الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا لَمْ يَسْبِقْهُ) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ لِمَنْ وَمَا مَوْصُولَةٌ أَيْ مِنَ الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالْحَطَبِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمُبَاحَاتِ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَاءٌ (فَهُوَ لَهُ) أَيْ مَا أَخَذَ صَارَ مِلْكًا دُونَ مَا بَقِيَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ (يَتَعَادَوْنَ) أَيْ يُسْرِعُونَ وَالْمُعَادَاةُ الْإِسْرَاعُ بِالسَّيْرِ (يُتَخَاطَّوْنَ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمْ يَسْبِقُ صَاحِبَهُ فِي الخط وإعلام ماله بِعَلَامَةٍ
كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ
وَقَالَ فِي النَّيْلِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ يُتَخَاطَّوْنَ يَعْمَلُونَ عَلَى الْأَرْضِ عَلَامَاتٌ بِالْخُطُوطِ وَهِيَ تُسَمَّى الْخِطَطَ وَاحِدَتُهَا خِطَّةٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ
وَأَصْلُ الْفِعْلِ يَتَخَاطَطُونَ فَأُدْغِمَتِ الطَّاءُ فِي الطَّاءِ انْتَهَى
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْخِطَطُ جَمْعُ خِطَّةٍ بِالْكَسْرِ وَهِيَ الْأَرْضُ يَخْتَطُّهَا الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ بِأَنْ يُعَلِّمَ عَلَيْهَا عَلَامَةً وَيَخُطُّ عَلَيْهَا خَطًّا لَيُعْلِمَ أَنَّهُ قَدِ احْتَازَهَا انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ غَرِيبٌ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ وَلَا أَعْلَمُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا
[3072]
(حُضْرَ فَرَسِهِ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ مُعْجَمَةٍ أَيْ عَدْوَهَا وَنَصْبُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ قَدْرَ مَا تعد وعدوة وَاحِدَةً (حَتَّى قَامَ) أَيْ وَقَفَ فَرَسُهُ وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَمْشِيَ (ثُمَّ رَمَى) أَيِ الزُّبَيْرُ (بِسَوْطِهِ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ أَيْ حَذَفَهُ (فَقَالَ) أَيِ النبي (أَعْطُوهُ) أَمْرٌ مِنَ الْإِعْطَاءِ
وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ على أنه يجوز للنبي وَلِمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِقْطَاعُ الْمَعَادِنِ وَالْأَرَاضِي وَتَخْصِيصُ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ فيه مصلحة
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِيهِ مَقَالٌ وَهُوَ أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ
7 -
(بَابٌ فِي إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ)
[3073]
بِفَتْحِ الْمِيمِ هُوَ أَرْضٌ لَمْ تُزْرَعْ وَلَمْ تُعَمَّرْ وَلَا جَرَى عَلَيْهَا مِلْكُ أَحَدٍ وَإِحْيَاؤُهَا مُبَاشَرَةُ عِمَارَتِهَا وَتَأْثِيرُ شَيْءٍ فِيهَا
قَالَهُ في المجمع
(من أحيى أَرْضًا مَيِّتَةً) الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ هِيَ الَّتِي لَمْ تُعَمَّرْ شُبِّهَتْ عِمَارَتُهَا بِالْحَيَاةِ وَتَعْطِيلُهَا بِالْمَوْتِ
قَالَ الزُّرْقَانِيُّ مَيِّتَةٌ بِالتَّشْدِيدِ
قَالَ الْعِرَاقِيُّ
وَلَا يُقَالُ بِالتَّخْفِيفِ لِأَنَّهُ إِذَا خُفِّفَ تُحْذَفُ مِنْهُ تَاءُ التَّأْنِيثِ
وَالْمَيِّتَةُ وَالْمَوَاتُ وَالْمَوَتَانُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ الَّتِي لَمْ تُعَمَّرْ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا لَهَا بِالْمَيِّتَةِ الَّتِي لَا يُنْتَفَعُ بِهَا لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ نَحْوِهَا انْتَهَى
قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِحْيَاءُ الْمَوَاتِ إِنَّمَا يَكُونُ مَحْفَرُهُ وَتَحْجِيرُهُ وَإِجْرَاءُ الْمَاءِ إِلَيْهِ وَنَحْوُهَا مِنْ وُجُوهِ الْعِمَارَةِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ مَلَكَ بِهِ الْأَرْضَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ كَلِمَةَ شَرْطٍ وَجَزَاءٍ فَهُوَ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى عَيْنٍ دُونَ عَيْنٍ وَلَا عَلَى زَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَمْلِكُهَا بِالْإِحْيَاءِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ فَقَالَا بِقَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى (لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ أَنْ يَغْرِسَ الرَّجُلُ فِي غَيْرِ أَرْضِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا أَوْ يَبْنِيَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِقَلْعِهِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى صَاحِبُ الْأَرْضِ بِتَرْكِهِ انْتَهَى
وَفِي النِّهَايَةِ هُوَ أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ إِلَى أَرْضٍ قَدْ أَحْيَاهَا رَجُلٌ قَبْلَهُ فَيَغْرِسَ فِيهَا غَرْسًا غَصْبًا لِيَسْتَوْجِبَ بِهِ الْأَرْضَ
وَالرِّوَايَةُ لِعِرْقٍ بِالتَّنْوِينِ وَهُوَ عَلَى حَذَفِ الْمُضَافِ أَيْ لِذِي عِرْقٍ ظَالِمٍ فَجَعَلَ الْعِرْقَ نَفْسَهُ ظَالِمًا وَالْحَقُّ لِصَاحِبِهِ أَوْ يَكُونُ الظَّالِمُ مِنْ صِفَةِ صَاحِبِ الْعِرْقِ وَإِنْ رُوِي عِرْقِ بِالْإِضَافَةِ فَيَكُونُ الظَّالِمُ صَاحِبَ الْعِرْقِ وَالْحَقُّ لِلْعِرْقِ انْتَهَى
وَفِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ فَالظَّالِمُ صَاحِبُ الْعِرْقِ وَهُوَ الْغَارِسُ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ انْتَهَى
وَالْعِرْقُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ
وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَالْعِرْقُ أَحَدُ عُرُوقِ الشَّجَرَةِ وَرَوَى بِتَنْوِينِهِ بِمَعْنَى لِذِي عِرْقٍ ظَالِمٍ وَظَالِمٌ صِفَةُ عِرْقٍ مَجَازًا أَوْ صِفَةُ ذِي حَقِيقَةٍ وَإِنْ رَوَى عِرْقِ بِالْإِضَافَةِ يَكُونُ الظَّالِمُ صَاحِبَ الْعِرْقِ وَالْحَقُّ لِلْعِرْقِ أَيْ مَجَازًا انْتَهَى (حَقٌّ) أَيْ فِي الْإِبْقَاءِ فِيهَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ مُرْسَلًا وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مُرْسَلًا وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَفْظُهُ مَنْ أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ وَمَا أَكَلَتِ الْعَوَافِي مِنْهَا فَهُوَ صَدَقَةٌ
[3074]
(وَذَكَرَ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ (قَالَ) أَيْ عُرْوَةُ (فَلَقَدْ خَبَّرَنِي) مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ (غَرَسَ) الْغَرْسُ بِالْفَتْحِ نشاندن درخت مِنْ بَابِ ضَرَبَ (فَقَضَى) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (لَتُضْرَبُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (أُصُولُهَا) أَيْ أصول النخل (بالفؤوس) جَمْعُ فَأْسٍ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ تبر (لَنَخْلٌ عُمٌّ) بِضَمِّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ مِيمٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْ طِوَالٌ وَاحِدُهَا عَمِيمٌ وَرَجُلٌ عَمِيمٌ إِذَا كَانَ تَامَّ الْخَلْقِ انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَيْ تَامَّةً فِي طُولِهَا وَالْتِفَافِهَا جَمْعُ عَمِيمَةٍ
[3075]
(مَكَانَ الَّذِي حَدَّثَنِي) أَيْ فِي مَوْضِعِ لَفْظِ الَّذِي حَدَّثَنِي الْمَذْكُورُ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ (هَذَا) أَيْ هَذَا الْكَلَامُ الْآتِي
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَانَ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ لَفْظُ فَلَقَدْ خَبَّرَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّ رَجُلَيْنِ إِلَخْ
وَفِي رواية وهب عن أبيه عن بن إِسْحَاقَ هَذِهِ عِوَضُ ذَلِكَ اللَّفْظِ لَفْظُ فَقَالَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنَّ رَجُلَيْنِ إِلَخْ
(فَأَنَا رَأَيْتُ الرَّجُلَ) يَعْنِي صَاحِبَ النَّخْلِ
[3076]
(فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا) أَيْ بِالْمَوَاتِ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِهِ وَتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ وَتَذْكِيرُهُ باعتبار لفظه (الذين جاؤوا بِالصَّلَوَاتِ) فَاعِلُ جَاءَنَا (عَنْهُ) أَيْ عَنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ المنذري
[3077]
(مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا) أَيْ جَعَلَ وَأَدَارَ حَائِطًا أَيْ جِدَارًا (عَلَى أَرْضٍ) أَيْ حَوْلَ أَرْضٍ مَوَاتٍ (فَهِيَ) أَيْ فَصَارَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ الْمَحُوطَةُ (لَهُ) أَيْ مِلْكًا لَهُ أَيْ مَا دَامَ فِيهِ كَمَنْ سَبَقَ إِلَى مُبَاحٍ
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَرَى التَّمْلِيكَ بِالتَّحْجِيرِ وَلَا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ إِنَّمَا هُوَ بِالْإِحْيَاءِ وَتَحْجِيرُ الْأَرْضِ وَإِحَاطَتُهُ بِالْحَائِطِ لَيْسَ مِنَ الْإِحْيَاءِ فِي شَيْءٍ ثُمَّ إِنَّ فِي قَوْلِهِ عَلَى أَرْضٍ مُفْتَقِرٌ إِلَى الْبَيَانِ إِذْ لَيْسَ كُلُّ أَرْضٍ تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ
قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله كَفَى بِهِ بَيَانًا قَوْلُهُ أَحَاطَ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَنَى حَائِطًا مَانِعًا مُحِيطًا بِمَا يَتَوَسَّطُهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ نَحْوَ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا لِحَظِيرَةِ غَنَمٍ أَوْ زَرِيبَةً لِلدَّوَابِّ
قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله إِذَا أَرَادَ زَرِيبَةً لِلدَّوَابِّ أَوْ حَظِيرَةً يُجَفِّفُ فِيهَا الثِّمَارَ أَوْ يَجْمَعُ فِيهَا الْحَطَبَ وَالْحَشِيشَ اشْتَرَطَ التَّحْوِيطَ وَلَا يَكْفِي نَصْبُ سَعَفٍ وَأَحْجَارٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ
[3078]
(قال هشام) وهو بن عُرْوَةَ (الْعِرْقُ الظَّالِمُ أَنْ يَغْرِسَ إِلَخْ) أَيْ مَعْنَى قَوْلِهِ الْعِرْقُ الظَّالِمُ هُوَ أَنْ يَغْرِسَ إِلَخْ (مَا أُخِذَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ (وَاحْتُفِرَ) الِاحْتِفَارُ زمين كندن (وَغُرِسَ) فِي الْقَامُوسِ غَرَسَ الشَّجَرَ يَغْرِسُهُ أَثْبَتَهُ فِي الْأَرْضِ كَأَغْرَسَهُ
قَالَ الزُّرْقَانِيُّ تَحْتَ قَوْلِ مَالِكٍ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الرِّوَايَةَ بِالتَّنْوِينِ وَبِهِ جَزَمَ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ فَقَالَ وَاخْتَارَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ تَنْوِينَ عِرْقٍ وَذَكَرَ نَصَّهُ هَذَا وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ بنحوه وبالتنوين جزم الأزهري وبن فَارِسٍ وَغَيْرُهُمَا وَبَالَغَ الْخَطَّابِيُّ فَغَلِطَ مَنْ رَوَاهُ بِالْإِضَافَةِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَقَدْ ثَبَتَتْ وَوَجْهُهَا ظَاهِرٌ فَلَا يَكُونُ غَلَطًا فَالْحَدِيثُ يُرْوَى بِالْوَجْهَيْنِ
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَصْلُ الْعِرْقِ الظَّالِمِ فِي الْغَرْسِ يَغْرِسُهُ فِي الْأَرْضِ غَيْرُ رَبِّهَا لِيَسْتَوْجِبَهَا بِهِ وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ بِنَاءٍ أَوِ اسْتِنْبَاطِ مَاءٍ أَوِ اسْتِخْرَاجِ مَعْدِنٍ سُمِّيَتْ عِرْقًا لِشَبَهِهَا فِي الْإِحْيَاءِ بِعِرْقِ الْغَرْسِ
وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ عُرْوَةُ وَرَبِيعَةُ الْعُرُوقُ أَرْبَعَةٌ عِرْقَانِ ظَاهِرَانِ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَعِرْقَانِ بَاطِنَانِ الْمِيَاهُ وَالْمَعَادِنُ فَلَيْسَ لِلظَّالِمِ فِي ذَلِكَ حَقٌّ فِي بَقَاءٍ أَوِ انْتِفَاعٍ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ظُلْمًا فَلِرَبِّهِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ
أَوْ يُخْرِجَهُ مِنْهُ وَيَدْفَعَ إِلَيْهِ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا ومالا قِيمَةَ لَهُ بَقِيَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى حَالِهِ بِلَا عِوَضٍ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[3079]
(تَبُوكَ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهُ كَافٌ بينها وبين المدينة أربع عشر مَرْحَلَةً مِنْ طَرَفِ الشَّامِ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَبُوكًا بِالصَّرْفِ وَكَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ (وَادِي الْقُرَى) بِضَمِّ الْقَافِ مَدِينَةً قَدِيمَةً بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ (اخْرُصُوا) بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْخَرْصِ حزر كردن ميوه بردرخت وكشت برزمين
وَعِنْدَ مُسْلِمٍ فَخَرَصْنَا (أَحْصِي) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنَ الْإِحْصَاءِ وَهُوَ الْعَدُّ أَيِ احْفَظِي قَدْرَ (مَا يَخْرُجُ مِنْهَا) كَيْلًا (فَأَهْدَى) يُوحَنَّا بْنُ رَوْبَةَ (مَلِكُ أَيْلَةَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا لَامٌ مَفْتُوحَةٌ بَلْدَةٌ قَدِيمَةٌ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ (وَكَسَاهُ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (بُرْدَةً) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ عَائِدٌ عَلَى ملك أيلة وهو المكسوء وَالضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (وَكَتَبَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (لَهُ) أَيْ لِمَلِكِ أَيْلَةَ (بِبَحْرِهِ) بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ بِبَحْرِهِمْ أَيْ بِأَرْضِهِمْ وَبَلَدِهِمْ وَالْمُرَادُ أَهْلُ بَحْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا سَكَّانَا بِسَاحِلِ الْبَحْرِ
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَقَرَّهُ عَلَيْهِمْ بِمَا الْتَزَمَهُ مِنَ الْجِزْيَةِ
وَلَفْظُ الْكِتَابِ كَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ هَذِهِ أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله لِيُوحَنَّا بْنِ رَوْبَةَ وَأَهْلِ أَيْلَةَ أَسَاقِفَتِهِمْ وَسَائِرِهِمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ لَهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ النبي وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْيَمَنِ وَأَهْلِ الْبَحْرِ فَمَنْ أَحْدَثَ مِنْهُمْ حَدَثًا فَإِنَّهُ لَا يَحُولُ مَالُهُ دُونَ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ طَيِّبٌ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنَ النَّاسِ وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يَمْنَعُوهُ مَاءً يَرِدُونَهُ مِنْ بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ
هَذَا كِتَابُ جُهَيْمِ بْنِ الصَّلْتِ وَشُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (كَمْ كَانَ فِي حَدِيقَتِكِ) أَيْ ثَمَرُهَا
وَلِمُسْلِمٍ فَسَأَلَ الْمَرْأَةَ عَنْ حَدِيقَتِهَا كَمْ بَلَغَ ثَمَرُهَا (عَشَرَةَ أَوْسُقٍ) بِنَصَبِ عَشَرَةَ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِمِقْدَارِ عَشَرَةِ أَوْسُقٍ (خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَصْدَرٌ مَنْصُوبٌ بَدَلٌ مِنْ عَشْرَةَ أَوْ عَطْفُ بيان لها (فليتعجل
وفي فوائد للحافظ أَبِي عَلِيِّ بْنِ خُزَيْمَةَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ أَخْذَ طَرِيقَ غُرَابٍ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَتَرَكَ الْأُخْرَى
قَالَ فِي الْفَتْحِ فَفِيهِ بَيَانُ قَوْلِهِ إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ أَيْ إِنِّي سَالِكٌ الطَّرِيقَ الْقَرِيبَةَ فَمَنْ أَرَادَ فَلْيَأْتِ مَعِي يَعْنِي مِمَّنْ لَهُ اقْتِدَارٌ عَلَى ذَلِكَ دُونَ بَقِيَّةِ الْجَيْشِ
كَذَا فِي إِرْشَادِ السَّارِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْقَسْطَلَّانِيِّ وَأَوْسُقٍ بِضَمِّ السِّينِ جَمْعُ وَسْقٍ وَهُوَ سِتُّونَ صَاعًا
قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالْمَغَازِي وَفِي فَضْلِ الْأَنْصَارِ بِبَعْضِهِ وَمُسْلِمٌ فِي فَضْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْحَجِّ
وَأَمَّا مُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ مِنَ الْبَابِ فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَرَّ الْمَرْأَةَ عَلَى حَدِيقَتِهَا وَلَمْ ينتزع عنها لأن من أحيى مَوَاتًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فَالْمَرْأَةُ أَحْيَتِ الْأَرْضَ بِغَرْسِ النَّخْلِ وَالْأَشْجَارِ فَثَبَتَ لَهَا الْحَقِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
[3080]
(أَنَّهَا كَانَتْ تُفْلِي) فِي الْقَامُوسِ فَلَى رَأْسُهُ بَحَثَهُ عَنِ الْقَمْلِ (أَنَّهَا تَضِيِقُ عَلَيْهِنَّ وَيُخْرَجْنَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (مِنْهَا) أَيْ مِنَ الْمَنَازِلِ
قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ إِذَا مَاتَ زَوْجُ وَاحِدَةٍ فَالدَّارُ يَأْخُذُهَا الْوَرَثَةُ وَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ وَهِيَ غَرِيبَةٌ فِي دَارِ الْغُرْبَةِ فَلَا تَجِدُ مَكَانًا آخَرَ فَتَتْعَبَ لِذَلِكَ انْتَهَى (فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُوَرَّثَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ بِشِدَّةِ الرَّاءِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ (دُورُ الْمُهَاجِرِينَ) جَمْعُ دَارٍ مَفْعُولُ تُوَرَّثُ (النِّسَاءَ) نَائِبُ الْفَاعِلِ أَيْ نِسَاءَ الْمُهَاجِرِينَ فَلَا تَخْرُجُ نِسَاءُ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ دَارِ أَزْوَاجِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ بَلْ تَسْكُنُ فِيهَا عَلَى سَبِيلِ التَّوْرِيثِ وَالتَّمْلِيكِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَقْطَعَ الْمُهَاجِرِينَ الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ فَتَأَوَّلُوهَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ أَقْطَعُهُمُ الْعَرْصَةَ لِيَبْنُوا فِيهَا الدُّورَ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَصِحُّ مِلْكُهُمْ فِي الْبِنَاءِ الَّذِي أَحْدَثُوهُ فِي الْعَرْصَةِ