الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال بن عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ شَقَّتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَشَقَّةً شَدِيدَةً وَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيُّنَا مَنْ لَمْ يَعْمَلْ سُوءًا غَيْرَكَ فَكَيْفَ الْجَزَاءُ قَالَ مِنْهُ مَا يَكُونُ فِي الدُّنْيَا فَمَنْ يَعْمَلْ حَسَنَةً فَلَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمَنْ جُوزِيَ بِالسَّيِّئَةِ نَقَصَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ عَشْرِ حَسَنَاتِهِ وَبَقِيَتْ لَهُ تِسْعُ حَسَنَاتٍ فَوَيْلٌ لِمَنْ غَلَبَتْ آحَادُهُ أَعْشَارَهُ
وَأَمَّا مَنْ كَانَ جَزَاؤُهُ فِي الْآخِرَةِ فَيُقَابَلُ بَيْنَ حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ فَيُلْقَى مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً وَيُنْظَرُ فِي الْفَضْلِ فَيُعْطَى الْجَزَاءَ فِي الْجَنَّةِ فَيُؤْتَى كُلُّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ
قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ الْخَازِنِ (قَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (النَّكْبَةُ) بِفَتْحِ نُونٍ وَسُكُونِ كَافٍ مَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ (فيكافي) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيِ الْمُسْلِمُ (ذَاكُمُ الْعَرْضُ) أَيْ عَرْضُ الْأَعْمَالِ كَأَنَّهُ أَشَارَ بِجَمْعِ الْخِطَابِ إِلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ مِثْلِهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ بِأَحَدٍ دُونَ أَحَدٍ بَلِ اللَّائِقُ بِحَالِ الْكُلِّ أَنْ يَعْرِفُوا مِثْلَ هَذِهِ الْفَوَائِدِ وَاللَّطَائِفِ انْتَهَى (قال أخبرنا بن أَبِي مُلَيْكَةَ) أَيْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْخَزَّازِ حَدَّثَنَا بن أَبِي مُلَيْكَةَ بِصِيغَةِ التَّحْدِيثِ وَأَمَّا مُسَدَّدٌ فَرَوَى بِصِيغَةِ الْعَنْعَنَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِمَا أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عز وجل وما بعده إلى آخر الحديث
([3094]
بَاب فِي الْعِيَادَةِ)
(فَلَمَّا دَخَلَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ الْمُنَافِقِ (فِيهِ) أَيْ عَبْدِ اللَّهِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله بَعْد ذِكْر الْأَقْوَال الْأَرْبَعَة الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُنْذِرِيُّ وَلَا تَعَارُض بَيْن هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ بِوَجْهٍ فَإِنَّ حَدِيث أُسَامَة صَرِيح فِي أَنَّهُ أَعْطَاهُ الْقَمِيص وَقْت مَوْته فَكَفَّنَهُ فِيهِ وَحَدِيث عَبْد اللَّه بْن عُمَر لَمْ يَقُلْ
(قَالَ) النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (قَالَ) عَبْدُ اللَّهِ (فَقَدْ أَبْغَضَهُمْ) أَيِ الْيَهُودَ (فَمَهْ) أَيْ فَمَاذَا حَصَلَ لَهُ بِبُغْضِهِمْ فَالْهَاءُ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْأَلِفِ وَأَصْلُهُ فَمَا أَوْ هُوَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْكُتْ وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُ بُغْضُهُمْ وَلَوْ نَفَعَ بُغْضُهُمْ لَمَا مَاتَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَهَذَا مِنْ قِلَّةِ فَهْمِهِ وَقُصُورِ نَظَرِهِ عَلَى أَنَّ الضَّرَرَ وَالنَّفْعَ هُوَ الْمَوْتُ أَوِ الْخَلَاصُ عَنْهُ
قَالَهُ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ (فَلَمَّا مَاتَ) أَيْ عَبْدُ اللَّهِ (أَتَاهُ) أَيِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (ابنه) أي بن عبد الله وكان مؤمنا (فقال) أي بن عَبْدِ اللَّهِ (أُكَفِّنُهُ) مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ أَيْ أُكَفِّنُ عَبْدَ اللَّهِ (فِيهِ) أَيْ فِي قَمِيصِكَ (فَأَعْطَاهُ) أَيْ فَأَعْطَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بن عَبْدِ اللَّهِ (إِيَّاهُ) أَيْ قَمِيصَهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحهِمَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ ابْنَهُ عَبْدُ اللَّهِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ أَنْ يُكَفِّنَ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِمَا مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَأَخْرَجَهُ مِنْ قَبْرِهِ فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتِهِ وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسهُ قَمِيصَهُ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَابِرٌ شَاهَدَ مِنْ ذَلِكَ مَا لم يشاهد بن عُمَرَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَعْطَاهُ قَمِيصَ الْكَفَنِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَأَلْبَسهُ آخَرَ وَاخْتَلَفُوا لِمَ أَعْطَاهُ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِذَلِكَ إِكْرَامَ وَلَدِهِ فَقَدْ كَانَ مُسْلِمًا بَرِيئًا مِنَ النِّفَاقِ
وَالثَّانِي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَا سُئِلَ شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ لَا
وَالثَّالِثُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَعْطَى الْعَبَّاسَ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَمِيصًا لَمَّا أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبَّاسِ ثِيَابٌ يَوْمئِذٍ فَأَرَادَ أَنْ يُكَافِئَهُ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَكُونَ لِمُنَافِقٍ عِنْدَهُ يَدٌ لَمْ يُجَازِهِ عَلَيْهَا
وَالرَّابِعُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ قبل أن نزل قَوْلِهِ عز وجل وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ انْتَهَى
كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
فِيهِ إِنَّهُ أَلْبَسهُ قَمِيصه حِين أَخْرَجَهُ مِنْ قَبْره وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ نَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقه وَأَجْلَسَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصه فَأَخْبَرَ بِثَلَاثِ جُمَل مُتَبَايِنَة الْأُولَيَانِ مِنْهَا يَتَعَيَّن أَنْ يَكُونَا بَعْد الْإِخْرَاج مِنْ الْقَبْر وَالثَّالِثَة لَا يتعين فيها ذلك ولعل بن عُمَر لَمَّا رَأَى عَلَيْهِ الْقَمِيص فِي تِلْكَ الْحَال ظَنَّ أَنَّهُ أَلْبَسَهُ إِيَّاهُ حِينَئِذٍ