الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُوقِفُ الْوَقْفَ)
[2878]
(أَخْبَرَنَا يَحْيَى) هُوَ الْقَطَّانُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُسَدَّدًا يَرْوِي عَنْ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ وَيَحْيَى الْقَطَّانِ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ
كَذَا فِي الْفَتْحِ (أَصَابَ) أَيْ صَادَفَ فِي نَصِيبِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ (قَطُّ) أَيْ قَبْلَ هَذَا أَبَدًا (أَنْفَسَ) أَيْ أَعَزَّ وَأَجْوَدَ (عِنْدِي مِنْهُ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِ أَرْضًا وَلَعَلَّ تَذْكِيرُهُ بِاعْتِبَارِ تَأْوِيلِهَا بِالْمَالِ (فَكَيْفَ تَأْمُرنِي بِهِ) أَيْ أَنْ أَفْعَلَ بِهِ مِنْ أَفْعَالِ الْبِرِّ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى (حَبَّسْتَ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ وَيُخَفَّفُ أَيْ وَقَفْتَ (وَتَصَدَّقْتَ بِهَا) أَيْ بِغَلَّتِهَا وَحَاصِلُهَا مِنْ حُبُوبِهَا وَثِمَارِهَا (أَنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ (لِلْفُقَرَاءِ) أَيِ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ وَلَا كَسْبَ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِمْ (وَالْقُرْبَى) أَيِ الْأَقَارِبُ وَالْمُرَادُ قُرْبَى الْوَاقِفِ لِأَنَّهُ الْأَحَقُّ بِصَدَقَةِ قَرِيبِهِ وَيَحْتَمِلُ عَلَى بُعْدِ أَنْ يُرَادَ قُرْبَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي الْغَنِيمَةِ
قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (وَالرِّقَابِ) أَيْ فِي عِتْقِهَا بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّتِهَا رِقَابًا فَيُعْتَقُونَ أَوْ فِي أَدَاءِ دُيُونِ الْمُكَاتَبِينَ (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ فِي الْجِهَادِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْغَزَاةِ وَمِنْ شِرَاءِ آلَاتِ الْحَرْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (وبن السَّبِيلِ) أَيِ الْمُسَافِرِ (وَزَادَ) أَيْ مُسَدَّدٌ (وَالضَّيْفِ) وَهُوَ مَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ يُرِيدُ الْقِرَى (ثُمَّ اتَّفَقُوا) أَيْ يَزِيدٌ وَبِشْرٌ وَيَحْيَى كُلُّهُمْ عَنِ بن عَوْفٍ (لَا جُنَاحَ) أَيْ لَا إِثْمَ (بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ بِالْأَمْرِ الَّذِي يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ وَلَا يَنْسُبُونَ فَاعِلَهُ إِلَى إِفْرَاطٍ فِيهِ وَلَا تَفْرِيطٍ (وَيُطْعِمَ) مِنَ الْإِطْعَامِ (صَدِيقًا) بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُخَفَّفَةِ (غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ) أَيْ غَيْرَ مُتَّخِذٍ مِنْهَا مَالًا أَيْ مِلْكًا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُ شَيْئًا مِنْ رِقَابِهَا
قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
وقال القارىء أَيْ غَيْرَ مُدَّخِرٍ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ وَلِيِّهَا (غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا) أَيْ غَيْرَ مُجْمِعٍ لِنَفْسِهِ مِنْهُ رَأْسَ مَالٍ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ أَصْلِ الْوَقْفِ وَأَنَّهُ
مُخَالِفٌ لِشَوَائِبِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ
وَفِيهِ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَإِنَّمَا يُنْتَفَعُ فِيهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَفِيهِ صِحَّةُ شُرُوطِ الْوَاقِفِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي النسائي وبن مَاجَهْ
[2879]
(يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ (عَنْ) حَالِ (صَدَقَةِ) الَّتِي تَصَدَّقَ بِهَا وَوَقَفَهَا (عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (قَالَ) يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ (نَسَخَهَا) أَيْ نُسْخَةُ صَدَقَةِ عُمَرَ رضي الله عنه وَالنَّسْخُ بِالْفَارِسِيَّةِ كِتَابٌ نوشتن وَنَسَخْتُ الْكِتَابَ وَانْتَسَخْتُهُ وَاسْتَنْسَخْتُهُ كُلُّهُ بِمَعْنًى
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ رحمه الله ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كِتَابَيْنِ لِوَقْفِ عُمَرَ رضي الله عنه أَحَدُهُمَا هُوَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِلَى قَوْلِهِ وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ وَثَانِيهُمَا هُوَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِلَى قَوْلِهِ أَوِ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْهُ
وَفِي الْكِتَابِ الثَّانِي بَعْضُ زِيَادَاتٍ لَيْسَتْ فِي الْأَوَّلِ وَذَكَرَ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ أَيْضًا كَمَا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
فَنَسَخَ عَبْدُ الْحَمِيدِ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كِلَا الْكِتَابَيْنِ
(هَذَا مَا كَتَبَ) هُوَ الْأَوَّلُ مِنَ الْكِتَابَيْنِ (عُمَرُ) بَدَلٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ (فِي ثَمْغٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَحَكَى الْمُنْذِرِيُّ فَتْحَ الْمِيمِ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيِّ هِيَ أَرْضٌ تِلْقَاءَ الْمَدِينَةِ كَانَتْ لِعُمَرَ رضي الله عنه ذكره الحافظ بن الحجر وَالْقَسْطَلَّانِيِّ
وَفِي مَرَاصِدِ الِاطِّلَاعِ ثَمْغٌ بِالْفَتْحِ ثُمَّ السُّكُونِ وَالْغَيْنِ مُعْجَمَةٌ مَوْضِعُ مَالٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَفَهُ
وَقَيَّدَهُ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ بِالتَّحْرِيكِ انْتَهَى
وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ ثَمْغًا وَصِرْمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ مَالَانِ مَعْرُوفَانِ بِالْمَدِينَةِ كَانَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَوَقَفَهُمَا انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ قَالَ أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرٍ أَرْضًا
وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ تَصَدَّقَ بِمَالٍ لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ثَمْغٌ وَكَانَ نَخْلًا
وَكَذَا لِأَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ أَنَّ عُمَرَ أَصَابَ أَرْضًا مِنْ يَهُودِ بَنِي حَارِثَةَ يُقَالُ لَهَا ثَمْغٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ
(فَقَصَّ) يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ (مِنْ خَبَرِهِ) أَيْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا) مَكَانَ قَوْلِهِ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ وَزَادَ الْجُمْلَةَ التَّالِيَةَ (فَمَا عَفَا عَنْهُ) أَيْ فَمَا فَضَلَ عَنْ أَكْلِ الْمُتَوَلِّي وَإِطْعَامِ الصَّدِيقِ
لَهُ
قَالَ أَصْحَابُ اللُّغَةِ الْعَفْوُ الْفَضْلُ وَمِنَ الْمَاءِ مَا فَضَلَ عَنِ الشَّارِبَةِ وَأُخِذَ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ وَلَا مُزَاحَمَةٍ وَمِنَ الْمَالِ مَا يَفْضُلُ عَنِ النَّفَقَةِ وَلَا عُسْرَ عَلَى صَاحِبِهِ فِي إِعْطَائِهِ (فَهُوَ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) أَيْ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَفِي سَبِيلِ الله وبن السبيل (رقيقا) أي عبدا لعلمه أَيْ لِعَمَلِ ثَمْغٍ (وَكَتَبَ) أَيِ الْكِتَابُ (مُعَيْقِيبٌ) صَحَابِيٌّ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ وَلِيَ بَيْتَ الْمَالِ لِعُمَرَ وَكَانَ يَكْتُبُ لِعُمَرَ فِي خِلَافَتِهِ (وَشَهِدَ) عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابِ (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ) صَحَابِيٌّ مَعْرُوفٌ وَلَّاهُ عُمَرُ بَيْتَ الْمَالِ (هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ) هَذَا هُوَ الْكِتَابُ الثَّانِي مِنْ كِتَابَيْ صَدَقَةِ عُمَرَ رضي الله عنه (إِنْ حَدَثَ بِهِ) بِعُمَرَ رضي الله عنه (حَدَثٌ) أَيْ مَوْتٌ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ شَرْطِيَّةٌ وَقَوْلُهُ أَنَّ ثَمْغًا مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ اسْمُ أَنَّ وَقَوْلُهُ تَلِيهِ خَبَرُهَا وَهِيَ مَعَ اسْمِهَا وَخَبَرِهَا جَزَاءُ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ تَرْكُ الْفَاءِ مِنَ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ إِذَا كَانَتْ مُصْدَّرَةً بِأَنَّ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وإن أطعتموهم إنكم لمشركون وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ هِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا لِقَوْلِهِ هَذَا (وَصِرْمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَسُكُونِ الرَّاءِ قِيلَ هُمَا مَالَانِ مَعْرُوفَانِ بِالْمَدِينَةِ كَانَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَوَقَفَهُمَا وَقِيلَ الْمُرَادُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بِالصِّرْمَةِ الْقِطْعَةُ الْخَفِيفَةُ مِنَ النَّخْلِ وَمِنَ الْإِبِلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الصِّرْمَةُ هُنَا الْقِطْعَةُ الْخَفِيفَةُ مِنَ النَّخْلِ وَقِيلَ مِنَ الْإِبِلِ انْتَهَى (وَالْعَبْدَ الَّذِي فِيهِ) أي لعمل ثمغ (والمائة سهم الذي بِخَيْبَرَ) وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنِّي أَصَبْتُ مَالًا لَمْ أُصِبْ مَالًا مِثْلَهُ قَطُّ كَانَ لِي مِائَةُ رَأْسٍ فَاشْتَرَيْتُ بِهَا مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ ثَمْغٌ مِنْ جُمْلَةِ أَرَاضِي خَيْبَرَ وَأَنَّ مِقْدَارَهَا كَانَ مِقْدَارَ مِائَةِ سَهْمٍ مِنَ السِّهَامِ الَّتِي قَسَّمَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ مَنْ شَهِدَ خَيْبَرَ وَهَذِهِ الْمِائَةُ سَهْمٍ غَيْرُ الْمِائَةِ سَهْمٍ الَّتِي كَانَتْ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِخَيْبَرَ الَّتِي حَصَلَهَا مِنْ جُزْئِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَغَيْرِهِ (وَالْمِائَةَ الَّتِي أَطْعَمَهُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم بِالْوَادِي) وَعِنْدَ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْمِائَةَ وَسْقٍ الَّتِي أَطْعَمَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهَا مَعَ ثَمْغٍ عَلَى سُنَنِهِ الَّذِي أُمِرْتُ بِهِ انْتَهَى
وَالْمُرَادُ بِالْوَادِي يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ وَادِي القرى