الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالثُّلُثَانِ وَنِصْفُهُمَا وَنِصْفُ نِصْفِهِمَا وَالْمُرَادُ بِأَهْلِهَا الْمُسْتَحِقُّونَ لَهَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ (عَلَى كِتَابِ اللَّهِ) أَيْ عَلَى مَا فِيهِ (فَمَا تَرَكَتِ الْفَرَائِضُ) الْمَعْنَى فَمَا بَقِيَ مِنْ أَهْلِ الْفَرَائِضِ (فَلِأَوْلَى) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ (ذَكَرٍ) أَيْ لِأَقْرَبِ ذَكَرٍ مِنَ الْمَيِّتِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْوَلِيِّ وهو القرب وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ وَهِيَ الذُّكُورَةُ الَّتِي سَبَبُ الْعُصُوبَةِ
وَفِي نُسْخَةِ الْخَطَّابِيِّ فَلِأَوْلَى عَصَبَةٍ ذَكَرٍ قَالَ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ أَيْ أَقْرَبُ فِي النَّسَبِ إِلَى الْمَوْرُوثِ دُونَ الْأَبْعَدِ وَالْوَصْفِ بِالذُّكُورَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْعُصُوبَةِ وَالتَّرْجِيحِ فِي الْإِرْثِ بِكَوْنِ الذَّكَرِ لَهُ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّ الرِّجَالَ تَلْحَقُهُمْ مُؤَنٌ كَثِيرَةٌ بِالْقِتَالِ وَالْقِيَامِ بِالضِّيفَانِ وَالْعِيَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
انْتَهَى
وَقَالَ فِي السُّبُلِ الْمُرَادُ بِأَوْلَى رَجُلٍ أَنَّ الرَّجُلَ مِنَ الْعَصَبَةِ بَعْدَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ إِذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْمَيِّتِ اسْتَحَقَّ دُونَ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ فَإِنِ اسْتَوَوُا اشْتَرَكُوا وَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْأَخُ وَالْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَ بِنَصِّ قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثيين وَأَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ الْبَنُونَ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَوْا
وَالْحَدِيثُ مَبْنِيُّ عَلَى وُجُودِ عَصَبَةٍ مِنَ الرِّجَالِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ عَصَبَةٌ مِنَ الرِّجَالِ أُعْطِيَ بَقِيَّةُ الْمِيرَاثِ مَنْ لَا فَرْضَ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ
انْتَهَى كَلَامُهُ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَوْلَى ها هنا أَقْرَبُ وَالْوَلِيُّ الْقَرِيبُ يُرِيدُ أَقْرَبَ الْعَصَبَةِ إِلَى الْمَيِّتِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ فَإِنَّ الْأَخَ أَقْرَبُ مِنَ العم وكالعم وبن العم فإن العم أقرب من بن الْعَمِّ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى
وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ عليه السلام أَوْلَى بِمَعْنَى أَحَقُّ لَبَقِيَ الْكَلَامُ مُبْهَمًا لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ بَيَانُ الْحُكْمِ إِذْ كَانَ لَا يَدْرِي مَنِ الْأَحَقُّ مِمَّنْ لَيْسَ بِأَحَقِّ فَعُلِمَ أَنَّ مَعْنَاهُ قُرْبُ النَّسَبِ عَلَى مَا فَسَّرْنَاهُ انْتَهَى
([2899]
بَاب فِي مِيرَاثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ)
اعْلَمْ أَنَّ ذَا الرَّحِمِ هُوَ كُلُّ قَرِيبٍ لَيْسَ بِذِي فَرْضٍ وَلَا عَصَبَةٍ فَأَكْثَرُ الصحابة كعمر وعلي وبن مَسْعُودٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَمُعَاذِ بْنِ جبل وأبي الدرداء وبن عَبَّاسٍ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فِي رِوَايَةِ عَنْهُ مَشْهُورَةٌ وَغَيْرُهُمْ يَرَوْنَ تَوْرِيثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَتَابَعَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ
التابعين علقمة والنخعي وشريح والحسن وبن سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ وَزُفَرُ وَمَنْ تابعهم
وقال زيد بن ثابت وبن عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ لَا مِيرَاثَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ وَيُوضَعُ الْمَالُ عِنْدَ عَدَمِ صَاحِبِ الْفَرْضِ وَالْعَصَبَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَتَابَعَهُمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ رحمه الله وَالشَّافِعِيُّ رحمه الله
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ وَذَوُو الْأَرْحَامِ هُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ وَإِنْ سَفَلُوا وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الِابْنِ كَذَلِكَ وَالْأَجْدَادُ الْفَاسِدُونَ وَإِنْ عَلَوْا وَالْجَدَّاتُ الْفَاسِدَاتُ وَإِنْ عَلَوْنَ وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَالْعَمَّاتُ وَغَيْرُهُمْ كَمَا فِي كُتُبِ الْفَرَائِضِ
(مَنْ تَرَكَ كَلًّا) بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ ثِقَلًا وَهُوَ يَشْمَلُ الدَّيْنَ وَالْعِيَالَ وَالْمَعْنَى إِنْ ترك الأولاد فإلى ملجأهم وَأَنَا كَافِلُهُمْ وَإِنْ تَرَكَ الدَّيْنَ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ (أَعْقِلُ لَهُ) أَيْ أُؤَدِّي عَنْهُ مَا يَلْزَمُهُ بِسَبَبِ الْجِنَايَاتِ الَّتِي تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ (وَأَرِثُهُ) أَيْ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ
قَالَ الْقَاضِي رحمه الله يُرِيدُ بِهِ صَرْفَ مَالِهِ إِلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ (وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ بِتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ (يَعْقِلُ عَنْهُ) أَيْ إذا جنى بن أُخْتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ يُؤَدِّي الْخَالُ عَنْهُ الدِّيَةَ كَالْعَصَبَةِ (وَيَرِثُهُ) أَيِ الْخَالُ إِيَّاهُ قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرُوِيَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْمِقْدَامِ وَرُوِيَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ عَنِ الْمِقْدَامِ وَرُوِيَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مُرْسَلًا
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي هذا الحديث وكان بن مَعِينٍ يُضَعِّفُهُ وَيَقُولُ لَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ قَوِيٌّ وقال وأيضا وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْخَالَ الَّذِي لَا يكون بن عَمٍّ أَوْ مَوْلًى لَا يَعْقِلُ إِلَّا بِالْخُؤُولَةِ فَخَالَفُوا الْحَدِيثَ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فِي الْعَقْلِ فَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتٍ كَانَ يَعْقِلُ الْخُؤُولَةَ ثُمَّ صَارَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ أَرَادَ خَالًا يَعْقِلُ بأن يكون بن عَمٍّ أَوْ مَوْلًى أَوِ اخْتَارَ وَضْعَ مَالِهِ فِيهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[2900]
(أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ مَعْنَى الْأَوْلَوِيَّةِ النُّصْرَةُ وَالْقَوْلِيَّةُ أَيْ أَتَوَلَّى أُمُورَهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ وَأَنْصُرهُمْ فَوْقَ مَا كَانَ مِنْهُمْ لَوْ عَاشُوا (أَوْ ضَيْعَةً) أَيْ عِيَالًا (فَإِلَيَّ) أَيْ أَدَاءُ الدَّيْنِ وَكَفَالَةُ الضَّيْعَةِ (وَأَنَا مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ) أَيْ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ
قَالَهُ القارىء (وَأَفُكُّ عَانَهُ) أَيْ أُخَلِّصُ أَسِيرَهُ بِالْفِدَاءِ عَنْهُ وَأَصْلُهُ عَانِيَهُ حَذَفَ الْيَاءَ تَخْفِيفًا كَمَا فِي يد يقال عنا يعنو إذ خَضَعَ وَذَلَّ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الحقوق بسبب الجنايات
قاله القارىء (قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ) بَالزَّايِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُصَغَّرًا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَيُشِيرُ الْمُؤَلِّفُ بِكَلَامِهِ هَذَا إِلَى الِاخْتِلَافِ فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[2901]
(أَفُكُّ عُنِيَّهُ) بِضَمِّ عَيْنٍ وَكَسْرِ نُونٍ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ بِمَعْنَى الْأَسْرِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ مَصْدَرُ عَنَا الرَّجُلُ يَعْنُو عُنُوًّا وَعُنِيًّا وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى عَنِيَ يَعْنِي
ومعنى الأسر ها هنا هُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ذِمَّتُهُ وَيَلْزَمُهُ بِسَبَبِ الْجِنَايَاتِ الَّتِي سَبِيلُهَا أَنْ تَتَحَمَّلَهَا الْعَاقِلَةُ وَبَيَانُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عليه السلام فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُ مَالَهُ وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِمَنْ ذهب
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله فَهَذَا مَا رُدَّ بِهِ حَدِيث الْخَال وَهِيَ بِأَسْرِهَا وُجُوه ضَعِيفَة
أَمَّا قَوْلهمْ إِنَّ أَحَادِيثه ضِعَاف فَكَلَام فِيهِ إِجْمَال فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي دَرَجَة الصِّحَاح الَّتِي
إِلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَتَأَوَّلَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِتَوْرِيثِهِمْ حَدِيثَ الْمِقْدَامِ عَلَى أَنَّهُ طُعْمَةٌ أَطْعَمَهَا عليه السلام الْخَالَ عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ لَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْخَالِ مِيرَاثٌ وَلَكِنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ عليه السلام يَخْلُفُ الْمَيِّتَ فِيمَا يَصِيرُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَالِ سَمَّاهُ وَارِثًا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ كَمَا قِيلَ الصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ وَالْجُوعُ طَعَامُ مَنْ لَا طَعَامَ لَهُ انْتَهَى مُخْتَصَرًا
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ المنذري
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
لَا عِلَّة فِيهَا فَصَحِيح وَلَكِنْ هَذَا لَا يَمْنَع الِاحْتِجَاج بِهَا وَلَا يُوجِب اِنْحِطَاطهَا عَنْ دَرَجَة الْحَسَن بَلْ هَذِهِ الْأَحَادِيث وَأَمْثَالهَا هِيَ الْأَحَادِيث الْحِسَان فَإِنَّهَا قَدْ تَعَدَّدَتْ طُرُقهَا وَرُوِيَتْ مِنْ وُجُوه مُخْتَلِفَة وَعُرِفَتْ مَخَارِجهَا وَرُوَاتهَا لَيْسُوا بِمَجْرُوحِينَ وَلَا مُتَّهَمِينَ
وَقَدْ أَخْرَجَهَا أَبُو حَاتِم بْن حِبَّان فِي صَحِيحه وَحَكَمَ بِصِحَّتِهَا
وَلَيْسَ فِي أَحَادِيث الْأُصُول مَا يُعَارِضهَا
وَقَدْ رُوِيَتْ مِنْ حَدِيث الْمِقْدَام بْن مَعْدِي كَرِب هَذَا وَمِنْ حَدِيث عُمَر بْن الْخَطَّاب ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ حَكِيم بْن حَكِيم عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْن سَهْل بْن حُنَيْف قَالَ كَتَبَ عُمَر بْن الْخَطَّاب إِلَى أَبِي عُبَيْدَة إِنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّه وَرَسُوله مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ وَالْخَال وَارِث مَنْ لَا وَارِث لَهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ هذا حديث حسن
ورواه بن حِبَّان فِي صَحِيحه وَلَمْ يَصْنَع مَنْ أَعَلَّ هَذَا الْحَدِيث بِحَكِيمِ بْن حَكِيم وَأَنَّهُ مَجْهُول شَيْئًا فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهُ سُهَيْل بْن صَالِح وَعَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث وَعُثْمَان بْن حَكِيم أَخُوهُ
وَلَمْ يُعْلَم أَنَّ أَحَدًا جَرَّحَهُ وَبِمِثْلِ هَذَا يَرْتَفِع عَنْهُ الْجَهَالَة وَيُحْتَجّ بِحَدِيثِهِ
وَمِنْ حَدِيث عَائِشَة ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضًا عَنْ بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرو بْن مُسْلِم عَنْ طَاوُس عَنْ عَائِشَة تَرْفَعهُ الْخَال وَارِث مَنْ لَا وَارِث لَهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن غَرِيب
قَالَ وَإِلَى هَذَا الْحَدِيث ذَهَبَ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم فِي تَوْرِيث ذَوِي الْأَرْحَام
وَأَمَّا زَيْد بْن ثَابِت فَلَمْ يُوَرِّثهُمْ
وَقَدْ أَرْسَلَهُ بَعْضهمْ وَلَمْ يَذْكُر فِيهِ عَنْ عَائِشَة تَمَّ كَلَامه
وَهَذَا عَلَى طَرِيقَة مُنَازِعِينَا لَا يَضُرّ الْحَدِيث شَيْئًا لِوَجْهَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّهُمْ يَحْكُمُونَ بِزِيَادَةِ الثِّقَة
وَاَلَّذِي وَصَلَهُ ثِقَة وَقَدْ زَادَ فَيَجِب عِنْدهمْ قَبُول زِيَادَته
الثَّانِي أَنَّهُ مُرْسَل قَدْ عَمِلَ بِهِ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ وَمِثْل هَذَا حُجَّة عِنْد مَنْ يَرَى الْمُرْسَل حُجَّة كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيّ
وَأَمَّا حَمْل الْحَدِيث عَلَى الْخَال الَّذِي هُوَ عَصَبَته فَبَاطِل يُنَزَّه كَلَام الرَّسُول عَنْ أَنْ يُحْمَل عَلَيْهِ لِمَا يَتَضَمَّنهُ مِنْ اللَّبْس فَإِنَّهُ إِنَّمَا عَلَّقَ الْمِيرَاث بِكَوْنِهِ خَالًا فَإِذَا كَانَ سَبَب تَوْرِيثه كَوْنه بن عَمّ أَوْ مَوْلًى
إلى وصف لا على أن يكون بن عَمٍّ أَوْ مَوْلًى لَا يَعْقِلُ بِالْخُؤُولَةِ فَلَا إِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ أَصْلًا وَأَيْنَ الْإِجْمَاعُ ثُمَّ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى خِلَافِهِ فِي التَّعَاقُلِ فَلَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى عَدَمِ تَوْرِيثِهِ بَلْ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يُوَرِّثُونَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ فَكَيْفَ يُتْرَكُ الْقَوْلُ بِتَوْرِيثِهِ لِأَجْلِ الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَحَمُّلِهِ فِي الْعَاقِلَةِ وَهَذَا حَدِيثُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالْخِمَارِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ وَالْمَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ وَالْعِمَامَةِ قَدْ أَخَذُوا مِنْهُ بِبَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ بَصْرَةَ بْنِ أَبِي بَصْرَةَ فِي الَّذِي تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَجَدَهَا حُبْلَى أَخَذُوا بِبَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ وَقَوْلُهُ لَوْ كَانَ ثَابِتًا يَكُونُ فِي وَقْتٍ كَانَ الْخَالُ يَعْقِلُ بِالْخُؤُولَةِ فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى النَّسْخِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إِثْبَاتُهُ إِلَّا بَعْدَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا ثُبُوتُ مُعَارَضَتِهِ الْمُقَاوِمَ لَهُ وَالثَّانِي تَأَخُّرُهُ عَنْهُ وَلَا سَبِيلَ هنا إلى واحد مِنَ الْمَالِ سَمَّاهُ وَارِثًا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ كَمَا قِيلَ الصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ وَالْجُوعُ طَعَامُ مَنْ لَا طَعَامَ لَهُ انتهى مختصرا
والحديث سكت عنه المنذري
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
فَعَدَلَ عَنْ هَذَا الْوَصْف الْمُوجِب لِلتَّوْرِيثِ إِلَى وَصْف لَا يُوجِب التَّوْرِيث
وَعَلَّقَ بِهِ الْحُكْم
فهذا ضد البيان وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم مُنَزَّه عَنْ مِثْل ذَلِكَ
وَأَمَّا قَوْله قَدْ أجمعوا على أن الخال لا يكون بن عَمّ أَوْ مَوْلًى لَا يَعْقِل بِالْخُؤُولَةِ فَلَا إِجْمَاع فِي ذَلِكَ أَصْلًا وَأَيْنَ الْإِجْمَاع ثُمَّ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْإِجْمَاع اِنْعَقَدَ عَلَى خِلَافه فِي التَّعَاقُل فَلَمْ يَنْعَقِد عَلَى عَدَم تَوْرِيثه بَلْ جُمْهُور الْعُلَمَاء يُوَرِّثُونَهُ وَهُوَ قَوْل أَكْثَر الصَّحَابَة فَكَيْف يُتْرَك الْقَوْل بِتَوْرِيثِهِ لِأَجْلِ الْقَوْل بِعَدَمِ تَحَمُّله فِي الْعَاقِلَة وَهَذَا حَدِيث الْمَسْح عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالْخِمَار وَالْمَسْح عَلَى الْعَصَائِب وَالتَّسَاخِين وَالْمَسْح عَلَى النَّاصِيَة وَالْعِمَامَة قَدْ أَخَذُوا مِنْهُ ببعضه دون بعض وكذلك حديث بصرة بن أَبِي بصرة فِي الَّذِي تَزَوَّجَ اِمْرَأَة فَوَجَدَهَا حُبْلَى أَخَذُوا بِبَعْضِهِ دُون بَعْض وَهَذَا مَوْجُود فِي غَيْر حَدِيث
وَقَوْله لَوْ كَانَ ثَابِتًا يَكُون فِي وَقْت كَانَ الْخَال يَعْقِل بِالْخُؤُولَةِ فَهُوَ إِشَارَة إِلَى النَّسْخ الَّذِي لَا يُمْكِن إثباته إلا بعد أمرين أحدهما ثبوت معارضته الْمُقَاوِم لَهُ
وَالثَّانِي تَأَخُّره عَنْهُ
وَلَا سَبِيل هُنَا إِلَى وَاحِد مِنْ الْأَمْرَيْنِ
وَقَوْله اِخْتَارَ وَضْع مَاله فِيهِ يَعْنِي عَلَى سَبِيل الطُّعْمَة لَا الْمِيرَاث فَبَاطِل لِثَلَاثَةِ أَوْجُه أَحَدهَا أَنَّ لَفْظ الْحَدِيث يُبْطِلهُ فَإِنَّهُ قَالَ يَرِث مَاله وَفِي لَفْظ يَرِثهُ
الثَّانِي أَنَّهُ سَمَّاهُ وَارِثًا وَالْأَصْل فِي التَّسْمِيَة الْحَقِيقَة فَلَا يُعْدَل عَنْهَا إِلَّا بَعْد أُمُور أَرْبَعَة أَحَدهَا قِيَام دَلِيل عَلَى اِمْتِنَاع إِرَادَتهَا
الثَّانِي بَيَان اِحْتِمَال اللَّفْظ لِلْمَعْنَى الَّذِي عَيَّنَهُ مَجَازًا لَهُ وَلَا يَكْفِي ذَلِكَ إِلَّا بِالثَّالِثِ وَهُوَ بَيَان اِسْتِعْمَاله فِيهِ لُغَة حَتَّى لَا يَكُون لَنَا وَضْع يُحْمَل عَلَيْهِ لَفْظ النَّصّ
وَكَثِير مِنْ النَّاس يَغْفُل عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَة وَيَقُول يُحْمَل عَلَى كَذَا وَكَذَا وَهَذَا غَلَط
فَإِنَّ الْحَمْل لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَار عَنْ اِسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَابِقًا كَانَ خَبَرًا كَاذِبًا وَإِنْ أَرَادَ به أني أنشىء حَمْله عَلَى هَذَا الْمَعْنَى كَمَا يَظُنّ كَثِير مِمَّنْ لَا تَحْقِيق عِنْده فَهُوَ بَاطِل قَطْعًا لَا يَحِلّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْتَكِبهُ ثُمَّ يَحْمِل كَلَام الشَّارِع عَلَيْهِ
الرَّابِع الْجَوَاب عَنْ الْمُعَارِض وَهُوَ دَلِيل إِرَادَة الْحَقِيقِيَّة وَلَا يَكْفِيه دَلِيل اِمْتِنَاع إِرَادَتهَا مَا لَمْ يُجِبْ عَنْ دَلِيل الإرادة
[2902]
(أَنَّ مَوْلَى) أَيْ عَتِيقًا (وَلَا حَمِيمًا) أَيْ قَرِيبًا (أَعْطُوا مِيرَاثَهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ
قَالَ الْقَاضِي رحمه الله إِنَّمَا أَمَرَ أَنْ يُعْطِيَ رَجُلًا مِنْ قَرْيَتِهِ تَصَدُّقًا مِنْهُ أَوْ تَرَفُّعًا أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَمَصْرِفِهِ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ وَسَدُّ حَاجَاتِهِمْ فَوَضَعَهُ فِيهِمْ لِمَا رَأَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَمَا لَا يُورَثُ عَنْهُمْ لَا يَرِثُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ انْتَهَى
قَالَ فِي النَّيْلِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ صَرْفِ مِيرَاثِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مَعْلُومٌ إِلَى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ
[2903]
(فَالْتَمِسْ أَزْدِيًّا) قَالَ فِي شَرْحِ الْقَامُوسِ أَزْدُ بْنُ الْغَوْثِ أبو حي باليمين وَمِنْ أَوْلَادِهِ الْأَنْصَارُ كُلُّهُمْ وَخُزَاعَةُ حَيٌّ مِنَ الْأَزْدِ انْتَهَى (حَوْلًا) أَيْ سَنَةً (عَلَيَّ الرَّجُلَ) أَيْ رَدُّوهُ (كُبْرَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الْخَامِس أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِهَذَا اللَّفْظ فَهِمُوا مِنْهُ الميراث دون غيره وهم الصحابة رضي الله عنهم ولهذا كتب به عمر رضي الله عنه جَوَابًا لِأَبِي عُبَيْدَة حِين سَأَلَهُ فِي كِتَابه عَنْ مِيرَاث الْخَال وَهُمْ أَحَقّ الْخَلْق بِالْإِصَابَةِ فِي الْفَهْم
وَقَدْ عُلِمَ بِهَذَا بُطْلَان حَمْل الْحَدِيث عَلَى أَنَّ الْخَال السُّلْطَان وَعَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِهِ السَّلَب
وَكُلّ هَذِهِ وُجُوه بَاطِلَة
وَأَسْعَد النَّاس بِهَذِهِ الْأَحَادِيث مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهَا وبالله التوفيق
خُزَاعَةَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ فُلَانٌ كُبْرُ قَوْمِهِ بِالضَّمِّ إِذَا كَانَ أَقْعَدَهُمْ فِي النَّسَبِ وَهُوَ أَنْ يَنْتَسِبَ إِلَى جَدِّهِ الْأَكْبَرِ بِآبَاءٍ أَقَلِّ عَدَدًا مِنْ بَاقِي عَشِيرَتِهِ وَقَوْلُهُ أَكْبَرُ رَجُلٍ أَيْ كَبِيرُهُمْ وَهُوَ أَقْرَبُهُمْ إِلَى الْجَدِّ الْأَعْلَى انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا وَقَالَ جِبْرِيلُ بْنُ أَحْمَرَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَالْحَدِيثُ مُنْكَرٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَالَ الْمُوصِلِيُّ فِيهِ نَظَرٌ
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ شَيْخٌ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ
[2904]
(الْكَبِيرُ مِنْ خُزَاعَةَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْكُبْرُ مِنْ خُزَاعَةَ وَالْمُرَادُ مِنَ الْكَبِيرِ هُوَ الْكُبْرُ وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ (أَكْبَرَ رَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ) أَيْ كَبِيرُهُمْ وَهُوَ أَقْرَبُهُمْ إِلَى الْجَدِّ الْأَعْلَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ
[2905]
(وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا) أَيْ لَمْ يَتْرُكُ أَحَدًا يَرِثُهُ (إِلَّا غُلَامًا لَهُ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لَكِنْ تَرَكَ عَبْدًا (هَلْ لَهُ أَحَدٌ) أَيْ يَرِثُهُ (فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِيرَاثَهُ) أَيْ مِيرَاثُ الرَّجُلِ (لَهُ) أَيْ لِلْغُلَامِ
قال القارىء وهذا لجعل مِثْلُ مَا سَبَقَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَعْطُوا مِيرَاثَهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ لِأَنَّهُ صَارَ مَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ قَالَ الْمُظْهِرُ قَالَ شُرَيْحٌ وَطَاوُسٌ يَرِثُ الْعَتِيقُ مِنَ الْمُعْتِقِ كَمَا يَرِثُ الْمُعْتِقُ مِنَ العقيق انتهى
قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ
هَذَا آخِرُ كلامه وقال البخاري عوسجة مولى بن عَبَّاسٍ الْهَاشِمِيِّ رَوَى عَنْهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَلَمْ يَصِحَّ
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيِّ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ
وَقَالَ النَّسَائِيُّ عَوْسَجَةُ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَرْوِي عَنْهُ غَيْرَ عَمْرٍو
وَقَالَ أبو زرعة الرازي ثقة