الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدُّعَاء والتبريك، لقَوْله تَعَالَى {وصل عَلَيْهِم إِن صلواتك سكن لَهُم} [التَّوْبَة: 103] ، وَقَوله تَعَالَى:{وَلَا تصل على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا} [التَّوْبَة: 84]، وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ -: "
إِذا دعِي أحدكُم إِلَى الطَّعَام فليجب فَإِن كَانَ صَائِما فَليصل "، أَي: فَليدع، على الصَّحِيح) انْتهى.
وَقَالَ السُّهيْلي: (معنى الصَّلَاة حَيْثُ تصرفت يرجع إِلَى الحنو
والعطف، فَيكون محسوساً ومعقولاً، فيضاف إِلَى الله تَعَالَى مِنْهُ مَا يَلِيق بجلاله، وينفى عَنهُ مَا يتقدس عَنهُ.
والحنو والعطف يتعديان بِحرف على كَمَا تعدت الصَّلَاة بِهِ، وهما مخصوصان بِالْخَيرِ) انْتهى.
وَقَالَ بَعضهم: (لفظ الصَّلَاة يجمع أَنْوَاع الدُّعَاء الصَّالح) .
وَقَالَ الزّجاج: (أَصْلهَا اللُّزُوم) .
إِذا علم ذَلِك، فقد قَالَ كثير من الْعلمَاء:(إِن الصَّلَاة من الله الرَّحْمَة، وَمن الْمَلَائِكَة الاسْتِغْفَار، وَمن العَبْد التضرع وَالدُّعَاء) .
قَالَ الضَّحَّاك، والمبرد، وَابْن عَطِيَّة، والسخاوي:(الصَّلَاة من الله رَحمته) .
وَقَالَ الضَّحَّاك - أَيْضا -: (الصَّلَاة من الله الْمَغْفِرَة) .
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة: (صَلَاة الله على رَسُوله: ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْد الْمَلَائِكَة) ، ذكره البُخَارِيّ فِي " صَحِيحه ".
وَفِي رِوَايَة: (صَلَاة الله: ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ، وَصَلَاة الْمَلَائِكَة عَلَيْهِ: الدُّعَاء) .
وَفِي البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: " معنى يصلونَ يبركون ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيّ فِي " تَفْسِيره ": (فِي قَوْله تَعَالَى: " يصلونَ " أَرْبَعَة أَقْوَال: أَحدهَا: ثَنَاؤُهُ، ثَانِيهَا: كرامته، ثَالِثهَا: رَحمته، رَابِعهَا: مغفرته.
وَفِي صَلَاة الْمَلَائِكَة قَولَانِ:
أَحدهمَا: دعاؤهم، وَالثَّانِي: استغفارهم) انْتهى.
وَقد ورد فِي الحَدِيث صفةصلاة الْمَلَائِكَة على من جلس ينْتَظر الصَّلَاة: " اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ، اللَّهُمَّ ارحمه " فَهَذَا دُعَاء.
وَاخْتَارَ ابْن الْقيم فِي " جلاء الأفهام ": (أَن صَلَاة الله عَلَيْهِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ / وَإِرَادَة
فارغة
فارغة
فارغة
الْآفَات كلهَا.
قَالَ ابْن الْقيم فِي " بَدَائِع الْفَوَائِد ": (فِي معنى السَّلَام الْمَطْلُوب عِنْد التَّحِيَّة قَولَانِ مشهوران.
أَحدهمَا: أَن الْمَعْنى: اسْم السَّلَام عَلَيْكُم، وَالسَّلَام هُنَا هُوَ الله تَعَالَى، وَمعنى الْكَلَام: نزلت بركَة الله عَلَيْكُم وحلت عَلَيْكُم وَنَحْوه.
وَالثَّانِي: أَن السَّلَام مصدر بِمَعْنى السَّلامَة، وَهُوَ الْمَطْلُوب الْمَدْعُو عِنْد
التَّحِيَّة، وَهُوَ أولى، لِأَنَّهُ يُنكر فَيُقَال: سَلام عَلَيْكُم، وَلَو كَانَ من أَسمَاء الله تَعَالَى لم يُنكر، لِأَن التنكير لَا يصرف اللَّفْظ إِلَى معنى، فضلا عَن أَن يصرفهُ إِلَى الله وَحده، بِخِلَاف الْمُعَرّف فَإِنَّهُ يصرفهُ إِلَيْهِ تعييناً إِذا ذكرت أسماؤه الْحسنى.
وَأَيْضًا: عطف الرَّحْمَة وَالْبركَة عَلَيْهِ، إِذا قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، يدل على أَن المُرَاد الْمصدر، وَلِهَذَا عطف عَلَيْهِ مصدرين مثله؟
وَلَو كَانَ من أَسْمَائِهِ لم يستقم الْكَلَام إِلَّا بإضمار، وَتَقْدِيره: بركَة اسْم السَّلَام عَلَيْكُم، فَإِن الِاسْم نَفسه لَيْسَ عَلَيْهِم، وَلَو قلت: اسْم الله عَلَيْكُم كَانَ مَعْنَاهُ: بركَة هَذَا الِاسْم، وَالتَّقْدِير خلاف الأَصْل، وَلَا دَلِيل عَلَيْهِ.
ثمَّ اخْتَار قولا ثَالِثا جمع فِيهِ بَين قَوْلَيْنِ، وَذَلِكَ أَن لفظ السَّلَام تضمن مَعْنيين: أَحدهمَا: ذكر الله، وَالثَّانِي: طلب السَّلامَة، وَهُوَ مَقْصُود الْمُسلم، فقد تضمن اسْما من أَسمَاء الله وَطلب السَّلامَة مِنْهُ) انْتهى.
وَقَالَ فِي " الشفا ": (فِي معنى السَّلَام عَلَيْهِ ثَلَاثَة وُجُوه:
أَحدهَا: السَّلامَة لَك ومعك، وَيكون [السَّلَام] مصدرا كاللذاذ واللذاذة.
الثَّانِي: أَي: السَّلَام على حفظك ورعايتك متول لَهُ وكفيل بِهِ، وَيكون السَّلَام هُنَا اسْم الله تَعَالَى.
الثَّالِث: أَن السَّلَام بِمَعْنى المسالمة لَهُ والانقياد، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم ثمَّ لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجاً مِمَّا قضيت يسلمُوا تَسْلِيمًا} [النِّسَاء: 65] .
تَنْبِيه: أضفنا السَّلَام إِلَى الصَّلَاة / عَلَيْهِ - صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ - لنخرج من خلاف الْعلمَاء فِي كَرَاهَة إِفْرَاد الصَّلَاة عَلَيْهِ.
لِأَن بعض أهل الْعلم كره إِفْرَاد الصَّلَاة عَلَيْهِ من غير ذكر السَّلَام، لقَوْله تَعَالَى:{إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا} [الْأَحْزَاب: 56] .
وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيّ فِي خطْبَة " شرح مُسلم ": (يكره إِفْرَاد الصَّلَاة عَن التَّسْلِيم) انْتهى.
وَكَانَ يَنْبَغِي لمن يُصَلِّي عَلَيْهِ أَن يسلم، امتثالاً لقَوْله تَعَالَى:{وسلموا تَسْلِيمًا} [الْأَحْزَاب: 56] .
وَقَالَ النَّوَوِيّ - أَيْضا - مَا مَعْنَاهُ: (إِن الْعلمَاء كَرهُوا ذَلِك) ، وَظَاهره أَنه مُتَّفق عَلَيْهِ.
قَالَ بعض الْعلمَاء الْمُتَأَخِّرين - الَّذِي لم يطلع إِلَّا على نقل النَّوَوِيّ وَكَأَنَّهُ سلمه إِلَيْهِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ -: (والعذر عَمَّن أفرد من الْعلمَاء الصَّلَاة، أَنه قد يكون الْمَعْنى كَرَاهَة اتِّخَاذ الْإِفْرَاد عَادَة، وعَلى هَذَا يَكْفِي جَمعهمَا مرّة.