الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
271 -
(بَاب فِي الشَّاةِ يُضَحَّى بِهَا عَنْ جَمَاعَةٍ)
[2810]
(نَزَلَ مِنْ مِنْبَرِهِ) فِيهِ ثُبُوتُ وُجُودِ الْمِنْبَرِ في المصلي وأن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ عَلَيْهِ (هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي) قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يَقُولُ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ إِذَا ضَحَّى بِهَا وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ تَأَدَّى الشِّعَارُ وَالسُّنَّةُ بِجَمِيعِهِمْ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّضْحِيَةُ سُنَّةَ كِفَايَةٍ لِأَهْلِ بَيْتٍ وَهُوَ مَحْمَلُ الْحَدِيثِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَحْمِلُ الْحَدِيثَ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الثَّوَابِ قِيلَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ الْكُلِّ انْتَهَى
قُلْتُ الْمَذْهَبُ الْحَقُّ هو أن الشاة تجزيء عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذلك فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
قَالَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ فَصَارَ كَمَا تَرَى رواه بن ماجه والترمذي وصححه
وأخرج بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ قال حملني أهلي على الجفاء بعد ما عَلِمْتُ مِنَ السُّنَّةِ كَانَ أَهْلَ الْبَيْتِ يُضَحُّونَ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ وَالْآنَ يَبْخَلُنَا جِيرَانُنَا قَالَ السِّنْدِيُّ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْحَدِيثُ فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الضَّحَايَا
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ وَعِنْدَ بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ عَنْ أَبِي طلحة أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَقَالَ عِنْدَ الْأَوَّلِ
عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ الثَّانِي عَمَّنْ آمن بي وصدقني من أمتي وعند بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ قَرَّبَ أَحَدَهُمَا فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ هَذَا مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَقَرَّبَ الْآخَرَ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللهم منك ولك هذا من عَمَّنْ وَحَّدَكَ مِنْ أُمَّتِي
وَقَدْ أَوْرَدَ أَحَادِيثَ الْبَابِ بِأَسْرِهَا الْحَافِظُ جَمَالُ الدِّينِ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْهِدَايَةِ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ الشَّاةِ الْوَاحِدَةِ تُجْزِئُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَاحْتَجَّا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ضَحَّى بِكَبْشٍ فَقَالَ هَذَا عَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ قَوْلُهُ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ تُجْزِئُ عَنِ الرَّجُلِ وَعَنْ أَهْلِهِ وإن كثروا وروى عن أبي هريرة وبن عمر رضي الله عنهم أَنَّهُمَا كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ وَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَكَرِهَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ رَحِمَهُمَا الله تعالى انتهى
وأخرج بن أَبِي الدُّنْيَا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يُضَحِّي بِالضَّحِيَّةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمَاعَةِ أَهْلِهِ انْتَهَى
وَأَوْرَدَ الزَّيْلَعِيُّ أَحَادِيثَ إِجْزَاءِ الشَّاةِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ قَالَ وَيُشْكِلُ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي مَنْعِهِمُ الشَّاةَ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ بِالْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشٍ عَنْهُ وَعَنْ أُمَّتِهِ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَهُوَ خِلَافُ مَنْ يَقُولُ إِنَّهَا لَا تُجْزِئُ إِلَّا عَنِ الْوَاحِدِ انْتَهَى
وَمَذْهَبُ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَيْضًا بِجَوَازِهِ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ
وَقَالَ الْإِمَامُ بن الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الشَّاةَ تُجْزِئُ عَنِ الرَّجُلِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَوْ كَثُرَ عَدَدُهُمْ كَمَا قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ انْتَهَى مُخْتَصَرًا
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ زُفَرَ الْجُهَنِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَشَدِّ السُّلَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كُنْتُ سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَأَمَرَنَا نَجْمَعُ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَّا دِرْهَمًا فَاشْتَرَيْنَا أُضْحِيَّةً بِسَبْعِ الدَّرَاهِمِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَغْلَيْنَا بِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن أفضل
الضحايا أغلاها وأسمنها وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ رَجُلٌ بِرِجْلٍ وَرَجُلٌ بِرِجْلٍ وَرَجُلٌ بِيَدٍ وَرَجُلٌ بِيَدٍ وَرَجُلٌ بِقَرْنٍ وَرَجُلٌ بِقَرْنٍ وَذَبَحَهَا السابع وكبرنا عليها جميعا قال بن الْقَيِّمِ فِي آخِرِ إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ بَعْدَ إِيرَادِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ نَزَلَ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ مَنْزِلَةَ أَهْلِ الْبَيْتِ الْوَاحِدِ فِي إِجْزَاءِ الشَّاةِ عَنْهُمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا رُفْقَةً وَاحِدَةً انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ لِلْمُسَافِرِ وَالنِّسَاءِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ ضَحِيَّةَ الرَّجُلِ تُجْزِئُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَادَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ أَوْ مَنْسُوخٌ وَلَمْ يَأْتِ لِذَلِكَ بِدَلِيلٍ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَمْ ينقل أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ بِأُضْحِيَّةٍ مَعَ تَكْرَارِ سِنِّ الضَّحَايَا وَمَعَ تَعَدُّدِهِنَّ وَالْعَادَةُ تَقْضِي بِنَقْلِ ذَلِكَ لَوْ وَقَعَ كَمَا نُقِلَ غَيْرَ ذَلِكَ من الجزئيات
ويؤيده ما أخرجه مالك وبن مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ انْتَهَى
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي السَّيْلِ الْجَرَّارِ وَالْحَقُّ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَإِنْ كَانُوا مِائَةَ نفس انتهى وهكذا في النيل والدراري المضية كِلَاهُمَا لِلشَّوْكَانِيِّ وَكَذَا فِي سُبُلِ السَّلَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ دُونَ الْهَدْيِ عَنِ الرَّجُلِ وَعَنْ أَهْلِهِ وَإِنْ كَثُرُوا كَمَا تَدُلُّ عليه رواية عائشة أم المؤمنين عند مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَرِوَايَةُ جَابِرٍ عِنْدَ الدَّارِمِيِّ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ وَرِوَايَةُ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عِنْدَ مالك والترمذي وبن مَاجَهْ وَرِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَرِوَايَةُ أَبِي طَلْحَةَ وأنس عند بن أَبِي شَيْبَةَ وَرِوَايَةُ أَبِي رَافِعٍ وَجَدِّ أَبِي الْأَشَدِّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَرِوَايَةُ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ
وَمَا زَعَمَهُ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ أَوْ مَخْصُوصٌ بِهِ صلى الله عليه وسلم فَغَلَّطَهُ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ
فَإِنَّ النَّسْخَ وَالتَّخْصِيصَ لَا يَثْبُتَانِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى بَلْ رَوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وبن عُمَرَ رضي الله عنهم أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَجَازَهُ الْأَوْزَاعِيُّ والليث والشافعي وأحمد وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ
وَمُتَمَسَّكُ مَنْ قَالَ إِنَّ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ فِي الْأُضْحِيَّةِ لَا تُجْزِئُ عَنْ جَمَاعَةٍ الْقِيَاسُ عَلَى الْهَدْيِ وَهُوَ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ لِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابِلِ النَّصِّ وَالضَّحِيَّةُ غَيْرُ الْهَدْيِ وَلَهُمَا حُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ فَلَا يُقَاسُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ عَلَى التَّفْرِقَةِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْقِيَاسِ فَالصَّوَابُ جَوَازُهُ وَالْحَقُّ مَعَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْمَذْكُورِينَ رضي الله عنهم
انْتَهَى مُخْتَصَرًا مِنْ غَايَةِ الْمَقْصُودِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ