الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
39 -
(بَاب فِي تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ)
[3163]
(يُقَبِّلُ) بِالتَّشْدِيدِ (عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ) بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَخٌ رَضَاعِيٌّ لَهُ عليه السلام (وَهُوَ مَيِّتٌ) حَالٌ مِنَ الْمَفْعُولِ (تَسِيلُ) وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَقْبِيلَ الْمُسْلِمِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْبُكَاءَ عَلَيْهِ جَائِزٌ
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عن عائشة وبن عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ
وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ عَنْهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِهِ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَفِيهِ جَوَازُ تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ تَعْظِيمًا وَتَبَرُّكًا لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَنْكَرَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا
كَذَا فِي النَّيْلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أخرجه الترمذي وبن ماجه وفي حديث بن مَاجَهْ عَلَى خَدَّيْهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَفِي إِسْنَادِهِ عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ
([3164]
بَاب فِي الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ)
(وَإِذَا هُوَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (فَإِذَا هُوَ) أَيِ الصَّاحِبُ (الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ يَرْفَعُ صوته بالذكر
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وبن حِبَّان يُصَحِّح لِعَاصِمٍ وَمِنْ طَرِيقه صَحَّحَ حَدِيث سَبَّقَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم بَيْن الْخَيْل وَجَعَلَ بَيْنهمَا مُحَلِّلًا وَذَكَرَهُ فِي الضعفاء
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله هَذِهِ النَّار كَانَتْ لِلْإِضَاءَةِ وَلِهَذَا تَرْجَمَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ الدَّفْن بِاللَّيْلِ
وأخرج الترمذي من حديث بن عَبَّاسٍ وَلَفْظُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ قَبْرًا لَيْلًا فَأُسْرِجَ لَهُ سِرَاجٌ فَأَخَذَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ إِنْ كُنْتَ لَأَوَّاهًا تَلَّاءً لِلْقُرْآنِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حديث بن عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ الْكَفَنِ وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَجَرَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ لَيْلًا حتى يصلي
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قَالَ الْإِمَام أَحْمَد
لَا بَأْس بِذَلِكَ وَقَالَ أَبُو بَكْر دُفِنَ لَيْلًا وَعَلِيّ دَفَنَ فَاطِمَة لَيْلًا
وَحَدِيث عَائِشَة سَمِعْنَا صَوْت الْمَسَاحِي مِنْ آخِر اللَّيْل فِي دَفْن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
وَمِمَّنْ دُفِنَ لَيْلًا عُثْمَان وَعَائِشَة وبن مسعود
ورخص فيه عقبة بن عامر وبن الْمُسَيِّب وَعَطَاء وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق
وَكَرِهَهُ الْحَسَن وَأَحْمَد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَقَدْ رَوَى مُسْلِم فِي صَحِيحه أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْمًا فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابه قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَن غَيْر طَائِل وَدُفِنَ لَيْلًا فَزَجَرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْبَر الرَّجُل بِاللَّيْلِ إِلَّا أَنْ يُضْطَرّ إِنْسَان إِلَى ذَلِكَ
وَالْآثَار فِي جَوَاز الدَّفْن بِاللَّيْلِ أَكْثَر
وَفِي التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث الْحَجَّاج بن أرطاة عن عطاء عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دَخَلَ قَبْرًا لَيْلًا فَأُسْرِجَ لَهُ بِسِرَاجٍ فَأَخَذَهُ مِنْ قِبَل الْقِبْلَة وَقَالَ رَحِمَك اللَّه إِنْ كُنْت لَأَوَّاهًا تَلَّاءً لِلْقُرْآنِ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ جَابِر وَزَيْد بْن ثابت وهو أخو زيدا أكبر منه قال وحديث بن عَبَّاس حَدِيث حَسَن
قَالَ وَرَخَّصَ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم فِي الدَّفْن بِاللَّيْلِ وَقَدْ نَزَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي قَبْر ذِي الْبِجَادَيْنِ لَيْلًا
وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ عَنْ قَبْر رَجُل فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا فُلَان دُفِنَ الْبَارِحَة فَصَلَّى عَلَيْهِ
وَهَذِهِ الْآثَار أَكْثَر وَأَشْهَر من حديث مسلم
وفي الصحيحين عن بن عَبَّاس قَالَ مَاتَ إِنْسَان كَانَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَعُودهُ فَمَاتَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلًا فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرُوهُ
فَقَالَ مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي فَقَالُوا كَانَ اللَّيْل وَكَرِهْنَا وَكَانَتْ ظُلْمَة أَنْ نَشُقّ عَلَيْك فَأَتَى قَبْره فَصَلَّى عَلَيْهِ
قِيلَ وَحَدِيث النَّهْي مَحْمُول عَلَى الْكَرَاهَة وَالتَّأْدِيب
وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَال فِي ذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّهُ مَتَى كَانَ الدَّفْن لَيْلًا لَا يَفُوت بِهِ شَيْء مِنْ حُقُوق الْمَيِّت وَالصَّلَاة عَلَيْهِ فَلَا بَأْس بِهِ وَعَلَيْهِ تَدُلّ أَحَادِيث الْجَوَاز وَإِنْ كَانَ يَفُوت بِذَلِكَ حُقُوقه وَالصَّلَاة عَلَيْهِ وَتَمَام الْقِيَام عَلَيْهِ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ يَدُلّ الزَّجْر وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق