الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُحْتَضَرُ بِمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَأَحْوَالِ الْقِيَامَةِ وَالْبَعْثِ
قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ فِي التَّفْسِيرِ الكبير الأمر بقراءة يس عن من شَارَفَ الْمَوْتَ مَعَ وُرُودِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبٌ وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يَس
إِيذَانٌ بِأَنَّ اللِّسَانَ حِينَئِذٍ ضَعِيفُ الْقُوَّةِ وَسَاقِطُ الْمِنَّةِ لَكِنَّ الْقَلْبَ أَقْبَلَ عَلَى اللَّهِ بِكُلِّيَّتِهِ فَيُقْرَأُ عَلَيْهِ مَا يَزْدَادُ قُوَّةَ قَلْبِهِ وَيَسْتَمِدُّ تَصْدِيقَهُ بِالْأُصُولِ فَهُوَ إِذْنْ عَمَلُهُ وَمُهِمُّهُ
قَالَهُ القارىء
وقال المنذري والحديث أخرجه النسائي وبن مَاجَهْ
وَأَبُو عُثْمَانَ وَأَبُوهُ لَيْسَا بِمَشْهُورَيْنِ انْتَهَى
وَقَالَ الْمِزِّيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ
4 -
(بَاب الْجُلُوسِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ)
[3122]
(يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ
قَالَ الطِّيبِيُّ كَأَنَّهُ كَظْمُ الْحُزْنِ كَظْمًا فَظَهَرَ مِنْهُ مَا لَا بُدَّ لِلْجِبِلَّةِ الْبَشَرِيَّةِ مِنْهُ (وَذَكَرَ الْقِصَّةَ) وَتَمَامُ الْقِصَّةِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَأَنَا أنظر من صائر الْبَابِ شِقِّ الْبَابِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ لَمْ يَطْعَنْهُ
الْحَدِيثَ قَالَ الْحَافِظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ الْجُلُوسِ لِلْعَزَاءِ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَجَوَازِ نَظَرِ النِّسَاءِ الْمُحْتَجِبَاتِ إِلَى الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ يُعْرَفُ فيه الحزن
5 -
(باب التَّعْزِيَةِ)
[3123]
أَيْ هَذَا بَابٌ فِي بَيَانِ مَشْرُوعِيَّتِهَا
(قَبَرْنَا) يَعْنِي دَفَنَّا (فَلَمَّا فَرَغْنَا) مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ (فَلَمَّا حَاذَى) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَقَفَ) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (قَالَ) أَيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (أَظُنُّهُ) أَيْ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (عَرَفَهَا) أَيِ الْمَرْأَةَ الْمُقْبِلَةَ (فَلَمَّا ذَهَبَتْ) أَيِ الْمَرْأَةُ الْمُقْبِلَةُ (إِذَا هِيَ) أَيِ الْمَرْأَةُ
وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ بَصُرَ بِامْرَأَةٍ لَا تَظُنُّ أَنَّهُ عَرَفَهَا فَلَمَّا تَوَسَّطَ الطَّرِيقَ وَقَفَ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ فَإِذَا فَاطِمَةُ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (فَقَالَ لَهَا) أَيْ لِفَاطِمَةَ (فَرَحَّمْتُ إِلَيْهِمْ) مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ
وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فَتَرَحَّمْتُ إِلَيْهِمْ أَيْ تَرَحَّمْتُ مَيِّتَهُمْ وَقُلْتُ فِيهِ رَحِمُ اللَّهُ مَيِّتَكُمْ مُفْضِيًا ذَلِكَ إِلَيْهِمْ لِيَفْرَحُوا بِهِ
قَالَهُ السِّنْدِيُّ (أَوْ عَزَّيْتَهُمْ بِهِ) هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ وَهَذَا الشَّكُّ مِنْ أَحَدِ الرُّوَاةِ
وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ بِحَرْفِ الْعَاطِفَةِ وَعَزَّيْتَهُمْ بِمَيِّتِهِمْ انْتَهَى
وَعَزَّيْتُهُمْ مِنَ التَّعْزِيَةِ أَيْ أَمَرْتُهُمْ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ
بِنَحْوِ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكُمْ
قَالَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ الْعَزَاءُ الصَّبْرُ عَنْ كُلِّ مَا فَقَدْتَ انْتَهَى
قَالَ فِي النَّيْلِ وَالتَّعْزِيَةُ التَّصَبُّرُ وَعَزَّاهُ صَبَّرَهُ فَكُلُّ مَا يَجْلِبُ لِلْمُصَابِ صَبْرًا يُقَالُ لَهُ تَعْزِيَةً بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَيَحْصُلُ بِهِ لِلْمُعَزِّي الْأَجْرُ وَأَحْسَنُ مَا يُعَزَّى بِهِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلِلَّهِ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مسمى فمزها فَلَتَصْبِرْ الْحَدِيثَ (فَقَالَ لَهَا) أَيْ لَفَاطِمَةَ (بَلَغْتُ مَعَهُمُ الْكُدَى) هُوَ بِضَمِّ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ المقصورة وهي المقابر
قاله الحافظ
قال بن الْأَثِيرِ أَرَادَ الْمَقَابِرَ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَقَابِرُهُمْ فِي مَوَاضِعَ صُلْبَةٍ وَهِيَ جَمْعُ كُدْيَةٍ وَالْكُدْيَةُ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ صُلْبَةٌ لَا يَعْمَلُ فِيهَا الْفَأْسُ
وَيُرْوَى بِالرَّاءِ يَعْنِي الْكُرَى وَهِيَ الْقُبُورُ أَيْضًا جَمْعُ كُرْيَةٍ أَوْ كُرْوَةٍ مِنْ كَرَيْتَ الْأَرْضَ وَكَرَوْتَهَا إِذَا حَفَرْتَهَا كَالْحُفْرَةِ مِنْ حَفَرْتَ (قَالَتْ فاطمة (معاذ الله وقد) الواو وللحال زَادَ النَّسَائِيُّ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَكُونَ بَلَغْتُهَا (فِيهَا) أَيْ فِي الْكُدَى
(فَذَكَرَ تَشْدِيدًا فِي ذَلِكَ) هَذَا مِنْ أَدَبِ أَبِي دَاوُدَ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِاللَّفْظِ الْوَارِدِ فِي رِوَايَةٍ وَكَنَّى عَنْهُ فَرَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَعَمَّنِ اقْتَدَى بِهِ وَالتَّصْرِيحُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَتَكَلَّمْنَا عَلَى تَأْوِيلِهِ فِي زَهْرِ الرُّبَى وَفِي الْمَسَالِكِ الْحُنَفَاءِ
قَالَهُ السُّيُوطِيُّ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ
وَالْحَدِيثُ
فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّعْزِيَةِ وَعَلَى جَوَازِ خُرُوجِ النِّسَاءِ لَهَا
وَتَمَامُ الْحَدِيثِ كَمَا فِي النَّسَائِيِّ فَقَالَ لَهَا لَوْ بَلَغْتِهَا مَعَهُمْ مَا رَأَيْتِ الْجَنَّةَ حَتَّى يَرَاهَا جَدُّ أَبِيكِ انْتَهَى قَالَ السِّنْدِيُّ وَظَاهِرُ السَّوْقِ (السِّيَاقِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا رَأَيْتِ أَبَدًا كَمَا لَمْ يَرَهَا فُلَانٌ وَأَنَّ هَذِهِ الْغَايَةَ مِنْ قَبِيلِ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ غَيْرَ الشِّرْكِ لَا تُؤَدِّي إِلَى ذَلِكَ فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّغْلِيظِ فِي حَقِّهَا وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ فِي حَقِّهَا أَنَّهَا لَوِ ارْتَكَبَتْ تِلْكَ الْمَعْصِيَةَ لَأَفَضْتْ بها إلى معصية تكون مُؤَدِّيَةً إِلَى مَا ذَكَرَ
وَالسُّيُوطِيُّ رحمه الله مُشَمِّرٌ بِهِ الْقَوْلُ بِنَجَاةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لِذَلِكَ وَهَذِهِ عِبَارَتُهُ أَقُولُ لَا دَلَالَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ الْمُتَوَهِّمُونَ لِأَنَّهُ لَوْ مَشَتِ امْرَأَةٌ مَعَ جِنَازَةٍ إِلَى الْمَقَابِرِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كُفْرًا مُوجِبًا لِلْخُلُودِ فِي النَّارِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَغَايَةُ مَا فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ الَّتِي يُعَذَّبُ صَاحِبُهَا ثُمَّ يَكُونُ آخِرُ أَمْرِهِ إِلَى الجنة
وأهل السنة يأولون مَا وَرَدَ مِنَ الْحَدِيثِ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لا يدخلونها مع السابقين الذين يدخلونها أو لا بِغَيْرِ عَذَابٍ فَغَايَةُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ عَلَى أَنَّهَا لَوْ بَلَغَتْ مَعَهُمُ الْكُدَى لم نرى الْجَنَّةَ مَعَ السَّابِقِينَ بَلْ يَتَقَدَّمُ ذَلِكَ عَذَابٌ أَوْ شِدَّةٌ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ أنواع المشاق ثم يؤول أَمْرُهَا إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ قَطْعًا وَيَكُونُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ كَذَلِكَ لَا يَرَى الْجَنَّةَ مَعَ السَّابِقِينَ بَلْ يَتَقَدَّمُ ذَلِكَ الِامْتِحَانُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَشَاقَّ أُخَرَ وَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ لَمْ تَرَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَأْتِيَ الْوَقْتُ الَّذِي يَرَاهَا فِيهِ جَدُّ أَبِيكِ فَتَرَيْنَهَا حِينَئِذٍ فَتَكُونُ رُؤْيَتُكَ لَهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ رُؤْيَةِ غَيْرِكِ مِنَ السَّابِقِينَ لَهَا
هَذَا مَدْلُولُ الْحَدِيثِ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى قَوَاعِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ غَيْرُ ذَلِكَ
وَالَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْ شَيْخِنَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ شَرَفِ الدِّينِ الْمُنَاوِيِّ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْفَتْرَةِ الَّذِينَ لَمْ تَبْلُغْ لَهُمُ الدَّعْوَةُ وَحُكْمُهُمْ فِي الْمَذْهَبِ مَعْرُوفٌ انْتَهَى كَلَامُ السُّيُوطِيِّ
قُلْتُ الْقَوْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ السِّنْدِيُّ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِنَجَاةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ السُّيُوطِيِّ فَكَلَامٌ ضَعِيفٌ خِلَافٌ لِجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ الْمُحَقِّقِينَ إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنَ الْمُتَسَاهِلِينَ وَلَا عِبْرَةَ بِكَلَامِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَرَبِيعَةُ هَذَا الَّذِي هُوَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ رَبِيعَةُ بْنُ سَيْفٍ الْمَعَافِرِيُّ مِنْ تَابِعِي أَهْلِ مِصْرَ وَفِيهِ مَقَالٌ