيَ وَالقَلائِدَ ذالِكَ لِتَعْلَمُوا أنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ ومَا فِي الأرْضِ وأنَّ الله بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ} (الْمَائِدَة:

- ‌(بابُ كِسْوَةِ الكَعْبَةِ)

- ‌(بابُ هَدْمِ الكَعْبَةِ)

- ‌(بابُ مَا ذُكِرَ فِي الحَجَرِ الأسْوَدِ)

- ‌(بابُ إغلاقِ البَيْتِ ويُصَلِّي فِي أيِّ نَوَاحِي الْبَيْتِ شاءَ)

- ‌(بابُ الصَّلاةِ فِي الكَعْبَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَدْخُلِ الكَعْبَةَ)

- ‌(بابُ مَنْ كَبَّرَ فِي نَوَاحِي الْكَعْبَةِ)

- ‌(بابٌ كَيفَ كانَ بَدْءُ الرَّمَلِ)

- ‌(بابُ اسْتِلَامِ الحَجَرِ الأسْوَدِ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ أوَّلَ مَا يَطُوفُ ويَرْمُلُ ثَلاثا)

- ‌(بابُ الرَّمَلِ فِي الحَجِّ والْعُمْرَةِ)

- ‌(بابُ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ بالمِحْجَن)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَسْتَلِمْ إلَاّ الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ)

- ‌(بابُ تَقْبِيلِ الحَجَرِ)

- ‌(بابُ مَنْ أشارَ إِلَى الرُّكْنِ إذَا أتَى إلَيْهِ)

- ‌(بابُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الرُّكْنِ)

- ‌(بابُ مَنْ طافَ بِالْبَيْتِ إذَا قَدِمَ مَكَّةَ قَبْلَ أنْ يَرْجِعَ إلَى بَيْتِهِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصَّفَا)

- ‌(بابُ طَوَافِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ)

- ‌(بابُ الكَلامِ فِي الطَّوَافِ)

- ‌(بابٌ إذَا رأى سَيْرا أوْ شَيْئا يُكْرَهُ فِي الطَّوَافِ قَطَعَهُ)

- ‌(بابٌ لَا يَطُوفُ بالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ولَا يَحُجُّ مُشْرِكٌ)

- ‌(بابٌ إذَا وقَفَ فِي الطَّوَافِ)

- ‌(بابٌ صَلَّى النبيُّ لِسُبُوعِهِ رَكْعَتَيْنِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَقْرُبِ الكَعْبَةَ ولَمْ يَطُفْ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى عَرَفَةَ ويَرْجِعَ بَعْدَ الطَّوَافِ الأوَّلِ)

- ‌(بابُ منْ صَلَّى رَكْعَتَيِّ الطَّوَافِ خَارِجا مِنَ المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ منْ صَلَّى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ خَلْفَ المَقَامِ)

- ‌(بابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ والْعَصْرِ)

- ‌(بابُ المَريض يَطُوفُ رَاكِبا)

- ‌(بابُ سِقَايَةِ الْحَاجِّ)

- ‌‌‌(بابُ مَا جاءَ فِي زَمْزَمَ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي زَمْزَمَ)

- ‌(بابُ طَوَاف القَارِن)

- ‌(بابُ الطَّوَافِ عَلَى وُضُوءٍ)

- ‌(بَاب وجوب الصَّفَا والمروة وَجعل من شَعَائِر الله)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي السَّعْيِ بَينَ الصَّفا والمَرْوَةِ)

- ‌(بابٌ تَقْضي الحَائِضُ المَناسِكَ كُلَّها إلَاّ الطَّوافَ بالبَيْتِ)

- ‌(بَاب الإهْلالُ مِنَ البَطْحَاءِ وغَيْرِها لِلْمَكِّيِّ ولِلْحَاجِّ إذَا خَرَجَ إلَى مِنًى)

- ‌(بابٌ أيْنَ يُصَلِّي الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلاةِ بِمِنىً)

- ‌(بابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ)

- ‌(بابُ التَّلْبِيَةِ والتَّكْبيرِ إذَا غَدَا مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ)

- ‌(بابُ التَّهْجِيرِ بالرَّوَاحِ يَوْمَ عَرَفَةَ)

- ‌(بابُ الوُقُوفِ عَلَى الدَّابةِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(بابُ الجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(بابُ قَصْرِ الخُطْبَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ)

- ‌(بابُ التَّعْجِيلِ إِلَى المَوْقِفِ)

الفصل: ‌(باب طواف القارن)

مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ: بَاب الشّرْب قَائِما، على مَا يَأْتِي، فَقَالَ: حَدثنَا أَبُو نعيم حدنا مسعر عَن عبد الْملك بن ميسرَة عَن النزال، قَالَ: أَتَى عَليّ.، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على بَاب الرحبة بِمَاء، فَشرب قَائِما، فَقَالَ: إِن نَاسا يكره أحدهم أَن يشرب وَهُوَ قَائِم، وَإِنِّي رَأَيْت النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، فعل كَمَا رَأَيْتُمُونِي فعلت) . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن عمر، قَالَ:(كُنَّا نَأْكُل على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَنحن نمشي، وَنَشْرَب وَنحن قيام) . وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح غَرِيب، وروى أَيْضا من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده. (قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قَائِما وَقَاعِدا) . وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن، وروى الطَّحَاوِيّ، وَقَالَ: حَدثنَا ربيع الجيزي قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق ابْن أبي فَرْوَة الْمدنِي، قَالَ: حَدَّثتنَا عُبَيْدَة بنت نابل عَن عَائِشَة بنت سعد) عَن سعد بن أبي وَقاص، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يشرب قَائِما) . وَرَوَاهُ الْبَزَّار أَيْضا فِي (مُسْنده) نَحوه، وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا، فَقَالَ: حَدثنَا ابْن مَرْزُوق، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم عَن ابْن جريج، قَالَ: أَخْبرنِي عبد الْكَرِيم ابْن مَالك: (قَالَ: أَخْبرنِي الْبَراء بن زيد أَن أم سليم حدثته أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شرب وَهُوَ قَائِم فِي قربَة) . وَفِي لفظ لَهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دخل عَلَيْهَا، وَفِي بَيته قربَة معلقَة، فَشرب من الْقرْبَة قَائِما. وَأخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ أَيْضا. وَقَالَ النَّوَوِيّ: إعلم أَن هَذِه الْأَحَادِيث أشكل مَعْنَاهَا على بعض الْعلمَاء، حَتَّى قَالَ فِيهَا أقوالاً بَاطِلَة، وَالصَّوَاب مِنْهَا: أَن النَّهْي مَحْمُول على كَرَاهَة التَّنْزِيه، وَأما شربه قَائِما فلبيان الْجَوَاز، وَمن زعم نسخا فقد غلط، فَكيف يكون النّسخ مَعَ إِمْكَان الْجمع، وَإِنَّمَا يكون نسخا لَو ثَبت التاريح فأنَّى لَهُ ذَلِك؟ وَقَالَ الطَّحَاوِيّ مَا ملخصه: أَنه صلى الله عليه وسلم أَرَادَ بِهَذَا النَّهْي الإشفاق على أمته، لِأَنَّهُ يخَاف من الشّرْب قَائِما الضَّرَر، وحدوث الدَّاء، كَمَا قَالَ لَهُم: أما أَنا فَلَا آكل مُتكئا. انْتهى. قلت: اخْتلفُوا فِي هَذَا الْبَاب بِحَسب اخْتِلَاف الْأَحَادِيث فِيهِ، فَذهب الْحسن الْبَصْرِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَقَتَادَة: إِلَى كَرَاهَة الشّرْب قَائِما. وَرُوِيَ ذَلِك عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَذهب الشّعبِيّ وَسَعِيد بن الْمسيب وزادان وطاووس وَسَعِيد بن جُبَير وَمُجاهد إِلَى أَنه لَا بَأْس بِهِ، ويروى ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة وَسعد وَعمر بن الْخطاب وَابْنه عبد الله وَابْن الزبير وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

77 -

(بابُ طَوَاف القَارِن)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان طواف الْقَارِن، فَهَل يَكْتَفِي بِطواف وَاحِد. أَو لَا بُد لَهُ من طوافين، وَإِنَّمَا لم يبين ذَلِك، بل أطلق للِاخْتِلَاف فِيهِ على مَا يجيىء بَيَانه، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

8361 -

حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ فأهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قالَ مَنْ كانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بالحَجِّ والْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنا حائِضٌ فلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنا أرْسَلَنِي مَعَ عَبْدِ الرَّحْمانِ إلَى التَّنْعِيمُ فاعْتَمَرْتُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم هاذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ فَطَافَ الَّذِينَ أهَلُّوا بِالعُمْرَةِ ثُمَّ حَلُّوا ثُمَّ طَافُوا طَوَافا آخَرَ بَعْدَ أنْ رَجَعُوا مِنْ مِنىً وأمَّا الَّذِين جَمَعُوا بَيْنَ الحَجِّ والْعُمْرَةِ فإنَّمَا طَافُوا طَوَافا وَاحِدا..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَأما الَّذين جمعُوا بَين الْحَج وَالْعمْرَة) لِأَنَّهُ هُوَ الْقَارِن، فِيهِ بَيَان طَوَافه أَنه وَاحِد، والْحَدِيث قد مضى فِي: بَاب كَيفَ تهل الْحَائِض وَالنُّفَسَاء، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن عبد الله بن مسلمة عَن مَالك، وَهنا: عَن عبد الله ابْن يُوسُف عَن مَالك، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصىً، وَلَكِن نتكلم فِيهِ للرَّدّ على بَعضهم فِي رده على الإِمَام أبي جَعْفَر الطَّحَاوِيّ من غير وَجه لأريحية العصبية فِيهِ.

فَنَقُول أَولا مَا ذكره الطَّحَاوِيّ، فَقَالَ: بَاب الْقَارِن كم عَلَيْهِ من الطّواف لعمرته ولحجته؟ حَدثنَا صَالح بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ وَمُحَمّد بن إِدْرِيس الْمَكِّيّ قَالَا: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور، قَالَ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز

ص: 279

ابْن مُحَمَّد عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحرم بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة كَفاهُ لَهما طواف وَاحِد وسعي وَاحِد، ثمَّ لَا يحل حَتَّى لَا يحل مِنْهُمَا جَمِيعًا، ثمَّ قَالَ: فَذهب قوم إِلَى هَذَا الحَدِيث، فَقَالُوا: على الْقَارِن بَين الْحَج وَالْعمْرَة طواف وَاحِد لَا يجب عَلَيْهِ من الطّواف غَيره، وَخَالفهُم فِي ذَلِك آخَرُونَ، فَقَالُوا: بل يطوف لكل وَاحِد مِنْهُمَا طَوافا وَاحِدًا وَيسْعَى سعيا وَاحِدًا، وَكَانَ من الْحجَّة لَهُم فِي ذَلِك أَن هَذَا الحَدِيث خطأ أَخطَأ فِيهِ الدَّرَاورْدِي فرفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا أَصله عَن ابْن عمر نَفسه، هَكَذَا رَوَاهُ الْحفاظ وهم مَعَ هَذَا لَا يحتجون بالدراوردي، عَن عبيد الله أصلا، فَلم يحتجون لَهُ فِي هَذَا، فَأَما مَا رَوَاهُ الْحفاظ من ذَلِك عَن عبيد الله، فَمَا حَدثنَا صَالح بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سعيد ابْن مَنْصُور، قَالَ: حَدثنَا هشيم، قَالَ: حَدثنَا عبد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر، أَنه كَانَ يَقُول: إِذا قرن طَاف لَهما طَوافا وَاحِدًا، فَإِذا فرق طَاف لكل مِنْهُمَا طَوافا، وسعى سعيا انْتهى. ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل، بعد أَن نقل كَلَام الطَّحَاوِيّ، وَهُوَ تَعْلِيل مَرْدُود، فالدراوردي صدق، وَلَيْسَ مَا رَوَاهُ مُخَالفا لما رَوَاهُ غَيره، فَلَا مَانع أَن يكون الحَدِيث عِنْد نَافِع على الْوَجْهَيْنِ. انْتهى. قلت: الْمَرْدُود مَا قَالَه وَذهب إِلَيْهِ من غير تَحْقِيق النّظر فِيهِ، فَهَل يحل رد مَا لَا يرد لأجل مَا قصر فِيهِ فهمه، وَكثر تعنته ومصادمته للحق الأبلج؟ أَفلا وقف هَذَا على مَا قَالَه التِّرْمِذِيّ بعد أَن ذكر الحَدِيث الْمَذْكُور؟ وَقد رَوَاهُ غير وَاحِد عَن عبيد الله وَلم يرفعوه، وَهُوَ أصح. وَقَالَ أَبُو عمر فِي (الاستذكار) : لم يرفعهُ أحد عَن عبيد الله غير الدَّرَاورْدِي وكل من رَوَاهُ عَنهُ غَيره، أوقفهُ على ابْن عمر، وَكَذَا رَوَاهُ مَالك عَن نَافِع مَوْقُوفا، وَقَالَ أَبُو زرْعَة: الدَّرَاورْدِي سيء الْحِفْظ، ذكره عَنهُ الذَّهَبِيّ فِي (الكاشف) . وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَحَدِيثه عَن عبيد الله مُنكر، وَقَالَ ابْن سعد: كَانَ كثير الحَدِيث يغلط.

ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: واحتجت الْحَنَفِيَّة بِمَا رُوِيَ عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه جمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة، فَطَافَ لَهما طوافين وسعى لَهما سعيين، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فعل، وَطَرِيقه عَن عَليّ عِنْد عبد الرَّزَّاق وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيرهمَا ضَعِيفَة، وَكَذَا أخرج من حَدِيث ابْن مَسْعُود بِإِسْنَاد ضَعِيف نَحوه، وَأخرج من حَدِيث ابْن عمر نَحْو ذَلِك، وَفِيه: الْحسن بن عمَارَة وَهُوَ مَتْرُوك. انْتهى. قلت: حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي (سنَنه الْكُبْرَى) عَن حَمَّاد بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ (عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد، قَالَ: طفت مَعَ أبي، وَقد جمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة، فَطَافَ لَهما طوافين، وسعى لَهما سعيين، وحَدثني أَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فعل ذَلِك، وحدثه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذَلِك.

فَإِن قلت: قَالَ صَاحب (التَّنْقِيح) وَحَمَّاد: هَذَا ضعفه الْأَزْدِيّ؟ قلت: ذكره ابْن حبَان فِي (الثِّقَات) وَأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ من وُجُوه عَن الْحسن ابْن عمَارَة، ثمَّ قَالَ: وَهُوَ مَتْرُوك، وَعَن حَفْص بن أبي دَاوُد عَن ابْن أبي ليلى. وَقَالَ حَفْص: ضَعِيف، وَعَن عِيسَى بن عبد الله ابْن عَليّ، ثمَّ قَالَ: وَهُوَ مَتْرُوك، قلت: إِذا كثرت طرق الحَدِيث، وَلَو كَانَ فِيهَا ضعفاء تتعاضد وتتقوى.

وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا (عَن أبي النَّضر، قَالَ: أَهلَلْت بِالْحَجِّ فأدركت عليا فَقلت لَهُ: إِنِّي أَهلَلْت بِالْحَجِّ أفأستطيع أَن أضيف إِلَيْهِ عمْرَة؟ قَالَ: لَا لَو كنت أَهلَلْت بِالْعُمْرَةِ ثمَّ أردْت أَن تضيف إِلَيْهَا الْحَج ضممته. قَالَ: قلت: كَيفَ أصنع إِذا أردْت ذَلِك؟ قَالَ: تصب عَلَيْك إداوة مَاء، ثمَّ تحرم بهما جَمِيعًا وَتَطوف لكل وَاحِد مِنْهُمَا طَوافا)، وَعنهُ عَن عَليّ وَعبد الله قَالَا: الْقَارِن يطوف طوافين، وَيسْعَى سعيين ثمَّ اعْترض هَذَا الْقَائِل أَيْضا على الطَّحَاوِيّ حَيْثُ قَالَ، فِي قَول عَائِشَة: وَأما الَّذين جمعُوا بَين الْحَج وَالْعمْرَة، فَإِنَّمَا طافوا طَوافا وَاحِدًا، أَن مرادها جمعُوا بَين الْحَج وَالْعمْرَة جمع مُتْعَة لَا جمع قرَان، بقوله: وَإِنِّي لكثير التَّعَجُّب مِنْهُ فِي هَذَا الْموضع، كَيفَ سَاغَ لَهُ هَذَا التَّأْوِيل؟ وَحَدِيث عَائِشَة مفصل للحالتين، فَإِنَّهَا صرحت بِفعل من تمتّع، ثمَّ بِمن قرن حَيْثُ، قَالَت: فَطَافَ الَّذين أهلوا بِالْعُمْرَةِ ثمَّ حلوا، ثمَّ طافوا طَوافا آخر بعد أَن رجعُوا من منى، فَهَؤُلَاءِ أهل التَّمَتُّع، ثمَّ قَالَت: وَأما الَّذين جمعُوا، إِلَى آخِره، فَهَؤُلَاءِ أهل القِران، وَهَذَا أبين من أَن يحْتَاج إِلَى بَيَان. انْتهى. قلت: هَذَا الَّذِي ذكره مُتَعَجِّبا أَخذه من كَلَام الْبَيْهَقِيّ، فَإِنَّهُ شنع على الطَّحَاوِيّ فِي كتاب (الْمعرفَة) بِغَيْر معرفَة، حَيْثُ قَالَ: وَزعم بعض من يَدعِي فِي هَذَا تَصْحِيح الْأَخْبَار على مذْهبه، إِنَّمَا أَرَادَت بِهَذَا الْجمع جمع مُتْعَة لَا جمع قرَان. قَالَت: فَإِنَّمَا طافوا طَوافا وَاحِدًا فِي حجتهم، لِأَن حجتهم كَانَت مَكِّيَّة، وَالْحجّة المكية لَا يُطَاف لَهَا قبل عَرَفَة، وَكَيف استجاز لدينِهِ أَن يَقُول مثل هَذَا، وَفِي حَدِيثهَا أَنَّهَا أفردت من جمع بَينهمَا جمع مُتْعَة أَولا بِالذكر، فَذكرت كَيفَ طافوا فِي عمرتهم ثمَّ كَيفَ طافوا فِي حجتهم، ثمَّ لم يبْق إلَاّ المفردون والقارنون،

ص: 280

فَجمعت بَينهم فِي الذّكر، وأخبرت أَنهم إِنَّمَا طافوا طَوافا وَاحِدًا، وَأَنَّهَا أَرَادَت بَين الصَّفَا والمروة، وَلما ذكرنَا من الدّلَالَة مَعَ كَونه معقولاً، وَلَو اقتصرت على اللَّفْظَة الْأَخِيرَة لم يجز حملهَا أَيْضا، لِأَنَّهَا تَقْتَضِي اقتصارا على طواف وَاحِد لكل مَا حصل بِهِ الْجمع، وَالْجمع إِنَّمَا حصل بِالْعُمْرَةِ وَالْحج جَمِيعًا، فَيَقْتَضِي اقتصارا على طواف وَاحِد لَهما جَمِيعًا لَا لأَحَدهمَا، والمتمتع لَا يقْتَصر على طواف وَاحِد بِالْإِجْمَاع، فَدلَّ على أَنَّهَا أَرَادَت بِهَذَا الْجمع جمع قرَان. انْتهى. قلت: لم يتَأَمَّل الْبَيْهَقِيّ كَلَام الطَّحَاوِيّ لغشيان التعصب على فكره، أَلا ترى كَيفَ يؤول قَوْلهَا: فَإِنَّمَا طافوا طَوافا وَاحِدًا أَنَّهَا أَرَادَت بِهَذَا السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة، فَمَا الضَّرُورَة إِلَى تَأْوِيل الطّواف بالسعي؟ بل المُرَاد الطّواف بِالْبَيْتِ. وَقَوله: تَقْتَضِي اقتصارا على طواف وَاحِد

إِلَى آخِره، لَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ قَالَ: إِن حجتهم تِلْكَ صَارَت مَكِّيَّة وَالْحجّة المكية يُطَاف لَهَا بعد عَرَفَة، فَإِذا كَانَ كَذَلِك لَا يقْتَصر الْمُتَمَتّع على طواف وَاحِد، على أَنا نقُول: أَحَادِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فِي هَذَا الْبَاب مضطربة جدا لَا يتم بهَا الِاسْتِدْلَال لأحد من الْخُصُوم. وَقد قَالَت فِي رِوَايَة: أَهْلَلْنَا بِعُمْرَة وَفِي أُخْرَى فمنا من أهل بِعُمْرَة، وَمنا من أهل بِحَجّ. قَالَت: وَلم أهل إلَاّ بِحَجّ، وَفِي أُخْرَى: خرجنَا لَا نُرِيد إلَاّ الْحَج، وَفِي أُخْرَى لبينا بِالْحَجِّ، وَفِي أُخْرَى: مهلين بِالْحَجِّ، وَالْكل صَحِيح. وَفِي رِوَايَة: وَكنت مِمَّن تمتّع وَلم يسق الْهَدْي حَتَّى، قَالَ مَالك: لَيْسَ الْعَمَل على حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة قَدِيما وحديثا.

وَسَأَلَ الْكرْمَانِي عَن وَجه الْجمع بَين هَذِه الرِّوَايَات، ثمَّ قَالَ: قَالُوا وَجهه أَنهم أَحْرمُوا بِالْحَجِّ، ثمَّ لما أَمرهم بِالْفَسْخِ إِلَى الْعمرَة أحرم أَكْثَرهم متمتعين، وَبَعْضهمْ بِسَبَب الْهَدْي بقوا على مَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَبَعْضهمْ صَارُوا قارنين، ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل الْمُعْتَرض: قَالَ عبد الرَّزَّاق عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن سَلمَة بن كهيل، قَالَ: حلف طَاوُوس مَا طَاف أحد من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لحجه وعمرته إلَاّ طَوافا وَاحِدًا، وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح. وَفِيه: بَيَان ضعف مَا روى عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا من ذَلِك، انْتهى. قلت: لَيْسَ شعري مَا وَجه هَذَا الْبَيَان؟ وعجبي كَيفَ يلهج هَذَا الْقَائِل بِهَذَا القَوْل الَّذِي لَا يجديه شَيْئا؟ وَنقل هَذَا الْيَمين عَن طَاوُوس كَاد أَن يكون محالاً لعدم الْقُدْرَة على الْإِحَاطَة على أطوفة الصَّحَابَة أَجْمَعِينَ، وَالْكَلَام أَيْضا فِي الروَاة من دون عبد الرَّزَّاق.

قَوْله: (فَلَمَّا قضينا حجنا) ، وَذَلِكَ بعد أَن طهرت وطافت بِالْبَيْتِ أرسلها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَعَ أَخِيهَا عبد الرَّحْمَن ابْن أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، إِلَى التَّنْعِيم، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون النُّون، وبالعين الْمُهْملَة الْمَكْسُورَة، وَهُوَ على ثَلَاثَة أَمْيَال من مَكَّة. قَوْله:(مَكَان عمرتك) ، نصب على الظّرْف أَي بدل عمرتك، وَقيل: إِنَّمَا قَالَ ذَلِك تطييبا لقلبها، وَيُقَال: مَعْنَاهُ مَكَان عمرتك الَّتِي تركتهَا لأجل حيضك. قَوْله: (فَإِنَّمَا طافوا) ، وَفِي كثير من النّسخ طافوا بِدُونِ لفظ، فَإِنَّمَا، وَبِدُون الْفَاء فِي طافوا، وَهَذَا دَلِيل جَوَاز حذف الْفَاء فِي جَوَاب: أما، مَعَ أَن النُّحَاة صَرَّحُوا بِلُزُوم ذكره إلَاّ فِي ضَرُورَة الشّعْر، وَقَالَ بَعضهم: لَا يجوز حذف الْفَاء مُسْتقِلّا، لَكِن يجوز حذفهَا مَعَ القَوْل، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{فَأَما الَّذين اسودت وُجُوههم أكفرتهم بعد إيمَانكُمْ} (آل عمرَان: 601) . إِذْ تَقْدِيره: فَالْقَوْل لَهُم هَذَا الْكَلَام، وَقَالَ ابْن مَالك، هَذَا الحَدِيث وأخواته كَقَوْلِه، صلى الله عليه وسلم:(أما مُوسَى كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ)، وَأما بعد: مَا بَال رجال يشترطون شُرُوطًا) ، فمخالف لهَذِهِ الْقَاعِدَة، فَعلم أَن من خصّه بِمَا إِذا حذف القَوْل مَعَه فَهُوَ مقصر فِي فتواه، عَاجز عَن نصْرَة دَعْوَاهُ.

9361 -

حدَّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا ابنُ علِيَّةَ عنْ أيُّوبَ عنْ نافِعٍ أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا دخَلَ ابنُهُ عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الله وظَهْرُهُ فِي الدَّارِ فَقَالَ إنِّي لَا آمَن أَن يَكُونَ العَامَ بَيْنَ النَّاسِ قِتالٌ فيَصُدُّوكَ عَنِ البَيْتِ فَلَوْ أقَمْتَ فَقَالَ قَدْ خَرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بيْنَهُ وبَيْنَ الْبَيْتِ فإنْ حِيلَ بَيْنِي وبَيْنَهُ أفْعَلْ كَما فعلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رسولِ الله أسْوَةٌ حسَنَةٌ ثُمَّ قالَ أُشْهِدُكُمْ أنِّي قَدْ أوْجَبْتُ معَ عُمْرَتِي حَجا قَالَ ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُما طَوافا وَاحِدا..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَطَافَ لَهما طَوافا وَاحِدًا) ، وَهَذَا طواف الْقَارِن عِنْده كَمَا ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي، وَمن قَالَ بقوله.

ذكر

ص: 281

رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن كثير الدَّوْرَقِي، يكنى بِأبي يُوسُف. الثَّانِي: إِسْمَاعِيل بن علية، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: وَهُوَ اسْم أمه، وَأَبوهُ إِبْرَاهِيم بن سهم، وَقد مر غير مرّة. الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ وَقد مر غير مرّة. الرَّابِع: نَافِع مولى ابْن عمر. الْخَامِس: عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه هُوَ شيخ مُسلم أَيْضا وينسب إِلَى دورق فَيُقَال لَهُ الدَّوْرَقِي، وَلَيْسَ من بلد دورق، وَإِنَّمَا كَانُوا يلبسُونَ قلانس تسمى الدورقية، فنسبوا إِلَيْهَا. وَفِيه: أَن ابْن علية وَأَيوب بصريان ونافعا مدنِي.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن أبي النُّعْمَان عَن حَمَّاد، وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن أبي الرّبيع وَأبي كَامِل وَعَن عَليّ بن حجر وَزُهَيْر بن حَرْب.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (دخل ابْنه) أَي: ابْن عبد الله بن عمر. قَوْله: (عبد الله بن عبد الله) هُوَ بَيَان لَهُ. قَوْله: (وظهره) بِالرَّفْع مبتد وَقَوله: (فِي الدَّار) ، خَبره، وَالْجُمْلَة وَقعت حَالا، وَالْمرَاد من الظّهْر مركوبه الَّذِي يركبه من الْإِبِل، وَحَاصِل الْمَعْنى أَن عبد الله بن عمر كَانَ عَازِمًا على الْحَج، وأحضر مركوبه ليركب عَلَيْهِ، وَيتَوَجَّهُ فَقَالَ لَهُ ابْنه عبد الله، إِنِّي لَا آمن أَن يكون الْعَام، أَي: فِي هَذَا الْعَام قتال فيصدوك أَي يمنعوك عَن الْبَيْت، وَذَلِكَ كَانَ فِي عَام نزل الْحجَّاج لقِتَال عبد الله بن الزبير، وَصرح بذلك مُسلم فِي رِوَايَته، فَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا يحيى، وَهُوَ الْقطَّان عَن عبيد الله قَالَ:(حَدثنِي نَافِع أَن عبد الله بن عبد الله وَسَالم بن عبد الله حِين نزل الْحجَّاج لقِتَال ابْن الزبير قَالَا: لَا يَضرك أَن لَا تحج الْعَام؟ فَإنَّا نخشى أَن يكون بَين النَّاس قتال يُحَال بَيْنك وَبَين الْبَيْت. قَالَ: إِن حيل بيني وَبَينه فعلت كَمَا فعل رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، وَأَنا مَعَه: حِين حَالَتْ كفار قُرَيْش بَينه وَبَين الْبَيْت أشهدكم أَنِّي قد أوجبت عمْرَة: فَانْطَلق) الحَدِيث. قَوْله: (إِنِّي لَا آمن) بِالْمدِّ، وَفتح الْمِيم المخففة أَي: أَخَاف، هَذِه رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي (إِنِّي لَا أَيمن) ، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْمِيم، وَهِي لُغَة تَمِيم، فَإِنَّهُم يكسرون الْهمزَة فِي أول مُسْتَقْبل ماضيه على: فعل، بِالْكَسْرِ وَلَا يكسرون إِذا كَانَ ماضيه بِالْفَتْح إلَاّ أَن يكون فِيهِ حرف حلق نَحْو: إذهب وَالْحق. وَقيل: قَوْله: (لَا أَيمن)) بِالْكَسْرِ إمالة، وَوَقع فِي بعض الْكتب: لَا أَيمن، بِالْفَتْح وَالْيَاء، وَلَا وَجه لَهُ فَاعْلَم. قَوْله:(فَلَو أَقمت) يحْتَمل أَن يكون كلمة: لَو، لِلتَّمَنِّي فَلَا تحْتَاج إِلَى جَوَاب، وَيحْتَمل أَن تكون للشّرط وجزاؤه مَحْذُوف أَي: فَلَو أَقمت: فِي هَذِه السّنة، وَتركت الْحَج لَكَانَ خيرا لعدم الْأَمْن. قَوْله:(فَقَالَ) أَي: عبد الله بن عمر لأبنه عبد الله. قَوْله: (إفعل) بِالْجَزْمِ، لِأَنَّهُ جَزَاء، والجزم فِيهِ وَاجِب، وَيجوز فِيهِ الرّفْع على تَقْدِير: أَنا أفعل. قَوْله: (كَمَا فعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَعْنِي فِي الْحُدَيْبِيَة حِين منعُوهُ عَن دُخُول مَكَّة وقصته مَشْهُورَة. قَوْله: (ثمَّ قدم) أَي: إِلَى مَكَّة. قَوْله: (لَهما)، أَي: للْعُمْرَة وَالْحج، وَبِه احْتج الشَّافِعِي وَمن مَعَه فِي أَن الْقَارِن يَكْفِي لَهُ طواف وَاحِد، وَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ، لِأَن المُرَاد من هَذَا الطّواف طواف الْقدوم.

0461 -

حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدثنَا اللَّيْثُ عنْ نافِعٍ أَن ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أرادَ الحجَّ عامَ نزَلَ الْحَجَّاجُ بابنِ الزُّبَيْرِ فَقِيلَ لهُ إنَّ النَّاسَ كائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ وَإنَّا نَخَافُ أنْ يَصُدُّوكَ فقالَ لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله إسْوَةٌ حسَنَةٌ إِذا أصْنَعُ كمَا صنَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إنِّي أشْهِدُكُمْ أنِّي قَدْ أوْجَبْتُ عُمْرَةً ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إذَا كانَ بِظَاهِرِ البَيْدَاءِ قَالَ مَا شأنُ الحَجِّ والعُمْرَةِ إلَاّ وَاحِدٌ اشْهِدُكْمْ أنِّي قَدْ أوْجَبْتُ حَجّا مَعَ عُمْرَتِي وأهْدَى هَدْيا اشْتَرَاهُ بِقُدَيْدٍ ولَمْ يَزِدْ عَلَى ذالِكَ فَلَمْ يَنْحَرْ ولَمْ يَحِلَّ مِنْ شَيءٍ حَرُمَ مِنْهُ ولَمْ يَحْلِقْ ولَمْ يُقَصِّرْ حَتَّى كانَ يَوْمَ النَّحْرِ فنحَرَ وحلَقَ ورَأى أنْ قَدْ قضَى طَوَافَ الحَجِّ والْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الأوَّلِ وَقَالَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كذَلِكَ فَعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله بطوافه الأول، وَهَذَا طَرِيق ثَان للْحَدِيث السَّابِق، رَوَاهُ عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن اللَّيْث بن سعد عَن نَافِع إِلَى قَوْله:(عَام نزل الْحجَّاج) ، عَام، مَنْصُوب على الظّرْف، وَالْحجاج هُوَ ابْن يُوسُف الثَّقَفِيّ، كَانَ مُتَوَلِّي العراقين

ص: 282

من جِهَة الْملك عبد الْملك بن مَرْوَان، وَأمره عبد الْملك أَن يتَوَجَّه إِلَى مَكَّة لقِتَال عبد الله بن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، لِأَنَّهُ دعى لَهُ بالخلافة فَلم يطع عبد الْملك، فَقدم الْحجَّاج إِلَى مَكَّة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين، وَأقَام الْحصار عَلَيْهِ من أول شعْبَان مِنْهَا، وقصته مَشْهُورَة. قَوْله:(بِابْن الزبير)، أَي: نزل الْحجَّاج ملتبسا بِهِ على وَجه الْمُقَاتلَة. قَوْله: (فَقيل لَهُ) أَي: لِابْنِ عمر، وَقد صرح فِي (صَحِيح مُسلم) أَن عبد الله وسالما ابْني عبد الله بن عمر هما القائلان بذلك، وَلَفظه: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا يحيى، وَهُوَ الْقطَّان عَن عبيد الله إِلَى آخِره، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب فِي هَذَا الْبَاب. قَوْله:(كَائِن بَينهم قتال) ، جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر إِن، وقتال مَرْفُوع بِأَنَّهُ فَاعل كَائِن، وَيجوز أَن ينْتَصب على التَّمْيِيز أَو على الِاخْتِصَاص. قَوْله:(إِذا) كلمة: إِذن، حرف جَوَاب وَجَزَاء وَشرط إعمالها أَن تتصدر، فَإِن وَقعت حَشْوًا أهملت، وَإِن كَانَ السَّابِق عَلَيْهَا واوا أَو فَاء جَازَ النصب نَحْو: وَإِذا لَا يَلْبَثُوا فَأذن لَا يؤتوا، وَالْغَالِب الرّفْع، وَإِذا كَانَ فعلهَا مُسْتَقْبلا يجب الرّفْع كَمَا هُوَ هُنَا. قَوْله:(إِنِّي أشهدكم) إِنَّمَا قَالَ هَذَا وَلم يكتف بِالنِّيَّةِ ليعمله من أَرَادَ الِاقْتِدَاء بِهِ. قَوْله: (الْبَيْدَاء) مَوضِع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة قُدَّام ذِي الحليفة، وَهُوَ فِي الأَصْل الأَرْض الملساء والمفازة. قَوْله:(إلَاّ وَاحِد)، بِالرَّفْع ويروى: وَاحِدًا، بِالنّصب على مَذْهَب يُونُس، فَإِنَّهُ جوزه مستشهدا بقوله:

(وَمَا الدَّهْر إلَاّ منجنونا بأَهْله

وَمَا صَاحب الْحَاجَات إلَاّ معذبا)

يَعْنِي: حكمهمَا وَاحِد فِي جَوَاز التَّحَلُّل مِنْهُمَا بالإحصار. قَوْله: (وَأهْدى) فعل ماضٍ من الإهداء. قَوْله: (بِقديد) ، بِضَم الْقَاف وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهُوَ اسْم مَوضِع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، وَهُوَ فِي الأَصْل اسْم مَاء هُنَاكَ. قَوْله:(وَلم يزدْ على ذَلِك)، لِأَنَّهُ لم يجب عَلَيْهِ دم بارتكاب مَحْظُورَات الْإِحْرَام. قَوْله:(حَتَّى كَانَ)، لفظ: حَتَّى، غَايَة للأفعال الْأَرْبَعَة. قَوْله:(قضى)، مَعْنَاهُ: أدّى. قَوْله: (كَذَلِك فعل رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم أَي: طَاف طَوافا وَاحِدًا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَهَذَا دَلِيل على أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ قَارنا. قلت: غَرَضه من هَذَا أَن الْقَارِن يَكْتَفِي بِطواف وَاحِد لِأَنَّهُ قَالَ: لَا يجوز أَن يُرَاد بقوله: الطّواف الأول طواف الْقدوم، بل مَعْنَاهُ أَنه لم يتَكَرَّر الطّواف لِلْقُرْآنِ، بل يكْتَفى بِطواف وَاحِد. وَالتَّحْقِيق فِي هَذَا الْمقَام أَن يُقَال لمن احْتج بِهَذَا الحَدِيث فِي اكْتِفَاء الْقَارِن بِطواف وَاحِد، وَأَنه صلى الله عليه وسلم كَانَ قَارنا، كَيفَ تَعْمَلُونَ بِهِ؟ وَقد روى الزُّهْرِيّ عَن سَالم أَن عبد الله بن عمر قَالَ: تمنع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي حجَّة الْوَدَاع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج، وَأهْدى وسَاق الهذي من ذِي الحليفة، وَبَدَأَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأهل بِالْعُمْرَةِ ثمَّ أهل بِالْحَجِّ وتمتع النَّاس مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج، الحَدِيث بِطُولِهِ، رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، على مَا يَأْتِي عَن البُخَارِيّ فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى. قَالَ الطَّحَاوِيّ: فَهَذَا ابْن عمر يخبر عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه كَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع مُتَمَتِّعا وَأَنه بَدَأَ بِالْعُمْرَةِ، وَقد حَدثنَا مُحَمَّد بن خُزَيْمَة، قَالَ: حَدثنَا حجاج، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد عَن بكر بن عبد الله عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه قدمُوا ملبين بِالْحَجِّ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من شَاءَ أَن يَجْعَلهَا عمْرَة إلَاّ من كَانَ مَعَه الْهَدْي فَأخْبر ابْن عمر فِي حَدِيث بكر هَذَا: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قدم مَكَّة وَهُوَ يُلَبِّي بِالْحَجِّ، وَقد أخبر فِي حَدِيث سَالم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَدَأَ فَأحْرم بِالْعُمْرَةِ، فَهَذَا مَعْنَاهُ عندنَا، وَالله أعلم، أَنه كَانَ أحرم أَولا بِحجَّة على أَنَّهَا حجَّة، ثمَّ فَسخهَا فصيرها عمْرَة، فلبى بِالْعُمْرَةِ ثمَّ تمتّع بهَا إِلَى الْحَج، حَتَّى يَصح حَدِيث سَالم وَبكر، هذَيْن وَلَا يتضادان، وَفسخ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْحَج الَّذِي كَانَ فعله وَأمر بِهِ أَصْحَابه هُوَ بعد طوافهم بِالْبَيْتِ فاستحال بذلك أَن يكون الطّواف الَّذِي كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فعله للْعُمْرَة الني انقلبت إِلَيْهَا حجَّته مجزيا عَنهُ من طواف حجَّته الَّتِي أحرم بهَا بعد ذَلِك، وَلَكِن وَجه ذَلِك عندنَا، وَالله تَعَالَى أعلم أَنه لم يطف لحجته قبل يَوْم النَّحْر لِأَن الطّواف الَّذِي يفعل قبل يَوْم النَّحْر فِي الْحجَّة إِنَّمَا يفعل للقدوم لَا لِأَنَّهُ من صلب الْحجَّة، فَاكْتفى ابْن عمر بِالطّوافِ الَّذِي كَانَ فعله بعد الْقدوم فِي عمرته عَن إِعَادَته فِي حجَّته، وَهَذَا مثل مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر أَيْضا من فعله: حَدثنَا مُحَمَّد بن خُزَيْمَة، قَالَ: حَدثنَا حجاج، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد عَن أَيُّوب عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ إِذا قدم مَكَّة يرمل بِالْبَيْتِ، ثمَّ طَاف بَين الصَّفَا والمروة، وَإِذا لبّى من مَكَّة بهَا لم يرمل بِالْبَيْتِ، وَأخر الطّواف بَين الصَّفَا والمروة إِلَى يَوْم النَّحْر، وَكَانَ لَا يرمل يَوْم النَّحْر، فَدلَّ مَا ذكرنَا أَن ابْن عمر كَانَ إِذا أحرم بِالْحجَّةِ من مَكَّة لم يطف لَهَا إِلَى يَوْم النَّحْر، فَكَذَلِك مَا رُوِيَ عَن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، من إِحْرَامه بِالْحجَّةِ الَّتِي أحرم بهَا بعد فسخ حجَّته

ص: 283