الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نُقْصَانِ الْأَجْرِ بِاقْتِنَاءِ الْكَلْبِ فَقِيلَ لِامْتِنَاعِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ وَقِيلَ لِمَا يَلْحَقُ الْمَارِّينَ مِنَ الْأَذَى مِنْ تَرْوِيعِ الْكَلْبِ لَهُمْ وَقَصْدِهِ إياهم
والتوفيق بين حديث أبي هريرة وبن عُمَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ وَالْأَحْوَالِ
قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي نَوْعَيْنِ مِنَ الْكِلَابِ أَحَدُهُمَا أَشَدُّ أَذًى مِنَ الْآخَرِ أَوْ يَخْتَلِفَانِ بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ فَيَكُونُ الْقِيرَاطَانِ فِي الْمَدِينَةِ
قُلْتُ وَكَذَا فِي مَكَّةَ لِزِيَادَةِ فَضْلِهِمَا وَالْقِيرَاطُ فِي غَيْرِهِمَا قَالَ أَوِ الْقِيرَاطَانِ فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى وَالْقِيرَاطُ فِي الْبَوَادِي أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي زَمَانَيْنِ فَذَكَرَ الْقِيرَاطَ أَوَّلًا ثُمَّ زَادَ لِلتَّغْلِيظِ فَذَكَرَ الْقِيرَاطَيْنِ انْتَهَى (الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ) أَيْ خَالِصُ السَّوَادِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ
[2846]
(تَقْدَّمَ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ تَجِيءُ (فَنَقْتُلُهُ) أَيْ كَلْبُ الْمَرْأَةِ (ثُمَّ نَهَانَا عَنْ قَتْلِهَا) أَيْ عَنْ قَتْلِ الْكِلَابِ بِعُمُومِهَا (عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ) أَيْ بِقَتْلِهِ
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ ذِي النُّقْطَتَيْنِ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ مِنْ رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ
وَقَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ حَدِيثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ الْكِلَابِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الْبُيُوعِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الصَّيْدِ وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بن العبد وبن دَاسَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ انْتَهَى
([2847]
بَاب فِي الصَّيْدِ)
هُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الِاصْطِيَادِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَصِيدِ
(عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ) حَاتِمٌ هَذَا هُوَ الطَّائِيُّ الْمَشْهُورُ بِالْجُودِ وَكَانَ ابنه عدي أيضا جواد (إِنِّي أُرْسِلُ الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ) بِفَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَالْمُرَادُ مِنَ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ أَنْ يُوجَدَ فِيهِ ثَلَاثُ شَرَائِطٍ إِذَا أُشْلِيَ اسْتَشْلَى وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ وَإِذَا أَخَذَ الصَّيْدَ أَمْسَكَ وَلَمْ يَأْكُلْ فإذا فعل
ذَلِكَ مِرَارًا وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ كَانَ مُعَلَّمًا يَحِلُّ بَعْدَ ذَلِكَ قَتِيلُهُ (فَتُمْسِكَ عَلَيَّ) أَيْ تَحْبِسُ الْكِلَابُ الصَّيْدَ لِي (أَفَآكُلُ) أَيِ الصَّيْدَ (قَالَ إِذَا أَرْسَلْتَ الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِرْسَالَ مِنْ جِهَةِ الصَّائِدِ شَرْطٌ حَتَّى لَوْ خَرَجَ الْكَلْبُ بِنَفْسِهِ فَأَخَذَ صَيْدًا وَقَتَلَهُ لَا يَكُونُ حَلَالًا
وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ شَرْطٌ فِي الذَّبِيحَةِ حَالَةَ مَا تُذْبَحُ وَفِي الصَّيْدِ حَالَةَ مَا يُرْسِلُ الْجَارِحَةُ أَوِ السَّهْمِ فَلَوْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ اخْتَلَفُوا فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ (مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مِنْهَا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ إِذَا شَارَكَهُ كَلْبٌ آخَرُ وَالْمُرَادُ كَلْبٌ آخَرُ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَرْسَلَهُ من ليس هو من أهل الزكاة أَوْ شَكَكْنَا فِي ذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ فَإِنْ تَحَقَّقْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا شَارَكَهُ كَلْبٌ أَرْسَلَهُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ عَلَى ذَلِكَ الصَّيْدِ حَلَّ
قَالَهُ النَّوَوِيُّ (بِالْمِعْرَاضِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ خَشَبَةٌ ثَقِيلَةٌ أَوْ عَصًا فِي طَرْفِهَا حَدِيدَةٌ وَقَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ حَدِيدَةٍ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي تَفْسِيرِهِ وَقَالَ الْهَرَوِيُّ هُوَ سَهْمٌ لَا رِيشٌ فِيهِ وَلَا نَصْلٌ
ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ (فَخَزَقَ) بِالْخَاءِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ نَفَذَ (بِعَرْضِهِ) أَيْ بِغَيْرِ طَرَفِهِ الْمُحَدَّدِ
وَفِيهِ أَنَّهُ إِذَا اصْطَادَ بِالْمِعْرَاضِ فَقَتَلَ الصَّيْدَ بِحَدِّهِ حَلَّ وَإِنْ قَتَلَهُ بِعَرْضِهِ لَمْ يَحِلَّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَقَالَ مَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ فُقَهَاءِ الشَّامِ يَحِلُّ مُطْلَقًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[2848]
(وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ) فِيهِ أَنَّهُ إِنْ أَرْسَلَ الْكَلْبَ وَلَمْ يُسَمِّ لَمْ يُؤْكَلْ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا إِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ نَاسِيًا حَلَّ
وَذَهَبَ بَعْضُ مَنْ لَا يَرَى التَّسْمِيَةَ شَرْطًا فِي الذَّكَاةِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ ذِكْرُ الْقَلْبِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ إِرْسَالُهُ الْكَلْبَ لِلِاصْطِيَادِ بِهِ لَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ لَاهِيًا أَوْ لَاعِبًا لَا قَصْدَ لَهُ فِي ذَلِكَ
قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ (فَإِنْ أَكَلَ الْكَلْبُ فَلَا تَأْكُلْ) فِيهِ دليل
عَلَى تَحْرِيمِ مَا أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ مِنَ الصَّيْدِ وَلَوْ كَانَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ
وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ يَحِلُّ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْآتِي فِي الْبَابِ وحملوا قوله فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ عَدِيٍّ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ تعالى فكلوا مما أمسكن عليكم وَهَذَا مِمَّا لَمْ يُمْسِكْ عَلَيْنَا بَلْ عَلَى نَفْسِهِ وَقَدَّمُوا حَدِيثَ عَدِيٍّ هَذَا عَلَى حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ لِأَنَّهُ أَصَحُّ
وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَ حَدِيثَ أَبِيَ ثَعْلَبَةَ عَلَى مَا إِذَا أَكَلَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ قَتَلَهُ وَخَلَّاهُ وَفَارَقَهُ ثُمَّ عَادَ فَأَكَلَ مِنْهُ فَهَذَا لَا يَضُرُّ (فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ) مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عليكم فَإِنَّمَا أَبَاحَهُ بِشَرْطِ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّهُ أَمْسَكَ عَلَيْنَا وَإِذَا أَكَلَ مِنْهُ لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ أَمْسَكَهُ لَنَا أَمْ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ إِبَاحَتِهِ وَالْأَصْلُ تَحْرِيمُهُ
قَالَهُ النَّوَوِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وبن مَاجَهْ
[2849]
(وَلَمْ تَجِدْهُ فِي مَاءٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا نَهَاهُ عَنْ أَكْلِهِ إِذَا وَجَدَهُ فِي الْمَاءِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ قَدْ غَرَّقَهُ فَيَكُونُ هَلَاكُهُ مِنَ الْمَاءِ لَا مِنْ قِبَلِ الْكَلْبِ الَّذِي هُوَ آلَةُ الذَكَاةِ وَكَذَلِكَ إِذَا وَجَدَ فِيهِ أَثَرًا لِغَيْرِ سَهْمِهِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الرُّخَصَ تُرَاعَى شَرَائِطُهَا الَّتِي بِهَا وَقَعَتِ الْإِبَاحَةُ فَمَهْمَا أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَادَ الْأَمْرُ إِلَى التَّحْرِيمِ الْأَصْلِيِّ وَهَذَا بَابٌ كَبِيرٌ مِنَ الْعِلْمِ انْتَهَى وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[2850]
(إِذَا وَقَعَتْ رَمِيَّتُكَ أَيْ الصَّيْدُ الْمُرْمَى بِالسَّهْمِ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ نَحْوَهُ
[2851]
(مَا عَلَّمْتُ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ) أَيْ أَحَدُّ مِنْ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ وَالطُّيُورِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا إِمَّا مَثَلًا أَوْ بِنَاءً عَلَى الْأَغْلَبِ
قَالَهُ القارىء وَمَا شَرْطِيَّةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَيْ مَا عَلَّمْتَهُ وَأَمَّا الْبَازُ فَقَالَ الدَّمِيرِيُّ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْبَازِيُّ أَفْصَحُ لُغَاتِهِ مُخَفَّفَةُ الْيَاءِ وَالثَّانِيَةُ بَازٍ وَالثَّالِثَةُ بَازِيٌّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ حَكَاهُمَا بن سِيدَهْ وَهُوَ مُذَكَّرٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَيُقَالُ فِي التَّثْنِيَةِ بَازِيَانِ وَفِي الْجَمْعِ بُزَاةٌ كَقَاضِيَانِ وَقُضَاةٌ وَيُقَالُ لِلْبُزَاةِ وَالشَّوَاهِينَ وَغَيْرُهُمَا مِمَّا يَصِيدُ صقور وَهُوَ مِنْ أَشَدِّ الْحَيَوَانِ تَكَبُّرًا وَأَضْيَقِهَا خُلُقًا وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي أَشْكَالِهِ وَاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ (وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ) أَيْ عِنْدَ إِرْسَالِهِ (مِمَّا أَمْسَكَ عَلَيْكَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا (قُلْتُ وَإِنْ قَتَلَ) إِنْ وَصْلِيَّةٌ أَيْ آكُلُهُ وَلَوْ قَتَلَهُ أَحَدُهُمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إِنْ شَرْطِيَّةٌ وَالْجَزَاءُ مُقَدَّرٌ أَيْ فَمَا حُكْمُهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا وَقَالَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مُجَالِدٍ
هَذَا آخر كلامه
ومجالد هذا هو بن سَعِيدٍ وَفِيهِ مَقَالٌ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ
[2852]
(فَكُلْ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الصَّيْدَ حَلَالٌ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ عَنْ هَذَا (وَكُلُّ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ يَدُكَ) أَيْ كُلْ كُلَّ مَا صِدْتَهُ بِيَدِكَ لَا بِشَيْءٍ مِنَ الْجَوَارِحِ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
وَلَفْظُ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ كُلْ مَا وَرَدَتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَوْدِيُّ الدِّمَشْقِيُّ عَامِلُ وَاسِطٍ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدِيثُهُ مُقَارِبٌ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ بن عَدِيٍّ وَلَا أَرَى بِرِوَايَاتِهِ بَأْسًا وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ هُوَ شَيْخٌ
[2853]
(فَيَقْتَفِي أَثَرَهُ) أَيْ يَتْبَعُ قَفَاهُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْهُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا عَلَّقَ بِهِ سَهْمَهُ فَقَدْ مَلَكَهُ وَصَارَ سَهْمُهُ كَيَدِهِ فَلَوْ أَنَّهُ رَمَى صَيْدًا حَتَّى أَنْشَبَ سَهْمَهُ فِيهِ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ فَوَجَدَهُ رَجُلٌ كَانَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ اللُّقَطَةِ وَعَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ وَرَدُّ قِيمَتِهِ
وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْمِيَ فِيهِ سَهْمَهُ وَهُوَ أَنْ يُثَبِّتَهُ بِعَيْنِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَصَابَهُ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ ذَكَاتَهُ إِنَّمَا وَقَعَتْ بِرَمْيَتِهِ فَأَمَّا إِذَا رَمَاهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَصَابَهُ أَمْ لَا فَيَتْبَعُ أَثَرَهُ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا وَفِيهِ سَهْمُهُ فَلَا يَأْكُلْ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ قَدْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَأَثْبَتَهُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الرَّامِي مَجُوسِيًّا لَا تَحِلُّ ذَكَاتَهُ وَفِي قَوْلِهُ فَيَقْتَفِي أَثَرُهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنْ أَغْفَلَ تَتَبُّعَهُ وَأَتَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْوَقْتِ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا فَإِنَّهُ لَا يَأْكُلُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا تَتَبَّعَهُ فَلَمْ يَلْحَقْهُ إِلَّا بَعْدَ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ فَهُوَ مَقْدُورٌ وَكَانَتِ الذَّكَاةُ وَاقِعَةً بِإِصَابَةِ السَّهْمِ فِي وَقْتِ كَوْنِهِ مُمْتَنِعًا غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فَأَمَّا إِذَا لَمْ يتتبعه وتركه يحتامل بِالْجِرَاحَةِ حَتَّى هَلَكَ فَهَذَا غَيْرُ مُذَكًّى لِأَنَّهُ لَوِ اتَّبَعَهُ لَأَدْرَكَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ فَذَكَّاهُ ذَكَاةَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ صَارَ كَالْبَهِيمَةِ الْمَقْدُورِ عَلَى ذَكَاتِهَا يُجْرَحُ فِي بَعْضِ أَعْضَائِهَا وَيُتْرَكُ حَتَّى يَهْلِكَ بِأَلَمِ الْجِرَاحَةِ
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إِنْ أَدْرَكَهُ مِنْ يَوْمِهِ أَكَلَهُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[2854]
(فَإِنَّهُ وَقِيذٌ) بِالْقَافِ وَآخِرُهُ ذَالٌ مُعْجَمَةٌ عَلَى وَزْنِ عَظِيمٍ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٌ وَهُوَ مَا قتل بعصا أو حجر أو مالا حَدَّ لَهُ
قَالَهُ الْحَافِظُ
وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ صَيْدَ الْبُنْدُقِيَّةِ الْبُنْدُقِيَّةُ
هِيَ الَّتِي تُتَّخَذُ مِنْ طِينٍ وَتُيَبَّسُ فَيُرْمَى بِهَا لَا يَحِلُّ لِأَنَّهُ رُضَّ وَوُقِذَ
وَقَالَ مَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ فُقَهَاءِ الشَّامِ يَحِلُّ قَالَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ
[2855]
(فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ) أَيْ ذَبْحَهُ وَالْمَعْنَى أَدْرَكْتَهُ حَيًّا وَذَبَحْتَهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[2856]
(زَادَ عن بن حَرْبٍ الْمُعَلَّمُ) أَيْ زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى في روايته عن بن الْحَرْبِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَكَلْبَكَ لَفْظَ الْمُعَلَّمِ يَعْنِي قَالَ وَكَلْبَكَ الْمُعَلَّمِ (وَيَدُكَ) أَيْ قَالَ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ يَدُكَ مَكَانَ قَوْلِهِ رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ (فَكُلْ ذَكِيًّا وَغَيْرَ ذَكِيٍّ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالذَّكِيِّ مَا أَمْسَكَ عَلَيْهِ فَأَدْرَكَهُ قَبْلَ زُهُوقِ نَفْسِهِ فَذَكَّاهُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ وَغَيْرَ الذَّكِيِّ مَا زَهَقَتْ نَفْسُهُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ
وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالذَّكِيِّ مَا جَرَحَهُ الْكَلْبُ بِسِنِّهِ أَوْ مَخَالِبِهِ فَسَالَ دَمُهُ وَغَيْرَ الذَّكِيِّ مَا لَمْ يَجْرَحْهُ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا قَتَلَهُ الْكَلْبُ وَلَمْ يُدْمِهِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى تَحْرِيمِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا قَتَلَهُ الْكَلْبُ بِالضَّغْطِ وَالِاعْتِمَادِ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الْمَوْقُوذَةِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قوليه انتهى
قال المنذري وأخرجه بن ماجه مقتصرا منه على قوله كُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ
[2857]
(كِلَابًا مُكَلَّبَةً) بِفَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَمَعْنَى الْمُكَلَّبَةِ الْمُسَلَّطَةِ عَلَى الصَّيْدِ الْمُضَرَّاةِ بِالِاصْطِيَادِ (مَا لَمْ يَصُلَ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ مَا لَمْ يُنْتِنْ وَيَتَغَيَّرْ رِيحُهُ
يُقَالُ صَلَّ اللَّحْمُ وَأَصَلَّ لُغَتَانِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَيُرْوَى مِثْل ذَلِكَ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو وَسَيَأْتِي آخِر الْبَاب وَالْكَلَام عَلَيْهِ
وَفِي مُسْنَد الْإِمَام أَحْمَد مِنْ حَدِيث إبراهيم عن بن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرْسَلْت الْكَلْب فَأَكَلَ مِنْ الصَّيْد فَلَا تَأْكُل فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسه وَإِذَا أَرْسَلْت فَقَتَلَ وَلَمْ يَأْكُل فَكُلْ فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى صَاحِبه
فَاخْتُلِفَ فِي إِبَاحَة مَا أكل منه الكلب من الصيد
فمنعه بن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَعَطَاء وَطَاوُسٌ وَالشَّعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَعُبَيْد بْن عُمَيْر وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَأَبُو بُرْدَة وَسُوَيْد بْن غَفَلَةَ وَقَتَادَةُ وَغَيْرهمْ وَهُوَ قَوْل إِسْحَاق وَأَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه وَهُوَ أَصَحّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد وَأَشْهَرهمَا وَأَحَد قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ
وَأَبَاحَهُ طَائِفَة يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَسَلْمَان وَيُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أيضا وعن بن عُمَر رَوَاهُ أَحْمَد عَنْهُمْ وَبِهِ قَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَوْل الْآخَر وَأَحْمَد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَة الْمُتَقَدِّم وَحَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي آخِر الْبَاب
وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ عَبْد الْمَلِك بْن حَبِيب عَنْ أَسَد بْن موسى وهو أسد السنة عن بن أَبِي زَائِدَة عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ عَدِيّ بْن حَاتِم عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث أَبِي ثَعْلَبَة فِي جَوَاز الْأَكْل مِنْهُ إِذَا أَكَلَ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سِمَاك عَنْ مُرِّيّ بْن قَطَرِيّ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا كَانَ مِنْ كَلْب ضَارٍ أَمْسَكَ عَلَيْك فَكُلْ قُلْت وَإِنْ أَكَلَ قَالَ نَعَمْ ذكر هذين الحديثين بن حَزْم
وَتَعَلَّقَ فِي الْأَوَّل عَلَى عَبْد الْمَلِك وَعَلَى أَسَد بْن مُوسَى
وَتَعَلَّقَ فِي الثَّانِي عَلَى سِمَاك وَأَنَّهُ كَانَ يَقْبَل التَّلْقِين ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ وَعَلَى مُرِّيّ بْن قَطَرِيّ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهَذَا عَلَى مَعْنَى الِاسْتِحْبَابِ دُونَ التَّحْرِيمِ لِأَنَّ تَغَيُّرَ رِيحِهِ لَا يُحَرِّمُ أَكْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ أَكَلَ إِهَالَةً سَنِخَةً وَهِيَ الْمُتَغَيِّرَةِ الرِّيحِ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّ بِأَنْ يَكُونَ هَامَّةً نَهَشَتْهُ فَيَكُونُ تَغَيُّرُ الرَّائِحَةِ لِمَا دَبَّ فِيهِ مِنْ سُمِّهَا فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ الْفَسَادُ
وَفِيهِ النَّهْيُ مِنْ طَرِيقِ الْأَدَبِ عَنْ أَكْلِ مَا تَغَيَّرَ مِنَ اللَّحْمِ بِمُرُورِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ عَلَيْهِ انْتَهَى (أَوْ تَجِدُ فِيهِ أَثَرًا غَيْرَ سَهْمِكَ) أَيْ أَوْ ما لم تجد فيه أثر غَيْرَ سَهْمِكَ
وَفِيهِ أَنَّهُ إِذَا وَجَدَ فِي الصيد أثر غَيْرَ سَهْمٍ لَا يُؤْكَلُ وَهَذَا الْأَثَرُ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ سَهْمِ الرَّامِي أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَثَرَ سَهْمِ رَامٍ آخَرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ الْقَاتِلَةِ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ مَعَ التَّرَدُّدِ (أَفْتِنِي) أَمْرٌ مِنَ الْإِفْتَاءِ (فِي آنِيَةِ الْمَجُوسِ) جَمْعُ إِنَاءٍ وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ إِنَّا بِأَرْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمُ الْخِنْزِيرَ وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ (إِلَيْهَا) أَيْ إِلَى تِلْكَ الْآنِيَةِ (اغْسِلْهَا وَكُلْ فِيهَا) وَفِيهِ أَنَّ مَنْ اضْطُرَّ إِلَى آنِيَةِ مَنْ يَطْبُخُ فِيهَا الْخِنْزِيرَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَشْرَبُ فِيهَا الْخَمْرَ فَلَهُ أَنْ يَغْسِلَهَا ثُمَّ يَسْتَعْمِلَهَا فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَقَدْ يَجِيءُ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَقَدْ تَقَدَّمَ تَعْلِيل حَدِيث أَبِي ثَعْلَبَة بِدَاوُد بْن عَمْرو وَهُوَ لَيْسَ بِالْحَافِظِ قَالَ فِيهِ بن مَعِين مَرَّة مَسْتُور قَالَ أَحْمَد يَخْتَلِفُونَ فِي حَدِيث أَبِي ثَعْلَبَة عَلَى هُشَيْمٍ وَحَدِيث الشَّعْبِيّ عَنْ عَدِيّ مِنْ أَصَحّ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الشَّعْبِيّ يَقُول كَانَ جَارِي وَرَبِيطِي فَحَدِيثِي وَالْعَمَل عَلَيْهِ
وَسَلَكَتْ طَائِفَة مَسْلَك الْجَمْع بَيْن الْحَدِيثَيْنِ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يُمْكِن أَنْ يُوَفَّق بَيْن الْحَدِيثَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ بن الْقَيِّم مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ ثُمَّ قَالَ وَالصَّوَاب فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَعَارُض بَيْن الْحَدِيثَيْنِ عَلَى تَقْدِير الصِّحَّة وَمَحْمَل حَدِيث عَدِيّ فِي الْمَنْع عَلَى مَا إِذَا أَكَلَ مِنْهُ حَال صَيْده لِأَنَّهُ إِنَّمَا صَادَهُ لِنَفْسِهِ وَمَحْمَل حَدِيث أَبِي ثَعْلَبَة عَلَى مَا إِذَا أَكَلَ مِنْهُ بَعْد أَنْ صَادَهُ وَقَبْله وَنُهِيَ عَنْهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فَأَكَلَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُم لِأَنَّهُ أَمْسَكَهُ لِصَاحِبِهِ وَأَكْله مِنْهُ بَعْد ذَلِكَ كَأَكْلِهِ مِنْ شَاة ذَكَّاهَا صَاحِبهَا أَوْ مِنْ لَحْم عِنْده فَالْفَرْق بَيْن أَنْ يَصْطَاد لِيَأْكُل أَوْ يَصْطَاد ثُمَّ يَعْطِف عَلَيْهِ فَيَأْكُل مِنْهُ فَرْق وَاضِح
فَهَذَا أَحْسَن مَا يُجْمَع بِهِ بَيْن الْحَدِيثَيْنِ
وَاَللَّه أَعْلَم