الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: إِن سنة الدَّاخِل إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام أَن يبْدَأ بِالْحجرِ الْأسود فيقبله، ثمَّ الخبب، إِنَّمَا يشرع فِي طواف يعقبه سعي وَيتَصَوَّر ذَلِك فِي طواف الْقدوم والإفاضة، وَلَا يتَصَوَّر فِي طواف الْوَدَاع لِأَن شَرطه أَن يكون قد طَاف طواف الْإِفَاضَة، فعلى هَذَا القَوْل إِذا طَاف للقدوم، وَفِي نِيَّته أَن يسْعَى بعده اسْتحبَّ الرمل فِيهِ، وَإِن لم يكن هَذَا فِي نِيَّته لم يرمل فِي طواف الْإِفَاضَة. وَقَالَ النَّوَوِيّ: وثمة قَول آخر، وَهُوَ أَنه يرمل فِي طواف الْقدوم سَوَاء أَرَادَ السَّعْي بعده أم لَا، وروى الْحَاكِم عَن عَطاء عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يرمل فِي السَّبع الَّذِي أَفَاضَ فِيهِ، وَقَالَ عَطاء: لَا رمل فِيهِ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: يفهم مِنْهُ أَن الرمل إِنَّمَا هُوَ فِي جَمِيع المطاف، وَمن الحَدِيث الأول حَيْثُ قَالَ فِيهِ:(وليمشوا بَين الرُّكْنَيْنِ) أَنه فِي بعضه. قلت: قَالَ النَّوَوِيّ، ذَلِك مَنْسُوخ لِأَنَّهُ كَانَ فِي عمْرَة الْقَضَاء سنة سبع، قبل الْفَتْح، وَكَانَ بِالْمُسْلِمين ضعف فِي أبدانهم، وَإِنَّمَا رملوا إِظْهَارًا للقوة والاحتياج إِلَيْهِ كَانَ فِي غير الرُّكْنَيْنِ اليمانيين، لِأَن الْمُشْركين كَانُوا جُلُوسًا فِي الْحجر وَلَا يرونهم من هذَيْن الرُّكْنَيْنِ، ويرونهم فِيمَا سواهُمَا، فَلَمَّا حج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حجَّة الْوَدَاع سنة عشر رمل من الْحجر إِلَى الْحجر، فَوَجَبَ الْأَمر بالمتأخر.
75 -
(بابُ الرَّمَلِ فِي الحَجِّ والْعُمْرَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة الرمل فِي بعض الطّواف، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور هَذَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ روى عَن ابْن عَبَّاس أَنه: لَيْسَ بِسنة، من شَاءَ رمل وَمن شَاءَ لم يرمل.
4061 -
حدَّثني مُحَمَّدٌ قَالَ حَدثنَا سُرَيْحُ بنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدثنَا فُلَيْحٌ عنْ نَافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ سَعَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أشْوَاطٍ ومَشَى أرْبَعَةً فِي الحَجِّ والْعُمْرَةِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فِي الْحَج وَالْعمْرَة) .
ذكر رِجَاله: وهم: خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد، ذكر غير مَنْسُوب وَذكر فِيهِ أَرْبَعَة أَقْوَال: الأول: قَول الْحَاكِم هُوَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي. الثَّانِي: هُوَ مُحَمَّد بن رَافع حَكَاهُ الجياني. الثَّالِث: مُحَمَّد بن سَلام حَكَاهُ أَبُو عَليّ ابْن السكن. الرَّابِع: مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير حَكَاهُ أَبُو نعيم فِي (مستخرجه) قيل: الصَّوَاب أَنه ابْن سَلام، كَمَا نسبه أَبُو ذَر، وَحَكَاهُ ابْن السكن. لَا يُقَال إِنَّه اشْتِبَاه يقْدَح، لأَنا نقُول: إِنَّه روى عَنْهُم، فَلَا بَأْس بِهَذَا الِاشْتِبَاه فَلَا قدح. الثَّانِي: سُرَيج، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره جِيم ابْن النُّعْمَان الْجَوْهَرِي الْبَغْدَادِيّ. الثَّالِث: فليح، بِضَم الْفَاء وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي آخِره حاء مُهْملَة: ابْن سُلَيْمَان، وَقد مر فِي أول كتاب الْعلم. الرَّابِع: نَافِع مولى ابْن عمر. الْخَامِس: عبد الله بن عمر.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أَن شيخ شَيْخه شَيْخه أَيْضا لِأَنَّهُ روى عَن سُرَيج أَيْضا. وَقد قيل: إِن المُرَاد من قَوْله: حَدثنِي مُحَمَّد هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، فعلى هَذَا يكون رَاوِيا عَن شَيْخه سُرَيج بن النُّعْمَان. وَفِيه: أَن فليحا اسْمه عبد الْملك وَغلب عَلَيْهِ لقبه فليح، وكنيته أَبُو يحيى وَهُوَ مدنِي.
قَوْله: (سعي) أَي: رمل فِي الطوفات الثَّلَاث الأول. قَوْله: (فِي الْحَج) أَي: فِي حجَّة الْوَدَاع. قَوْله: (وَالْعمْرَة) وَهِي عمْرَة الْقَضِيَّة، لِأَن الْحُدَيْبِيَة لم يُمكن فِيهَا من الطّواف، والجعرانة لم يكن ابْن عمر مَعَه فِيهَا، وَلِهَذَا أنكرها.
تابَعَهُ اللَّيْثُ قَالَ حدَّثني كَثِيرُ بنُ فَرْقَدٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
أَي: تَابع سريجا الليثُ بن سعد، وَهَذِه الْمُتَابَعَة رَوَاهَا النَّسَائِيّ من طَرِيق شُعَيْب بن اللَّيْث عَن أَبِيه فَذكره، وَرَوَاهَا الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق يحيى بن بكير عَن اللَّيْث، قَالَ: حَدثنِي
…
فَذكره بِلَفْظ: أَن عبد الله بن عمر كَانَ يخب فِي طَوَافه حِين يقدم فِي حج أَو عمْرَة ثَلَاثًا وَيَمْشي أَرْبعا، قَالَ: وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذَلِك.
5061 -
حدَّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ قَالَ أخبرَنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ قَالَ أخبرَنِي زَيْدُ بنُ أسْلَم
َ عَنْ أبيهِ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ لِلرُّكْنِ أمَا وَالله إنِّي لأَعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ ولَا تَنْفَعُ وَلَوْلا أنِّي رأيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ فاسْتَلَمَهُ ثُمَّ قَالَ فَمَا لَنَا ولِلرَّمْلِ إنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ المُشْرِكِينَ وقَدْ أهْلَكَهُمْ الله ثُمَّ قَالَ شَيءٌ صَنَعَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَا نُحِبُّ أنْ نَتْرُكَهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن أبي كثير الْأنْصَارِيّ وَزيد بن أسلم أَبُو أُسَامَة يروي عَن أَبِيه أسلم مولى عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يكنى أَبَا خَالِد، كَانَ من سبي الْيمن، مَاتَ وَهُوَ ابْن أَربع عشرَة وَمِائَة سنة.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن أَحْمد بن سِنَان عَن يزِيد بن هَارُون. وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن هَارُون بن سعيد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم الغافقي.
قَوْله: (قَالَ للركن) أَي: للحجر الْأسود خاطبه بذلك ليسمع الْحَاضِرُونَ. قَوْله: (ثمَّ قَالَ) أَي: بعد استلامه. قَوْله: (مَا لنا وللرمل)، ويروى: والرمل، بِغَيْر لَام، وَالنّصب فِيهِ على الْأَفْصَح. وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد من طَرِيق هِشَام بن سعيد عَن زيد بن أسلم:(فيمَ الرمل والكشف عَن المناكب؟) الحَدِيث. قَوْله: (إِنَّمَا كُنَّا راءينا) من المراءاة، أَي: أردنَا أَن نظهر الْقُوَّة للْمُشْرِكين بالرمل ليعلموا أَنا لَا نعجز عَن مقاومتهم، وَلَا نضعف عَن محاربتهم، وَقد أهلكهم الله تَعَالَى فَمَا لنا حَاجَة الْيَوْم إِلَى ذَلِك؟ وَقَالَ عِيَاض: راءينا، بِوَزْن: فاعلنا، من الرُّؤْيَة أَي: أريناهم بذلك أَنا أقوياء. وَقَالَ ابْن مَالك: من الرِّيَاء، أَي: أظهرنَا الْقُوَّة وَنحن ضعفاء وَلِهَذَا روى: رايينا، بياءين حملا لَهُ على الرِّيَاء. قلت: الَّذِي قَالَه ابْن مَالك هُوَ على مَنْهَج الصَّوَاب دون مَا قَالَه عِيَاض يظْهر بِالتَّأَمُّلِ. قَوْله: (وَقد أهلكهم الله)، الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله:(شي صنعه النَّبِي)، ارْتِفَاع: شَيْء، على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هَذَا شَيْء صنعه رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم. فَإِن قلت: لَا يجوز أَن يكون: شَيْء مُبْتَدأ؟ وَقَوله: (فَلَا نخب) خَبره؟ قلت: شَرط الْمُبْتَدَأ الَّذِي يتَضَمَّن من معنى الشَّرْط أَن لَا يكون معينا نَحْو: كل رجل يأتيني فَلهُ دِرْهَم، وَهَذَا شَيْء معِين، أللهم، إلَاّ أَن يُقَال: الْمَعْنى: كل شَيْء صنعه النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، إِنَّمَا صنعه لإِظْهَار الْجلد وَالْقُوَّة للْمُشْرِكين، فَلَمَّا أهلكهم الله لَا حَاجَة بِهِ، ثمَّ استدرك فَقَالَ: لما فعله رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، فَلَا نحب أَن نتركه اتبَاعا لَهُ. قَالَ الْخطابِيّ: كَانَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، طلوبا للآثار، بحوثا عَنْهَا وَعَن مَعَانِيهَا لما رأى الْحجر يسْتَلم وَلَا يعلم فِيهِ سَببا يظْهر للحس، أَو يتَبَيَّن فِي الْعقل، ترك فِيهِ الرَّأْي وَصَارَ إِلَى الِاتِّبَاع، وَلما رأى الرمل قد ارْتَفع سَببه الَّذِي كَانَ قد أحدث من أَجله فِي الزَّمَان الأول هَمَّ بِتَرْكِهِ، ثمَّ لَاذَ بِاتِّبَاع السّنة متبركا بِهِ، وَقد يحدث شَيْء من أَمر الدّين بِسَبَب من الْأَسْبَاب فيزول ذَلِك السَّبَب وَلَا يَزُول حكمه، كالعرايا والاغتسال للْجُمُعَة. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: ثَبت أَن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، رمل فِي حجَّته وَلَا مُشْرك يَوْمئِذٍ يرَاهُ، فَعلم أَنه من مَنَاسِك الْحَج، غير أَنا لَا نرى على من ترك عَامِدًا وَلَا سَاهِيا قَضَاء وَلَا فديَة، لِأَن من تَركه فَلَيْسَ بتارك الْعَمَل، وَإِنَّمَا هُوَ تَارِك لهيئته وَصفته كالتلبية الَّتِي فِيهَا رفع الصَّوْت، فَإِن خفص صَوته بهَا كَانَ غير مضيع لَهَا وَلَا تاركها، وَإِنَّمَا ضيع صفة من صفاتها وَلَا شَيْء عَلَيْهِ.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: دَلِيل على أَن أَفعَال النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، على الْوُجُوب حَتَّى يقوم دَلِيل على خِلَافه. وَفِيه: أَن فِي الشَّرْع مَا هُوَ تعبد مَحْض وَمَا هُوَ مَعْقُول الْمَعْنى. وَفِيه: دَلِيل على غَايَة اتِّبَاع عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، للآثار، وَفِيه: دَلِيل على أَن الرمل لَا يتْرك، وَلَكِن إِن تَركه لَا يُوجب شَيْئا. وَفِي (التَّوْضِيح) : قَامَ الْإِجْمَاع على أَنه لَا رمل على من أحرم بِالْحَجِّ من مَكَّة من غير أَهلهَا، وَاخْتلفُوا فِي أهل مَكَّة: هَل عَلَيْهِم رمل؟ فَكَانَ ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، لَا يرَاهُ عَلَيْهِم، وَبِه قَالَ أَحْمد واستحبه مَالك وَالشَّافِعِيّ للمكي.
6061 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى عَن عُبَيْدِ الله عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قالَ مَا تَرَكْتُ اسْتِلَامَ هاذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ فِي شِدَّةٍ وَلَا رَخاءٍ مُنْذُ رأيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُمَا قُلْتُ لِنَافِعٍ أكانَ ابنُ عُمَرَ يَمْشِي بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ قَالَ إنَّمَا كانَ يَمْشِي لِيَكُونَ أيْسَرَ لاِسْتِلامِهِ.
(الحَدِيث 6061 طرفه فِي: 1161) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة من حَيْثُ إِن نَافِعًا لما سُئِلَ، أَكَانَ ابْن عمر يمشي بَين الرُّكْنَيْنِ؟ قَالَ: (إِنَّمَا كَانَ يمشي ليَكُون إيسر