الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَاجَهْ وَبَوَّبَ بَابُ مَا جَاءَ فِي غَسْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَغَسْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا وَقَالَ فِي الْمُنْتَقَى بَابُ مَا جَاءَ فِي غَسْلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَأَوْرَدَ الْحَدِيثِينَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَ بن مَاجَهْ مِنْهُ قَوْلُ عَائِشَةَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي غَيْرِ صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا أَخَذُوا فِي غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنَ الدَّاخِلِ لَا تَنْزِعُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَهُ
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَلْقَمَةَ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَعَمْرُو بْنُ يَزِيدَ هَذَا هُوَ أَبُو بُرْدَةَ التَّمِيمِيُّ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ وَقَدِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ
2 -
(بَاب كَيْفَ غُسْلُ الْمَيِّتِ)
[3142]
(حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ) هِيَ زَيْنَبُ زَوْجُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ وَالِدَةُ أُمَامَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ لَمَّا مَاتَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (اغسلنها) قال بن بُرَيْدَةَ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الْمَيِّتِ
قال بن دَقِيقٍ الْعِيدُ لَكِنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا إِلَخْ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فَيَتَوَقَّفُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى تَجْوِيزِ إِرَادَةِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا تَحْتَ صِيغَةِ الْأَمْرِ فَيُرَادُ بِلَفْظِ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَصْلِ الْغَسْلِ وَالنَّدْبُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِيتَارِ انْتَهَى
فَمَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالَ بِهَذَا الْأَمْرِ عَلَى الْوُجُوبِ وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ حَمْلَ الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ لِهَذِهِ الْقَرِينَةِ
كَذَا فِي النَّيْلِ (أو خمسا) قال الحافظ قال بن الْعَرَبِيِّ فِي قَوْلِهِ أَوْ خَمْسًا إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ هُوَ الْإِيتَارُ لِأَنَّهُ نَقَلَهُنَّ مِنَ الثَّلَاثِ إِلَى الْخَمْسِ وَسَكَتَ عَنِ الْأَرْبَعِ (أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) بِكَسْرِ الْكَافِ لِأَنَّهُ خِطَابُ للمؤنث أَيْ أَكْثَرُ مِنَ الْخَمْسِ (إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ) رَأَيْتُ بِمَعْنَى الرَّأْيِ يَعْنِي إِنِ احْتَجْتُنَّ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ خَمْسٍ لِلْإِنْقَاءِ لَا لِلتَّشَهِّي فَلْتَفْعَلْنَ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى التَّفْوِيضِ إِلَى اجْتِهَادِ الْغَاسِلِ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لَا التشهي
قال بن الْمُنْذِرِ إِنَّمَا فَوَّضَ الرَّأْيَ إِلَيْهِنَّ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْإِيتَارُ
قَالَهُ الْعَيْنِيُّ وَالْحَافِظُ (بِمَاءٍ وَسِدْرٍ) قال بن التِّينِ هُوَ السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ وَالْخَطْمِيُّ مِثْلُهُ فَإِنْ عُدِمَ فَمَا يَقُومُ مَقَامُهُ كَالْأُشْنَانِ
وَالنُّطْرُونِ وَلَا مَعْنَى لِطَرْحِ وَرَقِ السِّدْرِ فِي الْمَاءِ كَمَا يَفْعَلُ الْعَامَّةُ
قَالَهُ الْعَيْنِيُّ
وَقَالَ زَيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ ظَاهِرُهُ أَنَّ السِّدْرَ يُخْلَطُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ مَرَّاتِ الْغَسْلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ اغْسِلْنَهَا قَالَ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ لِلتَّنْظِيفِ لَا لِلتَّطْهِيرِ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُضَافَ لَا يُتَطَهَّرُ بِهِ وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ بِمَنْعِ لُزُومِ مَصِيرِ الْمَاءِ مُضَافًا بِذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يُغَيِّرَ السِّدْرُ وَصْفَ الْمَاءِ بِأَنْ يُمْعَكَ بِالسِّدْرِ ثُمَّ يُغْسَلَ بِالْمَاءِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَإِنَّ لَفْظَ الْخَبَرِ لَا يَأْبَى ذَلِكَ (وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ) أَيْ فِي الْمَرَّةِ الْآخِرَةِ (كَافُورًا) وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْجِسْمَ يَتَصَلَّبُ بِهِ وَتَنْفِرُ الْهَوَامُّ مِنْ رَائِحَتِهِ وَفِيهِ إِكْرَامُ الْمَلَائِكَةِ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ (أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ) هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي أَيَّ اللَّفْظَيْنِ قَالَ وَظَاهِرُهُ جَعْلُ الْكَافُورِ فِي الْمَاءِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ إِنَّمَا يُجْعَلُ فِي الْحَنُوطِ أَيْ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْغُسْلِ وَالتَّجْفِيفِ قاله الحافظ (فآذنني) أي أعلمني
قَالَ الْعَيْنِيُّ هُوَ بِتَشْدِيدِ النُّونِ الْأُولَى هَذَا أَمْرٌ لِجَمَاعَةِ الْإِنَاثِ مِنْ آذَنَ يُؤْذِنُ إِيذَانًا إِذَا أَعْلَمَ (حِقْوَهُ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَهِيَ لُغَةُ هُذَيْلٍ بَعْدَهَا قَافٌ سَاكِنَةٌ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْإِزَارُ كَمَا وَقَعَ مُفَسَّرًا فِي رِوَايَةٍ
وَالْحَقْوُ فِي الْأَصْلِ مَعْقِدُ الْإِزَارِ وَأُطْلِقَ عَلَى الْإِزَارِ مَجَازًا
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَنَزَعَ مِنْ حِقْوِهِ إِزَارَهُ وَالْحَقْوُ عَلَى هَذَا حَقِيقَةٌ (فَقَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (أَشْعِرْنَهَا) أَيْ زَيْنَبَ ابْنَتَهُ (إِيَّاهُ) أَيِ الْحَقْوَ
قَالَ الْعَيْنِيُّ هُوَ أَمْرٌ مِنَ الْإِشْعَارِ وَهُوَ إِلْبَاسُ الثَّوْبِ الَّذِي يَلِي بَشَرَةَ الْإِنْسَانِ أَيِ اجْعَلْنَ هَذَا الْإِزَارَ شِعَارَهَا وَسُمِّيَ شِعَارًا لِأَنَّهُ يَلِي شَعْرَ الْجَسَدِ وَالدِّثَارُ مَا فَوْقَ الْجَسَدِ
وَالْحِكْمَةُ فِيهِ التَّبَرُّكُ بِآثَارِهِ الشَّرِيفَةِ انْتَهَى
وَفِي النيل أي الففها فِيهِ لِأَنَّ الشِّعَارَ مَا يَلِي الْجَسَدَ مِنَ الثِّيَابِ وَالْمُرَادُ اجْعَلْنَهُ شِعَارًا لَهَا انْتَهَى (قَالَ عَنْ مَالِكٍ) أَيْ قَالَ الْقَعْنَبِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْحَدِيثُ فِيهِ أَنَّ عدد الغسلات وترو أن مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَكُونَ مَعَ أَخْذِ الْمَاءِ شَيْءٌ مِنَ الْكَافُورِ وَأَنْ يُغْسَلَ الْمَيِّتُ بِالسِّدْرِ أَوْ بِمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ أُشْنَانِ وَنَحْوِهِ إِذَا كَانَ عَلَى بَدَنِهِ مِنَ الدَّرَنِ وَالْوَسَخِ انْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
وَابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ هِيَ زَيْنَبُ زَوْجُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ وَهِيَ أَكْبَرُ بَنَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم
[3143]
(قَالَتْ مَشَطْنَاهَا) مِنْ مَشَطَتِ الْمَاشِطَةُ تَمْشُطُهَا مَشْطًا إِذَا أَسَرَحَتْ شَعْرَهَا قَالَهُ الْعَيْنِيُّ (ثَلَاثَةَ قُرُونٍ) انْتِصَابُ ثَلَاثَةٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِثَلَاثَةِ قُرُونٍ أَوْ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ فِي ثَلَاثَةِ قُرُونٍ وَالْقُرُونُ جَمْعُ الْقَرْنِ وَهُوَ الْخُصْلَةُ مِنَ الشَّعْرِ وَحَاصِلُ الْمَعْنَى جَعَلْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَ ضَفَائِرَ بَعْدَ أَنْ حَلَّلُوهَا بِالْمُشْطِ
قَالَهُ الْعَيْنِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[3144]
(وَضَفَّرْنَا رَأْسَهَا) أَيْ شَعْرَ رَأْسِهَا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالضَّفْرُ أَصْلُهُ الْفَتْلُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَسْرِيحَ لِحْيَةِ الْمَيِّتِ مُسْتَحَبٌّ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ ضَفَّرْنَا بِضَادٍ سَاقِطَةٍ وَفَاءٍ خَفِيفَةٍ انْتَهَى
وَفِي النَّيْلِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ ضَفْرِ شَعْرِ الْمَرْأَةِ وَجَعْلُهُ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَهِيَ نَاصِيَتُهَا وَقَرْنَاهَا أَيْ جَانِبَا رَأْسِهَا كَمَا فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا وَتَسْمِيَةُ النَّاصِيَةِ قَرْنًا تَغْلِيبٌ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَنَفِيَّةُ إِنَّهُ يُرْسَلُ شَعْرَ الْمَرْأَةِ خَلْفَهَا وَعَلَى وَجْهِهَا مُفَرَّقًا
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَكَأَنَّ سَبَبَ الْخِلَافِ أَنَّ الَّذِي فَعَلَتْهُ أُمُّ عَطِيَّةَ هَلِ اسْتَنَدَتْ فِيهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونُ مَرْفُوعًا أَوْ هُوَ شَيْءٌ رَأَتْهُ فَفَعَلَتْهُ اسْتِحْبَابًا كِلَا الْأَمْرَيْنِ مُحْتَمَلٌ لَكِنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يُفْعَلَ فِي الْمَيِّتِ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِ الْقُرَبِ إِلَّا بِإِذْنِ الشَّرْعِ وَلَمْ يَرِدْ ذَلِكَ مَرْفُوعًا كَذَا قَالَ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ الظَّاهِرُ عَدَمُ إِطْلَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَقْرِيرِهِ لَهُ
وَتَعَقَّبَ ذَلِكَ الْحَافِظُ بِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ مَنْصُورٍ رَوَى عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّهَا قَالَتْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اغْسِلْنَهَا وِتْرًا وَاجْعَلْنَ شَعْرَهَا ضَفَائِرَ
وَأَخْرَجَ بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ وَاجْعَلْنَ لَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ انْتَهَى (ثُمَّ أَلْقَيْنَاهَا) أَيِ الْقُرُونَ (خَلْفَهَا) أَيِ الِابْنَةِ
وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ جَعْلِ ضَفَائِرِ الْمَرْأَةِ خَلْفَهَا
وَقَدْ زَعَمَ بن دَقِيقٍ الْعِيدُ أَنَّ الْوَارِدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ مَعَ كَوْنِ الزِّيَادَةِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ تُوبِعَ رُوَاتُهَا عَلَيْهَا انْتَهَى (مُقَدَّمَ رَأْسِهَا وَقَرْنَيْهَا) بَيَانٌ لِلْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُرَادُ مِنْ قَرْنَيْهَا جَانِبَا رَأْسِهَا
قَالَ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْجَنَائِزِ عَنْ قَبِيصَةَ عن
سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أُمِّ الْهُذَيْلِ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَ وَقَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ نَاصِيَتُهَا وَقَرْنَيْهَا وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ انْتَهَى
[3145]
(ابْدَأْنَ) أَمْرٌ لِجَمْعِ الْمُؤَنَّثِ مِنْ بَدَأَ يَبْدَأُ (بِمَيَامِنِهَا) جَمْعُ مَيْمَنَةٍ أَيْ بِالْأَيْمَنِ مِنْ كُلِّ بَدَنِهَا فِي الْغَسَلَاتِ الَّتِي لَا وُضُوءَ فِيهَا (وَمَوَاضِعَ الْوُضُوءِ) وَلَيْسَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ تَنَافٍ لِإِمْكَانِ الْبُدَاءَةِ بِمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ وَبِالْمَيَامِنِ مَعًا
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ قَوْلُهُ ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا أَيْ فِي الْغَسَلَاتِ الَّتِي لَا وُضُوءَ فِيهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا أَيْ فِي الْغَسْلَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْوُضُوءِ وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ لَمْ يَقُلْ بِاسْتِحْبَابِ الْبُدَاءَةِ بِالْمَيَامِنِ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ (مِنْهَا) أَيِ الِابْنَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ
[3146]
(أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ) حَمَّادٌ هُوَ بن زَيْدٍ فَحَمَّادٌ وَمَالِكٌ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ وَأَمَّا مَالِكٌ فَرَوَى عَنْهُ الْقَعْنَبِيُّ وَأَمَّا حَمَّادٌ فَرَوَى عَنْهُ اثْنَانِ مُسَدَّدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ الْقَعْنَبِيِّ وَمُسَدَّدٍ فَحَدِيثُ الْقَعْنَبِيِّ وَمُسَدَّدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ كُلُّهَا مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ) عَنْ أَيُّوبَ (زَادَ) أَيْ خَالِدُ بْنُ مِهْرَانَ الْحَذَّاءُ (فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ) الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ عَنْ إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ (بِنَحْوِ هَذَا) أَيْ بِنَحْوِ حَدِيثِ مَالِكٍ (وَزَادَتْ) حَفْصَةُ (فِيهِ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَذِهِ الْجُمْلَةَ (أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ حَمَّادٍ مِثْلُ حَدِيثِ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ فِي الْمَعْنَى
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدٍ بِلَفْظِ ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا فَفِيهِ الزِّيَادَاتُ الْأُخْرَى أَيْضًا وَقَدْ صَرَّحَ بِبَعْضِ الزِّيَادَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِبَعْضِهَا بَلْ أَحَالَ عَلَى حَدِيثِ مَالِكٍ فَبَعْضُ الزِّيَادَةِ الْأُخْرَى نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ المؤلف الإمام
ثم أعلم أن الحافظ بن حَجَرٍ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ بَعْدَ قَوْلِهِ سَبْعًا التَّعْبِيرَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ وَأَمَّا سِوَاهَا فَأَمَّا أَوْ سَبْعًا وَأَمَّا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى
وَهُوَ ذُهُولٌ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْحَافِظِ الْإِمَامِ الْمُحَقِّقِ عَمَّا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ يُجْعَلُ الْكَافُورُ فِي آخِرِهِ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ وَفِيهِ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ الْحَدِيثَ
وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ بِنَحْوِهِ وَقَالَتْ إِنَّهُ قَالَ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى لَفْظُ الْبُخَارِيِّ أَيْ وَبِالْإِسْنَادِ السَّابِقِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ بِنَحْوِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَقَالَتْ إِنَّهُ قَالَ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ
وَلَفْظُ مُسْلِمٍ حدثنا قتيلة بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ انْتَهَى
وَصَرَّحَ فِي الْمُنْتَقَى بِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ التَّعْبِيرِ بِسَبْعٍ وَأَكْثَرَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا اسْتِحْبَابُ الْإِيتَارِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى السَّبْعَةِ لَكِنْ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِمُجَاوَزَةِ السبع وصرح بأنها مكروهة أحمد والماوردي وبن الْمُنْذِرِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[3147]
(يَأْخُذُ الْغُسْلَ) أَيْ تَعَلَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ طَرِيقَ الْغُسْلِ لِلْمَيِّتِ (يَغْسِلُ بِالسِّدْرِ مَرَّتَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَخْلِطُ السِّدْرَ بِالْمَاءِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ
قِيلَ وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ لِلتَّنْظِيفِ لَا لِلتَّطْهِيرِ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُضَافَ لَا يُتَطَهَّرُ بِهِ
قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ يَحْتَمِلُ أَنَّ السِّدْرَ لَا يُغَيِّرُ وَصْفَ الْمَاءِ فَلَا يَصِيرُ مُضَافًا وَذَلِكَ بِأَنْ يُمْعَكَ السِّدْرُ ثُمَّ يُغْسَلُ بِالْمَاءِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُجْعَلُ السِّدْرُ فِي مَاءٍ ثُمَّ يُخَضْخَضُ إِلَى أَنْ تَخْرُجَ رَغْوَتُهُ وَيُدْلَكُ بِهِ جَسَدُ الْمَيِّتِ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْقَرَاحُ فَهَذِهِ غَسْلَةٌ