الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الثِّقَات. قلت: قَالَ فِي (تَنْقِيح التَّحْقِيق) : لَا يضر تفرد ثَابت بِهِ فَإِنَّهُ روى لَهُ البُخَارِيّ وَوَثَّقَهُ ابْن معِين، وَقَالَ فِيهِ أَيْضا: الَّذِي قيل فِي مُحَمَّد ابْن مهَاجر وهم، فَإِن مُحَمَّد بن مهَاجر الْكذَّاب لَيْسَ هُوَ هَذَا، فَهَذَا الَّذِي يروي عَن ثَابت بن عجلَان ثِقَة شَامي أخرج لَهُ مُسلم فِي (صَحِيحه) وَوَثَّقَهُ أَحْمد وَابْن معِين وَأَبُو زرْعَة ودحيم وَأَبُو دَاوُد وَآخَرُونَ، وَذكره ابْن حبَان فِي (الثِّقَات) وَقَالَ: كَانَ متقنا، وَأما مُحَمَّد بن مهَاجر الْكذَّاب فَإِنَّهُ مُتَأَخّر، وعتاب بن بشير وَثَّقَهُ ابْن معِين.
وَأما حَدِيث جَابر الَّذِي احتجب بِهِ الْفرْقَة الأولى فقد قَالَ الْبَيْهَقِيّ: فَهُوَ حَدِيث لَا أصل لَهُ، وَفِيه عَافِيَة بن أَيُّوب، وَهُوَ مَجْهُول، فَمن احْتج بِهِ مَرْفُوعا كَانَ مغرورا بِدِينِهِ دَاخِلا فِيمَا يعيب بِهِ مِمَّن يحْتَج بالكذابين. قلت: هَذَا غَرِيب من الْبَيْهَقِيّ مَعَ تعصبه للشَّافِعِيّ، وَقَالَ سبط بن الْجَوْزِيّ: هُوَ حَدِيث ضَعِيف مَعَ أَنه مَوْقُوف على جَابر.
قَوْله: (مسكتان) ، تَثْنِيَة مسكة بالفتحات، وَهُوَ السوار من الدبل، وَهِي قُرُون الأوعال. وَقيل: جُلُود دَابَّة بحريّة، وَالْجمع: مسك، وَقيل: الدبل ظهر السلحفات البحرية. (والفتخات) بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وبالخاء الْمُعْجَمَة جمع: فتخة، بِالتَّحْرِيكِ وَهِي حَلقَة من فضَّة لَا فص لَهَا، فَإِذا كَانَ فِيهَا فص فَهِيَ خَاتم، وَقَالَ عبد الرَّزَّاق، هِيَ الخواتيم الْعِظَام، وَقيل: خَوَاتِيم عراض الفصوص لَيْسَ بمستقيمة، وَقيل: خلخل لَا جرس لَهُ، والفتخ تلبس فِي الْأَيْدِي. وَقيل: فِي الأرجل. (والأوضاح) جمع: وضح، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره حاء مُهْملَة، وَهُوَ نوع من الْحلِيّ يعْمل من الْفضة، سميت بِهِ لبياضها، ثمَّ اسْتعْملت فِي الَّتِي يعْمل من الذَّهَب أَيْضا. وَقيل: حلي من الدَّرَاهِم الصَّحِيحَة والوضح الدِّرْهَم الصَّحِيح، وَقيل: حلي من الْحِجَارَة، وَقيل: الأوضاح: الخلاخل.
وَمِمَّا يُسْتَفَاد من الحَدِيث الْمَذْكُور: اسْتِئْذَان النِّسَاء على الرِّجَال. وَفِيه: أَنه إِذا لم ينْسب إِلَيْهِ من يسْتَأْذن سَالَ أَن ينْسب. وَفِيه: الْحَث على الصَّدَقَة على الْأَقَارِب. وَفِيه: ترغيب ولي الْأَمر فِي أَفعَال الْخَيْر للرِّجَال وَالنِّسَاء. وَفِيه: التحدث مَعَ النِّسَاء الْأَجَانِب عِنْد أَمن الْفِتْنَة.
54 -
(بابٌ لَيْسَ عَلَى المُسْلِمُ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ لَيْسَ على الْمُسلم فِي فرسه صَدَقَة، واشتقاق الْفرس من الْفرس وَهُوَ الْكسر، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْفرس يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى وَلَا يُقَال للْأُنْثَى فرسه، وَجمعه: الْخَيل، من غير لَفظه، وَالْخَيْل اسْم جمع للعراب والبرازين ذكورها وإناثها كالركب، وَلَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا، وواحدها: فرس، وَالْخَيْل الفرسان أَيْضا قَالَ تَعَالَى:{واجلب عَلَيْهِم بخيلك} (الْإِسْرَاء: 46) . وَالْخَيْل: يجمع على خُيُول فَيكون جمع اسْم الْجمع: كالقوم والأقوام.
3641 -
حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ دِيْنَارٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بنَ يَسَارٍ عنْ عِرَاكِ بنِ مَالِكٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ. قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ عَلَى المَسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَغُلَامِهِ صَدَقَةٌ.
(الحَدِيث 3641 طرفه فِي: 4641) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي عين متن الحَدِيث، غير أَن فِيهِ لَفْظَة: وَغُلَامه، زَائِدَة. وَرِجَاله قد ذكرُوا فِيمَا مضى، فسليمان بن يسَار ضد الْيَمين مر فِي: بَاب الْوضُوء، وعراك بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الرَّاء وَفِي آخِره كَاف، مر فِي: بَاب الْوضُوء.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا هُنَا، عَن مُسَدّد عَن يحيى بن سعيد، وَعَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن وهيب، كِلَاهُمَا عَن خَيْثَم بن عرَاك بن مَالك عَن أَبِيه بِهِ، وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة أَيْضا، عَن يحيى بن يحيى وَعَن عَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب وَعَن قُتَيْبَة عَن حَمَّاد وَعَن أبي بكر ابْن أبي شيبَة وَعَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح وَهَارُون بن سعيد وَأحمد بن عِيسَى. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي عَن مَالك بِهِ وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن يحيى. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أبي كريب ومحمود بن غيلَان. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن عبيد الله بن سعيد وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله وَعَن مُحَمَّد ابْن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين وَعَن مُحَمَّد بن مَنْصُور وَعَن مُحَمَّد بن عَليّ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
ذكر اخْتِلَاف أَلْفَاظه وَمن أخرجه غير السِّتَّة: وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ: (لَيْسَ على الْمُسلم صَدَقَة فِي عَبده وَلَا فرسه) ، وَلَفظ
مُسلم: (لَيْسَ على الْمُسلم فِي عَبده وَلَا فِي فرسه صَدَقَة)، وَفِي لفظ:(لَيْسَ فِي العَبْد صَدَقَة إلَاّ صَدَقَة الْفطر) . وَلَفظ أبي دَاوُد: (لَيْسَ فِي الْخَيل وَالرَّقِيق زَكَاة إلَاّ زَكَاة الْفطر فِي الرَّقِيق) . وَفِي لفظ: (لَيْسَ على الْمُسلم فِي عَبده وَلَا فِي فرسه صَدَقَة) . وَلَفظ التِّرْمِذِيّ: (لَيْسَ على الْمُسلم فِي فرسه وَلَا فِي عَبده صَدَقَة) . وَلَفظ النَّسَائِيّ، كَلَفْظِ أبي دَاوُد الثَّانِي، وَفِي لفظ:(لَا زَكَاة على الرجل الْمُسلم فِي عَبده وَلَا فِي فرسه)، وَفِي لفظ:(لَيْسَ على الْمَرْء فِي فرسه وَلَا مَمْلُوكه صَدَقَة)، وَفِي لفظ:(لَيْسَ على الْمُسلم صَدَقَة فِي غُلَامه وَلَا فِي فرسه) . وَلَفظ ابْن مَاجَه، كَلَفْظِ مُسلم الأول، وَفِي لفظ فِي (مُسْند عبد الله بن وهب) :(لَا صَدَقَة على الرجل فِي خيله وَلَا فِي رَقِيقه)، وَفِي لفظ لِابْنِ أبي شيبَة:(وَلَا فِي وليدته) وَرَوَاهُ الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن يزِيد بن يزِيد بن جَابر عَن عرَاك عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَوَقفهُ.
وَفِي الْبَاب عَن عَليّ ابْن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرج حَدِيثه الْأَرْبَعَة. فَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة عَاصِم بن حَمْزَة عَن عَليّ: قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (قد عَفَوْت لكم عَن صَدَقَة الْخَيل وَالرَّقِيق)، وَابْن مَاجَه من رِوَايَة الْحَارِث عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:(تجوزت لكم عَن صَدَقَة الْخَيل وَالرَّقِيق) .
وَفِي الْبَاب أَيْضا عَن عَمْرو بن حزم، وَعمر بن الْخطاب، وَحُذَيْفَة وَعبد الله بن عَبَّاس، وَعبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، وَسمرَة بن جُنْدُب. فَحَدِيث عَمْرو بن حزم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة سُلَيْمَان بن دَاوُد: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه عَن جده: (أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كتب إِلَى أهل الْيمن بِكِتَاب فِيهِ الْفَرَائِض وَالسّنَن والديات)، وَفِيه:(أَنه لَيْسَ فِي عَبده وَلَا فِي فرسه شَيْء) ، وَسليمَان بن دَاوُد الحزيبي وَثَّقَهُ أَحْمد وَضَعفه ابْن معِين. وَحَدِيث عمر بن الْخطاب وَحُذَيْفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، رَوَاهُ أَحْمد: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان حَدثنَا أَبُو بكر بن عبد الله عَن رَاشد بن سعد عَن عمر بن الْخطاب وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان (أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يَأْخُذ من الْخَيل وَالرَّقِيق صَدَقَة) ، وَأَبُو بكر ضَعِيف. وَحَدِيث ابْن عَبَّاس رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الصَّغِير) و (الْأَوْسَط) من رِوَايَة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن دَاوُد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(قد عَفَوْت لكم عَن صَدَقَة الْخَيل وَالرَّقِيق وَلَيْسَ فِيمَا دون الْمِائَتَيْنِ زَكَاة) . وَحَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) وَالْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة سُلَيْمَان بن أَرقم عَن الْحسن (عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (لَا صَدَقَة فِي الكسعة والجبهة والنخة) ، وَسليمَان بن أَرقم مَتْرُوك الحَدِيث. الكسعة، بِضَم الْكَاف وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة بعْدهَا عين مُهْملَة، قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَأَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ: هِيَ الْحمير، وَقيل: هِيَ الرَّقِيق. والجبهة، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة، هِيَ الْخَيل، والنخة، بِضَم النُّون وَتَشْديد الْخَاء الْمُعْجَمَة هِيَ: الرَّقِيق، قَالَه أَبُو عُبَيْدَة وَأَبُو عَمْرو وَقَالَ الْكسَائي: إِنَّهَا الْبَقر العوامل وَذكر الْفَارِسِي فِي (مجمع الغرائب) عَن الْفراء أَن النخة أَن يَأْخُذ الْمُصدق دِينَارا بعد فَرَاغه من الصَّدَقَة، وَقيل: النخة الْحمير، يُقَال لَهَا: النخة والكسعة. وَقَالَ بَقِيَّة ابْن الْوَلِيد: النخة المربيات فِي الْبيُوت، والكسعة البغال وَالْحمير. وَحَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب رَوَاهُ الْبَزَّار، فَذكر أَحَادِيث ثمَّ قَالَ: وبإسناده (أَن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَأْمُرنَا أَن لَا تخرج الصَّدَقَة من الرَّقِيق) وَإِسْنَاده ضَعِيف.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: اسْتدلَّ بالأحاديث الْمَذْكُورَة سعيد بن الْمسيب وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَمَكْحُول وَعَطَاء وَالشعْبِيّ وَالْحسن وَالْحكم وَابْن سِيرِين وَالثَّوْري وَالزهْرِيّ وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأهل الظَّاهِر، فَإِنَّهُم قَالُوا: لَا زَكَاة فِي الْخَيل أصلا، وَمِمَّنْ قَالَ بقَوْلهمْ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد من أَصْحَابنَا، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: وَالْعَمَل عَلَيْهِ، أَي: على حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور فِي الْبَاب عِنْد أهل الْعلم أَنه لَيْسَ فِي الْخَيل السَّائِمَة صَدَقَة وَلَا فِي الرَّقِيق إِذا كَانُوا للْخدمَة صَدَقَة إلَاّ أَن يَكُونُوا للتِّجَارَة، فَإِذا كَانُوا للتِّجَارَة فَفِي أثمانهم الزَّكَاة إِذا حَال عَلَيْهَا الْحول، وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَحَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان وَأَبُو حنيفَة وَزفر: تجب الزَّكَاة فِي الْخَيل المتناسلة وَذكر شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ، أَنه مَذْهَب زيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من الصَّحَابَة وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ مُسلم مطولا من حَدِيث سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا من صَاحب كنز لَا يُؤَدِّي زَكَاته إلَاّ حمي عَلَيْهِ فِي نَار جَهَنَّم) الحَدِيث، وَفِيه:(الْخَيل ثَلَاثَة فَهِيَ: لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر) . الحَدِيث، ثمَّ قَالَ: (وَأما الَّذِي هِيَ لَهُ ستر فالرجل يتخذها تكرما وتجملاً، وَلَا ينسى حق ظُهُورهَا
وبطونها فِي عسرها ويسرها. .) الحَدِيث، وَهَذَا الْمِقْدَار الَّذِي ذَكرْنَاهُ أخرجه الطَّحَاوِيّ وَأخرجه الْبَزَّار أَيْضا مطولا، وَلَفظه:(وَلَا يحبس حق ظُهُورهَا وبطونها) وَأَبُو حنيفَة وَمن مَعَه تعلقوا بِهِ فِي إِيجَاب الزَّكَاة فِي الْخَيل، وَقَالَ: إِن فِي هَذَا دَلِيلا على أَن لله فِيهَا حَقًا، وَهُوَ كحقه فِي سَائِر الْأَمْوَال الَّتِي تجب فِيهَا الزَّكَاة، وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِمَا رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء. قَالَ: حَدثنَا جوَيْرِية عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ أَن السَّائِب بن يزِيد أخبرهُ، قَالَ: رَأَيْت أبي يقوم الْخَيل وَيدْفَع صدقتها إِلَى عمر بن الْخطاب، وَأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا وَإِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي، وَأَبُو عمر فِي (التَّمْهِيد) وَأخرجه ابْن أبي شيبَة: عَن مُحَمَّد بن بكر عَن ابْن جريج، قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله بن حُسَيْن أَن ابْن شهَاب أخبرهُ أَن السَّائِب ابْن أُخْت نمرة أخبرهُ أَنه كَانَ يَأْتِي عمر بن الْخطاب بصدقات الْخَيل، وَأخرجه بَقِي بن مخلد فِي (مُسْنده) عَنهُ، وَقَالَ أَبُو عمر: الْخَبَر فِي صَدَقَة الْخَيل عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، صَحِيح من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد، وَقَالَ ابْن رشد الْمَالِكِي فِي (الْقَوَاعِد) : قد صَحَّ عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ يَأْخُذ الصَّدَقَة عَن الْخَيل، وروى أَبُو عمر بن عبد الْبر بِإِسْنَادِهِ: أَن عمر بن الْخطاب قَالَ ليعلى بن أُميَّة: تَأْخُذ من كل أَرْبَعِينَ شَاة شَاة، وَلَا تَأْخُذ من الْخَيل شَيْئا؟ خُذ من كل فرس دِينَارا، فَضرب على الْخَيل دِينَارا دِينَارا، وروى أَبُو يُوسُف عَن أبي عبد الله غورك بن الخضرم السَّعْدِيّ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (فِي الْخَيل فِي كل فرس دِينَار) ، ذكره فِي (الإِمَام) عَن الدَّارَقُطْنِيّ وَرَوَاهُ أَبُو بكر الرَّازِيّ وروى الدَّارَقُطْنِيّ فِي (سنَنه) عَن أبي إِسْحَاق عَن حَارِثَة بن مضرب، قَالَ: جَاءَ نَاس من أهل الشَّام إِلَى عمر فَقَالُوا: إِنَّا قد أصبْنَا أَمْوَالًا خيلاً ورقيقا وإماء، نحب أَن نزكيه، فَقَالَ: مَا فعله صَاحِبي قبلي فأفعله أَنا، ثمَّ اسْتَشَارَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: حسن، وَسكت عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: هُوَ حسن لَو لم يكن جِزْيَة راتبة يَأْخُذُونَ بهَا بعْدك، فَأخذ من الْفرس عشرَة دَرَاهِم، ثمَّ أعَاد قَرِيبا مِنْهُ بالسند الْمَذْكُور، والقضية. وَقَالَ فِيهِ: فَوضع على كل فرس دِينَارا.
وروى مُحَمَّد بن الْحسن فِي كتاب (الْآثَار) : أخبرنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ: فِي الْخَيل السَّائِمَة الَّتِي تطلب نسلها إِن شِئْت فِي كل فرس دِينَار أَو عشرَة دَرَاهِم، وَإِن شِئْت فَالْقيمَة، فَيكون فِي كل مأتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم فِي كل فرس ذكرا أَو أُنْثَى. فَإِن قلت: قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: الْجَواب عَن قَوْله: (ثمَّ لم ينس حق الله) إِلَى آخِره من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن حَقّهَا إعارتها وَحمل المنقطعين عَلَيْهَا فَيكون ذَلِك على وَجه النّدب. وَالثَّانِي: أَن يكون وَاجِبا، ثمَّ نسخ بِدَلِيل قَوْله:(قد عَفَوْت لكم عَن صَدَقَة الْخَيل)، إِذْ الْعَفو لَا يكون إلَاّ عَن شَيْء لَازم. قلت: الَّذِي يكون على وَجه النّدب لَا يُطلق عَلَيْهِ حق، وَأَيْضًا فَالْمُرَاد بِهِ صَدَقَة خيل الْغَازِي، وَفِي (الْأَسْرَار) للدبوسي: لما سمع زيد بن ثَابت حَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا قَالَ: صدق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلكنه أَرَادَ فرس الْغَازِي. وَأما مَا طلب نسلها ورسلها فَفِيهَا الزَّكَاة فِي كل فرس دِينَار أَو عشرَة دَرَاهِم، قَالَ أَبُو زيد: وَمثل هَذَا لَا يعرف قِيَاسا، فَثَبت أَنه مَرْفُوع، وَأما النّسخ فَإِنَّهُ لَو كَانَ اشْتهر فِي زمن الصَّحَابَة لما قرر عمر الصَّدَقَة فِي الْخَيل، وَأَن عُثْمَان مَا كَانَ يصدقها. فَإِن قلت: روى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سُلَيْمَان ابْن يسَار أَن أهل الشَّام قَالُوا لأبي عُبَيْدَة بن الجراج: خُذ من خَيْلنَا ورقيقنا صَدَقَة فَأبى، ثمَّ كتب إِلَى عمر فَأبى عمر، ثمَّ كَلمُوهُ أَيْضا فَكتب إِلَى عمر فَكتب إِلَيْهِ عمر: إِن احبوا فَخذهَا مِنْهُم وارددها عَلَيْهِم وارزق رقيقهم، فَفِي إباء أبي عُبَيْدَة وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، من الْأَخْذ من أهل الشَّام مَا ذكرُوا من رقيقهم وخيلهم دلَالَة وَاضِحَة أَنه لَا زَكَاة فِي الرَّقِيق وَلَا فِي الْخَيل، وَلَو كَانَت الزَّكَاة وَاجِبَة فِي ذَلِك مَا امتنعا من أَخذ مَا أوجب الله عَلَيْهِم أَخذه لأَهله وَوَضعه فيهم. قلت: هَذَا يُعَارضهُ مَا ذَكرْنَاهُ من عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ، وَغَيره، وَفِي (شرح مُخْتَصر الْكَرْخِي) و (شرح التَّجْرِيد) : إِن شَاءَ أدّى ربع عشر قيمتهَا، وَإِن شَاءَ أدّى عَن كل فرس دِينَارا. وَفِي (جَامع الْفِقْه) : يجب فِي الْإِنَاث والمختلطة عِنْده لكل فرس دِينَار، وَقيل: ربع عشر قيمتهَا، وَفِي (أَحْكَام الْقُرْآن) للرازي: إِن كَانَت إِنَاثًا أَو ذُكُورا وإناثا يجب، وَفِي (الْبَدَائِع) : الْخَيل إِن كَانَت تعلف للرُّكُوب أَو الْحمل أَو الْجِهَاد فِي سَبِيل الله فَلَا زَكَاة فِيهَا إِجْمَاعًا، وَإِن كَانَت للتِّجَارَة تجب إِجْمَاعًا، وَإِن كَانَت تسام للدر والنسل وَهِي ذُكُور وإناث يجب عِنْده فِيهَا الزَّكَاة حولا وَاحِدًا، وَفِي الذُّكُور المنفردة وَالْإِنَاث المنفردة رِوَايَتَانِ. وَفِي (الْمُحِيط) : الْمَشْهُور عدم الْوُجُوب فيهمَا.
وَمِمَّا يُسْتَفَاد من الحَدِيث الْمَذْكُور: جَوَاز قَول: غُلَام فلَان وَجوَار فلَان. وَفِي (الصَّحِيح)