الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا أَقَطَعُوا الدُّورَ عَارِيَةً وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرُوزِيُّ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِحُّ الْمِلْكُ فِيهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَجْرِي إِلَّا فِي مَا كَانَ الْمَوْرُوثُ مَالِكًا لَهُ وَقَدْ وَضَعَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي بَابِ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ
وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُوا إِنَّمَا أَحْيَوْا تِلْكَ الْبِقَاعَ بِالْبِنَاءِ فِيهَا إِذْ كَانَتْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ قَبْلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ يَكُونُ نَوْعٌ مِنَ الْإِقْطَاعِ إِرْفَاقًا مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ وَذَلِكَ كَالْمَقَاعِدِ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْمَنَازِلِ فِي الْأَسْفَارِ فَإِنَّمَا يُرْتَفَقُ بِهَا وَلَا تُمْلَكُ فَأَمَّا تَوْرِيثُهُ الدُّورَ لِنِسَاءِ الْمُهَاجِرِينَ خُصُوصًا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا خَصَّهُنَّ بِالدُّورِ لِأَنَّهُنَّ بِالْمَدِينَةِ غَرَائِبَ لَا عَشِيرَةَ لَهُنَّ بِهَا فَحَازَ لَهُنَّ الدُّورَ لِمَا رَأَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرٌ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الدُّورُ فِي أَيْدِيهِنَّ مُدَّةَ حَيَاتِهِنَّ عَلَى سَبِيلِ الْإِرْفَاقِ بِالسُّكْنَى دُونَ الْمِلْكِ كَمَا كَانَتْ دُورُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَحُجَرِهِ فِي أَيْدِي نِسَائِهِ بَعْدَهُ لَا عَلَى سَبِيلِ الميراث فإنه صلى الله عليه وسلم قَالَ نَحْنُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ المنذري
وحكى صاحب الفتح عن بن التين إنه إنما يسمى إقطاعا إذا كان مِنْ أَرْضٍ أَوْ عَقَارٍ وَإِنَّمَا يُقْطَعُ مِنَ الْفَيْءِ وَلَا يُقْطَعُ مِنْ حَقِّ مُسْلِمٍ وَلَا مَعَاهِدٍ
قَالَ وَقَدْ يَكُونُ الْإِقْطَاعُ تَمْلِيكًا وَغَيْرُ تَمْلِيكٍ وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ إِقْطَاعُهُ صلى الله عليه وسلم الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ
قَالَ الْحَافِظُ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ مُرْسَلًا وَوَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَقْطَعَ الدُّورَ يَعْنِي أَنْزَلَ الْمُهَاجِرِينَ فِي دُورِ الْأَنْصَارِ بِرِضَاهُمْ انْتَهَى
8 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّخُولِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ)
[3081]
(عن معاذ) هو بن جَبَلٍ رضي الله عنه (مَنْ عَقَدَ الْجِزْيَةَ إِلَخْ) أَيْ إِذَا اشْتَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّةً مِنْ كَافِرٍ لَزِمَهُ خَرَاجُهَا وَالْخَرَاجُ قِسْمٌ مِنَ الْجِزْيَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ عَقَدَ الْجِزْيَةَ فِي عُنُقِهِ وَلَا
شَكَّ أَنَّ إِلْزَامَ الْجِزْيَةِ لَيْسَ مِنْ طَرِيقِ السُّنَّةِ فَلَعَلَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُعْنَى بِالْبَرَاءَةِ
كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يُنْسَبْ انْتَهَى
قَالَ الْمِزِّيُّ وَهُوَ الْأَشْعَرِيُّ انْتَهَى
قُلْتُ هُوَ الْأَشْعَرِيُّ الدِّمَشْقِيُّ رَوَى عنه أبو صالح الأشعري وثقة بن حبان وقال أبو زرعة لم أجد أحد أَسْمَاهُ انْتَهَى
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ اسْمَهُ مُسْلِمٌ
[3082]
(يَزِيدُ بْنُ خَمِيرٍ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرًا (بِجِزْيَتِهَا) أَيْ بِخَرَاجِهَا لِأَنَّ الْخَرَاجَ يَلْزَمُ بِشِرَاءِ الْأَرْضِ الخراجية
قال الخطابي معنى الجزية ها هنا الْخَرَاجُ
وَدَلَالَةُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا اشْتَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّةً مِنْ كَافِرٍ فَإِنَّ الْخَرَاجَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا فِيمَا أَخْرَجَتْ مِنْ حَبٍّ عُشْرًا وَقَالُوا لَا يَجْتَمِعُ الْخَرَاجُ وَالْعُشْرُ
وَقَالَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْعُشْرُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ مِنَ الْحَبِّ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ انْتَهَى
وَالْخَرَاجُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدهُمَا جِزْيَةٌ وَالْآخَرُ كِرَاءٌ وَأُجْرَةٌ فَإِذَا فُتِحَتِ الْأَرْضُ صُلْحًا عَلَى أَنَّ أَرْضَهَا لِأَهْلِهَا فَمَا وُضِعَ عَلَيْهَا مِنْ خَرَاجٍ فَمَجْرَاهُ مَجْرَى الجزية التي تؤخذ من رؤسهم فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ سَقَطَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْخَرَاجِ كَمَا يَسْقُطُ مَا عَلَى رَقَبَتِهِ مِنَ الْجِزْيَةِ وَلَزِمَهُ الْعُشْرُ فِيمَا أَخْرَجَتْ أَرْضُهُ وَإِنْ كَانَ الْفَتْحُ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُؤَدُّوا فِي كُلِّ سَنَةٍ عَنْهَا شَيْئًا وَالْأَرْضُ لِلْمُسْلِمِينَ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَنْهَا فَهُوَ أُجْرَةُ الْأَرْضِ سَوَاءٌ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ أَوْ أَقَامَ عَلَى كُفْرِهِ فَعَلَيْهِ إِذَا مَا اشْتُرِطَ عَلَيْهِ وَمَنْ بَاعَ مِنْهُمْ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِينَ فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَهَذَا سَبِيلُ أَرْضِ السَّوَادِ عِنْدَهُ انْتَهَى (فَقَدِ اسْتَقَالَ هِجْرَتَهُ) أَيْ أَقْرَبَ ذَلِكَ مِنَ اسْتِقَالَةِ الْهِجْرَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَخْذَ الْأَرْضَ الْخَرَاجِيَّةَ مِنَ الذِّمِّيِّ بَيْعًا أَوْ إِجَارَةً مَثَلًا يَلْزَمُهُ خَرَاجُ تِلْكَ الْأَرْضِ وَيَكُونُ قَائِمًا مَقَامَ الذِّمِّيِّ فِي الْأَدَاءِ وَرَاجِعًا إِلَى تِلْكَ الْأَرْضِ بَعْدَ أَنْ كَانَ تَارِكًا لَهَا فَيَكُونُ كَالْمُسْتَقِلِّ بِهِجْرَتِهِ لِأَنَّ الْهِجْرَةَ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ أَرَاضِي الْكُفْرِ (صَغَارَ كَافِرٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أي ذله وهو أنه (ظَهْرَهُ) الضَّمِيرُ لِمَنْ
وَالْمَعْنَى أَيْ قَرُبَ مِنْ أَنْ يُوَلِّيَ ظَهْرَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَافِرَ ذَلِيلٌ بِأَدَاءِ الْخَرَاجِ وَإِذَا أَخَذَ الْمُسْلِمُ تِلْكَ الْأَرْضَ مِنْهُ رَجَعَ الذُّلُّ إِلَيْهِ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ نَزَعَ الذُّلُّ مِنْ عُنُقِهِ ثُمَّ جَعَلَهُ فِي عُنُقِ نَفْسِهِ وَالْإِسْلَامُ عَزِيزٌ وَالْكُفْرُ ذَلِيلٌ وَإِذَا اخْتَارَ الْمُسْلِمُ الذُّلَّ فَقَدْ وَلَّى ظَهْرَهُ الْإِسْلَامِ
قَالَ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ الْأَرْدَبِيلِيُّ فِي الْأَزْهَارِ شَرْحِ الْمَصَابِيحِ الْحَدِيثُ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ شِرَى أَرْضِ الْخَرَاجِ مِنَ الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَذَلَّةِ وَالْمُؤْمِنُ لَا يُذِلُّ نَفْسَهُ وَكَذَا الِاسْتِيجَارُ
وَقَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ أَنْوَاعٌ أَحَدُهَا أَنْ يَفْتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً قَهْرًا وَيَقْسِمُهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ ثُمَّ يُعَوِّضُهُمْ ثَمَنَهَا وَيَقِفُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيَضْرِبُ عَلَيْهَا خَرَاجًا كَمَا فَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه بِسَوَادِ الْعِرَاقِ
وَالثَّانِي أَنْ يَفْتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَرَاضِي لَنَا وَيَسْكُنُهَا الْكُفَّارُ بِالْخَرَاجِ فَالْأَرْضُ فَيْءٌ وَالْخَرَاجُ أُجْرَةٌ لَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ
وَالثَّالِثُ أَنْ يَفْتَحَهَا صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَرَاضِي لَهُمْ وَيَسْكُنُونَهَا بِالْخَرَاجِ فَهَذَا الْخَرَاجُ جِزْيَةٌ فَيَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ وَالْحَدِيثُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مَشْرُوحٌ بِهَذَا النَّوْعِ وَلَمْ يَخْتَصَّ بِهِ انْتَهَى
وَفِي الْهِدَايَةِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم اشْتَرَوْا أَرَاضِيَ الْخَرَاجِ وَكَانُوا يُؤَدُّونَ خَرَاجَهَا انْتَهَى
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَكَانَ لِابْنِ مَسْعُودٍ وَلِخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ وَلِحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَلِشُرَيْحٍ أَرْضُ الْخَرَاجِ
ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ فَرَقْدَ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِنِّي اشْتَرَيْتُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ فَقَالَ عُمَرُ أَنْتَ فِيهَا مِثْلُ صَاحِبِهَا
ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ بَهْزٍ الْمَلِكِ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنِ اخْتَارَتْ أَرْضَهَا وَأَدَّتْ مَا عَلَى أَرْضِهَا فَخَلُّوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْضِهَا وَإِلَّا فَخَلُّوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ أَرْضِهِمْ
وَلَفْظُ عَبْدِ الرزاق وبن أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ دِهْقَانَةً مِنْ أَهْلِ بَهْزِ الْمَلِكِ أَسْلَمَتْ فَقَالَ عُمَرُ ادْفَعُوا إِلَيْهَا أَرْضَهَا يُؤَدِّي عَنْهَا الْخَرَاجَ وَأَخْرَجَا أَيْضًا عَنْ زُبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ أَنَّ دِهْقَانًا أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِ عَلِيٍّ فَقَالَ عَلِيٌّ إِنْ أَقَمْتَ فِي أَرْضِكَ رَفَعْنَا الْجِزْيَةَ عَنْ رَأْسِكَ وَأَخَذْنَاهَا مِنْ أَرْضِكَ وَإِنْ تَحَوَّلْتَ عَنْهَا فَنَحْنُ أَحَقُّ بِهَا
وَأَخْرَجَ بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا إِذَا أَسْلَمَ وَلَهُ