الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: (إِنَّمَا قَالَه ابْن عَبَّاس لما صَارَت الشِّيعَة تخص بِالصَّلَاةِ عليا دون غَيره) .
قَوْله: {أما بعد} .
أَي: بعد مَا ذكر من حمد الله وَالصَّلَاة على رَسُوله.
وَهَذِه الْكَلِمَة يَأْتِي بهَا الْمُتَكَلّم / إِذا أَرَادَ الِانْتِقَال من أسلوب إِلَى غَيره.
قَالَ: أما بعد) . وَيسْتَحب الْإِتْيَان بهَا فِي الْخطب والمكاتبات اقتدار بِهِ صلى الله عليه وسلم َ -،
فَإِن كَانَ يَقُولهَا فِي خطبه وَشبههَا، رَوَاهُ عَنهُ الْخَمْسَة وَثَلَاثُونَ صحابياً، ذكر الْحَافِظ الرهاوي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ فِي كِتَابه " الْأَرْبَعين "، وَذكر رِوَايَة كل وَاحِد مِنْهُم بِالْأَسَانِيدِ.
وَزَاد ابْن مَنْدَه فِي مستخرجه ثَلَاثَة
.
فَالَّذِي ذكرهم الرهاوي: سعد بن أبي وَقاص، وَعبد الله ابْن مَسْعُود، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، وَعبد الله بن
…
... . .
عمر، وَالْفضل بن الْعَبَّاس.
وَعبد الله بن عَبَّاس، وَجَابِر بن عبد الله، وَعقبَة بن
…
...
…
...
…
.
عَامر، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَسمرَة بن جُنْدُب، وعدي بن حَاتِم، وَأَبُو حميد السَّاعِدِيّ، والطفيل بن
…
...
…
...
…
...
…
...
…
. .
سَخْبَرَة، وَجَرِير بن عبد الله، وَأَبُو سُفْيَان بن حَرْب، وَزيد
ابْن أَرقم، وَأَبُو بكرَة، وَأنس ابْن مَالك، وَزيد بن
خَالِد، وقرة بن دعموص النميري، والمسور بن مخرمَة، وَجَابِر بن سَمُرَة، وَعمر بن تغلب، وزر بن أنس السّلمِيّ،
وَالْأسود ابْن سريع، وَأَبُو شُرَيْح بن عَمْرو الْخُزَاعِيّ، وَعَمْرو ابْن حزم، وَعبد الله بن عكيم، وَعقبَة بن
…
...
…
...
…
... . .
مَالك، وَعَائِشَة، وَأَسْمَاء ابنتا الصّديق، - رَضِي الله عَنْهُم
أَجْمَعِينَ - وَالَّذِي زادهم ابْن مندة فِي " مستخرجه ": الْبَراء بن عَازِب، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَأَبُو شَدَّاد رجل من أهل (ذمار) قَرْيَة من قرى عمان.
فَأَما (أما) فحرف تَفْصِيل، وأصل وَضعهَا: أَن تذكر لتفصيل شَيْئَيْنِ فَأكْثر، فَيكون بعْدهَا (أما) أُخْرَى.
تَقول إِذا أردْت تَفْصِيل أَحْوَال جمَاعَة: أما زيد فكريم، وَأما عَمْرو ففاضل.
وَقد تذكر وَحدهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَأَما الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ
…
.} الْآيَة [آل عمرَان: 7]
وَهِي متضمنة معنى الشَّرْط، لارتباط الحكم الْمَذْكُور بعْدهَا بالمحكوم عَلَيْهِ ولزومه لَهُ.
وَقد قَالَ سِيبَوَيْهٍ: (مَعْنَاهَا: مهما يكن من شَيْء) .
وَفِي " الْمُحكم ": (مَعْنَاهَا: أما بعد دعائي إِلَيْك) .
وَفِي " الْجَامِع " للقزاز: / (يَعْنِي: بعد الْكَلَام الْمُتَقَدّم، أَو بعد مَا
يبلغنِي من الْخَبَر، ثمَّ حذفوا هَذَا كُله) .
وَقَالَ بَعضهم: (هِيَ حرف إِخْبَار مضمن معنى الشَّرْط) .
فَالْأَصْل على قَول سِيبَوَيْهٍ فِي قَوْلك: أما يزِيد فمنطلق: مهما يكن من شَيْء فزيد منطلق، فَحذف فعل الشَّرْط وأداته وأقيمت (أما) مقامهما، فَكَانَ الأَصْل أَن يُقَال: أما فزيد منطلق، فتجعل فِي صدر الْجَواب، وَإِنَّمَا أخرت لضرب من اصْطِلَاح اللَّفْظ.
و (بعد) من الظروف المبنية المنقطعة من الْإِضَافَة، وَالْعَامِل لَهَا (أما) لنيابتها عَن الْفِعْل، وَالْأَصْل: مهما يكن من شَيْء بعد الْحَمد وَالثنَاء، كَمَا تقدم، و (مهما) هُنَا مُبْتَدأ، والاسمية لَازِمَة للمبتدأ، و (يكن) شَرط، و (الْفَاء) لَازِمَة لَهُ غَالِبا، فحين تَضَمَّنت (أما) معنى الِابْتِدَاء وَالشّرط لزمتها (الْفَاء) ، ولصوق الِاسْم إِقَامَة اللَّازِم مقَام الْمَلْزُوم وإبقاء لأثره فِي الْجُمْلَة.
وَالْمَشْهُور ضم الدَّال، وَأَجَازَ الْفراء نصبها ورفعها بِالتَّنْوِينِ
فيهمَا، وَأَجَازَ هِشَام فتح الدَّال، وَأنْكرهُ النّحاس.
فَائِدَة: اخْتلف فِي أول من قَالَهَا.
فَقيل: دَاوُد عليه الصلاة والسلام، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ مَرْفُوعا من
حَدِيث أبي مُوسَى، وَعَن الشّعبِيّ أَنه فصل الْخطاب الَّذِي أوتيه دَاوُد على أحد التأويلات فِي الْآيَة.
وَقيل: يَعْقُوب عليه السلام[رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي غَرَائِبه بِسَنَد ضَعِيف: " لما جَاءَ ملك الْمَوْت إِلَى يَعْقُوب عليه السلام] فَقَالَ من جملَة
كَلَامه: أما بعد فَإنَّا أهل بَيت مُوكل بِنَا الْبلَاء
…
" الحَدِيث.
وَقيل: يعرب بن قحطان، حَكَاهُ النَّوَوِيّ فِي " شرح مُسلم " فِي كتاب الْجُمُعَة.
وَقيل: كَعْب بن لؤَي، قَالَه أَبُو سَلمَة بن
…
...
…
...
…
... .
عبد الرَّحْمَن حَكَاهُ أَبُو جَعْفَر النّحاس.
وَقيل: قس بن سَاعِدَة، قَالَه الْكَلْبِيّ، حَكَاهُ عَنهُ النّحاس فِي كِتَابه " صناعَة الْكتاب ".
وَقيل: سحبان بن وَائِل - بِفَتْح السِّين وَسُكُون الْحَاء الْمُهْمَلَتَيْنِ وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة -، رجل من وَائِل وَكَانَ لسناً بليغاً يضْرب بِهِ الْمثل فِي الْبَيَان / وَهُوَ الْقَائِل:
(لقد علم الْحَيّ اليمانون أنني
…
إِذا قلت أما بعد أَنِّي خطيبها)
وَالْأول أشبه، قَالَه الْحَافِظ ابْن حجر. قَالَ:(وَيجمع بَينه وَبَينه غَيره بِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأولية الْمَحْضَة، والبقية بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعرف خَاصَّة، ثمَّ يجمع بَينهمَا النِّسْبَة إِلَى الْقَبَائِل) انْتهى.
قَوْله: {فَهَذَا} .
إِشَارَة منا إِلَى مَا تصورناه فِي الذِّهْن وأقمناه مقَام الْمَكْتُوب المقروء الْمَوْجُود بالعيان.
وَقَوله: {مُخْتَصر} .
أَي: موجز، فالمختصر مَا قل لَفظه وَكَثُرت مَعَانِيه.
والاختصار: إيجاز اللَّفْظ وَاسْتِيفَاء الْمَعْنى.
وَقيل: رد الْكَلَام الْكثير إِلَى قَلِيل فِيهِ معنى الْكثير.